هل سينجح أردوغان بترميم العلاقات مع أمريكا دون الابتعاد عن موسكو؟
نيسان ـ نشر في 2021/06/16 الساعة 00:00
رغم معارك كسر العظم الإعلامية بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والديمقراطيين، وبين القيادة التركية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، التي تأخرت في إرسال تهنئة لبايدن بفوزه في الانتخابات الأمريكية على حليف تركيا دونالد ترامب إثر رهانات بإمكانية فوز ترامب مجدداً، في ظل علاقات متوترة جداً مع الديمقراطيين، إلا أنّ المعطيات الجديدة تشير إلى أنّ احتمال توصل واشنطن بقيادتها الديمقراطية إلى اتفاقات مع الرئيس أردوغان واردة في المدى المنظور، استناداً لـ"براغماتية" الرئيسين بايدن وأردوغان، التي تتجاوز واقعياً الخطاب الأمريكي الحالي بجعل الالتزام بحقوق الإنسان والديمقراطية معياراً في علاقات واشنطن مع الدول الأخرى، والخطاب التركي باستئناف العثمانية الجديدة، وتهديد أوروبا بالعديد من الأوراق التي استحوذت عليها أنقرة خلال الأعوام الـ4 الماضية.
التسريبات الأمريكية تشير إلى أنّ أنقرة قدّمت مقترحاً لأمريكا حول منظومة صواريخ إس 400 الروسية، بأن يتمّ نشرها في قاعدة "إنجيرلك" التركية، وأن تكون تحت إشراف واشنطن بالكامل
التسريبات الإعلامية للقاء الذي جمع بين "بايدن وأردوغان" على هامش اجتماعات الناتو تؤكد من قبل الطرفين، دون الذهاب إلى ما تمّ الاتفاق عليه، أنه كان لقاءً مثمراً ونزيهاً للغاية، وأنّ الخبراء من كلا الجانبين، "يبدو أنّ المقصود المستويين الأمني والعسكري"، سيواصلون المباحثات، أو وضع النقاط على الحروف لما تمّ الاتفاق عليه بين الرئيسين، وهو ما يشير إلى أنّ كسراً للجليد قد تمّ إنجازه بحلحلة الملفات العالقة أو بعضها.
اقرأ أيضاً: أحلام أردوغان تصطدم بالحقائق
غني عن التذكير أنّ أبرز الملفات العالقة بين واشنطن وأنقرة هي: تحفظات تركيا على الدعم الأمريكي لأكراد سوريا "وحدات الحماية الكردية"، والاعتراف الأمريكي بالدور الإقليمي لتركيا مع احتفاظها بتوجهاتها الجديدة، وترفض أنقرة بشدة الاعتراف الأمريكي بإبادة الأرمن، ويشكّل ملف منظومة صواريخ إس 400 الروسية التي اشترتها أنقرة من موسكو أبرز الملفات الخلافية من جانب واشنطن، بالإضافة إلى الأدوار التي تمارسها تركيا في المنطقة، بما يتعارض مع السياسات الأمريكية، ويشار هنا إلى الأخطاء الاستراتيجية لتركيا في علاقاتها مع واشنطن، إذ تفتقد لحلفاء حقيقيين في مؤسسات الدولة العميقة "الخارجية والدفاع والسي آي إيه... إلخ"، وهو ما أظهر موقفاً معادياً لتركيا بين الديمقراطيين والجمهوريين، خلافاً للمواقف الأمريكية تجاه قوى إقليمية في المنطقة "إيران والسعودية ومصر" وحتى تجاه إسرائيل، إذ تبرز تباينات بين دوائر صنع القرار الأمريكي، وهو ما لم يتوفر تجاه تركيا وسياساتها.
اقرأ أيضاً: بايدن وأردوغان في لقاء "مثمر"... فهل قدمت تركيا تنازلات؟
من المرجح أنّ حلولاً براغماتية تمّ التوصل إليها بين الرئيسن، عنوانها تنازلات تركية، منسجمة مع انتهاج أنقرة سياسة "تبريد" الملفات الساخنة التي تلعب فيها دوراً فاعلاً، بدءاً من التصعيد شرق المتوسط مع اليونان، ودورها في ليبيا وسوريا، والمصالحات مع مصر والسعودية والإمارات، فيما غابت أنقرة عن إصدار ردود فعل تصعيدية ضد إسرائيل خلال حرب غزة الأخيرة، بل ذهبت بعيداً بالتأكيد على "الصداقة المتينة" مع فرنسا، خلال لقاء الرئيس أردوغان مع الرئيس ماكرون.
