غزوة روسيا لا تهدِّد أميركا... وغزوة إيران؟
نيسان ـ نشر في 2015/10/03 الساعة 00:00
قبل 48 ساعة كانت المعلومات والمعطيات الواردة من واشنطن على عدد من عواصم المنطقة المعنية بسوريا مُطمئنة. فهي أفادت أن الاستنتاج الأوّلي الذي يخرج به المراقبون هو أن الزوبعة التي أثارتها "غزوة" روسيا لسوريا قد خفَّت، ويدل ذلك على أنها ليست قضية كبرى. وأفادت أيضاً أن ما فعله الرئيس بوتين هدفه إنقاذ الأسد بعد تراكم اقتناعاته بأنه ونظامه لم يعودا بعيدين من الانهيار، كما كان هدفه أيضاً المحافظة على الموطئ الوحيد لقدم بلاده في الشرق الأوسط. وما يؤكد ذلك الصيغة الدفاعية للانتشار العسكري الروسي الذي لا يشكّل في رأي أميركا تهديداً لها. ذلك أنه يقتصر على نحو 3 "دزينات" من الطائرات الحربية والطائرات المن دون طيار مع سلاح صاروخي ومدفعي متطور ونحو 500 جندي. ويرجّحون أن يكون جوهر العمل الروسي تحصين معقل الأسد وتدريب جيشه بعد الخسائر الكبيرة التي مُني بها. وأقصى ما يمكن أن يفعله الروس هو تفعيل الدعم للأسد من أبناء "شعبه" ومن أبناء الأقليات السورية الأخرى التي تؤيِّده. ذلك أنهم يدركون استحالة ربح أي حرب باستخدام الطيران الحربي وحده.
ماذا عن الاجتماع الذي ضمّ الرئيسين الأميركي والروسي باراك أوباما وفلاديمير بوتين ودام ساعة ونصف ساعة؟ تؤكد المعلومات نفسها الواردة من واشنطن الوصف الذي أعطي له بعد حصوله وهو أنه كان بنّاء، وتم الاتفاق في أثنائه على أن الحل يكون بحكومة انتقالية. وذلك لن يتم إلا بعد نجاح بوتين في تدعيم الأسد. كما أنها تفيد أن المباحثات الوحيدة الجارية الآن بين موسكو وواشنطن هي التي يقوم بها عسكريوهما لتلافي وقوع حوادث وخسائر جراء تحليق طائراتهما في الأجواء السورية.
أما في موضوع التشارك في المعلومات فالانطباع في واشنطن هو أن بوتين يريد أن يأخذ أكثر مما يعطي، اقتناعاً منه بأن المعلومات الأميركية أكثر أهمية. كما أنه يركّز على الحصول من إيران والعراق على ما عندهما من معلومات. ويبدو أنه أقنعهما بذلك. ولعل أبرز ما يهمه منها تلك المتعلّقة بـ"الإرهابيين" الروس والأوروبيين الشرقيّين الذين يقاتلون في سوريا والعراق. ذلك أنه يحضّر لمواجهتهم في بلاده عندما يعودون إليها. وفي واشنطن ايضاً يسود الانطباع أن إيران لم تكن مسرورة بتطوّر الأحداث في سوريا على النحو الذي شهده العالم أخيراً خشية أن ينزع عنها صفة القوة المهيمنة على هذه الدولة، وأن يجعلها مجرد شريكة لروسيا ربما يمكن الاستغناء عنها مستقبلاً. لكنها لا تستطيع إلا أن توافق على خطوات بوتين لأنها حريصة على حليفها الاستراتيجي الأول في المنطقة وهو "حزب الله" اللبناني، ولأنها تعرف أن استمرار وجودها الفاعل في سوريا ضمان لمصالحها الحيوية.
هل المعلومات والانطباعات الأميركية المشروحة أعلاه كافية ووافية وواقعية ودقيقة؟
الحقيقة أن لا أحد يمتلك جواباً جازماً عن ذلك. فالقوة السورية – الروسية بدأت حربها على نحو أقلق المسؤولين الأميركيّين والأوروبيّين والعرب، وجعلهم يتساءلون: هل الهدف من الانخراط الروسي العسكري المباشر في الحرب ضرب "داعش" والإرهاب أو كل من يقاتل الأسد؟ وهل الهدف منع انهيار الأسد وتحصين المنطقة التي يسيطر عليها "شعبه"، أم إحياء نظامه ومساعدته لاستعادة السيطرة على سوريا كلها؟
فضلاً عن أن إرسال إيران قوة عسكرية رسمياً إلى سوريا أخيراً أثار القلق بدوره والتساؤلات، إذ إنها لم تكن غائبة عن سوريا عسكرياً مباشرة وعبر الحلفاء، ومنها: هل هدفها إفهام موسكو أنها لا تزال الأقوى في سوريا وصاحبة الكلمة الأولى؟ أم هل أنها تؤكد بذلك استعدادها لمواجهة "تفاهم" ما روسي – أميركي قد يكون على حساب الأسد وربما على حسابها؟ أم هل أنها ستواصل سياسة التفاوض الحامي مع واشنطن عندما يبدأ البحث بينهما في القضايا الخلافية إقليمياً؟
طبعاً لا أجوبة عن ذلك، لكن ما يمكن الإشارة إليه هنا هو أن إطلاق روسيا وإيران معركة لتغيير ميزان القوى على الأرض السورية (إستعادة الشمال أو بعضه مثلاً أو تدمر) سيكرّس مذهبية الحرب في المنطقة وسيضاعف نفوذ "داعش" وأمثاله وغيره وربما يعطي الحرب الدائرة في المنطقة بعداً اقليمياً - دولياً وخصوصاً اذا دخلت فيها تركيا. ومن شأن ذلك إشعال الإقليم وتورّط الجميع في حرب استنزاف قد تتجاوز حدوده إلى أوروبا. وفيها تبدو الإمكانات الأميركية – العربية أكبر.
