العامُ المَفْقُود
نيسان ـ نشر في 2021/12/22 الساعة 00:00
على غَفْلَةٍ من عشاق التوثيق، ومعلّمي التاريخ، وموظفي سجلات المحاكم الشرعية والجنائية، ومؤرشفي المكتبات الوطنية، وهواة التقويميْن الميلاديّ والهجريّ، والغارقين بحب امرأة واحدة ينتظرون كل أيام الأعوام لتهنئتها بعيد ميلادها الذي (منح الكون أبهى لون)، دون أن يتوقفوا، كثيرًا، عند الخطأ النحوي الفادح عندما لم ينصبوا اللون..
على غفلةٍ من الأمّهات اللواتي يحتسبن حسرات سن اليأس.. وتوقف الإنجاب.. ومن متسابقي "حدث في مثل هذا اليوم"، ومن مرضى دلالات الأرقام وجناسات التجاور بينها. على غفلة من الطغاة المعمّرين الذين لا يتخيّلون كيف لا يَعِدُّ الناس كل ساعات سيفهم فوق رقاب العباد.. على غفلة من الجنديّ الذي يحصي موعد رجوعه من مناوبته لتقبيل يد أمه، وخدّ زوجته، وقلب ابنته، بحجارةٍ يجمعها وقت الخفارة، ويحضنها عندما يداهمه عريف الغفر طالبًا منه أن يصيح بسرِّ الليل.
على غفلةٍ من كل هذا وذاك وهؤلاء، اختفى عام 2021، من روزنامة التاريخ والجغرافيا والتوثيق والذاكرة المتفرّدة الخاصة.
احتفل الناس عام 2021، بالإفراج والسماح بالاختلاط وإقامة الحفلات وملء الساحات، كردِّ فِعْلٍ على قيود عام انطلاق الجائحة. احتشدت مدرجات كرة القدم بالجماهير منتقمةً من كل يوم منعتها جائحة عام 2020، الزحف فيه منذ الصباح لمناصرة فريقها المعادل لجدوى وجودها. رفع التجّار الفجّار الأسعار انتقامًا من كساد 2020. زار المكلومون قبور أحبابهم لأن عام 2020، كان عام الدفن والنسيان، فإذا بهم يتمكّنون في العام الذي يليه، وقد ابتلى بكل ما أورثه له العام الذي سبقه من قضايا معلّقة، من زيارةِ قبورٍ لا تزال رائحة الوباء تحوم فوقها، تمنع نهوض عشبها، وبعض أزاهير وُضعت على عجل.
تجتهد البنوك لتحميل عملائها تبعات عام الوباء، ومن اضطرارها بأوامر عسكرية تأجيل بعض الأقساط لبعض الزبائن. رد فعل آخر على حدث قام في عام آخر. يلهث صانعو السينما وأعمال التلفزيون لتعويض خسائرهم. تعلّق صالات السينما يافطة الحقد على كل ما جرى. تُغلق محلاتٌ ومكاتب وشركاتٌ ومطاعم وتطلعاتٌ نتيجة توقّف كل وجوه الحياة في عام إصابةِ معناها بخطرٍ وجوديّ مقيم.
كل ما فعلناه وسوف نفعله خلال ما بقي من أيام 2021، ما هو إلا مجرد ردّ فعلٍ على عام 2020؛ العام الحاسم الفارق المفصليّ غير المسبوق على امتداد التاريخ البشري الحديث والمعاصر، وربما حتى القديم.
نحن، إذًا، نودّع بعد أيام عامًا مفقودًا.. لم يأت ليخرج ولا يعود. لا أحد، ربما، انتبه أننا عشنا كل تبعيات هذا العام المفقود ومتلازماته، متوهّمين أنه موجود. عام لم نحسبه بأيامه وخصوصياته وارتعاشات حبيباتنا في كُنْهِ جوهرِهِ هو، بل بما ورثه من عام قبله، حيث حتى الارتعاشات، عاشت أيامًا حالكةً من الشتات. الأوقات فيه لم تكن أوقاتنا، والعادات لم تكن عاداتنا. عام يحمل نصف سكان كوكبه على الأقل، قناعة راسخة، أنهم باتوا يزرعون في أجسادهم شرائح تَجَسُّسٍ لصالح عامٍ مضى. عام 2021، لم يستطع أن يحقّق خصوصيته، حتى، على صعيد الإشاعات. عامٌ لا عاش ولا مات.