اقرأ أيضاً: لقاء بايدن وبوتين... ماذا ستحقق قمة جنيف؟
التسريبات الأمريكية تشير إلى أنّ أنقرة قدّمت مقترحاً لأمريكا حول منظومة صواريخ إس 400 الروسية، بأن يتمّ نشرها في قاعدة "إنجيرلك" التركية، وأن تكون تحت إشراف واشنطن بالكامل، إلى جانب قيام أنقرة، وتحت مظلة عضويتها في حلف الناتو، بتأمين الحماية للسفارات الغربية في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي من كابول، وهو ما يفسّر تصريحات أردوغان بأنه تمّ بحث الأوضاع في أفغانستان خلال لقائه بايدن، وبالتزامن أعلنت الرئاسة الفرنسية بعد لقاء "أردوغان وماكرون" أنه تمّ الاتفاق على سحب "كافة القوات المرتزقة" من ليبيا، في الوقت الذي قام فيه وزير الدفاع التركي قبل أيام بزيارة إلى طرابلس، يبدو أنها لم تكن بعيدة عن هذا العنوان.
موسكو التي عقدت العديد من الاتفاقات مع أردوغان كانت تدرك أنّ تحالف أنقرة معها لن يكون أكثر من ورقة تهدد بها أمريكا وأوروبا لتحقيق مكاسب منهما
انقلاب المواقف التركية، بتقديم عروض تبدو حلولاً وسطية من قبل أنقرة لنزع ألغام تعترض طريق علاقاتها مع أمريكا وأوروبا، ليست جديدة، وربما متوقعة في ظل انقلابات عديدة قام بها أردوغان، منذ إسقاط الطائرة الروسية في سوريا عام 2015، وما تلاها من محطات بين ممارسة التصعيد في ملفات ثمّ التنازل عنها بصورة مفاجئة، غير أنّ تلك الانقلابات ترتبط بطرف فاعل في ملفات أنقرة وهي موسكو.
موسكو التي عقدت العديد من الاتفاقات مع أردوغان على مستوى التسليح وفي الملف السوري، من خلال آستانا وسوتشي، كانت تدرك أنّ تحالف أنقرة معها لن يكون أكثر من ورقة تهدد بها أمريكا وأوروبا لتحقيق مكاسب منهما، ورغم أنها لم تعلق على مخرجات لقاء الرئيسين "بايدن وأردوغان" إلا أنّ المؤكد أنّ لديها سيناريوهات ردود جاهزة للتعامل مع أنقرة، ستجد ترجماتها في التعامل مع منظومتها الصاروخية "إس 400" لدى تركيا، وفي ملفات تبدو تركيا ضالعة فيها، من بينها دعم أنقرة للفصائل الجهادية في سوريا "إدلب"، والنزاع الأذري ـ الأرميني حول إقليم "قره باخ"، الذي قدّمت فيه موسكو دعماً لأنقرة، إضافة إلى دور تركيا في محيط البحر الأسود والبلقان، وهو ما يتوقع معه أن تشهد المرحلة القادمة بروداً في علاقات أنقرة مع موسكو، ربما تصل إلى تحرّش الدبّ الروسي بتركيا.
التسريبات الأمريكية تشير إلى أنّ أنقرة قدّمت مقترحاً لأمريكا حول منظومة صواريخ إس 400 الروسية، بأن يتمّ نشرها في قاعدة "إنجيرلك" التركية، وأن تكون تحت إشراف واشنطن بالكامل
التسريبات الإعلامية للقاء الذي جمع بين "بايدن وأردوغان" على هامش اجتماعات الناتو تؤكد من قبل الطرفين، دون الذهاب إلى ما تمّ الاتفاق عليه، أنه كان لقاءً مثمراً ونزيهاً للغاية، وأنّ الخبراء من كلا الجانبين، "يبدو أنّ المقصود المستويين الأمني والعسكري"، سيواصلون المباحثات، أو وضع النقاط على الحروف لما تمّ الاتفاق عليه بين الرئيسين، وهو ما يشير إلى أنّ كسراً للجليد قد تمّ إنجازه بحلحلة الملفات العالقة أو بعضها.
اقرأ أيضاً: أحلام أردوغان تصطدم بالحقائق
غني عن التذكير أنّ أبرز الملفات العالقة بين واشنطن وأنقرة هي: تحفظات تركيا على الدعم الأمريكي لأكراد سوريا "وحدات الحماية الكردية"، والاعتراف الأمريكي بالدور الإقليمي لتركيا مع احتفاظها بتوجهاتها الجديدة، وترفض أنقرة بشدة الاعتراف الأمريكي بإبادة الأرمن، ويشكّل ملف منظومة صواريخ إس 400 الروسية التي اشترتها أنقرة من موسكو أبرز الملفات الخلافية من جانب واشنطن، بالإضافة إلى الأدوار التي تمارسها تركيا في المنطقة، بما يتعارض مع السياسات الأمريكية، ويشار هنا إلى الأخطاء الاستراتيجية لتركيا في علاقاتها مع واشنطن، إذ تفتقد لحلفاء حقيقيين في مؤسسات الدولة العميقة "الخارجية والدفاع والسي آي إيه... إلخ"، وهو ما أظهر موقفاً معادياً لتركيا بين الديمقراطيين والجمهوريين، خلافاً للمواقف الأمريكية تجاه قوى إقليمية في المنطقة "إيران والسعودية ومصر" وحتى تجاه إسرائيل، إذ تبرز تباينات بين دوائر صنع القرار الأمريكي، وهو ما لم يتوفر تجاه تركيا وسياساتها.
