عباس وحماس...صراع خارج الحدود
نيسان ـ نشر في 2015/09/08 الساعة 00:00
"إن إسرائيل اليوم خلقت من جديد، فمنذ إنشائها لم تكن الدولة شرعية في المنطقة التي قامت فيها، واليوم (13 سبتمبر 1993م) اكتسبت إسرائيل شرعية الاعتراف بها".
هكذا عبر الوزير الإسرائيلي "يوسي ساريد" عن سعادته باتفاقية أوسلو التي كانت أكبر ضربة للنضال الفلسطيني، ومحطة فارقة في مسار القضية الفلسطينية برمتها.
ويمكن القول بأن تلك الاتفاقية حولت الصراع من فلسطيني إسرائيلي، إلى فلسطيني فلسطيني، حيث كانت إحدى بنودها الكارثية، اشتراط الجانب الإسرائيلي على مُوقِّعِي الاتفاق، حماية أمن إسرائيل من الفلسطينيين.
وكانت إسرائيل تدرك أهمية احتضان منظمة التحرير، لأنها إن لم تفعل وجدت نفسها أمام حماس كبديل للمنظمة، وفي ذلك يقول شيمون بيريز الذي رحب بالاتفاقية: "إن البديل الوحيد لمنظمة التحرير إذا تجاوزناها هو حماس، وحماس لن تعترف أبدا بإمكانية السلام معنا".
بالمناسبة، الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان له دورٌ محوري أثناء وبعد اتفاقية أوسلو.
فالرجل قد لعب دور مهندس الانقلاب، والتزم حرفيا بتطبيق بنودها بعد توليه منصب رئيس حكومة السلطة الفلسطينية.
واستكمل عباس مهمته، وكرّس صلاحياته الواسعة لضرب المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية حماس.
أدرك عباس أن جلوسه على طاولة المفاوضات مرهون بالعداء الأبدي مع حماس، فسعى منذ اللحظة الأولى للقيام بدور الشرطي الإسرائيلي في ملاحقة عناصر حماس بالضفة.
بل ذهب عباس إلى أبعد من ذلك حيث أكد في غير مناسبة أنه لن يسمح بقيام انتفاضة ثالثة، ووصف المقاومين بأنهم إرهابيون.
عباس يعلم يقينا أن شعبية حماس التي تتبنى المقاومة كخيار استراتيجي، تسحب البساط من تحت قدميه في عامة فلسطين، وخاصة بعد الانتصارات الأخيرة التي حققتها بالقطاع في عملية العصف المأكول 2014م .
حماس استطاعت أن تحرج عباس بدورها البارز في إطلاق المصالحة الفلسطينية، وعرضت تسليم سلطاتها في غزة إلى حكومة وفاق فلسطينية، وبعد أن تم تشكيلها أبت الحكومة تولي مسئوليتها عن القطاع.
وامتد الصراع بين عباس وحماس – والذي صنعه الأول بلا شك – إلى خارج الحدود، المهم أن تكون حماس على رأس قائمة الأعداء حتى يستمر عباس.
منذ أيام أعلن رئيس السلطة الفلسطينية عن زيارة مرتقبة إلى طهران، وهو ما أثار جدلا واسعا بين المحللين حول مغزى هذه الزيارة، وفي هذا التوقيت تحديدا.
يأتي الإعلان عن هذه الزيارة بعد توتر العلاقات بين حماس وإيران، ورفع الدعم الإيراني عن المقاومة، وذلك على خلفية رفضها التماهي مع الموقف الإيراني تجاه أزمتي اليمن وسوريا، تزامنا مع قيام حماس بحل حركة الصابرين الموالية لإيران في القطاع.
ويأتي الإعلان بعد أيام من الزيارة التاريخية التي قام بها خالد مشعل إلى السعودية والتي وصفت بأنها بداية صفحة جديدة في العلاقات بين الجانبين.
هذه الزيارة لاشك أثارت مخاوف عباس، من أن تكون حلقة في مسلسل تحالف إقليمي بين السعودية وقطر وتركيا وتكون حماس جزءًا فيه، وهو ما جعله يتجه إلى طهران المنافس التقليدي للسعودية، فيما يظهر أنها رسالة إلى المملكة.
وربما يؤكد على رغبة عباس في فتح خطوط جديدة مع إيران، أنه قد سبق ذلك بأسابيع إعادة افتتاح مكاتب لحركة (فتح) في دمشق، وهو ما يعد تضامنا مع الموقف الإيراني تجاه الأسد.
لكن عباس يغفل أو يتغافل عن أن إيران ليس لديها ما تقدمه له، وليس لديه هو ما يقدمه إلى إيران، لذا لا تعدو هذه الزيارة أن تكون ورقة يلوح بها في وجه السعودية.
ولا يمكننا إزاء هذا الشأن تجاهل الوفاق الإيراني الأمريكي حول نووي طهران، وأن محمود عباس لم يكن ليقدم على هذه الخطوة إلا بمباركة أمريكية إسرائيلية.
ما يهم عباس أن يكون في سجال دائم مع حركة حماس، داخل أو خارج الحدود، حتى يبقى في الواجهة الفلسطينية في التفاوض مع الإسرائيليين.
نيسان ـ نشر في 2015/09/08 الساعة 00:00