متاهة الأحزاب في مضارب الأعراب
نيسان ـ نشر في 2021/03/11 الساعة 00:00
كان الشيخ إذا مالت الشمس الى المغيب، جلس في مجلسه، الذي يخلو إلا من "الحفنتية" الذين يعتاشون على مائدته بلا عمل، في وقت بقية الرجال مشغولون بأعمالهم فهذا وقت استقبال الرعايا من المراعي وحلبها، وإطعام وتأمين القطيع ثم النظر في أمور البيت، وإذا فرغوا بعد المغرب، راحوا يطلبون "التعاليل" عند الشيخ كما هي العادة، فهناك يكون التواصل، وبحث أمور القبيلة، أما من أول النهار الى هذا الوقت فالشيخ لا يشغله الا الحديث في حضرة الاتباع.. وفي هذا الوقت الطويل، يبدأ يحدث أعوانه وخدامه، عن الملمات التي يمكن أن تواجه القبيلة، والمنعطفات الحادة القادمة وكيف يقف لها وحيداً..!
نظر الشيخ بعيداً خلف التلال المقفرة ثم قال لخاصته دون حساب للعواقب: أنا بحاجة الى رجل قوي بمواصفات خاصة أستعين به في إدارة أمور القبيلة، قفز الموافقون يتزلفون..: أنت الملهم وصاحب الرأي، ما حاجتك برجل يعينك، ونحن والجميع نفعل ما تأمره.. لكن ما رأيك بتجمعات رجال الرأي، التي يسمونها الأحزاب، أو النقابات، كنقابة الرعيان تجعلهم يديرون المراعي، ونقابة القناصين، ونقابة أصحاب البعارين... فهم يديرون الأمور وأنت في مجلسك توجه وتراقب؟
قهقه الشيخ من قولهم دون غضب.. وقال هؤلاء لا يصلحون لقبيلتنا.. أنا أريد أفراداً.. لا تعجبني هذه التجمعات.. وأمام إصراره على شخص قال له "الشراشب"، إنهم سيعجمون أعواده في تعليلة الليلة ويخبرونه بالرجل صاحب المواصفات التي يريدها..
بعد الغروب توافد الى مجلس الشيخ كل الرجال، ودارت رحى الأحاديث بين الجلوس، حول تحديات المرحلة وخيارات الشيخ في مواجهتها، ودائرة الشيخ ترقب الرجال، وتدقق في أقوالهم وتدرس شخصياتهم، محاولين استجلاء الحكمة في معالجتهم للمسائل التي يطرحونها لمعالجة ما يدعيه الشيخ من تهديدات ومنعطفات حادة تواجه المسيرة، وغيرها من مصطلحات تهدد كيان ووجود القبيلة..
بعد السهرة الطويلة والمراقبة الدقيقة ذهب كلٌ الى مخدعه ليخلد الى النوم، بعد يوم طويل من الكدّ ونصف ليل من الهذر.. حتى الشيخ غطّ في نوم عميق.. أما جوقة الشيخ فما طرق النوم عيونهم، ولا تنملت أطرافهم وهم يُسحبون إلى لجة النوم.. ظلت السهرة تدور في مخيلتهم، وظل رجالها ينتصبون أمام أعينهم كأشباح عملاقة، كان الذي يعدونه يصلح للمهمة يظهر في نومهم المفزّع كجبل عظيم، ثم تصغر الأشباح حسب تقييمهم لها.. فمنها ما يكون كالتلة ومنها كمقطع صخري كبير، ثم تصغر حتى يظهر بعضها مثل كومة تراب وطأتها الأرجل فسطحتها على الأرض.. وتظل التلال تتقافز في أحلامهم الى أن طردها الصباح فهربت من رأسهم، وصارت خيالات تحوم في سماء كل واحد منهم.
بعد ليلة من النوم "المجعلك" أصبحت مجموعة الشيخ قلقة تريد أن تسرق لحظة من الشيخ كي تلقي ما توصلت اليه في حضنه وترتاح بأنها عثرت على ضالته، لكنه خرج على عجلة من أمره، وما استطاعوا أن يخبروه بخبرهم.
ظلت الجبال والتلال جاثمة على ظهورهم إلى أن جلس الشيخ بعد العصر في مجلسه، فأهرعوا اليه يخبرونه بمرشحهم لمعاونته على الحكم..
وما أن أخبروه حتى انفجر بهم تقريعاً وتسخيفاً وتوبيخاً..!! قال لهم: تأتوني برجل حر قوي يسيطر عليّ ويستأثر بالقبيلة،..! لا.. هذا لن يحصل..!! أنا اخترت صاحبي ولا حاجة بي لمشورتكم.. - ومن هو يا طويل العمر؟ إنه فلان - من فلان؟ - ذاك الذي كان يجلس على طرف الفراش.. قفزت في أذهانهم كومة التراب المسطحة، فبهتوا.. قالوا: ولكنه الأضعف فكيف سيعينك على التحديات في محيط ملتهب؟!..
