اليمن والتحالف العربي وإدارة الصراع

فتح سعادة
نيسان ـ نشر في 2015/09/26 الساعة 00:00
لقد تمنينا أن لا تكون تقديرات طول أمد الصراع في اليمن صحيحة وتمنينا أن تطوى الصفحة سريعا لأننا كأمة عربية في مرحلة الدفاع عن الحصون الأخيرة ولا نريد أن نفقد في ظل التحالفات الخبيثة ضدنا أكثر. لكنها كانت مجرد أماني. بات الوضع في اليمن بالغ التعقيد جدا، وحال الدولة العميقة لا يختلف عن حال الدولة العميقة في كل بلدان الربيع العربي ولا يمكن التعويل أبدأ على التحالفات العشائرية فهناك تفاصيل بالغة التعقيد لا مجال للحديث عنها الآن. لقد أيد العرب جميعا والمسلمون التحالف العربي درءا للخطر الإيراني عن بلاد الحرمين وعن اليمن وعن خاصرة الأمة فيها. تمنى الجميع أن ينتهي الأمر في غضون أسابيع حتى لا تدخل الأمة حرب استنزاف جديدة في ثرواتها ومقدراتها. الآن وبعد كل هذه الأشهر منذ بداية الحرب نخشى أن التحالف العربي دخل مرحلة استنزاف وفي نفس الوقت ماذا نقول لليمنيين الذين يفقدون كل يوم نفوسا أكثر وتدمر بلادهم تحت أعينهم في حين يبدو الحسم مع قوات صالح والحوثيين وخصوصا في صنعاء بعيدا وإن كنا نتمنى أن يأتي في لمح البصر. يفلح التحالف العربي حين يلقي منشورات على صنعاء تطالب أهلها بالإنضمام للشرعية والتوحد ضد الحوثيين وسيفلح التحالف العربي أكثر حين يشق تحالف صالح مع الحوثيين حتى لو كان الثمن نجاة صالح مقابل وقف النزيف العربي الجديد في اليمن سواء من اليمنيين أو من قوات التحالف العربي. من كان يصدق أن علي عبد الله صالح يمتلك كل هذا السلاح ويضعه الآن جميعا في خدمة المشروع الإيراني بسبب ثأر شخصي ومن لا يصيبه الذهول من قدرة إيران على تدمير العرب بأموالهم وباستخدام ابنائهم. لماذا لا نكون في مستوى دهاقنة النظام الإيراني. الإيرانيون في النتيجة يضحكون أموال العرب تضيع في قتل عرب لا يساوون في ميزان إيران أي شيء. نأتي الآن الى أبعاد لا تقل خطورة على أهداف التحالف العربي في اليمن فإذا كان هدف المملكة العربية السعودية إبقاء اليمن موحدا بأقاليم تحت قيادة يمنية وحدوية يمثلها عبد ربه منصور هادي فإن طول أمد الصراع سيغذي مطالب انفصال الجنوب التي تبدو الآن ظاهرة للعيان. أما البعد الأخطر فإن طول أمد الصراع سيعطي إيران فرصة التقاط الأنفاس وهذا يعني السيناريو السوري بكل تفاصيله في اليمن وطول أمد الصراع أيضا سوف يؤدي الى تفكك التحالف العربي وإلى تدويل قضيته أكثر كما حصل بالضبط في سوريا. لكل ما سبق يجب أن تنتهي حرب السلاح في اليمن لتبدأ معركة إدارة الصراع بالعقل والحكمة والإعمار. هنا تحضرني تجربة ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن نايف مع القاعدة في السعودية حين انتصر عليهم داخل المملكة بالحجة والإقناع وسلاح العقل والمنطق. نفس التجربة حصلت في مصر سابقا حين أريد تشييعها من قبل الفاطميين فالجامع الأزهر بني لنشر التشيع ولكن حكمة صلاح الدين جعلته منارة لأهل السنة. أما المثال الأشد سطوعا فهو طريقة دخول الإسلام في اليمن. لقد دخل الإسلام اليمنبالحكمة والموعظة وكانت حينها أجزاء واسعة منه تحت سيطرة الفرس. إذن حنين اليمنيين لعروبتهم وإسلامهم لا يستطيع أن ينازعه أحد حتى أن أعدادا هائلة ممن هم الآن في موالاة الحوثيين مغرر بهم ويستطيع التحالف العربي استمالتهم بكل بساطة وبتكلفة أقل بكثير من تكلفة الغارات الجوية. نريد أن يقف النزيف العربي في اليمن بأي ثمن يبقي اليمن موحدا وتبقى خاصرة الأمة فيه مصانة لتبدأ بعد ذلك معالجة الفتنة بالحكمة والحوار والعقل فالإيمان يمانوالحكمة يمانية هكذا يردد اليمنيون صباح مساء.
    نيسان ـ نشر في 2015/09/26 الساعة 00:00