الأيدولوجيا الثاوية خلف مواقع التواصل الاجتماعي عائق في عقلنة المجتمع
نيسان ـ نشر في 2022/04/27 الساعة 00:00
إن ضعف الدراسات التي تهتم بالمسألة الأيدولوجية في العالم العربي، وقفت عائقاً أمام بلورة فهم معقول لواقع المجتمعات العربية وما يكتنفها من قلق لحاضرها ومستقبلها، وفهم مجزوء بوعيها لتاريخها وتاريخ الاخر .
ولعل المفكر المغربي عبد الله العروي التفت الى هذه المسألة بكتابه " الايدولوجيا العربية المعاصرة " موجها نقده الأيدولوجي لتيارات الفكر العربي المعاصر بشقيها؛ السلفي والانتقائي ، وخلخلة أسسها ومنطلقاتها الفكرية التي كانت سبباً باعتقاده لحالة الفوات والتأخر الحضاري الذي تشهده المجتمعات العربية منذ عقود ولا زالت.
فالعقل العربي الذي تأثر تاريخياً بالتيارات الفكرية الغربية كالماركسية والشيوعية والاشتراكية والليبرالية بوعي ناقص وبدون نقد وتمحيص، بالاضافة الى مخزونه العقائدي والمذهبي وما يحمله من مسلمات وثوابت غير قابلة لطرح السؤال، مع تراكم الخرافات والأساطير التي جلبها من موروثه الثقافي، ساهمت جميعها في عدم عقلنته لواقع حياته وتحولات عصره.
ما دفعني للحديث عن هذه المسألة هو السيل الجارف لوجهات نظر النخب السياسية والمثقفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وما يعتري تكوينها الأيدولوجي من نقص في الفهم والتحليل لاحداث شهدها العالم أخيراً والسياسية منها تحديداً، مع وجود اقلية محدودة تحاول تقديم وجهات نظر عقلانية ومنطقية يمكن الاخذ بها والبناء عليها حول ما نشهده من احداث.
والملفت في الامر، أن" العامة من المدونين " ممن لا يمتلكون أدوات معرفية في الحقول المختلفة السياسية والفكرية والثقافية والاقتصادية...الخ، اعتادت المشاركة عبر حساباتها الالكترونية لابداء الرأي من حيث لا تعلم، لتزيد" الطين بله" في رفد المجتمع" اللي مو ناقصه" بأفكار وتحليلات لا صلة لها بالواقع والحقيقة ولا بالعالم العصري الذي تعيشه، هذه الشريحة العريضة التي هي عالة على الانسانية مستهلكة لكل انجازات الامم الاخرى وبدون خجل، لا تتوقف في تقديم المزيد من الجهل بتحليلاتها عبر حساباتها التي تستقيها من منابع متعددة الايدولوجيات العقائدية والمذهبية والعاطفية والأساطير المختلة والمتعفنة.
فمثلا هذا المدون " بصرعنا " وهو يدافع عن أيدولوجيا غربية يرى بها الكمال والتمام، ويقاتل من اجلها وهو لا يرتبط بها بيئياً ولافكريا ولا اجتماعيا ولا ثقافياً، لكنه ربما سمع رواية ما، او التقط فكرة لامست خياله لا عقله، فتبناها ولصقت في ذهنة على أنها الاسطورة والنموذج المثالي، لتبدأ معاركه الضارية عبر صفحاته الالكترونية كنصيرٍ لها، وما يلبث في منشور بعده لنرى تعددية عقله المركب، ليقف على تخوم ماضينا المنجز، الذي لم يعد له علاقة بحاضرنا المهزوم، مستدعياً كل خرافاته وأساطيره بما فيها المناهضة لحقوق العقل والمنطق والانسان.
وللأسف هذه الشريحة غير العقلانية التي تمثل الرصيد الكبير من مجتمعاتنا العربية، هي التي تشكل الآن الذهنية الحاكمة للانتاج الايدولوجي داخل المجتمع العربي بمنطقها اللاعقلاني والسطحي، والذي نتج عنه تساكن قلق مع الاوضاع السياسية والثقافية والاجتماعية والفكرية المتردية في منطقتنا ...الخ.
فأين النخب التي تغيب ملامحها في الفضاء السياسي والثقافي؟ هذه النخب التي تذوب يوماً بعد يوم وسط ضجيج " العامة " لتكون الثانية هي المحرك الاساس لتكوين رؤى لمستقبل تجرفه الاحداث السياسية والاقتصادية والفكرية الدولية الى هاوية اللامنجز العربي، في عالم يتسابق به الآخرون لتكوين مشروعه القومي والسياسي والاقتصادي والفكري ...الخ؟
طفح الكيل من الذهنية الثاوية خلف الاتناج الأيدولوجي العقيم الذي حال دون فهم عقلاني للواقع، متأملين بدور فاعل للنخب في المسألة الثقافية والتحديث السياسي، للمساهمة في انتاج أيدولوجيا منسجماً عضوياً مع المجتمع و ظروف تقدم العصر وتحولاته، يساهم بالضرورة في رسم معالم التحديث في المجالات المختلفة، ومستفيدين من تجارب الماضي وحضاراته المتلاقحة، ليكون جنباً الى جنب مع التطلعات المتفائلة لبعض الانظمة العربية ومنها الاردن لتحديث منظومتها السياسية مثلاً، والتي تعمل الآن على تفعيل دور الشباب كلاعب حقيقي في العمل الحزبي والنقابي، الذي يساعد في المدى البعيد على تكوين ايدولوجيا متجانسة مع العصر لتأطير خطاب جديد للواقع وتحولاته، ويطور منهجاً عقلانياً يُخْضعُ به الثوابت والمسلمات الى محكمة العقل القادرة على عقلنة التفكير في المجالات المختلفة كطوق نجاة لحالة الفوات والتأخر الحضاري الذي نعيشه في الميادين المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية.
