حتى تنجح ورشة العمل الاقتصادية

د.محمد المومني
نيسان ـ نشر في 2022/02/07 الساعة 00:00
تتجه الآمال نحو ورشة العمل الاقتصادية التي وجه جلالة الملك الديوان الملكي لتنظيمها واحتضانها. الناس تأمل بنهج جديد يخرج عن اطر التجارب السابقة ولا ينقلب عليها بالضرورة، يبني على النجاحات ويتجنب السلبيات. هذا تحد ليس باليسير ولكن الأردن أهل للتحديات والخوض في غمارها.
اول تحديات هذا الجهد الوطني ارتفاع سقف التوقعات. البعض، وهم ليسو قلة، يعتقدون ان هذه الورشة ستكون العلاج الشافي لتحدياتنا الاقتصادية، وان الأردن سيصبح بعدها دولة رفاه خليجية، وان النمو والازدهار النتيجة الحتمية لهذه الورشة واعمالها. ثمة مبالغة كبيرة في دور وامكانات واهداف الورشة، ولا بد من خطاب يرشد ذلك، ويضع الامور في نصابها الصحيح الواقعي والمنطقي، فالسماء لن تمطر ذهبا نتيجة ورشة العمل الاقتصادي، وتوصياتها لن تكون وصفة سحرية لم نكتشفها في السابق فتقفز بالبلد للرفاه والاستقرار.
التحدي الثاني يكمن في التشكيل اي اختيار من سينخرطون بورشة العمل الاقتصادية، ونعلم جميعا القصة الأردنية في هذا الشأن، فالكل يعتقد انه احق بالمشاركة، ولن تخلو الاسماء التي ستشارك من النقد والانتقاص. لنا في لجنة تحديث المنظومة السياسية عبرة، حيث ورغم اتساع عضويتها، الا انها لم تخل من نقد كثيرين اعتقدوا انهم احق بالمشاركة. انها سمة اردنية عند كل تشكيل او تعيين، علينا ان نتعايش معها، ونختار الاسماء بشمولية، وبناء على ما نعتقد ان لديه ما يضيفه ويقوله، ونتوقع مسبقا ان هذا سيتم انتقاده.
اما التحدي الاكبر برأيي فهو فحوى وطبيعة النقاش بين القطاع العام والخاص، والمحاور والعناوين التي سيتم التباحث بشأنها، فإن قدم القطاع الخاص بعقلية طلب الاعفاءات، وإن أتى الرسميون بعقلية أن لا مجال لذلك لأننا بالكاد نغطي النفقات الجارية، فلا طائل من ورشة العمل لانها ستكون تكرارا لجهود سابقة انتهت بسبب تمترس الاطراف عند مواقف لا يقبلها الطرف الآخر. مطلوب من الجميع التحرر من هواجسهم وحساباتهم، وان يدخلوا ورشة العمل بروح البناء الوطني لا المكاسب القطاعية، وان يدركوا انهم لا يخترعون العجلة، وغير مطلوب منهم اعادة تعريف نظامنا الاقتصادي القائم على تنافسية السوق الحر المفتوح. سيكون كارثيا أن نعاود الحديث عن فلسفة ومنهجية بنيتنا الاقتصادية، فذاك نقاش خضناه بالخميسنيات من القرن الماضي واتخذنا قرارا بشأنه. عناوين كالخصخصة واستحالة استدامة دور الدولة الريعي وتعزيز تنافسية السوق، وغيرها، لا يجدر الجدل عليها، بل ان نناقش كيف نحققها ونعززها.
بالرغم من التحديات التي ذكر فقط بعضها منها اعلاه، فثمة فرصة تنويرية كبيرة تتزامن مع الورشة، ولا بد من استغلال هذا الحدث الكبير لاطلاع الناس على حقائق اقتصادنا، بصراحة ومكاشفة دون مواربة. قضايا كحجم العمالة الوافدة في بلد بطالته وصلت 25 %، وانتاجية العامل الأردني المنخفضة، وتجريم الخصخصة والبقاء حبيسي عقلية التأميم، وتعقيد اجراءات الاستثمار والخوف من الفساد، وتراجع ثقافة الجدارة وسواد ثقافة الواسطة، كل هذا بعض من سرطاناتنا الاقتصادية التي يجب ان نتكاشف حولها. من هنا، فلا بد من جهد اعلامي كثيف ومدروس، ينحى للتبسيط والابتعاد عن التعقيد، يجعلنا امام عناوين اقتصادية محددة نستطيع كمجتمع ان نلتف حولها ونساهم في اسنادها.
(الغد)
    نيسان ـ نشر في 2022/02/07 الساعة 00:00