شيرين أبوعاقلة...مسيرة صحفية زاخرة بالمقاومة
نيسان ـ نشر في 2022/05/12 الساعة 00:00
نيسان- فاطمة العفيشات
حنجرة صدحت في أواخر التسعينيات, وصوت غرد مع انتشار الفضائيات, فطبعت بصمة صوتها في مسامع العرب. إنها شيرين أبوعاقلة، صوت فلسطين الذي يجبر المتابعين على التمسمر أمام الشاشة في نبرة موحية أن أمراً جلللاً في طريقه إلينا، ثم تحدثنا عن التفاصيل.
في الثالث من كانون الثاني/يناير من العام 1971 ولدت شيرين أبوعاقلة في القدس لتكون ابنة وشقيقة وحيدة لأخيها الذي لم تنجب عائلتهما المنحدرة من بيت لحم غيرهما.
أنهت مرحلتها الدراسية في مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا في القدس لتنتقل عقبها إلى الأردن لإكمال دراستها الجامعية في جامعة اليرموك بمحافظة إربد.
تميزت شيرين الطالبة في مدرستها بتصدرها المرتبة الأولى بين زملائها الطلبة في دراستها, فكانت آمال عائلتها تتجه لدراسة تخصص علمي, ولأنها فتاة كان تخصص الصيدلة هو الأنسب لها من منظور عائلتها, لكن ذلك لم يحدث لعدم قبولها في تخصص الصيدلة.
في الأردن درست أبوعاقلة الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا, إلا أنها لم تكن مقتنعة بالتخصص , فانتقلت عقبها إلى جامعة اليرموك والتي حصلت فيها على درجة البكالوريوس في الصحافة المكتوبة في العام 1991.
أثناء المرحلة الدراسية كانت تحب الكتابة ومواضيع التعبير, كما كانت تجد نفسها بقربها من الناس, وهو ما دفعها للتوجه للصحافة فيما بعد.
بعد تخرجها عادت شيرين إلى فلسطين وعملت في عدة مواقع كان أولها وكالة الأونروا , كما عملت في إذاعة صوت فلسطين وقناة عمّان الفضائية, مؤسسة مفتاح, إذاعة مونت كارلوا , وقناة الجزيرة التي لمع نجمها فيها.
في العام 1997 تلقت أبوعاقلة 4 عروض عمل في محطات فضائية كان من بينها قناة الجزيرة التي نصحها مقربون منها بالعمل بها .
شكلت أبوعاقلة الحاصلة على شهادة الدبلوم في الإعلام الرقمي من جامعة بيرزيت حالة استثنائية من المقاومة، فكانت الصوت الأبرز في تغطية الأحداث الساخنة في فلسطين, وهو ما حجز مقعدها مبكراً في أذهان الناس وكلمات ختام تغطياتها "شيرين أبوعاقلة-الجزيرة-القدس المحتلة", فكانت مثالاً يحتذى به للاجتهاد والمثابرة بين طلبة الصحافة والإعلام وحتى الطامحين للتوجه لمهنة الصعاب – كما وصفتها لابنة شقيقها التي داومت على تقمص شخصيتها في حلمها بأن تكون نسخة من عمتها.
في احدى مقابلاتها قالت: "هناك من يترك انطباعاً عند المتابعين وهناك من تراه سنين طويلة على الشاشة ولا يترك انطباعاً" كان ذلك رداً على سؤال عن ذكر أحد زملائها لاسمه في كل تغطية مباشرة.
غطت شيرين أحداث الانتفاضة الفلسطينية في العام 2000, كما شهدت الاجتياح الإسرائيلي لمخيم جنين وطولكرم في العام 2002, بالإضافة للغارات والعمليات المختلفة التي تعرض لها قطاع غزة, كما غطت ثلاث حروب في غزة وحرب لبنان.
كشفت ذات لقاء أن أكثر أيام عملها سعادة عندما شهدت انسحاب المستوطنين من غزة وخروج آخر مستوطن هناك.