قال الشيخ: ومن قال لكم إني أريد رجلا يقاسمني سلطتي، أنا اريد مشجباً أعلق عليه أخطائي..
بصراحة أكبر..
"أنا أريد حماراً أركبه لا حصاناً أقوده"..!!
نظر الشيخ بعيداً خلف التلال المقفرة ثم قال لخاصته دون حساب للعواقب: أنا بحاجة الى رجل قوي بمواصفات خاصة أستعين به في إدارة أمور القبيلة، قفز الموافقون يتزلفون..: أنت الملهم وصاحب الرأي، ما حاجتك برجل يعينك، ونحن والجميع نفعل ما تأمره.. لكن ما رأيك بتجمعات رجال الرأي، التي يسمونها الأحزاب، أو النقابات، كنقابة الرعيان تجعلهم يديرون المراعي، ونقابة القناصين، ونقابة أصحاب البعارين... فهم يديرون الأمور وأنت في مجلسك توجه وتراقب؟
قهقه الشيخ من قولهم دون غضب.. وقال هؤلاء لا يصلحون لقبيلتنا.. أنا أريد أفراداً.. لا تعجبني هذه التجمعات.. وأمام إصراره على شخص قال له "الشراشب"، إنهم سيعجمون أعواده في تعليلة الليلة ويخبرونه بالرجل صاحب المواصفات التي يريدها..
بعد الغروب توافد الى مجلس الشيخ كل الرجال، ودارت رحى الأحاديث بين الجلوس، حول تحديات المرحلة وخيارات الشيخ في مواجهتها، ودائرة الشيخ ترقب الرجال، وتدقق في أقوالهم وتدرس شخصياتهم، محاولين استجلاء الحكمة في معالجتهم للمسائل التي يطرحونها لمعالجة ما يدعيه الشيخ من تهديدات ومنعطفات حادة تواجه المسيرة، وغيرها من مصطلحات تهدد كيان ووجود القبيلة..
بعد السهرة الطويلة والمراقبة الدقيقة ذهب كلٌ الى مخدعه ليخلد الى النوم، بعد يوم طويل من الكدّ ونصف ليل من الهذر.. حتى الشيخ غطّ في نوم عميق.. أما جوقة الشيخ فما طرق النوم عيونهم، ولا تنملت أطرافهم وهم يُسحبون إلى لجة النوم.. ظلت السهرة تدور في مخيلتهم، وظل رجالها ينتصبون أمام أعينهم كأشباح عملاقة، كان الذي يعدونه يصلح للمهمة يظهر في نومهم المفزّع كجبل عظيم، ثم تصغر الأشباح حسب تقييمهم لها.. فمنها ما يكون كالتلة ومنها كمقطع صخري كبير، ثم تصغر حتى يظهر بعضها مثل كومة تراب وطأتها الأرجل فسطحتها على الأرض.. وتظل التلال تتقافز في أحلامهم الى أن طردها الصباح فهربت من رأسهم، وصارت خيالات تحوم في سماء كل واحد منهم.
بعد ليلة من النوم "المجعلك" أصبحت مجموعة الشيخ قلقة تريد أن تسرق لحظة من الشيخ كي تلقي ما توصلت اليه في حضنه وترتاح بأنها عثرت على ضالته، لكنه خرج على عجلة من أمره، وما استطاعوا أن يخبروه بخبرهم.
ظلت الجبال والتلال جاثمة على ظهورهم إلى أن جلس الشيخ بعد العصر في مجلسه، فأهرعوا اليه يخبرونه بمرشحهم لمعاونته على الحكم..
وما أن أخبروه حتى انفجر بهم تقريعاً وتسخيفاً وتوبيخاً..!! قال لهم: تأتوني برجل حر قوي يسيطر عليّ ويستأثر بالقبيلة،..! لا.. هذا لن يحصل..!! أنا اخترت صاحبي ولا حاجة بي لمشورتكم.. - ومن هو يا طويل العمر؟ إنه فلان - من فلان؟ - ذاك الذي كان يجلس على طرف الفراش.. قفزت في أذهانهم كومة التراب المسطحة، فبهتوا.. قالوا: ولكنه الأضعف فكيف سيعينك على التحديات في محيط ملتهب؟!..
قال الشيخ: ومن قال لكم إني أريد رجلا يقاسمني سلطتي، أنا اريد مشجباً أعلق عليه أخطائي..
بصراحة أكبر..
"أنا أريد حماراً أركبه لا حصاناً أقوده"..!!
نيسان ـ نشر في 2021/03/11 الساعة 00:00