الشعوب العربية انحياز للشخص دون المؤسسية
نيسان ـ نشر في 2021/07/07 الساعة 00:00
منذ أن عرف العرب الدولة قبل الاسلام، وهم يتشبثون بالأشخاص، ويبتعدون عن المؤسسية في علاقتهم بالدولة، وقد لا يلامون في ذلك الزمن لأن هذا السلوك كان سائداً في العالم القديم شرقا وغربا، فكانت الدولة في نظرهم هي شخص الرئيس، وشخص الرئيس هو الدولة، وإن رأوا ملامح مؤسسية في تعاملهم مع الدولة، كالجيش والشرطة، والقضاء وغيره، يربطونها أيضاً بشخص الرئيس، بمعنى أنهم لا يؤمنون بقانون القضاء أو بتنفيذ الشرطة لأحكام القضاء دون ربطها بشخص الرئيس، ومن الصعب اقناعهم أن الرئيس لا علاقة له بالقوانين التي قامت عليها هذه الأجهزة، بل يجزمون أن الرئيس بإمكانه إبطال هذه المؤسسات وإبطال أحكامها بكلمة واحدة منه، فهو الشخص الكامل الذي أنيط به أمرهم، وبما أنه الانسان الخارق، صُنعت هذه الأجهزة له، ليسيطر على الشعب ويقصرهم على رغباته قصراً، وهو مع ذلك لا يجوز عليه الزلل ولا الخطأ فهو مبرأ من عيب حتى انحرافاته يرونها منتهى الاستقامة..
وعندما جاء الاسلام الذي كرس دولة القانون في عصر الرسول والخلافة الراشدة، إلا أنه ظل من الماضي في نفوس العرب أشياء، حتى عادوا الى ما كانوا عليه!! فلم يدعموا بناء دولة مؤسسات في العموم، يكون شخص الرئيس فيها قائم على تفعيل مؤسسات الحكم وضابط لها فقط دون قدسية جاهلية، أو خروج من تحت مظلة القانون والهيمنة على مؤسسات الدولة.
بل راحت سلوكاتهم تنحاز الى أشخاص، دون الانحياز الى دولة مؤسسات، وإن عجز الواقع عن توفير هؤلاء الأشخاص، انطلقت الأخيلة لتصنع أشخاصا ينحازون اليهم في الخيال لإرضاء هذه النزعة المتأصلة..
وجاء العصر الحديث وهم على حالهم، فلما نصب لهم الاستعمار اشخاصا يحكمونهم باسمه، وسلحوهم بمؤسسات صورية، لم يبذل المستعمر جهداً كبيراً، لجعلهم ينحازون الى شخص الرئيس دون مؤسسات للحكم، فبقيت المؤسسات اطاراً لا روح فيه، فلم تعلّم الدولة الشعب على الانحياز للمؤسسية ليبقى الشعب في العموم متخلفاً سياسياً وإن كان رافضا للواقع، فهو لم يتعلم التصرف بطريقة مؤسسية، ومن السهل السيطرة على مقدراته وعلى أفكاره واستخدامه لمصلحة المستعمر دون أن يشعر، وفي الوقت الذي كان العرب يؤدون طقوس الولاء لشخص الرئيس ويسكرون بخمرة حبه، كان الغرب يتمتع بخيراتهم ويسرق مستقبل أجيالهم وهم يتنافخون فخرا في حظيرة طويل العمر..
والآن من الواضح لكل من يتعاطى السياسة أن مقتل العالم العربي هو "التبعثر السياسي"، فلا يوجد رابط يوحد الناشطين السياسيين، مع أنهم كثيرون لكنهم يبقون أفراداً، فإذا ظهر فرد في طريقهم لا يحمل رؤية لتحريرهم ولا برنامج يوصلهم لهدفهم سوى الصوت الفارغ، ينحازون اليه فإذا أطيح تبعثروا مرة أخرى.!!!
لذا لا حل الا في المؤسسة، سواء انطلقت من عشيرة او حزب أو تجمع، المهم البعد عن نزعة التعلق بشخص التي جعلتهم يعبدون العجول ويرتهنون للفوضى والتبعية والتخلف.. فالمؤسسة تجمعهم وتوحد جهودهم وتحميهم كأفراد وكفكرة، وتحقق هدفهم في المحافظة على مقدراتهم الاقتصادية والفكرية ويستطيعون من خلالها حكم أنفسهم بأنفسهم. إن لم يفعلوا ذلك فكل تحركاتهم السياسية الشعبية والنخبوية لا قيمة لها..
وعندما جاء الاسلام الذي كرس دولة القانون في عصر الرسول والخلافة الراشدة، إلا أنه ظل من الماضي في نفوس العرب أشياء، حتى عادوا الى ما كانوا عليه!! فلم يدعموا بناء دولة مؤسسات في العموم، يكون شخص الرئيس فيها قائم على تفعيل مؤسسات الحكم وضابط لها فقط دون قدسية جاهلية، أو خروج من تحت مظلة القانون والهيمنة على مؤسسات الدولة.
بل راحت سلوكاتهم تنحاز الى أشخاص، دون الانحياز الى دولة مؤسسات، وإن عجز الواقع عن توفير هؤلاء الأشخاص، انطلقت الأخيلة لتصنع أشخاصا ينحازون اليهم في الخيال لإرضاء هذه النزعة المتأصلة..
وجاء العصر الحديث وهم على حالهم، فلما نصب لهم الاستعمار اشخاصا يحكمونهم باسمه، وسلحوهم بمؤسسات صورية، لم يبذل المستعمر جهداً كبيراً، لجعلهم ينحازون الى شخص الرئيس دون مؤسسات للحكم، فبقيت المؤسسات اطاراً لا روح فيه، فلم تعلّم الدولة الشعب على الانحياز للمؤسسية ليبقى الشعب في العموم متخلفاً سياسياً وإن كان رافضا للواقع، فهو لم يتعلم التصرف بطريقة مؤسسية، ومن السهل السيطرة على مقدراته وعلى أفكاره واستخدامه لمصلحة المستعمر دون أن يشعر، وفي الوقت الذي كان العرب يؤدون طقوس الولاء لشخص الرئيس ويسكرون بخمرة حبه، كان الغرب يتمتع بخيراتهم ويسرق مستقبل أجيالهم وهم يتنافخون فخرا في حظيرة طويل العمر..
والآن من الواضح لكل من يتعاطى السياسة أن مقتل العالم العربي هو "التبعثر السياسي"، فلا يوجد رابط يوحد الناشطين السياسيين، مع أنهم كثيرون لكنهم يبقون أفراداً، فإذا ظهر فرد في طريقهم لا يحمل رؤية لتحريرهم ولا برنامج يوصلهم لهدفهم سوى الصوت الفارغ، ينحازون اليه فإذا أطيح تبعثروا مرة أخرى.!!!
لذا لا حل الا في المؤسسة، سواء انطلقت من عشيرة او حزب أو تجمع، المهم البعد عن نزعة التعلق بشخص التي جعلتهم يعبدون العجول ويرتهنون للفوضى والتبعية والتخلف.. فالمؤسسة تجمعهم وتوحد جهودهم وتحميهم كأفراد وكفكرة، وتحقق هدفهم في المحافظة على مقدراتهم الاقتصادية والفكرية ويستطيعون من خلالها حكم أنفسهم بأنفسهم. إن لم يفعلوا ذلك فكل تحركاتهم السياسية الشعبية والنخبوية لا قيمة لها..
نيسان ـ نشر في 2021/07/07 الساعة 00:00