أزمتا الطاقة والمياه
نيسان ـ نشر في 2021/12/20 الساعة 00:00
غريب كم التضليل السائد حول اثنتين من أكبر تحدياتنا: الطاقة والمياه. استدعاء وتوظيف لمعلومات مغلوطة أو مجزوئة من أجل دعم موقف سياسي معين. حتى بعض الأصوات الوازنة راحت تنساق خلف معلومات مغلوطة، سواء عن سوء تدبر، أو محاكاة للجماهير التي تريد أن تسمع قصة تروق لاذانها حتى لو جافت الحقيقة. من أكبر المغالطات السائدة حاليا أن الأردن يرهن أمن طاقته ومياهه بيد إسرائيل، في تعميم غير دقيق يجافي الحقيقة، فواجب الدول أن تسعى دوما لتنويع وتعزيز احتياجاتها الاستراتيجية، ولا يقبل منها أقل من ذلك، وهذا هو منطق إدارة الدول في أبسط بديهياته.
في ملف الطاقة، فالقصة أننا دولة تستورد 97 % من احتياجاتها من الطاقة، ودع عنك نظرية المؤامرة الساذجة اننا نمتلك النفط والغاز ولكن لا نمتلك قرار استخراجه، فالقول بذلك سخف وحمق، فأي عاقل يصدق ان دولة تعاني كل هذه المعاناة اقتصاديا وتملك النفط ولا تستخرجه! وبسبب مشكلتنا مع الطاقة، التي تجلت في اوجها عندما انقطع الغاز المصري، ما زاد المديونية قرابة خمس مليارات دينار، بسبب ذلك، كنا ولا زلنا نتجه لتنويع مصادرنا من الطاقة، وقد كانت إستراتيجية الطاقة لدينا، قبل أن يعبث بها العابثون، تقوم على رباعية في المصادر: النفط الثقيل، الغاز، النووي، والطاقة المتجددة. السبب واضح، وهو تقليل تأثر سوق الطاقة المحلي بتذبذب أسعار أحد المصادر، وبالمحصلة تقليل كلفتها على الأفراد أو الصناعات. لذلك، فاستيراد الغاز من إسرائيل لا يعني بحال رهن مصادرنا من الطاقة بيد أحد، لتنوعها أولا، ولان الغاز موجود في الأسواق العالمية يخضع لمبدأ العرض والطلب ثانيا. ناهيك أن شراء الغاز من إسرائيل من ناحيه اقتصادية ومالية بحته مجز، وقد ثبت ذلك، بعد أن ارتفعت أسعار الغاز عالميا خمسة أضعاف فأصبحت كمية الوفر المالي من شراء الغاز الإسرائيلي تقدر بمائتي مليون دولار على أقل تقدير. فليعارض اتفاق شراء الغاز الإسرائيلي لأسباب سياسية من يشاء، فهذا شأنه، لكن المحاججة المالية تقف بصالح الاتفاق، والحديث انه يرهن طاقتنا بيد إسرائيل كلام غير صحيح.
اما في موضوع المياه فالأمر مختلف، فلا سوق عالميا لذلك، ونحن بحاجة ماسة لجلب الماء من أي مصدر كان. حلولنا الإقليمية في أزمة المياه من طرفين لا ثالث لهما: سورية وإسرائيل، فإن كانت الأولى لا تعطينا حقنا وحصتنا من مياه اليرموك، فلم يبقى إلا ان نستكشف إمكانات التعاون مع إسرائيل من أجل تحقيق أمننا المائي. هذا لا يكون بحال من الأحوال على حساب ضرورة الاستمرار بالمشاريع المحلية، التي من شأنها المساعدة في مواجهة أزمتنا المائية، فالعمل جار على ذلك ويجب أن يستمر، إلا أن مشكلتنا الأساسية التمويل اللازم للمشاريع المائية المحلية سواء الناقل الوطني أو غيره. إذا، هل اتفاق الماء مقابل الكهرباء يضع أمننا المائي بيد إسرائيل، قطعا وحكما لا، فذاك جزء يسير من منظومتنا المائية، ولا ينفي استمرارنا بالمضي بمشاريع أخرى. من يعارض الاتفاق لأسباب سياسية فهذا أيضا حقه وشأنه، ولكن لا يجب أن يحيد بنا ذلك عن رؤية الحقائق بموضوعية وتجرد.
