شروط الفُرجة و المسكوت عنه ! يكتبها / ماجد شاهين

نيسان ـ نشر في 2015/08/29 الساعة 00:00
حين تقول روايتك أو تكتبها أو تعلّق على مشهد ٍ أو حكاية ، فإن ّ عديدين يعتقدون أن ّ من حقّهم أن يقرأوا روايتك وتعليقاتك و آراءك مثلما يشتهون و مثلما يطيب لهم أن يقرأوا و ربّما مثلما يحبّون أو مثلما يقتضي الموسم منهم ذلك . .. لا ينفع أن يقاربوا الأحوال و رأيك المكتوب أو تأويلاتك الواضحة ، بل يرون أن لهم الحقّ في التفسير وفق ما يشتهون و يحاكمونك وفق ما يرونه مناسباً وربّما على نوايا لم تكتبها أو لم تروها . ... أمّا أنت َ فليس من حقّك أن تقرأ في سطورهم أكثر ممّا ينبغي ، بل ينبغي أن تقرأ الذي يطلبونه و يريدونه و يسعون إلى إيصاله وتعميمه . ... لذلك كلّه ، يزيد حجم المسكوت عنه في كتابات كثيرة وفي أحاديث عديدة ! .. المسكوت عنه ، غالبا ً ما يكون نتاجا ً لـصمت ٍ الراوي أو الكاتب أو السارد أو المتحدث بسبب خشيته من سوء الظن وسوء التفسير لدى الآخر . ... في الشوارع ، ثمّة مسكوت عنه بسبب ٍ الخشية من الحريق . في المنازل ، كثير من المسكوت عنه خشية تطاحنات تودي باستقرار الناس . في المدارس مسكوت عنه كثير خشية تغوّل أقوياء . في الصالونات والندوات والحارات و البقالات والمسارح والأرصفة والميادين والملاعب و وراء الأبواء و قُدّام الأبواب و أمام الشاشات و خلف الشاشات . في الأسواق ، في الكتب ، في الدفاتر ، في الذاكرة ، في التاريخ والتأريخ ، في الأحداث ، في السيرة ، في الصور ، وفي الخلوات والاتفاقات و ملاجيء الأيتام و دور رعاية العاجزين .. المسكوت عنه يفيض . ... المسكوت عنه قد يُطفِح الكيل َ أو أنّه أطفَحَها ، وأسباب السكوت عديدة ، و يمكن إدراجها ضمن عناوين عريضة : انقسامات الشوارع والساحات والرايات والانشغالات . افتراق المواقف و تناقضاتها . وغيرها ، وسواها ، و الأشد ّ خطورة في أمر السكوت : أنّ عديدين يخبؤون ( ما يسكتون عنه ) خشية من آخرين يسرحون ويمرحون ، فيما آخرون لا يخشون شيئاً و ليس لديهم ما يُضطّرون لإخفائه . ... الأمر ، بالمختصر المفيد ، يعود ويرجع إلى أسباب اجتماعية في أغلبها و سياسيّة في أغلبها ، فتغدو الأسباب خليطا ً سياسياً اجتماعيا ً .. مردّها إلى أن فريقا ً من الناس في وسعه الحديث مباشرة عن الشارع و السماء و الشمس ، فيما آخرون ( وهم الذين لديهم مسكوت ٌ عنه كثير ) يراوغون ويختبؤون وراء التورية والوصف ، فمثلا ً بدلا ً من أن يسمّوا الشمس مباشرة يروحون إلى القول عن الشمس أنها ( تلك المستديرة التي تشرق في الصباح من أسفل سقف السماء كما يظهر لنا و ترفع حرارة الأرض أثناء صعودها و تغيب في المساء في الجهة الغربيّة من السماء ) . .... بالضبط ، ذاك هو الفرق بين الذي ليس عنده مسكوت عنه فيقول : تلك الشمس ( في مفردة أو ثنتين ) ... وآخر يفيض عنده حجم المسكوت عنه فيروح إلى وصف الشمس في ( 25 كلمة أو مفردة ) . ... هل كنت ُ أتحدّث عن المواربة ؟ أم كنت ُ أنتوي الحديث عن شروط الفرجة ؟
    نيسان ـ نشر في 2015/08/29 الساعة 00:00