على غفلةٍ من الأمّهات اللواتي يحتسبن حسرات سن اليأس.. وتوقف الإنجاب.. ومن متسابقي "حدث في مثل هذا اليوم"، ومن مرضى دلالات الأرقام وجناسات التجاور بينها. على غفلة من الطغاة المعمّرين الذين لا يتخيّلون كيف لا يَعِدُّ الناس كل ساعات سيفهم فوق رقاب العباد.. على غفلة من الجنديّ الذي يحصي موعد رجوعه من مناوبته لتقبيل يد أمه، وخدّ زوجته، وقلب ابنته، بحجارةٍ يجمعها وقت الخفارة، ويحضنها عندما يداهمه عريف الغفر طالبًا منه أن يصيح بسرِّ الليل.
على غفلةٍ من كل هذا وذاك وهؤلاء، اختفى عام 2021، من روزنامة التاريخ والجغرافيا والتوثيق والذاكرة المتفرّدة الخاصة.
احتفل الناس عام 2021، بالإفراج والسماح بالاختلاط وإقامة الحفلات وملء الساحات، كردِّ فِعْلٍ على قيود عام انطلاق الجائحة. احتشدت مدرجات كرة القدم بالجماهير منتقمةً من كل يوم منعتها جائحة عام 2020، الزحف فيه منذ الصباح لمناصرة فريقها المعادل لجدوى وجودها. رفع التجّار الفجّار الأسعار انتقامًا من كساد 2020. زار المكلومون قبور أحبابهم لأن عام 2020، كان عام الدفن والنسيان، فإذا بهم يتمكّنون في العام الذي يليه، وقد ابتلى بكل ما أورثه له العام الذي سبقه من قضايا معلّقة، من زيارةِ قبورٍ لا تزال رائحة الوباء تحوم فوقها، تمنع نهوض عشبها، وبعض أزاهير وُضعت على عجل.
تجتهد البنوك لتحميل عملائها تبعات عام الوباء، ومن اضطرارها بأوامر عسكرية تأجيل بعض الأقساط لبعض الزبائن. رد فعل آخر على حدث قام في عام آخر. يلهث صانعو السينما وأعمال التلفزيون لتعويض خسائرهم. تعلّق صالات السينما يافطة الحقد على كل ما جرى. تُغلق محلاتٌ ومكاتب وشركاتٌ ومطاعم وتطلعاتٌ نتيجة توقّف كل وجوه الحياة في عام إصابةِ معناها بخطرٍ وجوديّ مقيم.
كل ما فعلناه وسوف نفعله خلال ما بقي من أيام 2021، ما هو إلا مجرد ردّ فعلٍ على عام 2020؛ العام الحاسم الفارق المفصليّ غير المسبوق على امتداد التاريخ البشري الحديث والمعاصر، وربما حتى القديم.
نحن، إذًا، نودّع بعد أيام عامًا مفقودًا.. لم يأت ليخرج ولا يعود. لا أحد، ربما، انتبه أننا عشنا كل تبعيات هذا العام المفقود ومتلازماته، متوهّمين أنه موجود. عام لم نحسبه بأيامه وخصوصياته وارتعاشات حبيباتنا في كُنْهِ جوهرِهِ هو، بل بما ورثه من عام قبله، حيث حتى الارتعاشات، عاشت أيامًا حالكةً من الشتات. الأوقات فيه لم تكن أوقاتنا، والعادات لم تكن عاداتنا. عام يحمل نصف سكان كوكبه على الأقل، قناعة راسخة، أنهم باتوا يزرعون في أجسادهم شرائح تَجَسُّسٍ لصالح عامٍ مضى. عام 2021، لم يستطع أن يحقّق خصوصيته، حتى، على صعيد الإشاعات. عامٌ لا عاش ولا مات.
نيسان ـ نشر في 2021/12/22 الساعة 00:00