الشاب يطلب من فتاة يريد خطبتها أن تقسم على المصحف أن أحدا لم يمسها .. هؤلاء هم رجال المستقبل لدينا ..
نيسان ـ نشر في 2015/08/21 الساعة 00:00
لقمان إسكندر
الشاب مخاطبا فتاة جامعية يريد أن خطتها: قبل أن أقدم على خطبتك عليك أن تقسمي لي على المصحف الشريف أن أحدا لم يمسك.
الشاب أيضا: ربما أتساهل معك في مسالة اليدين والوجه.
المسألة لا تتعلق بماضي الفتاة بل بمستقبلها معه. أي من يجرؤ على قول ذلك لا يستحق أن يكون زوجا.
الفتاة الجامعية تصعق .. لا تدري ما تفعل. تذهب الى المختصين في علوم الشريعة وتسألهم: يا شيخ من يريد أن يخطبني يطلب مني أن اقسم على المصحف أني لم أعرف شابا قبله وانه لم يمسني أحد.
أحد المفتين أجاب فتاة اتصلت به لتسأله عما تقول بالقول: يا ابنتي من تجرأ وقال لك ذلك لا يستحق أن توافقي على الزواج منه. أن ما يطلبه مؤشر على ما ستعانيه في المستقبل إن تزوجته.
لا يجد المرء ما يقوله، وهو يرى بعض نماذج المتغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع الأردني سوى أن يصمت.
لم يعد الأمر سرا، لكن علماء الشريعة والمتصدين للفتوى - رسميين وأهليين - يصيبهم الذهول مما تسأل عنه فتيات يتعرضن لتجارب أليمة ومحزنة وتدعو أكثر من كل شيء الى القلق.
قبل أن نحاول معالجة معنى الإحصاءات التي تقول إن النسبة الغالبة من الطلاق يقع (قبل الدخول) - المصطلح الذي يعني لمن لا يعرف أن يدخل الخطيبان بيت الزوجية – علينا الانتباه وبكثير من الشعور بالخطر من أن متغيرات خطيرة قد طرأت على معنى (الرجولة) لدى شبابنا.
لم يعد الأمر مستهجنا أن يسمع الشاب شتم أعراضه من أصدقائه من دون أن يحرك ساكنا. وكلما زادت الصداقة بين الشابين، كلما صار الشتم لـ (أعراضهما) أفظع.
لم يعد العِرض في مجتمعنا محصّن بعد أن تحولت كلمة (الحرمة) وتعني (المرأة التي يحرم ويحظر الاقتراب منها أو أذيتها) الى مشاع باستثناءات. لم تعد المرأة حراما في نظر الثقافة المشوهة. وهو ما قاد من بين ما قاد الى العزوف عن الزواج لشباب عمموا تجاربهم (المرفوضة من قبلهم اولا) على جميع الفتيات.
لكن ماذا يعني كل هذا؟
هذا يعني أن على الفتيات أن يتوقعن أن معاناة طويلة سيتعرضن لها جراء متغيرات ثقافية وأخلاقية دعا لها الغرب ومؤسساته الحقوقية واستجاب لها بعض مجتمعنا فخضع لها الشاب كما خضعت لها الفتاة.
إن الرجل الذي يحمل كل معاني الرجولة الشرقية الذي تريد أن تتزوجه الفتاة ما عاد متوفرا بكثرة.
المرأة ستبقى امرأة تريد من يحميها ويحن عليها ويشعرها بالامان. بينما هناك شاب يدور حولها ليسألها فيما إذا كانت لها تجارب سابقة.. هل يمكن الامان على فتياتنا من مثل هؤلاء الشباب؟
إن الشاب بات لا يخجل أن يقول لمن يريد أن يتزوجها اقسمي على المصحف بان أحدا لم يمسك. إلى هذا الحد أوصلتنا ثقافة مشوهة صرنا فيها كما الغراب الذي أراد تقليد مشية الحمامة فما عرف أن يقلدها ولا عرف أن يعود الى مشيته السابقة، فتاه.
هذا الشاب - وفي خضم انحلاله الثقافي وليس الأخلاقي فقط، لا يستطيع المضي حتى نهاية الشوط في انحلاله، وهنا يقع في تناقض ثقافي يصعب هو نفسه فهمه ومن هنا تبدأ المشكلة.
يريد أن يصادق الفتيات لكنه عندما يتزوج يريد أن يتزوج العفيفة . وهنا تقع الفتاة المسكينة في المحظور.
المصيبة ليست في أن تقسم هذه الفتاة على المصحف. فهذا الذي طلب منها ذلك قبل أن يخطبها سيكرر طلبها وإلحاحه عليها حتى لو أقسمت ألف مرة .. وهذا يعني - لمن يعرف - في نهاية المطاف الطلاق أو على أقل تقدير حياة زوجية تخلو من الثقة.
نيسان ـ نشر في 2015/08/21 الساعة 00:00