ما الذي ظَـلَّ إلى الآن َ نـَدِيّـا ً ؟ نص ّ لـــ ِ ماجد شاهين

نيسان ـ نشر في 2015/09/21 الساعة 00:00
في دفتر ِ الإملاء ؟ اسمي أم حرف العطف الذي تاه طويلاً ، أم درب الطفولة التي حـُشِرَت بين دارنا التي ليست لنا و شارع ٍ يصعد ُ إلى المدرسة ِ و أرض ٍ خالية قرب الكنيسة ، كان الأولاد مثلي ، جعلوها ملعبا ً ينفع ُ للّهو كلّه إلا الّلعب ! لم نكن نلعب ُ ، سائق الباص الوحيد كان ينهرنا الجارة التي تراقب النافذة كانت تنهرنا العجوز المريض كان يهشّ علينا بعصاه المعلّم المتجهّم كان يطفيء وقتنا والآباء المتعبون ، المهمومون ، كانوا ينهروننا أو كانوا يخشون أن تهتريء أحذيتنا ، يتحسبون كثيرا ً حين يذوي الحذاء ! كنا ، إذن ، نلعب حفاة ً و نلعب ُ بلا صوت ٍ و نلعب ُ بلا فاكهة الّلعب ، بلا حبور ٍ ، و كُنّا يتساوى عندنا الربح مع الخسارة لأن ّ اللعبة ظلّت صامتة ! كنّا لا نمعن في الّلعب كثيراً خشية أن نجوع ، فاللهاث ُ ينادي اللقمة َ و حين نرجع إلى دورنا جائعين : يتمتم الآباء أو تتبرّم الأمّهات بأن ّ اللّعب لا يبقي من الزاد شيئا ً و لا يذر ُ ! كُنا ، رغم ما كان ، نحبّ الحياة ، فما الذي ظلّ إلى الآن نديـّا ً في دفتر الإملاء ؟ كلّ الذين خبأوا دفاترهم القديمة يدركون أن ّ دفتر الإملاء ، كان في أوّله سطر ٌ عن الجيران و كان سطر ٌ عن رقّة الروح و كان سطر ٌ عن ماء ٍ قليلة ٍ تكفي لكي تفرح القلوب ُ ، و كان سطر ٌ عن المحبّة : على شجرة البيلسان على ورق العنب في فيء الدالية عند عتبة دار ٍ تنعم بالوضوح في التماعة عين تفرح حين يفرح الناس ُ حين يلثم الولد جبين أبيه أو تحتضن البنت أمّها محبّة حين يسعى ولد لكي يرفع حجرا ً من طريق كهل ٍ أو تسعى بنت ٌ إلى ملء صحن القمح في صندوق الحمام ! محبّة ، ولكن أين دفاترنا القديمة و أين دفاتر الإملاء و أين وجوهنا المُشتهاة ؟ أين ؟
    نيسان ـ نشر في 2015/09/21 الساعة 00:00