عن الدنيا والكلام  للأديب الاردني ماجد شاهين

نيسان ـ نشر في 2015/08/22 الساعة 00:00
( 1 ) في الخفاء ِ ، كأنما هناك عناوين لــ ِ " تكريس التنبلة " ! ( 2 ) الكلام ُ يظلّ يحمل ُ روح َ صاحبِه وإن ْ أخذه عابثون إلى عناوينهم ! .. الكتابات كائنات حيّة تتنفّس و تعرف أهلها مثلما تعرف ُ سارقيها ! ( 3 ) يميل ُ كاتبون ، عديدون ، في أوقاتنا الحاضرة ، إلى ( انتقاء الكلام ) والتعليق على المشهد بعدما تكون ( فضائيّات وصالونات ومقاه ٍ وشوارع ) أشبعت الأحداث قراءة وتحليلاً ، وتبدو كتاباتهم الجديدة مترنّحة ً من غير نِزال ٍ ، ولاهثة ً مقطوعة الأنفاس من دون ( مشاركة في سباق ) .. و يقع َ كلام ُ الكاتبين ، في مجملهم ، إمّا في باب ( تحبير البياض ولزوم ملء الصفحات ) أو في باب هذر الكلام وهدره ، أو ما أقول عنه : إراقة دم المفردة ِ . ( 4 ) كتابةُ الشعر لا تعني أن يفتح المرء " قواميس اللغة " و معجمات الكلام و سلال الحروف ، وينهل من هنا أو هناك . .. الشعر ، مثل الحـُبّ ، لا ينفع أن نحشره في زوايا الحروف و نخنق روحه و نطلب إليه أن يحلّق . .. الشعر والكلام و النثر الرقيق و الكتابة ، مثل ّ الـحـَب ّ ، أجمله ما كان كما ولدته السنابل . اتركوا الكلام يجيء كما ولدته أمّه و افتجوا له شبابيك الحياة و الشمس و الهواء الذي تبعثه أشجار في الجوار و اتركوا له أن يسمع هديل الحمام واليمام . ( 5 ) التجارة ُ الرائجة ُ الآن : الاستثمار الواسع في توليف الدسائس و الفتن ! ( 6 ) .. ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا ! و الأمر مرتبط بقوة المنطق و التنافس و قوّة العقل و الأخلاق و السعي لانتزاع الحق من غير ظلم للآخر .. نعم تؤخذ الدنيا غلابا ً بالصبر والمثابرة والحكمة والبقاء في المشهد لإثبات الذات من دون قهر للآخر ومن دون سلب لفرصته و حقوقه ! .. أمّا ما يحدث فــ َ يشي وبكثير من الألم والغيظ بأنّ الإطاحة سائدة و أفعال الطرد سائدة و " الدنيا المأخوذة غلابا " تعني في زمننا الحاضر السطو على فرص الحياة الجميلة والاعتداء على مناخات الهواء النقيّ و منع الآخرين من مجرّد الإطلالة على المشهد . .. الآن تؤخذ ُ الدنيا ، والخسارة الأخلاقية والقيميّة فادحة ، والفداحة متمثلة بالعنف و الإقصاء و النفي الذهني والنفسيّ و تشويه الصور و الصراخ و تعطيل مشروعات الوعي . .. الآن يجري استخدام الحكمة في غير سياقها و فريق من الناس طغى يلوي عنق الحقيقة و يغمض العين عن الحق ّ و يشيع في الأرض مبدأ " السباق بالقوة غير المشروعة " . تؤخذ الدنيا غلابا ولكن من دون أن نحرّف الكلام و من دون أن نسخّر الفرص لنا و نمنعها عن الآخرين . ( 7 ) و الكلام ، في آخر القول ، كلام ... المفردة ُ التي ترافق صاحبها و يبذل ما في وسعه لكي تظلّ نقيّة مدهشة يانعة ، تلك مفردة لا تشيخ ولا يصيبها الوهن و لا تتراجع عن دورها في الإدهاش و البوح مهما طال وقت استخدامها ! .. المفردة كلّما عُتِّقَتْ تطيب ُ و ترق ّ ُ و ينتعش حرفها !
    نيسان ـ نشر في 2015/08/22 الساعة 00:00