صورة بحجم قضية حساسة

نيفين عبدالهادي
نيسان ـ نشر في 2022/05/09 الساعة 00:00
في حبّ الوطن تختلف المفردات والكلمات وحتى التعبيرات اللفظية والسلوكية، لكن يبقى المعنى واحداً، بأن هذا الحب لا يشبه معاني الحبّ التي اعتادت عليها البشرية، فله قدسيّة خاصة تجعله دوما في مكان كبير بالقلب والعقل، يمنع عن الوطن أي أذى أو ضرر.
استحضرت كغيري من كل عاشق لوطني هذا الحب للأردن، وهذه المشاعر لوطن لا يليق به وبترابه سوى جماليات العشق في التعامل، عندما شاهدت الصورة التي انتشرت من يومين لقيام مجهولين لتشويه أحد الأعمدة في موقع أثري في جرش، مستبيحين بذلك تاريخ الوطن العريق، فهذه الآثار هي قراءتنا الحقيقية أننا بلد عظيم تاريخيا، وعيننا لماض نفخر به ونعتز بعراقته، صورة تلخّص حالة مُستنكرة ومرفوضة من كافة المواطنين، بقيام أي كان بتشويه المواقع الأثرية في المملكة والعبث بها.
الصورة تجعلنا نقف أمام ظاهرة حساسة فهل يعقل أن يقوم أحد يتغنى بحبّ الوطن بمثل هذا العمل الذي يرقى لجريمة بحق هذه المواقع؟ هل يعقل أن يكون هناك من تغيب عنه حقيقة أهمية هذه المواقع وحساسيتها، ورمزيّتها؟ هل يعقل هناك من «يهون» عليه تاريخنا لدرجة الإقدام على مثل هكذا خطأ بحق كل مواطن؟ وغيرها من اسئلة كثيرة برسم الإجابة يأمل كثيرون معرفتها من قِبل من قام بهذا العمل الذي أقل ما يوصف به انه شائن! و»مش معقول» وفقا للوسم الذي أطلقه المواطنون على هذه الصورة.
ورغم أنه تصرف فردي مرفوض، إلاّ أنه قرع جرس ضرورة ايجاد وسيلة لحماية الآثار، من قبل وزارة السياحة والآثار التي نعمل أنها لا تدخّر جهدا بهذا الإطار، لكن الأمر بحاجة لمزيد منها، اضافة للمجتمعات المحلية في كافة المحافظات لجعل الآثار ايضا ضمن رعايتهم وأيضا ندرك أنهم يبذلون جهودا بذلك ولكن الأمر بحاجة للمزيد، فهي صورة فتحت ببشاعتها بابا واسعا من أهمية ايلاء الآثار اهتماما أكثر وجعلها مادة أساسية في الخطابات التعليمية والاعلامية والدينية، فحماية الآثار صون للتاريخ والثقافة.
صورة بحجم قضية حساسة يجب ان لا تمر مرور النسيان، وربما أعود لما بدأت به أن حبّ الوطن في التعبيرات اللفظية وكذلك السلوكية.
(الدستور)
    نيسان ـ نشر في 2022/05/09 الساعة 00:00