ولعل المفكر المغربي عبد الله العروي التفت الى هذه المسألة بكتابه " الايدولوجيا العربية المعاصرة " موجها نقده الأيدولوجي لتيارات الفكر العربي المعاصر بشقيها؛ السلفي والانتقائي ، وخلخلة أسسها ومنطلقاتها الفكرية التي كانت سبباً باعتقاده لحالة الفوات والتأخر الحضاري الذي تشهده المجتمعات العربية منذ عقود ولا زالت.
فالعقل العربي الذي تأثر تاريخياً بالتيارات الفكرية الغربية كالماركسية والشيوعية والاشتراكية والليبرالية بوعي ناقص وبدون نقد وتمحيص، بالاضافة الى مخزونه العقائدي والمذهبي وما يحمله من مسلمات وثوابت غير قابلة لطرح السؤال، مع تراكم الخرافات والأساطير التي جلبها من موروثه الثقافي، ساهمت جميعها في عدم عقلنته لواقع حياته وتحولات عصره.
ما دفعني للحديث عن هذه المسألة هو السيل الجارف لوجهات نظر النخب السياسية والمثقفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وما يعتري تكوينها الأيدولوجي من نقص في الفهم والتحليل لاحداث شهدها العالم أخيراً والسياسية منها تحديداً، مع وجود اقلية محدودة تحاول تقديم وجهات نظر عقلانية ومنطقية يمكن الاخذ بها والبناء عليها حول ما نشهده من احداث.
والملفت في الامر، أن" العامة من المدونين " ممن لا يمتلكون أدوات معرفية في الحقول المختلفة السياسية والفكرية والثقافية والاقتصادية...الخ، اعتادت المشاركة عبر حساباتها الالكترونية لابداء الرأي من حيث لا تعلم، لتزيد" الطين بله" في رفد المجتمع" اللي مو ناقصه" بأفكار وتحليلات لا صلة لها بالواقع والحقيقة ولا بالعالم العصري الذي تعيشه، هذه الشريحة العريضة التي هي عالة على الانسانية مستهلكة لكل انجازات الامم الاخرى وبدون خجل، لا تتوقف في تقديم المزيد من الجهل بتحليلاتها عبر حساباتها التي تستقيها من منابع متعددة الايدولوجيات العقائدية والمذهبية والعاطفية والأساطير المختلة والمتعفنة.
فمثلا هذا المدون " بصرعنا " وهو يدافع عن أيدولوجيا غربية يرى بها الكمال والتمام، ويقاتل من اجلها وهو لا يرتبط بها بيئياً ولافكريا ولا اجتماعيا ولا ثقافياً، لكنه ربما سمع رواية ما، او التقط فكرة لامست خياله لا عقله، فتبناها ولصقت في ذهنة على أنها الاسطورة والنموذج المثالي، لتبدأ معاركه الضارية عبر صفحاته الالكترونية كنصيرٍ لها، وما يلبث في منشور بعده لنرى تعددية عقله المركب، ليقف على تخوم ماضينا المنجز، الذي لم يعد له علاقة بحاضرنا المهزوم، مستدعياً كل خرافاته وأساطيره بما فيها المناهضة لحقوق العقل والمنطق والانسان.
وللأسف هذه الشريحة غير العقلانية التي تمثل الرصيد الكبير من مجتمعاتنا العربية، هي التي تشكل الآن الذهنية الحاكمة للانتاج الايدولوجي داخل المجتمع العربي بمنطقها اللاعقلاني والسطحي، والذي نتج عنه تساكن قلق مع الاوضاع السياسية والثقافية والاجتماعية والفكرية المتردية في منطقتنا ...الخ.
فأين النخب التي تغيب ملامحها في الفضاء السياسي والثقافي؟ هذه النخب التي تذوب يوماً بعد يوم وسط ضجيج " العامة " لتكون الثانية هي المحرك الاساس لتكوين رؤى لمستقبل تجرفه الاحداث السياسية والاقتصادية والفكرية الدولية الى هاوية اللامنجز العربي، في عالم يتسابق به الآخرون لتكوين مشروعه القومي والسياسي والاقتصادي والفكري ...الخ؟
طفح الكيل من الذهنية الثاوية خلف الاتناج الأيدولوجي العقيم الذي حال دون فهم عقلاني للواقع، متأملين بدور فاعل للنخب في المسألة الثقافية والتحديث السياسي، للمساهمة في انتاج أيدولوجيا منسجماً عضوياً مع المجتمع و ظروف تقدم العصر وتحولاته، يساهم بالضرورة في رسم معالم التحديث في المجالات المختلفة، ومستفيدين من تجارب الماضي وحضاراته المتلاقحة، ليكون جنباً الى جنب مع التطلعات المتفائلة لبعض الانظمة العربية ومنها الاردن لتحديث منظومتها السياسية مثلاً، والتي تعمل الآن على تفعيل دور الشباب كلاعب حقيقي في العمل الحزبي والنقابي، الذي يساعد في المدى البعيد على تكوين ايدولوجيا متجانسة مع العصر لتأطير خطاب جديد للواقع وتحولاته، ويطور منهجاً عقلانياً يُخْضعُ به الثوابت والمسلمات الى محكمة العقل القادرة على عقلنة التفكير في المجالات المختلفة كطوق نجاة لحالة الفوات والتأخر الحضاري الذي نعيشه في الميادين المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية.
نيسان ـ نشر في 2022/04/27 الساعة 00:00