الغد
في ملف الطاقة، فالقصة أننا دولة تستورد 97 % من احتياجاتها من الطاقة، ودع عنك نظرية المؤامرة الساذجة اننا نمتلك النفط والغاز ولكن لا نمتلك قرار استخراجه، فالقول بذلك سخف وحمق، فأي عاقل يصدق ان دولة تعاني كل هذه المعاناة اقتصاديا وتملك النفط ولا تستخرجه! وبسبب مشكلتنا مع الطاقة، التي تجلت في اوجها عندما انقطع الغاز المصري، ما زاد المديونية قرابة خمس مليارات دينار، بسبب ذلك، كنا ولا زلنا نتجه لتنويع مصادرنا من الطاقة، وقد كانت إستراتيجية الطاقة لدينا، قبل أن يعبث بها العابثون، تقوم على رباعية في المصادر: النفط الثقيل، الغاز، النووي، والطاقة المتجددة. السبب واضح، وهو تقليل تأثر سوق الطاقة المحلي بتذبذب أسعار أحد المصادر، وبالمحصلة تقليل كلفتها على الأفراد أو الصناعات. لذلك، فاستيراد الغاز من إسرائيل لا يعني بحال رهن مصادرنا من الطاقة بيد أحد، لتنوعها أولا، ولان الغاز موجود في الأسواق العالمية يخضع لمبدأ العرض والطلب ثانيا. ناهيك أن شراء الغاز من إسرائيل من ناحيه اقتصادية ومالية بحته مجز، وقد ثبت ذلك، بعد أن ارتفعت أسعار الغاز عالميا خمسة أضعاف فأصبحت كمية الوفر المالي من شراء الغاز الإسرائيلي تقدر بمائتي مليون دولار على أقل تقدير. فليعارض اتفاق شراء الغاز الإسرائيلي لأسباب سياسية من يشاء، فهذا شأنه، لكن المحاججة المالية تقف بصالح الاتفاق، والحديث انه يرهن طاقتنا بيد إسرائيل كلام غير صحيح.
اما في موضوع المياه فالأمر مختلف، فلا سوق عالميا لذلك، ونحن بحاجة ماسة لجلب الماء من أي مصدر كان. حلولنا الإقليمية في أزمة المياه من طرفين لا ثالث لهما: سورية وإسرائيل، فإن كانت الأولى لا تعطينا حقنا وحصتنا من مياه اليرموك، فلم يبقى إلا ان نستكشف إمكانات التعاون مع إسرائيل من أجل تحقيق أمننا المائي. هذا لا يكون بحال من الأحوال على حساب ضرورة الاستمرار بالمشاريع المحلية، التي من شأنها المساعدة في مواجهة أزمتنا المائية، فالعمل جار على ذلك ويجب أن يستمر، إلا أن مشكلتنا الأساسية التمويل اللازم للمشاريع المائية المحلية سواء الناقل الوطني أو غيره. إذا، هل اتفاق الماء مقابل الكهرباء يضع أمننا المائي بيد إسرائيل، قطعا وحكما لا، فذاك جزء يسير من منظومتنا المائية، ولا ينفي استمرارنا بالمضي بمشاريع أخرى. من يعارض الاتفاق لأسباب سياسية فهذا أيضا حقه وشأنه، ولكن لا يجب أن يحيد بنا ذلك عن رؤية الحقائق بموضوعية وتجرد.
الغد
نيسان ـ نشر في 2021/12/20 الساعة 00:00