ماذا عن الاجتماع الذي ضمّ الرئيسين الأميركي والروسي باراك أوباما وفلاديمير بوتين ودام ساعة ونصف ساعة؟ تؤكد المعلومات نفسها الواردة من واشنطن الوصف الذي أعطي له بعد حصوله وهو أنه كان بنّاء، وتم الاتفاق في أثنائه على أن الحل يكون بحكومة انتقالية. وذلك لن يتم إلا بعد نجاح بوتين في تدعيم الأسد. كما أنها تفيد أن المباحثات الوحيدة الجارية الآن بين موسكو وواشنطن هي التي يقوم بها عسكريوهما لتلافي وقوع حوادث وخسائر جراء تحليق طائراتهما في الأجواء السورية.
أما في موضوع التشارك في المعلومات فالانطباع في واشنطن هو أن بوتين يريد أن يأخذ أكثر مما يعطي، اقتناعاً منه بأن المعلومات الأميركية أكثر أهمية. كما أنه يركّز على الحصول من إيران والعراق على ما عندهما من معلومات. ويبدو أنه أقنعهما بذلك. ولعل أبرز ما يهمه منها تلك المتعلّقة بـ"الإرهابيين" الروس والأوروبيين الشرقيّين الذين يقاتلون في سوريا والعراق. ذلك أنه يحضّر لمواجهتهم في بلاده عندما يعودون إليها. وفي واشنطن ايضاً يسود الانطباع أن إيران لم تكن مسرورة بتطوّر الأحداث في سوريا على النحو الذي شهده العالم أخيراً خشية أن ينزع عنها صفة القوة المهيمنة على هذه الدولة، وأن يجعلها مجرد شريكة لروسيا ربما يمكن الاستغناء عنها مستقبلاً. لكنها لا تستطيع إلا أن توافق على خطوات بوتين لأنها حريصة على حليفها الاستراتيجي الأول في المنطقة وهو "حزب الله" اللبناني، ولأنها تعرف أن استمرار وجودها الفاعل في سوريا ضمان لمصالحها الحيوية.
هل المعلومات والانطباعات الأميركية المشروحة أعلاه كافية ووافية وواقعية ودقيقة؟
الحقيقة أن لا أحد يمتلك جواباً جازماً عن ذلك. فالقوة السورية – الروسية بدأت حربها على نحو أقلق المسؤولين الأميركيّين والأوروبيّين والعرب، وجعلهم يتساءلون: هل الهدف من الانخراط الروسي العسكري المباشر في الحرب ضرب "داعش" والإرهاب أو كل من يقاتل الأسد؟ وهل الهدف منع انهيار الأسد وتحصين المنطقة التي يسيطر عليها "شعبه"، أم إحياء نظامه ومساعدته لاستعادة السيطرة على سوريا كلها؟
فضلاً عن أن إرسال إيران قوة عسكرية رسمياً إلى سوريا أخيراً أثار القلق بدوره والتساؤلات، إذ إنها لم تكن غائبة عن سوريا عسكرياً مباشرة وعبر الحلفاء، ومنها: هل هدفها إفهام موسكو أنها لا تزال الأقوى في سوريا وصاحبة الكلمة الأولى؟ أم هل أنها تؤكد بذلك استعدادها لمواجهة "تفاهم" ما روسي – أميركي قد يكون على حساب الأسد وربما على حسابها؟ أم هل أنها ستواصل سياسة التفاوض الحامي مع واشنطن عندما يبدأ البحث بينهما في القضايا الخلافية إقليمياً؟
طبعاً لا أجوبة عن ذلك، لكن ما يمكن الإشارة إليه هنا هو أن إطلاق روسيا وإيران معركة لتغيير ميزان القوى على الأرض السورية (إستعادة الشمال أو بعضه مثلاً أو تدمر) سيكرّس مذهبية الحرب في المنطقة وسيضاعف نفوذ "داعش" وأمثاله وغيره وربما يعطي الحرب الدائرة في المنطقة بعداً اقليمياً - دولياً وخصوصاً اذا دخلت فيها تركيا. ومن شأن ذلك إشعال الإقليم وتورّط الجميع في حرب استنزاف قد تتجاوز حدوده إلى أوروبا. وفيها تبدو الإمكانات الأميركية – العربية أكبر.
نيسان ـ نشر في 2015/10/03 الساعة 00:00