سباق تسلح وسباق تنمية إقليمي
نيسان ـ نشر في 2022/01/01 الساعة 00:00
الشرق الأوسط يتغير بتسارع لم نشهده منذ عقود طويلة. حتى عند انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة لم يتغير الشرق الاوسط كما يحدث الآن.
آنذاك، كانت مصالح النفط واسرائيل والاستقرار الاقليمي مهمة للعالم لدرجة ان قواعد العمل السياسي لم تتغير في الاقليم.
حدث تغيير لفترة محدودة بعد تفجيرات ايلول الارهابية، عندما تبنى العالم نموذجا مختلفا للتعامل مع الشرق الاوسط، واعلى وقتها المحافظون الجدد من قاعدة ان الديمقراطية تجلب الاستقرار الحقيقي وليس دعم الدول غير الديمقراطية التي اخفقت في جلب الاستقرار، وكانت النتيجة تفجيرات ارهابية في عقر العالم الداعم للدول الدكتاتورية في الشرق الاوسط.
لم تستمر تلك المقاربة كثيرا بعد ان تبين خطورة املاء الدمقرطة في الشرق الاوسط، وقد اثبت هذا الجزء من العالم ان مقاربة الديمقراطية فيه لا بد ان تكون مختلفة وليست كأي شيء خبرناه او درسناه سابقا.
حتى من تبنوا ضرورات الدمقرطة ابان فترة بوش الابن وفترة اوباما-هيلاري تخلوا عنها، نظرا لعدم استجابتها للحقائق في الميدان، وبعد تجربة ربيع عربي انتهت ان تكون وابلا على الديمقراطية.
الآن الشرق الاوسط يتغير بصورة ولأسباب مختلفة تماما، مدعوما ذلك بتحول اميركا المستمر العابر للإدارات باتجاه آسيا، التي صنفت انها اهم استراتيجيا بالمقارنة بالشرق الأوسط لاسيما التنافس المحتدم مع الصين، وضرورات احتواء روسيا عسكريا. الشرق الاوسط ومفاعيله الاساسية وجدوا ان اميركا باتت كيانا سياسيا مختلفا بالنسبة لهم، وهي مهتمة بالحفاظ على الاستقرار الاقليمي من خلال القيادة من الخلف، وغير معنية بصراعات شرق اوسطية لا تنتهي.
املى ذلك ان تتبنى دولتين على الاقل بناء تراسانتها العسكرية بشكل مستقل عن اميركا، وقد بدأت تلك الدول بالفعل ببناء برامج صواريخ بالستي صيني، ولن يمضي وقت طويل حتى تبني برامج اسلحتها الاستراتيجية.
تفعل الدولتان العربيتان ذلك لمواجهة خطر ايران الذي لا يبدو انه سينتهي إلا بالردع، حتى في ظل الحوار الاستراتيجي السعودي الايراني في بغداد، الذي لا يتوقع منه الكثير حتى اكثر المتابعين تفاؤلا.
الامر الآخر المتغير شرق اوسطيا، هو ذاك التنافس الكبير المحتدم على تحقيق تحولات اقتصادية عميقة تحقق معدلات تنمية متقدمة. دول تتغير اقتصاداتها ونماذج الاعمال فيها بتسارع محموم، تتسابق وتتصارع على جلب الاستثمار وتحقيق رؤى وعوائد نمو، تريد ان تبني اقتصاديات متقدمة تولد فرص عمل، وتجعلها على خريطة الاقتصاد العالمي الذي تأخرت باللحاق به.
مذهلة تلك التحولات الاقتصادية التي تجري في مصر والسعودية والامارات وقطر. تلك الدول وضعت السياسة جانبا لا تلتفت لها، تعلم ان المستقبل ملك للقوي اقتصاديا، الذي سيحتاجه الجميع، وذاك سيحصنه ايضا من اي ضغوط سياسية غير مرغوبة.
نحن في الأردن مستفيدون من اي تقدم تنموي في الاقليم، ومتضررون من اي سباق تسلح او مشاحنات تقسيمية تضغط على مواقفنا. نحن معنيون بالاشتباك لنكون جزءا من خير التنمية الاقليمي، ويجب ان نجهز انفسنا لذلك، ونتجاوز الدوران حول الذات اقتصاديا، والاهم، ألا نجعل من الشعبويات السياسية، التي وصلت لبعض مساحات العمل الرسمية، سببا في حرماننا من التقدم التنموي الاقتصادي الذي نحتاج.
