تجار وسط البلد.. لم يكفهم كورونا فاجتاحتهم جائحة الحفريات

نيسان ـ نشر في 2020/12/26 الساعة 00:00
نيسان- فاطمة العفيشات
كأن جائحة كورونا لم تكن تكفيهم؛ فكانت جوائح، وآخرها حفريات وسط للبلد.
نحن نتحدث عن تجار وسط البلد المتضررين من أعمال الحفريات في شارعي الهاشمي وقريش, فبعد أن تمسكوا بقشتهم الأخيرة، بُلت تلك القشة وأغرقتهم بلا قوارب نجاة!
يقول تاجر قطع تراثية: "نحن أساساً قطاعنا منكوب, جائحت كورونا خفضت عملنا إلى 20%, والآن مع إغلاق الشارع بسبب أعمال الحفريات انهارت تجارتنا أصبحت المبيعات 0% وقد نغلق محالنا وتجارتنا بأي لحظة .
ويقول تاجر يبيع هو الآخر قطعاً فنية وتراثية: "الشارع مغلق منذ شهر تقريباً, كل يوم كانوا يحفرون بالأرض وعند تساقط الأمطار تتوقف أعمال الحفر لمدة يومين أو ثلاثة, رغم أنهم وعدونا مسبقا بأن المشروع لن يطول".
يضيف لـ"صحيفة نيسان": الحفريات أغلقت الشارع وحالت دون وصول السيارات إلى المكان, مما أثر سلباً على تجارتنا, نحن كأصحاب محال "البازارات" كانت تعتمد تجارتنا على السياحة, مع الكورونا وإغلاق الشارع تضررنا كثيراً, كنا قبل الجائحة نبيع يومياً بمقدار 700 دينار, بعد الجائحة انخفضت لـ200 دينار, والآن نعود لمنازلنا دون أن نبيع قطعة واحدة".

أعمال الحفريات في شارع الهاشمي متوقفة منذ 17 يوماً بعد اكتشاف آثار رومانية في المكان.

التاجر محمد هيكل يصف الحال فيقول: " سبب ضررنا التأخر والبطء في العمل, فالأمانة تعمل لمدة ساعتين فقط في الأسبوع , وعند تساقط المطر وبعد اختلاطه بأتربة الحفريات تتحول لـ"طين" مما يعيق حركة المشاة, عدا عن الطريق المغلق الذي حال دون مرور السيارات, فالمشتري لن يمشي مسافة 5 كم ليصل إلى محلنا, هو يختصر مشواره بمكان آخر وأقرب إليه".
حتى بائع المشروبات الساخنة والباردة في "كشك" لم يكن حاله أفضل من البقية؛ يقول: " المشروع تسبب بدمار لنا, لم يخبرونا بتأخره إلا هذا الحد. أنا أبيع قهوة وشاي وينتهي يومي بالبيع بمقدار 20دينار علماً أن فتحت المحل اليومية تكلف 15 يوماً, فماذا سيحدث من خسارة ودمار أكثر؟"
ويكمل: "الأوضاع سيئة وبتراجع, ليقدروا أن لنا عائلات ملزمين بتأمين حاجياتهم".
تاجر أحذية يتحدث أيضاً في ذات الوجع , يقول: " كنا نعتمد بنسبة 90% على حركة السيارات ونسبة 10 مشاة. اليوم الحركة شبه معدومة, لم يتبقى سوى موظف واحد لذا فالحل إغلاق المحل والجلوس في المنزل , أو إعادة فتح الطريق وإنعاش السوق".

نحن نتحدث عن نحو 500 محل تجاري في شارعي قريش والهاشمي تضرر بسبب أعمال الحفريات.

ويعلق تاجر ملابس رجالية في الشارع ذاته على إغلاق الشارع, فيقول لـ"صحيفة نيسان" : "الحفريات أثرت سلباً على مبيعاتنا وإلتزاماتنا مع تجار الجملة الذين نشتري منهم بضاعتنا, بالإضافة لتأثيرها على موظفينا بعد عجزنا عن دفع أجورهم وفصل عدد منهم".
ويضيف: " المشروع متوقف تماماً, نطالب أمانة عمان أن تطلعنا على مدة المشروع لنتمكن من إدراك أوضاعنا وتسهيلها في المدة المحدودة, أو إغلاق محلاتنا والإنتقال لعمل آخر إن كان العمل بالمشروع سيطول, نحن لا نستطيع حتى اليوم دفع أجرة المحل أو العاملين فيه, ولا حتى تأمين حياة كريمة لعائلاتنا بعد تلك الخسارة".

