من هو محمد الضيف مطور صواريخ حماس ومرعب تل أبيب ؟

نيسان ـ نشر في 2021/05/19 الساعة 00:00
وصفه الاحتلال بـأنه "قط بسبعة أرواح"، هو قائد أركان كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.
هو الرجل الذي حاول الاحتلال على مدار 30 عاما من خلال مخابراته تصفيته، إلا أن جميع محاولاتهم بائت بالفشل، واعترف الاحتلال بفشله الذريع في اغتياله، مبررة ذلك بأنه رجل يتمتع بقدرة بقاء غير عادية، ووصفته بأنه قادر على الذوبان بين الناس، لدرجة أنهم شبهوه بالحرباء.
وقالوا عنه أنه ذو قدرة خارقة في الاختفاء، فهو يستطيع اليعيش في حفرة صغيرة في جوف الأرض أو قبو مغلق، دون استخدام وسائل اتصال حديثة، فلقد كيّف الرجل نفسه على التخفي في مواجهة قدرات إسرائيل الاستخباراتية والتكنولوجية العالية، التي أدت إلى اغتيال عدد من قادة الجناح العسكري لحماس السابقين.
وبحسب مسؤول في حركة حماس رفض ذكر اسمه لإحدى المواقع الإخبارية العربية، قال إن الضيف لا يستخدم أياً من وسائل التكنولوجيا الحديثة، مشيراً إلى أنه "يحيط نفسه بسرية لا مثيل لها، ودائم الحذر، ولديه سرعة بديهة غير عادية، وذكي جداً".
وعلى الرغم من نجاحه في البقاء حياً في السنوات الماضية، فقد كان الضيف الملقب محاذيا للموت في 5 محاولات اغتيال، تعرض لها في 2001 و2002 و2003 و2006 و2014، حسب تقرير للجزيرة.
وكانت أشهر محاولات اغتيال الضيف في أواخر سبتمبر/أيلول 2002، حيث اعترفت إسرائيل بأنه نجا بأعجوبة عندما قصفت مروحياتها سيارات في حي الشيخ رضوان بغزة، لتتراجع عن تأكيدات سابقة بأن الضيف قُتل في الهجوم المذكور.
وفي آخر محاولة لاغتيال الضيف في صيف 2014 قُتلت زوجة محمد الضيف وداد، (كانت تبلغ من العمر 27 عاماً)، وطفله علي، الذي كان يبلغ من العمر سبعة أشهر، في غارة جوية استهدفت منزلاً في حي الشيخ رضوان في مدينة غزة.
وفي إحدى محاولات الاغتيال أصيب محمد الضيف إصابة مباشرة جعلته مشلولاً يجلس على كرسي متحرك، وفق تقارير إعلامية، وتقول تقارير أخرى، إنه فقد يداً ورجلاً.
وتتحدث تقارير عن إدارة الضيف للعمليات من على مقعده المتحرك بعد إصابته عام 2006، عندما استهدف صاروخ إسرائيلي سيارته، ، كما تفيد تقارير بأنه أصيب في عينه أيضاً.
ولكن ذلك لم يؤكد أبداً، إذ لا يوجد للضيف سوى صورة التُقطت قبل 20 عاماً يظهر فيها وجهه نحيفاً وغير ملتحٍ.
ينتمي الضيف للجيل الأول والثاني من قيادات حماس، الذين تعرّض كثير منهم للاغتيال، ويتمتع باحترام في صفوف الحركة لتحديه إسرائيل.
ولا يعرف إلا القليل عن عائلته، كما أن الكثيرين يشكّكون فيما إذا كان الضيف هو اسمه الحقيقي أم لا، فيما يقول البعض إن اسمه الحقيقي هو محمد المصري، وإن اسم الضيف لزمه بعد مشاركته في مسرحية عندما كان طالباً في الجامعة.
ولد محمد دياب إبراهيم المصري، المشهور بمحمد الضيف، عام 1965 لأسرة فلسطينية لاجئة أُجبرت على مغادرة بلدتها (القبيبة) داخل فلسطين المحتلة عام 1948.
