مدرسة الروابي .. على ماذا نتفق ونختلف؟!
نيسان ـ نشر في 2021/09/01 الساعة 00:00
من حق الجميع إبداء آرائهم ورؤاهم والاتفاق والاختلاف مع مسلسل مدرسة الروابي (الأردني الذي أنتجته شركة نتفلكس)، وقد يراه البعض يعكس صورة غير صحيحة ولا مقبولة عن مجتمعنا الأردني، وبعض مدارسنا، فيما يرى آخرون أنّ هنالك واقعاً شبيهاً في بعض المدارس، كل ذلك ممكن ومنطقي، لكن أن يتحول الاختلاف في الرأي من المسلسل إلى حملة قاسية تطاول الممثلات والممثلين، وتتضمن نعوتاً ووصماً اجتماعياً فهذا يتجاوز حق الاختلاف إلى إلغائه تماماً.
ونحن نتحدث عن الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان والحريات العامة من الضروري، في الوقت نفسه، أن ندرك أمرين رئيسين؛ الأول أنّنا لسنا جميعاً متشابهون، ولسنا نسخة كربون واحدة، فهنالك ثقافات واتجاهات ومدارس ثقافية متعددة ومتنوعة، وطالما أن لك حرية الاختيار فيما تأخذ وترفض، فمن حق الآخرين الاختيار أيضاً، والثاني أنّ هنالك مساحة أساسية من الحرية للفنون المختلفة (الفن والمسرح والرواية والأدب) لا يمكن أن تنمو من دونها، ولا نستطيع أن نضع عليها قيوداً هائلة، ثم نطالب بتطوير الحالة الفنية، كما نطالب تماماً بالحريات العامة لتطوير الحياة السياسية في البلاد.
سيقول البعض إنّ هنالك حدوداً للحرية مرتبطة بجملة من القيم التي نتوافق عليها، أخلاقياً ودينياً وثقافياً، ومنها، على سبيل المثال: عدم المسّ بالدين، بالقيم الأخلاقية المجتمعية، كالمشاهد الإباحية وغيرها، وذلك كلّه مفهوم، لكن من الضرروي أيضاً أن يترك الأدباء والمخرجون والمثقفون يقدمون إبداعهم وإنتاجهم من دون الشعور بالقيود الشديدة عليهم، بذريعة السياسة والأمن أو الدين أو غيرها، بخاصة إذا كان المنتج مرتبطاً بقطاع خاص، وليس سياسةً حكومية.
بالعودة إلى مسلسل مدرسة الروابي؛ هل هذه الظواهر موجودة أم غير موجودة؟! مسألة خلافية (بالمناسبة في بعض المدارس هنالك ما هو أكثر بكثير من ذلك)، هل ظاهرة التنمر خطيرة إلى هذه الدرجة (تذكرون قصة أحد الطلاب الذي صوره زملاؤه وهو يتعرض للتنمر والضرب وأصبحت قضية الرأي العام الأردني)!
حسناً لنأخذ الخط المتطرف تماماً ونقول بأنّها محدودة جداً، فهل يعني ذلك أن المسلسل يشوّه المجتمع الأردني؟! من قال إنّ الأفلام والمسلسلات والروايات والقصص والأدب عليه أن يتقيّد حرفياً بالواقع ويعكسه؟! ومن يستطيع أن يرسّم حدود الواقع وظواهره بصورة مطلقة؟!
من وجهة نظري المسلسل لم يتجاوز أي سقف مجتمعي أو ديني أو أخلاقي واضح، كان جريئاً في طرح مشكلة المراهقين والتنمّر والانفلات في بعض المدارس، وهذا مطلوب، ويعكس ثقافة عينة من الجيل الجديد ومن طبقة معينة (كما هو ظاهر في المسلسل) وهذا أيضاً أمر طبيعي، ولا توجد فيه مشاهد توازي عُشر المشاهد التي في المسلسلات والأفلام التي يتابعها أغلب الأردنيين (بما فيها مسلسلات تاريخية تركية حظيت بنسب مشاهدة فلكية أردنياً).
الإشكالية لا تقف عند حدود هذا المسلسل، بل في توضيح ما يمكن أن نتفق عليه أو نختلف عليه، وفي ظواهر ثقافية أصبحت واضحة للعيان تتمثّل بتسهيل الاتهام والتخوين والإقصاء للآخر، والغريب أن كثيراً من هؤلاء يتباكون على الحرية وعلى حقوق الإنسان، وكما دافعنا عن مسلسل أم الدراهم، الذي منع من العرض لأسباب سطحية ومضحكة، بينما يتذكر رواد المسرح الأردني، على سبيل المثال، أن بعض المسرحيات السياسية المعروفة، التي كنا نصفق لها جميعاً، فيها إيحاءات وعبارات لا تتناسب مع «الذوق العام»، وكانت الغالبية تتقبلها في إطار كوميدي.