(الغد)
آنذاك، كانت مصالح النفط واسرائيل والاستقرار الاقليمي مهمة للعالم لدرجة ان قواعد العمل السياسي لم تتغير في الاقليم.
حدث تغيير لفترة محدودة بعد تفجيرات ايلول الارهابية، عندما تبنى العالم نموذجا مختلفا للتعامل مع الشرق الاوسط، واعلى وقتها المحافظون الجدد من قاعدة ان الديمقراطية تجلب الاستقرار الحقيقي وليس دعم الدول غير الديمقراطية التي اخفقت في جلب الاستقرار، وكانت النتيجة تفجيرات ارهابية في عقر العالم الداعم للدول الدكتاتورية في الشرق الاوسط.
لم تستمر تلك المقاربة كثيرا بعد ان تبين خطورة املاء الدمقرطة في الشرق الاوسط، وقد اثبت هذا الجزء من العالم ان مقاربة الديمقراطية فيه لا بد ان تكون مختلفة وليست كأي شيء خبرناه او درسناه سابقا.
حتى من تبنوا ضرورات الدمقرطة ابان فترة بوش الابن وفترة اوباما-هيلاري تخلوا عنها، نظرا لعدم استجابتها للحقائق في الميدان، وبعد تجربة ربيع عربي انتهت ان تكون وابلا على الديمقراطية.
الآن الشرق الاوسط يتغير بصورة ولأسباب مختلفة تماما، مدعوما ذلك بتحول اميركا المستمر العابر للإدارات باتجاه آسيا، التي صنفت انها اهم استراتيجيا بالمقارنة بالشرق الأوسط لاسيما التنافس المحتدم مع الصين، وضرورات احتواء روسيا عسكريا. الشرق الاوسط ومفاعيله الاساسية وجدوا ان اميركا باتت كيانا سياسيا مختلفا بالنسبة لهم، وهي مهتمة بالحفاظ على الاستقرار الاقليمي من خلال القيادة من الخلف، وغير معنية بصراعات شرق اوسطية لا تنتهي.
املى ذلك ان تتبنى دولتين على الاقل بناء تراسانتها العسكرية بشكل مستقل عن اميركا، وقد بدأت تلك الدول بالفعل ببناء برامج صواريخ بالستي صيني، ولن يمضي وقت طويل حتى تبني برامج اسلحتها الاستراتيجية.
تفعل الدولتان العربيتان ذلك لمواجهة خطر ايران الذي لا يبدو انه سينتهي إلا بالردع، حتى في ظل الحوار الاستراتيجي السعودي الايراني في بغداد، الذي لا يتوقع منه الكثير حتى اكثر المتابعين تفاؤلا.
الامر الآخر المتغير شرق اوسطيا، هو ذاك التنافس الكبير المحتدم على تحقيق تحولات اقتصادية عميقة تحقق معدلات تنمية متقدمة. دول تتغير اقتصاداتها ونماذج الاعمال فيها بتسارع محموم، تتسابق وتتصارع على جلب الاستثمار وتحقيق رؤى وعوائد نمو، تريد ان تبني اقتصاديات متقدمة تولد فرص عمل، وتجعلها على خريطة الاقتصاد العالمي الذي تأخرت باللحاق به.
مذهلة تلك التحولات الاقتصادية التي تجري في مصر والسعودية والامارات وقطر. تلك الدول وضعت السياسة جانبا لا تلتفت لها، تعلم ان المستقبل ملك للقوي اقتصاديا، الذي سيحتاجه الجميع، وذاك سيحصنه ايضا من اي ضغوط سياسية غير مرغوبة.
نحن في الأردن مستفيدون من اي تقدم تنموي في الاقليم، ومتضررون من اي سباق تسلح او مشاحنات تقسيمية تضغط على مواقفنا. نحن معنيون بالاشتباك لنكون جزءا من خير التنمية الاقليمي، ويجب ان نجهز انفسنا لذلك، ونتجاوز الدوران حول الذات اقتصاديا، والاهم، ألا نجعل من الشعبويات السياسية، التي وصلت لبعض مساحات العمل الرسمية، سببا في حرماننا من التقدم التنموي الاقتصادي الذي نحتاج.
(الغد)
نيسان ـ نشر في 2022/01/01 الساعة 00:00