من الذي يصنع التغيير؟
نيسان ـ نشر في 2020/12/02 الساعة 00:00
قال لي صديقي وهو يحاورني حول النهوض واستحالته على أساس هذا الواقع..
قال: العرب منذ مئات السنين وجهت عقليتهم الى التعلق برموز عاشت في أزمان سابقة، ليس للتأسي ولكن كنوع من التفريغ النفسي.. بحيث أنهم وصلوا الى حالة من الخمول جعلتهم يجلسون وينتظرون مخلّصاً يخلصهم من واقعهم المرير دون أن يفعلوا شيئاً، سواء كان هذا المخلّص وهماً تشكل في زمن خاص وانتهى الآن واقعه، أو هو واقع يرونه لكنهم تركوه يصارع منفردا الى أن مات ثم مارسوا اللطم عليه، وصاروا يتمنون عودته.. ودَعَم هذا الشعور، فكرة "المهدي المنتظر"، و"عودة المسيح عليه السلام في آخر الزمان"، وبرز للواجهة ما أخذوه عن اليهود من تصورات عن أحداث آخر الزمان، والركون الى أحداث تلقائية تحدد مصير العرب، دون أن يكونوا فاعلين فيها، ويتركون الفعل لأعدائهم، مع أن نواميس الكون التي وضعها الله، لا تقر ذلك، والدليل أن الله ربط نجاح دعوة الانبياء بقبول المجتمع لها..
يا صديقي: أمر التغيير والسيطرة على الأحداث وتوجيهها لا يتعلق بشخص مهما كان قوياً، الأمر يتعلق بالمجتمع، فاذا المجتمع استوعب فكرة ما وعمل لها فسيخرج منه قادة يغيرون باعتمادهم على المجتمع.. وهذا ما عمل عليه الانبياء، وهم مؤيدون من الله ومعصومون من الخطأ، لكنه عندما استغلق عليهم المجتمع، ولم
يستطيعوا التغيير، توقف دورهم وبقي الأمر متعلق بالمجتمع، واستمر نزول الأنبياء الى البشر واحداً تلو الآخر الى أن خُتم الانبياء بسيدنا محمد، هذا والدعوة ربانية والرسول مؤيد من الله، والله يستطيع أن يقلب المجتمع في لحظة لصالح النبي، ولكنها كلمة هو قائلها...
وكذلك كانت دعوة سيدنا محمد، الذي حاول تغيير المجتمع ليدعم الدعوة، فلما استغلق عليه مجتمع مكة، اتجه الى مجتمع المدينة الذي تقبل الدعوة، ودعم هذا المجتمع ابطالا كانوا مغمورين في مجتمعاتهم غير الداعمة، فصنعوا التغيير، وقصة سيدنا عمر خير مثال على ما ذهبتُ اليه: خرج سيدنا عمر بن الخطاب يصاحبه الجارود العبدي، وبينما هما يسيران إذ التقيا بامرأة على الطريق، فسلم عليها فردت السلام، ثم قالت: رويدك يا عمر حتى أكلمك كلمات قليلة، قال لها: قولي، قالت: يا عمر، عهدي بك وأنت تسمى عميرًا في سوق عكاظ، تصارع الفتيان، فلم تذهب الأيام حتى سُميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حتى سُميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب منه البعيد، ومن خاف الموت خشي الفوت، فبكى عمر بن الخطاب رضي الله عنه..
الشاهد في الموضوع أن عمر كان في مجتمع مكة، يحمل صفات قيادية لكنها ضائعة، وعندما وضع في مجتمع صحيح ظهرت الصفات وقاد مجتمع المدينة من نصر الى آخر، لأن المجتمع آمن بالفكرة ونشأت بينه علاقات تدعمها وتدعم القادة الذين يؤمنون بما آمن به المجتمع..
علينا أن لا نطيل البكاء على قادة ذهبوا ولم يعودوا موجودين، من أمثال المعتصم وصلاح الدين وصولا الى وصفي التل، ونتجاهل أن المجتمع يعج بأمثال هؤلاء الأبطال، ولكننا لا ندعمهم ونبارك نهجهم، بل نسلمهم لأعدائهم غنيمة باردة، و نتركهم يصارعون الفساد والظلم وحيدين الى أن يصلوا الى اليأس والقنوط، ثم الانسحاب وفقدان الأمل ونحن نتفرج بل قد نلومهم على جرأتهم على الفساد!!..
ملاحظة: المجتمع هو الانسان والأفكار والعلاقات.. نحن الآن نملك الانسان فقط وأهملنا الأفكار والعلاقات، لذلك من الصعب النهوض وبروز قادة يصنعون التغيير بدون مجتمع واع مستعد للتضحية.
