جِدالٌ سياسيٌ بتحليقٍ منخفضٍ
نيسان ـ نشر في 2021/10/11 الساعة 00:00
كتب محمد قبيلات...الجدالات السياسية الأردنية ما زالت تُحَلِّق على ارتفاعات خفيضة، لأسباب عديدة؛ منها الحديث ومنها المزمن، وإذا ما أخذنا مسألة الهُوية عَيِّنةً من هذه النقاشات المنتشرة على مدى المجال الإلكتروني العام، سنجد أن السبب الرئيسي الأول لإثارة هذه النقاشات، هو غياب القناعة بالسَّردية الرسمية، وتفشي حالة من حالات اللايقين الشعبي ناتجة من عدم الثقة بالسرديات كافة.
الملحوظة الأبرز على هذه المداخلات والطروحات أنها تمتاز بالهُزال العام، وبرغم أن هذه التداولات تشكل الجانب النظري للعملية الصراعية، إلا أنها ما زالت ضعيفة عند الأطراف كافة، لعدم اتكاء فرضيات الفرقاء جميعهم إلى تنظيرٍ مُقنِعٍ قويٍ، علميٍ.
وإذا افترضنا أن جوهر خلاف الهُوية هو توزيع الثروة والموارد والتنمية، فإن ذلك يعني ضمنًا أن كل طرف من الأطراف يدافع عن مصالحه، ويحاول أن يزيد من أو يحافظ على مكتسباته، وليس شرطا أن يكون الأطراف مقسمين على أساس جَهوي، فالأصل أن الفرز الفِئوي يكون على أساس طبقي، لا على قاعدة عرقية أو إثنية أو جغرافية.
هناك انحراف وتحريف متعمد، تقوم به جهة ما لحرف النقاش عن مساراته الصحيحة، والذهاب بالعملية الصراعية كلها إلى مستوى الاختلاف المبني على أساس غير حقيقي، أي النقاش، اذا ما سار في مضماره الصحيح، ربما كان سيكلف تحالف الطبقات السائدة في المجتمع خسارة الكثير من مكتسباتها، وربما وصل حد محاسبتها وإزاحتها.
الخلاصة من كل ما تقدم، أن هذه الجدالات انحرفت عن مساراتها لتدخل مستوى من مستويات تزييف الوعي، والخلاص مسبقا من كل ما يمكن أن يُفضي إليه هذا الضجيج كله، وبدل أن تصب المخرجات في المصلحة الوطنية تصبح مجرد أداة تفتيت ومشاغلة، هدفها تأجيل الاستحقاقات التاريخية.
وهنا لا نريد أن نقطع بحتمية قدوم هذه الاستحقاقات حتى لا نكون عرضة لنقد الأطراف غير المؤمنة بالتحليل المادي للتاريخ، الذين سيتهموننا فورا بالقدرية الحديثة، لكننا نستطيع أن نؤكد أن هذه المرحلة تَضِجُ بإرهاصات التغيير الكبير المقبل، وما هذه الانكشافات الا تعبير عن دنو اللحظة التأريخية التي يمكن أن تكون لحظة الحقيقة الأردنية.
بالمقابل لا شيء يُعجب المُتابع من أطروحات التيارات المعارضة لمصطلح الهُوية الجامعة، لأنها جميعها تعاني من خلفية الفقر المعرفي المدقع، ولا تُقدم التحليل المناسب، أي أن هذه الجهات أيضا تُحلق على ارتفاعات خفيضة، لأنها لا تمتلك التفسير، وبالتالي لن تكون هي أداة التغيير، وكل ما سمعناه من نقد لفكرة الهُوية الجامعة لم يتجاوز التملق الشعبي، والتمترس الجَهوي، ولم تُقدم الخطاب الجدي الذي يمكن أن يكون الهادي إلى لحظة الخلاص الوطني، بل إن كل ما نسمع لا يتجاوز هذريات حُمّى تزييف الوعي.
بقي أن نقول لا بد من محاججة ذلك الرأي القائل إن مصطلح الهُوية الجامعة ربما كان خطأ غير مقصود، وورد في حديث مخرجات لجنة الإصلاح من ضمن الديباجة، ولضرورات تجويد الإعلان شكلياً لا أكثر، لأنه في الحقيقة مقصود وبات يتكرر يوميا في الأدبيات الرسمية، وكأن الجماعة فطنت، على حين غِرّة، للدولة الأردنية وهي تدخل مئويتها الثانية، وإذ بها من دون هُوية، وبناء عليه بَنت فرضيتها الثانية على أن الهُوية يمكن تشكيلها وتصنيعها على عجل وبرغبات إدارية معينة.
وهذا ليس بالسلوك الجديد، فلقد جرت المحاولة تلو الأخرى، منذ عهد الانتداب، لطمس الهوية الأردنية، وتحويرها.
جرت العادة أن يقال أن هذه اللحظة التأريخية مِفصلية، والحقيقة أن كل لحظات التاريخ مفصلية ومهمة، وأنها جميعا تشكل حلقات في سلسلة واحدة، وما هذه اللحظة إلا حلقة من تلك الحلقات، أي أنه لا يجوز النقاش تحت التهديد باللحظة التاريخية والمخاطر المُحدِقة، وبالتالي تنفيذ أجندات معينة، سواء من تيار الموالاة أو المعارضة، لأن الطرفين لا يملكان، حتى هذه اللحظة، تفويضًا أو وكالةً عن الشعب، وبلغت درجة عدم الثقة الأردنية مستوى لم يعد فيه الناس يأمنون لأي طرف من أطراف الحوار (النزاع) الراهن.
