هو والاستقلال
نيسان ـ نشر في 2021/06/03 الساعة 00:00
رفع علماً على سيارته الحمراء، وانطلق في الشوارع، منتشياً فخوراً، يشرف في شعوره الزائف على الناس كأنه في طائرة!! يهجم بسيارته على المارة ويزاحم السيارات، يَصِفُ كل من يعترض مساره بالغباء، وتارة يخرجه من الآدمية، يمعن في الشتم، مع أنه يتلقى أكثر مما أعطى وبشكل جماعي ولكنه تائه في نشوته، لا يسمع ولا يرعوي..
يتأرجح في عنجهيته بين طلب الالتزام ممن حوله، والانفلات الأرعن في سلوكه، مرة يريد التطاول على كل من حوله لأنه يجد نفسه أعظم من تجمعهم، ومرة يتطرف في الالتزام بالقانون فينتقد كل أصحاب السيارات المزدحمة في الشوارع و يصفهم بألفاظ شبه مثقفة، لأن نشوته في هذه اللحظة أخذت منحى المثقف العارف والفاهم معنى الاستقلال!! صنع من فهمه المشوّه صورة غائمة للالتزام، وصار يعلّم الناس والشارع ثقافة الالتزام التي وُهِبت له في لحظة، فكأن الاستقلال ألقى في روعه مبادئ لم يعرفها من قبل، فما كان يدري قبل اليوم ما الكتاب ولا الايمان، صار الآن يعرف كيف يتصرف المواطن الصالح المنضبط على "مزاجه الخاص" بشتى القوانين...لكن وحيه المزاجي لم يضبط ألفاظه!!
كانت سيارة تسير أمامه وفجأة انعطفت يمينا ثم عادت الى مسارها هاربة من جورة مخفية في وسط المسار، فتأفف وقال بهدوء: مُنحَط!.
ثم مرت بجانبه حافلة كبيرة تنفث الدخان الأسود وناله نصيب كبير منه فقال مخاطباً رفيقه: كيف يتركون هذه الكارثة تسير في الشوارع، متى نصبح مثل العالم؟!!
كان ينتقد ويراقب جيرانه في الطريق ويقود سيارته الحمراء، على انغام أغاني النشوة، فيشعر أنه وجد نفسه بعد ضياع أجيال، يتجول بين النجوم...
يحاسب الناس بعنجهية وتعالٍ، متجاهلاً أصل المشكلة التي ينتقدها ويلقي تبعتها على السائقين..
تجاهل وضع الشوارع الضيقة، والمسارات المشوهة، والبنية التحتية المتهالكة، وتجاهل أكثر، سبب هذا التقصير ومن وراءه، ولماذا لم تتطور شوارعنا منذ عشرات السنين، وكيف لشوارع قرية أن تستوعب دولة وكم هائل من السيارات..
بعد عراك طويل مع أشباح الطريق أخذ يميناً لتفادي أزمة خانقة على دوار المشاغل وبعد أن انتظر قليلا وهو يتأفف منزعجاً تحركت السيارات وبدت له انفراجة صغيرة على اليمين تذهب باتجاه شارع الاستقلال... ضغط بقوة على الزامور فتحركت السيارات قليلا ، تمكن من المسير، فتسلل تاركا الأزمة ثم التفت الى السيارات، والعلم يرفرف فوق رأسه، مُخرجاً نصف جسمه من النافذة وقال: ...(اتعلموا....)!! فانثالت عليه اللعنات وأشياء أخرى ظلت تتبع أثره الى شارع الاستقلال...
يتأرجح في عنجهيته بين طلب الالتزام ممن حوله، والانفلات الأرعن في سلوكه، مرة يريد التطاول على كل من حوله لأنه يجد نفسه أعظم من تجمعهم، ومرة يتطرف في الالتزام بالقانون فينتقد كل أصحاب السيارات المزدحمة في الشوارع و يصفهم بألفاظ شبه مثقفة، لأن نشوته في هذه اللحظة أخذت منحى المثقف العارف والفاهم معنى الاستقلال!! صنع من فهمه المشوّه صورة غائمة للالتزام، وصار يعلّم الناس والشارع ثقافة الالتزام التي وُهِبت له في لحظة، فكأن الاستقلال ألقى في روعه مبادئ لم يعرفها من قبل، فما كان يدري قبل اليوم ما الكتاب ولا الايمان، صار الآن يعرف كيف يتصرف المواطن الصالح المنضبط على "مزاجه الخاص" بشتى القوانين...لكن وحيه المزاجي لم يضبط ألفاظه!!
كانت سيارة تسير أمامه وفجأة انعطفت يمينا ثم عادت الى مسارها هاربة من جورة مخفية في وسط المسار، فتأفف وقال بهدوء: مُنحَط!.
ثم مرت بجانبه حافلة كبيرة تنفث الدخان الأسود وناله نصيب كبير منه فقال مخاطباً رفيقه: كيف يتركون هذه الكارثة تسير في الشوارع، متى نصبح مثل العالم؟!!
كان ينتقد ويراقب جيرانه في الطريق ويقود سيارته الحمراء، على انغام أغاني النشوة، فيشعر أنه وجد نفسه بعد ضياع أجيال، يتجول بين النجوم...
يحاسب الناس بعنجهية وتعالٍ، متجاهلاً أصل المشكلة التي ينتقدها ويلقي تبعتها على السائقين..
تجاهل وضع الشوارع الضيقة، والمسارات المشوهة، والبنية التحتية المتهالكة، وتجاهل أكثر، سبب هذا التقصير ومن وراءه، ولماذا لم تتطور شوارعنا منذ عشرات السنين، وكيف لشوارع قرية أن تستوعب دولة وكم هائل من السيارات..
بعد عراك طويل مع أشباح الطريق أخذ يميناً لتفادي أزمة خانقة على دوار المشاغل وبعد أن انتظر قليلا وهو يتأفف منزعجاً تحركت السيارات وبدت له انفراجة صغيرة على اليمين تذهب باتجاه شارع الاستقلال... ضغط بقوة على الزامور فتحركت السيارات قليلا ، تمكن من المسير، فتسلل تاركا الأزمة ثم التفت الى السيارات، والعلم يرفرف فوق رأسه، مُخرجاً نصف جسمه من النافذة وقال: ...(اتعلموا....)!! فانثالت عليه اللعنات وأشياء أخرى ظلت تتبع أثره الى شارع الاستقلال...
نيسان ـ نشر في 2021/06/03 الساعة 00:00