مشهد القدس المعقد سياسيا
نيسان ـ نشر في 2022/04/25 الساعة 00:00
هجمة سياسية وإعلامية إسرائيلية على موقف الأردن والدول العربية؛ حيث اعتبرتها مواقف منحازة وغير موضوعية، لا تعكس واقع الميدان، وربما تؤجج المشهد ولا تسهم بتهدئته.
يقول أصحاب هذه الآراء من رسميين وإعلام إننا نسمع شيئا من الدول العربية في العلن مختلفا عما نسمعه في الغرف المغلقة، وهذا بدوره أصبح يسهم في خروج الأمور ميدانيا عن السيطرة، وأن إسرائيل تريد أن تسهم بتعليقات وخطابات الدول العربية ومواقفها في تهدئة المشهد لا العكس.
هذا الكلام القادم من إسرائيل رسميا وإعلاميا يجافي السياق الحقيقي للمشهد، بل ويدلل على عدم إلمام بتعقيدات المشهد السياسي، فالقول إن هناك خطابا عربيا معلنا للشعوب يختلف عن غير المعلن صحيح تمام، ولكن لذلك أسبابه الموضوعية البحتة، والأهم أن هذه الازدواجية هي أيضا وتماما ما تمارسه إسرائيل! ألا تمتلك إسرائيل خطابا موجها للداخل، خاصة ذلك الذي يحاكي أصوات الناخبين اليمينيين والمستوطنين، مختلفا عما نسمعه في الغرف المغلقة؟ ألا تقول لنا إسرائيل إنها تلتزم بالقانون الدولي والإنساني الدولي، وإنها تريد وملتزمة بالحفاظ على الأوضاع القانونية والتاريخية للمدينة المقدسة، ولكنها في العديد من المرات تخرق ذلك لأسباب سياسية داخلية؟ إذا دع عنكم هذه الاتهامات التي نعلم أنها موجودة ولكن إسرائيل تمارسها أيضا وعلى رؤوس الأشهاد.
ثم إن ظاهرة خطاب العلن واختلافه عن خطاب الغرف المغلقة لها أسبابها الموضوعية، يعلوها على الإطلاق، أن شعوب المنطقة كافة، بما فيها الإسرائيلي، قد وعدت بثمار سلام لم تأت ولم تتحقق، فخلق ذلك حرجا مستمرا وفجوة بين الشعوب وحكوماتها لأن عملية السلام تعطلت وأفرغت من مضمونها، فإن أردنا أن نكون واقعيين ومنطقيين، فقبل أن نطالب بخطاب جريء مواجه للشعوب، علينا أولا وقبل كل شيء أن نعيد الاعتبار لعملية السلام، وأن تبدأ بإظهار نتائج يمكن الدفاع عنها.
ثانيا، فلازدواج الخطاب سبب آخر مهم، وهو انتشار خطاب الكراهية وتأجيج مشاعر الرفض واللاتسامح، فعشر سنوات من حكم نتنياهو لم تكن دون تكلفة لا زلنا ندفعها.
الشعوب غير مهيأة لتسمع خطاب السلام والقبول، فقوى الرفض لذلك ترعرعت في عهد نتنياهو على جانبي المعادلة.
وأما ثالث أسباب ازدواجية الخطاب، فهو تسيد القوى الشعبوية للمشهد السياسي بسبب ممارسات عقيمة أضعفت الجانب الرسمي العربي والفلسطيني بالتحديد، فقوي لذلك الجانب الآخر الشعبوي التأجيجي.
رأينا هذا بوضوح في المواجهات الأخيرة، وكيف أن حماس أصبحت أكثر قدرة على السيطرة الميدانية لأننا لم نأل جهدا بتكسير وإضعاف الجانب الرسمي العربي والفلسطيني.
الجانب الرسمي العربي معني تماما بنجاح وتماسك الحكومة الإسرائيلية، فبديلها سيئ الذكر نتنياهو، ويدرك الجانب العربي مهمة رئيس الحكومة الإسرائيلية المستحيلة بالحفاظ على ائتلاف فيه اليمين واليسار والمتدين والعلماني، وربما وجب رسميا أن نسجل علنيا للحكومة الإسرائيلية بعض الإجراءات والقرارات مثل عدم السماح بذبح القرابين وإغلاق باب المغاربة وغيرها، ولكن علينا أن نخوض معهم ومؤسساتهم نقاشا استراتيجيا عميقا يفهمون من خلاله حساباتنا كما نفهم حساباتهم، وبكل الأحول، فإعادة الاعتبار لعملية السلام هي الخطوة الأولى لحصار خطاب الكراهية وإنهاء ازدواجية الخطاب.
