نشأة وتطور المجالس التشريعية والنيابية في الأردن: (عهد المملكة) (8)
نيسان ـ نشر في 2020/10/20 الساعة 00:00
المجلس النيابي الثالث:(1 أيلول 1951 – 22 حزيران 1954)
1
بعد اغتيال الملك عبد الله في القدس في 20 تموز 1951، فرضت حكومة سمير الرفاعي حالة الطوارئ، وأعلنت الأحكام العرفية في البلاد. وبعد خمسة أيام أقال الوصي على العرش الأمير نايف الحكومة، وكلف أبو الهدى بتشكيل حكومة جديدة.
تميزت انتخابات المجلس الثالث بكثافة التدخلات الحكومية والخارجية، ولاسيما العراقية لضمان تأييد المجلس لمشاريع الوحدة مع العراق. وقد فاز في هذه الانتخابات عدد من النواب الذين سيتصدرون المعارضة البرلمانية في الخمسينات.
2
حاول توفيق أبو الهدى تملق المجلس النيابي في بيانه الوزاري الذي ألقاه في 3 أيلول 1951، ومع ذلك فقد تخللت مناقشة البيان مطالبة النواب بضمان الحريات الشخصية للمواطنين، ورفع القيود المفروضة من خلال القوانين الاستثنائية، ووضع دستور جديد على أساس الاعتراف بالشعب كمصدر للسلطات، ووضع سياسة دفاعية وخارجية قائمة على أساس التعاون العربي.
وفي تشرين الثاني 1951 ناقش المجلس برقيات تحتج على قمع تظاهرات الطلبة في لواء اربد تأييدا لإلغاء المعاهدة المصرية – البريطانية من جانب واحد، والمطالبة بإلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية لعام 1948.
3
وفي مطلع أيلول عاد الأمير طلال وتولى العرش رسميا. وكان من أبرز معالم السياسة الداخلية في العهد الجديد، تحقيق شيء من الانفراج، يمكن البلاد من تجاوز أزمتها الخانقة.
كانت أبرز خطوة اتخذت على هذا المسار إقرار دستور جديد للبلاد، في مطلع كانون الثاني 1952، تضمن مكاسب هامة للمواطنين، وعزز مركز السلطتين التشريعية والقضائية، ووضع بعض الضوابط على عمل السلطة التنفيذية؛ فقد نص على وجوب استقالة الحكومة إذا قرر مجلس النواب عدم الثقة بها بالأكثرية المطلقة، وتأليف مجلس عال خاص لمحاكمة الوزراء على ما ينسب إليهم من جرائم، كما نص على تشكيل ديوان محاسبة لمراقبة الإنفاق الحكومي، ومجانية التعليم.
4
أعاد أبو الهدى تشكيل الحكومة بعد صدور الدستور الجديد، وفي 11 تشرين الثاني 1952 تقدم ببيان حكومته. وكانت هذه أول مرة في تاريخ المملكة تتقدم الحكومة طالبة ثقة مجلس النواب. وخلال الجلسة أعلن عدد من النواب حجبهم الثقة عن الحكومة، وطالبوا بسياسة وطنية تقوم على التحرر من الاستعمار، وإقامة اتحاد عربي، وإلغاء قانون الطوارئ.
ونتيجة قيام بعض مؤيدي الحكومة بتوجيه التهديدات للنائب عبد الله نعواس، وقعت مشادة عنيفة بين المعارضة وأنصار الحكومة، انتهت برفع الجلسة. ولتجاوز الأزمة طلب أحد النواب إلى رئيس الحكومة الاعتذار من النائب نعواس، لكنه رفض، مما أدى إلى انسحاب نواب المعارضة من الجلسة، وعددهم (17) نائبا.
5
وقع جدل حول قانونية الجلسة، حيث اعتبرها رئيس المجلس غير قانونية لافتقاد النصاب، لكن نوابا آخرين أصروا على متابعة الجلسة بحضور(22) نائبا، ومنحوا الثقة لحكومة أبو الهدى.
وفي 25 تشرين الثاني 1952 أثارت المعارضة النيابية اعتراضها على جلسة الثقة بالحكومة ومخالفتها للدستور، وقدمت بيانا طالبت فيه بإقصاء ابو الهدى، ثم تقدمت بطلب إقالة الحكومة إلى هيئة الوصاية على العرش(التي انتخبت بعد مرض الملك طلال).