فقر أسرته المدقع أجبره مبكراً على العمل في عدة مهن ليساعد والده، الذي كان يعمل في محل للغزل، حسب تقرير "الجزيرة نت".
درس العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، وفي تلك الفترة برز طالباً نشيطاً في العمل الدعوي والطلابي والإغاثي، كما أبدع في مجال المسرح.
إذ يقول عنه مسؤول في حماس كان "مبدعاً في العمل المسرحي والفني، لكنه نشيط جداً في التطوع وخدمة الطلاب الفقراء خصوصاً"، مشيراً إلى أنه كان يمكن وصفه حينها بأنه " شاب خجول ومؤدب دمث الخلق، صوته دائماً منخفض، هادئ بطبيعته، ومتواضع، ويحب القراءة والعمل الخيري، ومولع بالعمل العسكري منذ أن كان مراهقاً".
تشبّع الضيف في فترة دراسته الجامعية بالفكر الإسلامي، فانضمّ إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكان من أبرز ناشطي الكتلة الإسلامية. والتحق بحركة حماس وعُدّ من أبرز رجالها الميدانيين.
عتقل الضيف لأول مرة في 1989 مع مئات من عناصر وقادة حركة حماس، وأمضى 16 شهراً في الاعتقال الإداري دون محاكمة، وتولى مساعده أحمد الجعبري قيادة عمليات كتائب القسام.
تزامن خروجه من السجن مع بداية ظهور كتائب القسام بشكل بارز على ساحة المقاومة الفلسطينية، بعد أن نفذت عدة عمليات ضد أهداف إسرائيلية.
انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة القسام في قطاع غزة، ومكث فيها فترة من الزمن، حيث أشرف على تأسيس فرع للقسام هناك، ثم برز كقيادي كتائب القسام بعد اغتيال عماد عقل عام 1993.
أشرف محمد الضيف على عدة عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي، من بينها أسر الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان، وبعد اغتيال يحيى عياش -أحد أهم رموز المقاومة- يوم 5 يناير/كانون الثاني 1996، خطط لسلسلة عمليات فدائية انتقاماً للرجل، أوقعت أكثر من 50 قتيلاً إسرائيلياً.
اعتقلته السلطة الفلسطينية في مايو/أيار 2000، لكنه تمكّن من الفرار مع بداية انتفاضة الأقصى التي عُدّت محطة نوعية في تطور أداء الجناح العسكري لحماس.
وأصبح محمد الضيف قائداً لكتائب القسام في 2002، بعد اغتيال صلاح شحادة في غارة إسرائيلية.
ثم اغتالت إسرائيل الجعبري في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، في بداية العملية العسكرية على قطاع غزة في 2012، التي أطلقت إسرائيل عليها اسم "عمود السحاب" واستمرت ثمانية أيام.
وبعد استشهاد الجعبري، الذي كان نائب الضيف وقائداً تنفيذياً يُشرف على العمل العسكري، تم الإعداد لترتيبات جديدة في تشكيلات القسام أعدها الضيف، ولكنها "سرية جداً"، حسبما ينقل موقع فرانس 24 عن مسؤول كبير في حماس.
واللافت أنه بينما تخلصت إسرائيل من قيادات عدة لحماس، خاصة قادة الجناح العسكري، قدم الضيف تجربة لافتة في النجاة، وأصبح "العدو رقم واحد لإسرائيل"، فعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود أرسل الفدائيين، ووجَّه عمليات اختطاف الجنود الإسرائيليين.
ونُقل عن عماد الفالوجي، أحد قادة حماس السابقين، ومن القلائل الذين تعرفوا على الضيف عن قرب قوله "أي الضيف"، "رجل هادئ جداً، ويفضل الحياة البعيدة عن الأضواء، ويختفي بين الناس"، ويرى الفالوجي أن سر نجاح الضيف في التخفي مرتبط بالدائرة الصغيرة التي يتعامل معها "ولهذا السبب فهو لا يزال على قيد الحياة"
.
    نيسان ـ نشر في 2021/05/19 الساعة 00:00