لا ننكر أنّ المجتمع الأردني محافظ دينياً ومجتمعياً، وسقف ما هو ممكن هنا يختلف عن دول عربية أخرى، بل عن أغلب هذه الدول، لكن فرقاً كبيراً بين المحافظة من جهة، والتعصب والتطرف من جهةٍ أخرى، وإلاّ سنمسي في نهاية اليوم عرضة لمنع أي إنتاج أو تطوير خشية من الحملات التي تتم بصورة قاسية ضد من نختلف معهم!
(الرأي)
ونحن نتحدث عن الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان والحريات العامة من الضروري، في الوقت نفسه، أن ندرك أمرين رئيسين؛ الأول أنّنا لسنا جميعاً متشابهون، ولسنا نسخة كربون واحدة، فهنالك ثقافات واتجاهات ومدارس ثقافية متعددة ومتنوعة، وطالما أن لك حرية الاختيار فيما تأخذ وترفض، فمن حق الآخرين الاختيار أيضاً، والثاني أنّ هنالك مساحة أساسية من الحرية للفنون المختلفة (الفن والمسرح والرواية والأدب) لا يمكن أن تنمو من دونها، ولا نستطيع أن نضع عليها قيوداً هائلة، ثم نطالب بتطوير الحالة الفنية، كما نطالب تماماً بالحريات العامة لتطوير الحياة السياسية في البلاد.
سيقول البعض إنّ هنالك حدوداً للحرية مرتبطة بجملة من القيم التي نتوافق عليها، أخلاقياً ودينياً وثقافياً، ومنها، على سبيل المثال: عدم المسّ بالدين، بالقيم الأخلاقية المجتمعية، كالمشاهد الإباحية وغيرها، وذلك كلّه مفهوم، لكن من الضرروي أيضاً أن يترك الأدباء والمخرجون والمثقفون يقدمون إبداعهم وإنتاجهم من دون الشعور بالقيود الشديدة عليهم، بذريعة السياسة والأمن أو الدين أو غيرها، بخاصة إذا كان المنتج مرتبطاً بقطاع خاص، وليس سياسةً حكومية.
بالعودة إلى مسلسل مدرسة الروابي؛ هل هذه الظواهر موجودة أم غير موجودة؟! مسألة خلافية (بالمناسبة في بعض المدارس هنالك ما هو أكثر بكثير من ذلك)، هل ظاهرة التنمر خطيرة إلى هذه الدرجة (تذكرون قصة أحد الطلاب الذي صوره زملاؤه وهو يتعرض للتنمر والضرب وأصبحت قضية الرأي العام الأردني)!
حسناً لنأخذ الخط المتطرف تماماً ونقول بأنّها محدودة جداً، فهل يعني ذلك أن المسلسل يشوّه المجتمع الأردني؟! من قال إنّ الأفلام والمسلسلات والروايات والقصص والأدب عليه أن يتقيّد حرفياً بالواقع ويعكسه؟! ومن يستطيع أن يرسّم حدود الواقع وظواهره بصورة مطلقة؟!
من وجهة نظري المسلسل لم يتجاوز أي سقف مجتمعي أو ديني أو أخلاقي واضح، كان جريئاً في طرح مشكلة المراهقين والتنمّر والانفلات في بعض المدارس، وهذا مطلوب، ويعكس ثقافة عينة من الجيل الجديد ومن طبقة معينة (كما هو ظاهر في المسلسل) وهذا أيضاً أمر طبيعي، ولا توجد فيه مشاهد توازي عُشر المشاهد التي في المسلسلات والأفلام التي يتابعها أغلب الأردنيين (بما فيها مسلسلات تاريخية تركية حظيت بنسب مشاهدة فلكية أردنياً).
الإشكالية لا تقف عند حدود هذا المسلسل، بل في توضيح ما يمكن أن نتفق عليه أو نختلف عليه، وفي ظواهر ثقافية أصبحت واضحة للعيان تتمثّل بتسهيل الاتهام والتخوين والإقصاء للآخر، والغريب أن كثيراً من هؤلاء يتباكون على الحرية وعلى حقوق الإنسان، وكما دافعنا عن مسلسل أم الدراهم، الذي منع من العرض لأسباب سطحية ومضحكة، بينما يتذكر رواد المسرح الأردني، على سبيل المثال، أن بعض المسرحيات السياسية المعروفة، التي كنا نصفق لها جميعاً، فيها إيحاءات وعبارات لا تتناسب مع «الذوق العام»، وكانت الغالبية تتقبلها في إطار كوميدي.
لا ننكر أنّ المجتمع الأردني محافظ دينياً ومجتمعياً، وسقف ما هو ممكن هنا يختلف عن دول عربية أخرى، بل عن أغلب هذه الدول، لكن فرقاً كبيراً بين المحافظة من جهة، والتعصب والتطرف من جهةٍ أخرى، وإلاّ سنمسي في نهاية اليوم عرضة لمنع أي إنتاج أو تطوير خشية من الحملات التي تتم بصورة قاسية ضد من نختلف معهم!
(الرأي)
نيسان ـ نشر في 2021/09/01 الساعة 00:00