الملحوظة الأبرز على هذه المداخلات والطروحات أنها تمتاز بالهُزال العام، وبرغم أن هذه التداولات تشكل الجانب النظري للعملية الصراعية، إلا أنها ما زالت ضعيفة عند الأطراف كافة، لعدم اتكاء فرضيات الفرقاء جميعهم إلى تنظيرٍ مُقنِعٍ قويٍ، علميٍ.
وإذا افترضنا أن جوهر خلاف الهُوية هو توزيع الثروة والموارد والتنمية، فإن ذلك يعني ضمنًا أن كل طرف من الأطراف يدافع عن مصالحه، ويحاول أن يزيد من أو يحافظ على مكتسباته، وليس شرطا أن يكون الأطراف مقسمين على أساس جَهوي، فالأصل أن الفرز الفِئوي يكون على أساس طبقي، لا على قاعدة عرقية أو إثنية أو جغرافية.
هناك انحراف وتحريف متعمد، تقوم به جهة ما لحرف النقاش عن مساراته الصحيحة، والذهاب بالعملية الصراعية كلها إلى مستوى الاختلاف المبني على أساس غير حقيقي، أي النقاش، اذا ما سار في مضماره الصحيح، ربما كان سيكلف تحالف الطبقات السائدة في المجتمع خسارة الكثير من مكتسباتها، وربما وصل حد محاسبتها وإزاحتها.
الخلاصة من كل ما تقدم، أن هذه الجدالات انحرفت عن مساراتها لتدخل مستوى من مستويات تزييف الوعي، والخلاص مسبقا من كل ما يمكن أن يُفضي إليه هذا الضجيج كله، وبدل أن تصب المخرجات في المصلحة الوطنية تصبح مجرد أداة تفتيت ومشاغلة، هدفها تأجيل الاستحقاقات التاريخية.
وهنا لا نريد أن نقطع بحتمية قدوم هذه الاستحقاقات حتى لا نكون عرضة لنقد الأطراف غير المؤمنة بالتحليل المادي للتاريخ، الذين سيتهموننا فورا بالقدرية الحديثة، لكننا نستطيع أن نؤكد أن هذه المرحلة تَضِجُ بإرهاصات التغيير الكبير المقبل، وما هذه الانكشافات الا تعبير عن دنو اللحظة التأريخية التي يمكن أن تكون لحظة الحقيقة الأردنية.
بالمقابل لا شيء يُعجب المُتابع من أطروحات التيارات المعارضة لمصطلح الهُوية الجامعة، لأنها جميعها تعاني من خلفية الفقر المعرفي المدقع، ولا تُقدم التحليل المناسب، أي أن هذه الجهات أيضا تُحلق على ارتفاعات خفيضة، لأنها لا تمتلك التفسير، وبالتالي لن تكون هي أداة التغيير، وكل ما سمعناه من نقد لفكرة الهُوية الجامعة لم يتجاوز التملق الشعبي، والتمترس الجَهوي، ولم تُقدم الخطاب الجدي الذي يمكن أن يكون الهادي إلى لحظة الخلاص الوطني، بل إن كل ما نسمع لا يتجاوز هذريات حُمّى تزييف الوعي.
بقي أن نقول لا بد من محاججة ذلك الرأي القائل إن مصطلح الهُوية الجامعة ربما كان خطأ غير مقصود، وورد في حديث مخرجات لجنة الإصلاح من ضمن الديباجة، ولضرورات تجويد الإعلان شكلياً لا أكثر، لأنه في الحقيقة مقصود وبات يتكرر يوميا في الأدبيات الرسمية، وكأن الجماعة فطنت، على حين غِرّة، للدولة الأردنية وهي تدخل مئويتها الثانية، وإذ بها من دون هُوية، وبناء عليه بَنت فرضيتها الثانية على أن الهُوية يمكن تشكيلها وتصنيعها على عجل وبرغبات إدارية معينة.
وهذا ليس بالسلوك الجديد، فلقد جرت المحاولة تلو الأخرى، منذ عهد الانتداب، لطمس الهوية الأردنية، وتحويرها.
جرت العادة أن يقال أن هذه اللحظة التأريخية مِفصلية، والحقيقة أن كل لحظات التاريخ مفصلية ومهمة، وأنها جميعا تشكل حلقات في سلسلة واحدة، وما هذه اللحظة إلا حلقة من تلك الحلقات، أي أنه لا يجوز النقاش تحت التهديد باللحظة التاريخية والمخاطر المُحدِقة، وبالتالي تنفيذ أجندات معينة، سواء من تيار الموالاة أو المعارضة، لأن الطرفين لا يملكان، حتى هذه اللحظة، تفويضًا أو وكالةً عن الشعب، وبلغت درجة عدم الثقة الأردنية مستوى لم يعد فيه الناس يأمنون لأي طرف من أطراف الحوار (النزاع) الراهن.
نيسان ـ نشر في 2021/10/11 الساعة 00:00