اقرأ أيضاً: بايدن وأردوغان في لقاء "مثمر"... فهل قدمت تركيا تنازلات؟
من المرجح أنّ حلولاً براغماتية تمّ التوصل إليها بين الرئيسن، عنوانها تنازلات تركية، منسجمة مع انتهاج أنقرة سياسة "تبريد" الملفات الساخنة التي تلعب فيها دوراً فاعلاً، بدءاً من التصعيد شرق المتوسط مع اليونان، ودورها في ليبيا وسوريا، والمصالحات مع مصر والسعودية والإمارات، فيما غابت أنقرة عن إصدار ردود فعل تصعيدية ضد إسرائيل خلال حرب غزة الأخيرة، بل ذهبت بعيداً بالتأكيد على "الصداقة المتينة" مع فرنسا، خلال لقاء الرئيس أردوغان مع الرئيس ماكرون.
اقرأ أيضاً: لقاء بايدن وبوتين... ماذا ستحقق قمة جنيف؟
التسريبات الأمريكية تشير إلى أنّ أنقرة قدّمت مقترحاً لأمريكا حول منظومة صواريخ إس 400 الروسية، بأن يتمّ نشرها في قاعدة "إنجيرلك" التركية، وأن تكون تحت إشراف واشنطن بالكامل، إلى جانب قيام أنقرة، وتحت مظلة عضويتها في حلف الناتو، بتأمين الحماية للسفارات الغربية في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي من كابول، وهو ما يفسّر تصريحات أردوغان بأنه تمّ بحث الأوضاع في أفغانستان خلال لقائه بايدن، وبالتزامن أعلنت الرئاسة الفرنسية بعد لقاء "أردوغان وماكرون" أنه تمّ الاتفاق على سحب "كافة القوات المرتزقة" من ليبيا، في الوقت الذي قام فيه وزير الدفاع التركي قبل أيام بزيارة إلى طرابلس، يبدو أنها لم تكن بعيدة عن هذا العنوان.
موسكو التي عقدت العديد من الاتفاقات مع أردوغان كانت تدرك أنّ تحالف أنقرة معها لن يكون أكثر من ورقة تهدد بها أمريكا وأوروبا لتحقيق مكاسب منهما
انقلاب المواقف التركية، بتقديم عروض تبدو حلولاً وسطية من قبل أنقرة لنزع ألغام تعترض طريق علاقاتها مع أمريكا وأوروبا، ليست جديدة، وربما متوقعة في ظل انقلابات عديدة قام بها أردوغان، منذ إسقاط الطائرة الروسية في سوريا عام 2015، وما تلاها من محطات بين ممارسة التصعيد في ملفات ثمّ التنازل عنها بصورة مفاجئة، غير أنّ تلك الانقلابات ترتبط بطرف فاعل في ملفات أنقرة وهي موسكو.
موسكو التي عقدت العديد من الاتفاقات مع أردوغان على مستوى التسليح وفي الملف السوري، من خلال آستانا وسوتشي، كانت تدرك أنّ تحالف أنقرة معها لن يكون أكثر من ورقة تهدد بها أمريكا وأوروبا لتحقيق مكاسب منهما، ورغم أنها لم تعلق على مخرجات لقاء الرئيسين "بايدن وأردوغان" إلا أنّ المؤكد أنّ لديها سيناريوهات ردود جاهزة للتعامل مع أنقرة، ستجد ترجماتها في التعامل مع منظومتها الصاروخية "إس 400" لدى تركيا، وفي ملفات تبدو تركيا ضالعة فيها، من بينها دعم أنقرة للفصائل الجهادية في سوريا "إدلب"، والنزاع الأذري ـ الأرميني حول إقليم "قره باخ"، الذي قدّمت فيه موسكو دعماً لأنقرة، إضافة إلى دور تركيا في محيط البحر الأسود والبلقان، وهو ما يتوقع معه أن تشهد المرحلة القادمة بروداً في علاقات أنقرة مع موسكو، ربما تصل إلى تحرّش الدبّ الروسي بتركيا.
نيسان ـ نشر في 2021/06/16 الساعة 00:00