خطبة الجمعة.. سواليف تُنبت العنف
نيسان ـ نشر في 2015/04/12 الساعة 00:00
إبراهيم قبيلات
يبعث على القلق حديث المجتمع الأردني عن انحدار مستويات الخطابة لدى بعض خطباء مساجدهم إلى مستويات غير مسبوقة، فيما تنشغل الوزارة بتلقين موظفيها شرعنة الحرب على الإرهاب، يغريها في ذلك وجود نحو 7000 مسجد في البلاد.
ما يصدر عن الوزارة من تصريحات متكررة بضرورة تأهيل الأئمة؛ يقدّم أدلة وشواهد على عجزها عن تقديم حلول جذرية، لمجتمع لم تعد "فذلكات" الخطيب عن حرمة خروج المرأة وهي حسيرة الرأس تلهيهم عن عُري وزارته.
لا يكشف سرّاً مصدر في وزارة الأوقاف لـ"صحيفة نيسان" وهو يتحدّث عن وجود نسبة كبيرة من الخطباء لا يحملون الشهادة الأولى، لكنه أيضاً لا يخفي فرحه من تلقين أئمة الوزارة صبيحة كل جمعة ما سيقولونه على المنبر عن "عاصفة الحزم" في اليمن. مثلاً.
"منبر" تنهال منه كلمات بقسوة الصخور، تقع على زجاج هش. يتلذذ محتكرو "المايك"، وهم يكررون كل عبارات الويل لكل من يرفض تعاليمهم في صحن المسجد عن الحرام والحلال، فيما يلحنون هم بحروف الفاتحة.
نحن لا نتحدث عن مساجد متناثرة في القرى والأطراف والمخيمات والبوادي فقط، بل نتحدث عن "تعاليل" تستمع إليها في قلب العاصمة، من أئمة وجدوا في إمامتهم فرصة لاقتناص مجرد وظيفة.
يفهم أهل الدين أن "خطبة الجمعة" منزلة عظيمة, وركيزة أساسية في الإسلام لاستمالة وإقناع الناس, لكن تجارة الدين لدى البعض (الخطبة بعشرين ديناراً)، وجهلهم الفاضح باللغة العربية وفنونها، وبأبجديات الشريعة؛ تجعل الباب موارباً على أسوأ الاحتمالات والخيارات.
ندرك جيداً أهمية تفعيل خطبة الجمعة وجعلها قادرة على مواكبة مستجدات الحياة, وهو لن يتأتى بتوفر الرغبة الشعبية فقط؛ لذا فإن مكمن الخطورة في أن تنبت مساجدنا مزيداً من العنف.
وأنت تجلس في صحن المسجد .. أنت الحامل لشهادات عليا، ومثلك آخرون لا تعرف كيف تقول للخطيب اسكت، فانك تهرف بما لا تعرف.. لقد انحدرت الخطبة، فرحل الناس إلى من يتقنون الحديث.
يظن الرسمي بأنه إذا ما انحدر بالخطبة إلى القاع سيحقق ما يريده. كما يظن انه إذا ما دفع إلى الخطبة الجهّال وأصحاب الفرق الإسلامية الغريبة عن مجتمعنا مثل الأحباش وغيرهم سيحقق كذلك ما يريده.
هذا ليس صحيحاً. تحصين المجتمع لا يتأتى بهذه الطريقة، والشاهد على ذلك ساحة سوريا التي نثر فيها النظام السوري ما نثر، وها هي اليوم انفجرت في وجهه بإرهابية لم تعرفها الشام قبل ذلك.
ما نريده ببساطة تحصيناً حقيقياً للمجتمع. الخطيب الجاهل أخطر على الأمة من الخطيب الإرهابي.
علموهم شيئاً من اللغة وبعض الدين رحمكم الله.
نيسان ـ نشر في 2015/04/12 الساعة 00:00