6
وفي 2 أيار 1953 تسلم الملك حسين سلطاته الدستورية، في غمرة احتدام الصراع السياسي والاجتماعي، وفي محاولة لإيقاف تفاقم الأزمة، أقال الملك حسين الحكومة في 15 أيار 1953، وكلف فوزي الملقي بتشكيل حكومة جديدة. وفي 24 أيار 1954 تقدمت الحكومة ببيانها للبرلمان، والذي تضمن استجابة للعديد من المطالب النيابية، وحصلت الحكومة على ثقة المجلس بالأغلبية.
7
قامت الحكومة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإجراء بعض الإصلاحات في الجهاز الحكومي، وتمتعت القوى المختلفة بحريات سياسية ملموسة نسبيا، وظهرت صحفها الخاصة. وفي السياسة الخارجية عكست الحكومة ميولا لمقاومة محاولات إدخال الأردن ضمن الأحلاف العسكرية. وبعد الاعتداء الاسرائيلي على قرية قبية في تشرين الأول 1953، أصدرت الحكومة أمرها بعزل الضابط البريطاني(أشتون) بعد أن اتهمته بالتحيز لاسرائيل، والتواطؤ مع عدوانها. وقد أدى ذلك إلى تنامي الشعور الوطني المعادي لبريطانيا، وارتفعت وتيرة المطالبة بإلغاء معاهدة 1948.
8
وكانت الحكومة الاسرائيلية قد نقلت مقر وزارة خارجيتها إلى القدس، فبادر مجلس الوزراء إلى عقد جلسة في القدس العربية، في حين عقد مجلس النواب جلسة له في مدينة القدس للمرة الأولى، حضرها الملك حسين. وفي 2 أيار 1954 قدم فوزي الملقي استقالته، وكلف توفيق أبو الهدى لتأليف حكومته الحادية عشر. ولما أدرك أنّ أكثرية أعضاء المجلس النيابي لن تمنحه الثقة المطلوبة، طلب من الملك حل المجلس، وتم له ذلك قبل ساعة واحدة من موعد جلسة الثقة.
قدمت المعارضة مذكرة احتجاجية إلى الملك على حل المجلس، واستمرار حكومة أبو الهدى بالحكم، معتبرة قرار حل المجلس غير دستوري، وأنّ الحكومة طلبت الثقة لها ولم تحصل عليها، مما يمنعها من الاستمرار في السلطة، كما طالبت بتشكيل حكومة محايدة للإشراف على انتخابات جديدة.....يتبع
1
بعد اغتيال الملك عبد الله في القدس في 20 تموز 1951، فرضت حكومة سمير الرفاعي حالة الطوارئ، وأعلنت الأحكام العرفية في البلاد. وبعد خمسة أيام أقال الوصي على العرش الأمير نايف الحكومة، وكلف أبو الهدى بتشكيل حكومة جديدة.
تميزت انتخابات المجلس الثالث بكثافة التدخلات الحكومية والخارجية، ولاسيما العراقية لضمان تأييد المجلس لمشاريع الوحدة مع العراق. وقد فاز في هذه الانتخابات عدد من النواب الذين سيتصدرون المعارضة البرلمانية في الخمسينات.
2
حاول توفيق أبو الهدى تملق المجلس النيابي في بيانه الوزاري الذي ألقاه في 3 أيلول 1951، ومع ذلك فقد تخللت مناقشة البيان مطالبة النواب بضمان الحريات الشخصية للمواطنين، ورفع القيود المفروضة من خلال القوانين الاستثنائية، ووضع دستور جديد على أساس الاعتراف بالشعب كمصدر للسلطات، ووضع سياسة دفاعية وخارجية قائمة على أساس التعاون العربي.
وفي تشرين الثاني 1951 ناقش المجلس برقيات تحتج على قمع تظاهرات الطلبة في لواء اربد تأييدا لإلغاء المعاهدة المصرية – البريطانية من جانب واحد، والمطالبة بإلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية لعام 1948.
3
وفي مطلع أيلول عاد الأمير طلال وتولى العرش رسميا. وكان من أبرز معالم السياسة الداخلية في العهد الجديد، تحقيق شيء من الانفراج، يمكن البلاد من تجاوز أزمتها الخانقة.
كانت أبرز خطوة اتخذت على هذا المسار إقرار دستور جديد للبلاد، في مطلع كانون الثاني 1952، تضمن مكاسب هامة للمواطنين، وعزز مركز السلطتين التشريعية والقضائية، ووضع بعض الضوابط على عمل السلطة التنفيذية؛ فقد نص على وجوب استقالة الحكومة إذا قرر مجلس النواب عدم الثقة بها بالأكثرية المطلقة، وتأليف مجلس عال خاص لمحاكمة الوزراء على ما ينسب إليهم من جرائم، كما نص على تشكيل ديوان محاسبة لمراقبة الإنفاق الحكومي، ومجانية التعليم.