قال: العرب منذ مئات السنين وجهت عقليتهم الى التعلق برموز عاشت في أزمان سابقة، ليس للتأسي ولكن كنوع من التفريغ النفسي.. بحيث أنهم وصلوا الى حالة من الخمول جعلتهم يجلسون وينتظرون مخلّصاً يخلصهم من واقعهم المرير دون أن يفعلوا شيئاً، سواء كان هذا المخلّص وهماً تشكل في زمن خاص وانتهى الآن واقعه، أو هو واقع يرونه لكنهم تركوه يصارع منفردا الى أن مات ثم مارسوا اللطم عليه، وصاروا يتمنون عودته.. ودَعَم هذا الشعور، فكرة "المهدي المنتظر"، و"عودة المسيح عليه السلام في آخر الزمان"، وبرز للواجهة ما أخذوه عن اليهود من تصورات عن أحداث آخر الزمان، والركون الى أحداث تلقائية تحدد مصير العرب، دون أن يكونوا فاعلين فيها، ويتركون الفعل لأعدائهم، مع أن نواميس الكون التي وضعها الله، لا تقر ذلك، والدليل أن الله ربط نجاح دعوة الانبياء بقبول المجتمع لها..
يا صديقي: أمر التغيير والسيطرة على الأحداث وتوجيهها لا يتعلق بشخص مهما كان قوياً، الأمر يتعلق بالمجتمع، فاذا المجتمع استوعب فكرة ما وعمل لها فسيخرج منه قادة يغيرون باعتمادهم على المجتمع.. وهذا ما عمل عليه الانبياء، وهم مؤيدون من الله ومعصومون من الخطأ، لكنه عندما استغلق عليهم المجتمع، ولم
يستطيعوا التغيير، توقف دورهم وبقي الأمر متعلق بالمجتمع، واستمر نزول الأنبياء الى البشر واحداً تلو الآخر الى أن خُتم الانبياء بسيدنا محمد، هذا والدعوة ربانية والرسول مؤيد من الله، والله يستطيع أن يقلب المجتمع في لحظة لصالح النبي، ولكنها كلمة هو قائلها...
وكذلك كانت دعوة سيدنا محمد، الذي حاول تغيير المجتمع ليدعم الدعوة، فلما استغلق عليه مجتمع مكة، اتجه الى مجتمع المدينة الذي تقبل الدعوة، ودعم هذا المجتمع ابطالا كانوا مغمورين في مجتمعاتهم غير الداعمة، فصنعوا التغيير، وقصة سيدنا عمر خير مثال على ما ذهبتُ اليه: خرج سيدنا عمر بن الخطاب يصاحبه الجارود العبدي، وبينما هما يسيران إذ التقيا بامرأة على الطريق، فسلم عليها فردت السلام، ثم قالت: رويدك يا عمر حتى أكلمك كلمات قليلة، قال لها: قولي، قالت: يا عمر، عهدي بك وأنت تسمى عميرًا في سوق عكاظ، تصارع الفتيان، فلم تذهب الأيام حتى سُميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حتى سُميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب منه البعيد، ومن خاف الموت خشي الفوت، فبكى عمر بن الخطاب رضي الله عنه..
الشاهد في الموضوع أن عمر كان في مجتمع مكة، يحمل صفات قيادية لكنها ضائعة، وعندما وضع في مجتمع صحيح ظهرت الصفات وقاد مجتمع المدينة من نصر الى آخر، لأن المجتمع آمن بالفكرة ونشأت بينه علاقات تدعمها وتدعم القادة الذين يؤمنون بما آمن به المجتمع..
علينا أن لا نطيل البكاء على قادة ذهبوا ولم يعودوا موجودين، من أمثال المعتصم وصلاح الدين وصولا الى وصفي التل، ونتجاهل أن المجتمع يعج بأمثال هؤلاء الأبطال، ولكننا لا ندعمهم ونبارك نهجهم، بل نسلمهم لأعدائهم غنيمة باردة، و نتركهم يصارعون الفساد والظلم وحيدين الى أن يصلوا الى اليأس والقنوط، ثم الانسحاب وفقدان الأمل ونحن نتفرج بل قد نلومهم على جرأتهم على الفساد!!..
ملاحظة: المجتمع هو الانسان والأفكار والعلاقات.. نحن الآن نملك الانسان فقط وأهملنا الأفكار والعلاقات، لذلك من الصعب النهوض وبروز قادة يصنعون التغيير بدون مجتمع واع مستعد للتضحية.
نيسان ـ نشر في 2020/12/02 الساعة 00:00