لمن اشكو عندما يطردني الإمام من المسجد؟

إبراهيم غرايبة
نيسان ـ نشر في 2021/02/04 الساعة 00:00
كنت أتبع أبي حيثما ذهب. أضع في شعف قدمي محل قدمه واني امشي خلفه. وكان ذلك مرهقا لي وله. فالحياة في وادي الأردن في الستينات تتطلب مشي لمسافات طويلة في الحر الشديد وفي المطر. وكنت بسبب ذلك يصيبني تعب وجوع وعطش فيحاول ابي أن يجد مكانا ارتاح فيه واشرب الماء.. وفي مرة وكان عمري خمس سنوات لحقته وكان ذاهبا لصلاة الجمعة في مسجد أبو عبيدة الذي يبعد عن بيتنا عشرة كيلو مترات مشيناها ذهابا ايابا على الاقدام. ومر ابي ببيت في الطريق وقال لأهل البيت الزلمة اللي معي ويقصدني مفلس من التعب واسترحنا قليلا وشربت الماء وكان لديهم أطفال من عمري وصرنا نلعب في ساحة البيت والكبار يضحكون مني وقالو لأبي هاظا الزلمة مش مفلس
عندما وصلنا المسجد جلس ابي مع مجموعة من الرجال في ظل حائط قريب من المسجد وصرت العب في ساحة المسجد فطلب مني الإمام الخروج من المسجد فخرجت ابكي ولما رآني ابي ابكي نهض مسرعا وغاضبا واخذني إلى المسجد وكان الشيخ قد صعد إلى المئذنة ويرتل تسابيح وصلوات من أعلى المئذنة كانوا يرددونها صباح الجمعة في الصلاة على النبي وغير ذلك فقاطعه ابي مناديا بصوت مرتفع ياشيخ ياشيخ. فسكت الشيخ. قال له ابي ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه . قال له شو القصة يا حاج؟ قال له لماذا أخرجت الولد من المسجد فاعتذر لأبي ويبدو انه كان يعرفه وقال لم أعرف أنه ابنك. وتركني الشيخ اذكر الله. قصدي العب في المسجد. وعاد ابي إلى مجلس الرجال يروون قصصا اتذكر الآن أنها عن شيوخ من البدو..
في مثل هذا اليوم من عام 2002 توفي أبي وهو يصلي الفجر. وكنت بجانبه أصلي الفجر.. سمعت شهقته الأخيرة..
أين أذهب يا ابي اليوم عندما ابكي؟ ولمن أشكو عندما يطردني الإمام من المسجد؟
    نيسان ـ نشر في 2021/02/04 الساعة 00:00