4
أعاد أبو الهدى تشكيل الحكومة بعد صدور الدستور الجديد، وفي 11 تشرين الثاني 1952 تقدم ببيان حكومته. وكانت هذه أول مرة في تاريخ المملكة تتقدم الحكومة طالبة ثقة مجلس النواب. وخلال الجلسة أعلن عدد من النواب حجبهم الثقة عن الحكومة، وطالبوا بسياسة وطنية تقوم على التحرر من الاستعمار، وإقامة اتحاد عربي، وإلغاء قانون الطوارئ.
ونتيجة قيام بعض مؤيدي الحكومة بتوجيه التهديدات للنائب عبد الله نعواس، وقعت مشادة عنيفة بين المعارضة وأنصار الحكومة، انتهت برفع الجلسة. ولتجاوز الأزمة طلب أحد النواب إلى رئيس الحكومة الاعتذار من النائب نعواس، لكنه رفض، مما أدى إلى انسحاب نواب المعارضة من الجلسة، وعددهم (17) نائبا.
5
وقع جدل حول قانونية الجلسة، حيث اعتبرها رئيس المجلس غير قانونية لافتقاد النصاب، لكن نوابا آخرين أصروا على متابعة الجلسة بحضور(22) نائبا، ومنحوا الثقة لحكومة أبو الهدى.
وفي 25 تشرين الثاني 1952 أثارت المعارضة النيابية اعتراضها على جلسة الثقة بالحكومة ومخالفتها للدستور، وقدمت بيانا طالبت فيه بإقصاء ابو الهدى، ثم تقدمت بطلب إقالة الحكومة إلى هيئة الوصاية على العرش(التي انتخبت بعد مرض الملك طلال).
6
وفي 2 أيار 1953 تسلم الملك حسين سلطاته الدستورية، في غمرة احتدام الصراع السياسي والاجتماعي، وفي محاولة لإيقاف تفاقم الأزمة، أقال الملك حسين الحكومة في 15 أيار 1953، وكلف فوزي الملقي بتشكيل حكومة جديدة. وفي 24 أيار 1954 تقدمت الحكومة ببيانها للبرلمان، والذي تضمن استجابة للعديد من المطالب النيابية، وحصلت الحكومة على ثقة المجلس بالأغلبية.
7
قامت الحكومة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإجراء بعض الإصلاحات في الجهاز الحكومي، وتمتعت القوى المختلفة بحريات سياسية ملموسة نسبيا، وظهرت صحفها الخاصة. وفي السياسة الخارجية عكست الحكومة ميولا لمقاومة محاولات إدخال الأردن ضمن الأحلاف العسكرية. وبعد الاعتداء الاسرائيلي على قرية قبية في تشرين الأول 1953، أصدرت الحكومة أمرها بعزل الضابط البريطاني(أشتون) بعد أن اتهمته بالتحيز لاسرائيل، والتواطؤ مع عدوانها. وقد أدى ذلك إلى تنامي الشعور الوطني المعادي لبريطانيا، وارتفعت وتيرة المطالبة بإلغاء معاهدة 1948.
8
وكانت الحكومة الاسرائيلية قد نقلت مقر وزارة خارجيتها إلى القدس، فبادر مجلس الوزراء إلى عقد جلسة في القدس العربية، في حين عقد مجلس النواب جلسة له في مدينة القدس للمرة الأولى، حضرها الملك حسين. وفي 2 أيار 1954 قدم فوزي الملقي استقالته، وكلف توفيق أبو الهدى لتأليف حكومته الحادية عشر. ولما أدرك أنّ أكثرية أعضاء المجلس النيابي لن تمنحه الثقة المطلوبة، طلب من الملك حل المجلس، وتم له ذلك قبل ساعة واحدة من موعد جلسة الثقة.
قدمت المعارضة مذكرة احتجاجية إلى الملك على حل المجلس، واستمرار حكومة أبو الهدى بالحكم، معتبرة قرار حل المجلس غير دستوري، وأنّ الحكومة طلبت الثقة لها ولم تحصل عليها، مما يمنعها من الاستمرار في السلطة، كما طالبت بتشكيل حكومة محايدة للإشراف على انتخابات جديدة.....يتبع
نيسان ـ نشر في 2020/10/20 الساعة 00:00