على هامش الانتخابات المحلية: ملاحظات سريعة

د. زيد النوايسة
نيسان ـ نشر في 2022/03/29 الساعة 00:00
أنجزت الهيئة المستقلة للانتخاب مهمتها واشرفت على انتخابات منظومة الإدارة المحلية كما تعهدت بمعزل عن بعض المخالفات التي حدثت؛ وهي كما صرح رئيس الهيئة ليست جوهرية وتم التعامل مع من تجاوز القانون حسب المقتضى؛ الأنصاف والموضوعية يستدعي الإقرار بأنها جرت بيسر وسهولة نسبيا؛ وعلى كل حال لا يوجد انتخابات في العالم يمكن القول إنها خالية من بعض الملاحظات فالمشكلة ليست فقط بإدارة الانتخابات أنما ببنية المجتمع وثقافته أحياناً.
من المهم التوقف عند بعض نواتج هذه الانتخابات وإفرازاتها ومحاولة قراءتها بعقل منفتح بهدف معالجة أسباب حدوث بعض الاختلالات حتى لا تتكرر في المستقبل والبناء على الإيجابي منها. وهنا مهم التوقف عند الملاحظات التي سجلتها الجهات المستقلة التي راقبت سير العملية منذ البداية وحتى إعلان النتائج النهائية.
بين تحليل مهم لمركز راصد؛ أن النتائج حملت وللمرة الأولى 75 رئيسا جديدا للبلديات بينما عاد فقط 15 رئيسا قديما؛ بعض المحافظات مثل الكرك نجح فيها 9 رؤساء جدد من أصل 10 بلديات بينما شهدت إربد 15 رئيسا جديدا والمفرق 14، في حين كانت الزرقاء الأقل رغبة بالتجديد إذ عاد 5 رؤساء من أصل 7، هذه دلالة مهمة بأن الناس راغبون في التجديد وأن جزءا من هذه الإفرازات مرتبط بالأداء وتقييم المرحلة السابقة وهي رسالة لمن نجحوا أن الناس تحاسب في النهاية.
الملاحظة الأولى؛ نسبة المشاركة المتواضعة وهي 29% واستنكاف فئة كبيرة ممن يحق لهم التصويت خاصة في المدن الكبرى عن ممارسة حقهم في انتخابات ممثليهم بالرغم من أن عدد المقترعين هو الأعلى على مستوى الانتخابات المحلية في تاريخ الأردن، والأكثر إثارة للتساؤل وجود 165 ألف ورقة بيضاء بمعنى أن هناك من ذهب لمراكز الاقتراع وقرر الانتظار حتى يتمكن من التصويت وأن يعلن احتجاجه ويوصل رسالته اما رفضا للقانون الذي جرت عليه الانتخابات أو ضمن سياق الحالة السوداوية التي قد يتبناها اتجاه سياسي أو فريق معين.
المفارقة هنا؛ أن ذات النسبة تكررت في الانتخابات النيابية لمجلس النواب التاسع عشر في نهاية عام 2020، وربما يمكن تفهم تراجع النسبة في الانتخابات النيابية الأخيرة التي كانت تصل لنسبة 36 % في البرلمان الثامن عشر وربما أكثر في سابقاتها للظروف التي حدثت فيها وهي ذروة الموجة الأولى من كورونا ولكن إصرار حكومة الدكتور بشر الخصاونة على اجرائها احتراما لمبدأ انفاذ الدستور مهما كان الأمر وهو على كل حال يسجل لها لا عليها.
الملاحظ الثانية؛ بالرغم من تطور المشاركة النسائية؛ حيث أظهرت النتائج نجاح 68 سيدة خارج الكوتا كأعضاء في المجالس البلدية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان وبنسبة 27 % الا أن هذه الانتخابات وخاصة في جانب الترشح لرئاسة البلديات المائة غاب نهائيا التمثيل النسائي وحتى من حاولت الترشح واجهت رفضا مجتمعيا للأسف بالرغم من أن المرأة أصبحت وزيرا وعينا ونائبا؛ وهذا يستدعي ضرورة الأخذ بتوصيات لجنة الإدارة المحلية التي اقرتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية والتي ركزت على ضرورة التمثيل العادل للفئتين الوازنتين في المجتمع المرأة والشباب.
أخيرا؛ هذا الغضب والفوضى والاحتجاج الذي رافق إعلان النتائج في بعض المناطق من مظاهر مؤسفة ومشاجرات عائلية وحرق بعض البلديات والمؤسسات الرسمية رفضا للنتائج المعلنة والتشكيك بصحتها لا يليق بنا وببلدنا؛ فالأصل فيمن يتصدى للعمل العام وخدمة الناس أن يتقبل إفرازات ونتائج الصندوق وأن يدرك بوضوح أن موقع رئيس البلدية أو الأعضاء أو عضوية مجلس المحافظة ليس تكريسا لزعامة محلية أو عائلية بمقدار ما هو ميدان لخدمة الناس وتلمس احتياجاتهم والعمل على تحسينها وليس صيغة شبيهة بدور المخاتير فهناك فرق كبير ومهام مختلفة.
الغد
    نيسان ـ نشر في 2022/03/29 الساعة 00:00