بحسب التجار، فإن خسائرهم وصلت إلى 70%, بينما وصلت إلى 100% عند بعضهم.

وبحسب بائع عطور وزيوت عطرية ورث محله التجاري عن والده, فإن هذه المرحلة من أصعب المراحل التي مرت عليهم. يقول: "الوضع أصبح لا يطاق كورونا من ناحية والوضع الإقتضادي و أمانة عمان ومشاريع الحفريات من ناحية أخرى".
ويستطرد: " وصل بنا الحال لإغلاق محلاتنا عند معرفتنا أن "الجابي" سيحضر لأخذ قراءة العداد, البعض منذ 6 سشهور لم يتمكن من دفع فاتورة كهرباء أو ترخيص محله أو الأجار, نحن نخرج لأعمالنا وكأننا نجلس في البيوت إلا أننا نكذب على أنفسنا حتى تحسن الأوضاع".
يشكي تاجر آخر: " نحن معلقين بين أمانة عمان ودائرة الآثار العامة, لم يتخذوا قرار بالإبقاء على الآثار أو إكمال مشروع العبارة الصندوقية, لكن الوعود أن تنتهي أعمال الحفريات خلال أسبوع, نناشد الجميع دعم التجار ومساندتهم".

رد أمانة عمان

من جهتها ردت أمانة عمان على لسان المهندس رائد حدادين مدير رقابة الإعمار في أمانة عمان الكبرى, بأن موضوع إستئناف أعمال الحفريات بوسط البلد بيد دائرة الآثار العامة.
وقال لـ"صحيفة نيسان": أن الأمانة تنتظر إنهاء دائرة الآثار العامة عملها بالموقع, وعند إنتهاء عملها كوادرنا جاهزة لإكمال العمل فوراً".
وأضاف أن المدة القانونية للعطاء تنتهي بتاريخ 12-4 من العام المقبل, ولا نستطيع تقدير متى ننتهي الأعمال وما قد يستجد خلال عملنا".

رد دائرة الآثار العامة واللجنة الفنية للآثار التي عثر عليها مؤخراً
الدكتور زيدان كفافي رئيس اللجنة المشرفة على ملف آثار وسط البلد, صرح لـ"صحيفة نيسان" أن اللجنة أوصت بمزيد من الدراسات للمنطقة بعد العثور على حمام روماني كبير خلال أعمال الحفريات في وسط البلد.
وأضاف أن المشروع سيكمل العمل به وصولا لساحة المسجد الحسيني, وعلينا التأكد من وجود عمارات أخرى في المكان أم لا, من خلال عمليات مسح الرادار لما تحت الأرض , لتسهيل عمل دائرة الآثار والأمانة وتجنب الوقوع بأي مشاكل.
مدير دائرة الآثار العامة الدكتور يزيد عليان قال لـ"صحيفة نيسان" أن دائرة الآثار تنتظر إنتهاء المسح الجيوفيزيائي للمكان لتتجه بأخذ القرار النهائي بعدها.
وأشار أن دائرة الآثار منعت أحدا من الإقتراب أو مس الآثار المكتشفة مؤخراً في وسط البلد للحفاظ عليها, للتأكد من وجود إمتداد للآثار داخل العبارة الصندوقية, لإمكانية وجود مواقع أثرية أخرى.
وتوقع زيدان اتحاذ القرار النهائي خلال أيام بعد انتهاء الدراسة في المكان والحصول على نتائج البحث .
ولفت أن الأردن دولة تعتمد على السياحة والآثار, ومن واجب المسؤولين الحفاظ على الآثار , وعلى الجميع التحمل قليلاً لأنها جزء من الوطن.
    نيسان ـ نشر في 2020/12/26 الساعة 00:00