(الغد)
يقول أصحاب هذه الآراء من رسميين وإعلام إننا نسمع شيئا من الدول العربية في العلن مختلفا عما نسمعه في الغرف المغلقة، وهذا بدوره أصبح يسهم في خروج الأمور ميدانيا عن السيطرة، وأن إسرائيل تريد أن تسهم بتعليقات وخطابات الدول العربية ومواقفها في تهدئة المشهد لا العكس.
هذا الكلام القادم من إسرائيل رسميا وإعلاميا يجافي السياق الحقيقي للمشهد، بل ويدلل على عدم إلمام بتعقيدات المشهد السياسي، فالقول إن هناك خطابا عربيا معلنا للشعوب يختلف عن غير المعلن صحيح تمام، ولكن لذلك أسبابه الموضوعية البحتة، والأهم أن هذه الازدواجية هي أيضا وتماما ما تمارسه إسرائيل! ألا تمتلك إسرائيل خطابا موجها للداخل، خاصة ذلك الذي يحاكي أصوات الناخبين اليمينيين والمستوطنين، مختلفا عما نسمعه في الغرف المغلقة؟ ألا تقول لنا إسرائيل إنها تلتزم بالقانون الدولي والإنساني الدولي، وإنها تريد وملتزمة بالحفاظ على الأوضاع القانونية والتاريخية للمدينة المقدسة، ولكنها في العديد من المرات تخرق ذلك لأسباب سياسية داخلية؟ إذا دع عنكم هذه الاتهامات التي نعلم أنها موجودة ولكن إسرائيل تمارسها أيضا وعلى رؤوس الأشهاد.
ثم إن ظاهرة خطاب العلن واختلافه عن خطاب الغرف المغلقة لها أسبابها الموضوعية، يعلوها على الإطلاق، أن شعوب المنطقة كافة، بما فيها الإسرائيلي، قد وعدت بثمار سلام لم تأت ولم تتحقق، فخلق ذلك حرجا مستمرا وفجوة بين الشعوب وحكوماتها لأن عملية السلام تعطلت وأفرغت من مضمونها، فإن أردنا أن نكون واقعيين ومنطقيين، فقبل أن نطالب بخطاب جريء مواجه للشعوب، علينا أولا وقبل كل شيء أن نعيد الاعتبار لعملية السلام، وأن تبدأ بإظهار نتائج يمكن الدفاع عنها.
ثانيا، فلازدواج الخطاب سبب آخر مهم، وهو انتشار خطاب الكراهية وتأجيج مشاعر الرفض واللاتسامح، فعشر سنوات من حكم نتنياهو لم تكن دون تكلفة لا زلنا ندفعها.
الشعوب غير مهيأة لتسمع خطاب السلام والقبول، فقوى الرفض لذلك ترعرعت في عهد نتنياهو على جانبي المعادلة.
وأما ثالث أسباب ازدواجية الخطاب، فهو تسيد القوى الشعبوية للمشهد السياسي بسبب ممارسات عقيمة أضعفت الجانب الرسمي العربي والفلسطيني بالتحديد، فقوي لذلك الجانب الآخر الشعبوي التأجيجي.
رأينا هذا بوضوح في المواجهات الأخيرة، وكيف أن حماس أصبحت أكثر قدرة على السيطرة الميدانية لأننا لم نأل جهدا بتكسير وإضعاف الجانب الرسمي العربي والفلسطيني.
الجانب الرسمي العربي معني تماما بنجاح وتماسك الحكومة الإسرائيلية، فبديلها سيئ الذكر نتنياهو، ويدرك الجانب العربي مهمة رئيس الحكومة الإسرائيلية المستحيلة بالحفاظ على ائتلاف فيه اليمين واليسار والمتدين والعلماني، وربما وجب رسميا أن نسجل علنيا للحكومة الإسرائيلية بعض الإجراءات والقرارات مثل عدم السماح بذبح القرابين وإغلاق باب المغاربة وغيرها، ولكن علينا أن نخوض معهم ومؤسساتهم نقاشا استراتيجيا عميقا يفهمون من خلاله حساباتنا كما نفهم حساباتهم، وبكل الأحول، فإعادة الاعتبار لعملية السلام هي الخطوة الأولى لحصار خطاب الكراهية وإنهاء ازدواجية الخطاب.
(الغد)
نيسان ـ نشر في 2022/04/25 الساعة 00:00