أبوعاقلة هي أول صحفية عربية يسمح لها الدخول إلى سجن عسقلان، وكان ذلك في العام 2005, أجرت خلالها مقابلات مع الأسرى الفلسطينيين الذين صدرت بحقهم أحكام طويلة بالسجن.
رغم أنها تحمل الجنسية الأمريكية لم تفكر شيرين يوماً في الهجرة من فلسطين, أما مسقط رأسها القدس فكان له الجزء الأكبر في نبضها.
عملت شيرين لمدة 25 عاماً مراسلة صحفية في فلسطين. يدفعها حبها للميدان أن تتواجد فيه في كل حدث مفضلة البقاء بين الناس واصفة أنه مكانها.
كان اهتمامها بسلامة الطاقم المرافق لها وحمايتهم بوقوفهم في المكان المناسب للتغطية أولويتها الثابتة قبل الظهور على الشاشة, هذا ما أكده زملاؤها الذين رافقوها في الميادين.
شيرين أبوعاقلة الإنسانة
خلال نغطيتها للأحداث ورغم صلابتها التي كانت تظهرها إلا أن قلبها المرهف لم يحدها عن البكاء في بعض التقارير التي كشفت في إحدى المرات أنها تكتب كل كلمة فيها بإحساسها لتأثرها بها, مشيرة أن في المجال الإعلامي لا يوجد حيادية مطلقة, فكيف في فلسطين الذي عشقت.
ولعل أبرز المواقف حزناً لها ولم يغب عن ذهنها خلال اعدادها تقريرا عن هدم عمارة سكنية مكونة من 4 شقق في بيت حنينا في القدس. كان تعبير الأطفال عن حزنهم وملامحهم التي اختلطت بالغضب عقب عودتهم من المدرسة ورؤيتهم منزلهم مهدوما؛ مفتاح دموعها والمصور معها اللذان لم يتمالكا نفسهما في حضرة المشهد.
لم تتزوج شيرين في حياتها وعللت ذلك بأن كل شيء في الحياة نصيب, لافتة أنها لم تتخذ قرارا بالزواج أو العزوف عنه.
احدى أمنيات أبوعاقلة في حياتها أن تؤلف كتاباً خاصاً بها, إلا أن تلك الأمنية بقيت حبيسة فؤادها ولم يكتب لها أن تترجم لواقع.
"جنين حالة خاصة"
شكلت جنين بالنسبة لشيرين حالة استثنائية, كيف لا وهي ارتبطت بالمكان في تغطياتها, نامت في المستشفيات خلال الاجتياحات, وفي بيوت أهلها الذين كانوا يهرعون لتقديم المساعدة لها وللطاقم المرافق لها واصرارهم على مبيتها في منازلهم, فكانت ابنة لعائلات فلسطينية تخفف عنها غربة شقيقها الأوحد خارج فلسطين.
ظهيرة الثلاثاء بثت فيديو مباشر بعنوان "الطريق إلى جنين" عبر حسابها الشخصي على منصة فيسبوك أثناء قيادتها مركبتها باتجاه جنين لتغطية اجتياحات الاحتلال هناك, وكأنها توثق آخر درب تسلكه في رحلتها حيث مثواها الأخير.
وفي صباح الخميس 11 آيار من العام 2022 وعقب يومين من ذلك الفيديو, وثقت شيرين أبوعاقلة جرائم الاحتلال في فلسطين للمرة الأخيرة قبل أن ترتقي شهيدة برصاص اغتالها مباشرة في الرأس وتحت مالم تغطه خوذتها, أثناء تواجدها بساحة فرغت إلا منها ومجموعة من الصحفيين, لتنهي بذلك تغطيتها بصورة كاملة وتفاصيل لن تنسى؛ بشاعة جرائم الاحتلال اللاتي تعدت كل مواثيق ومعاهدات سلام العالم,معطرة دمائها أرضاً أحبتها,مغادرة بسلام عالما طالما تمنت أن تخفي السلاح منه.
حنجرة صدحت في أواخر التسعينيات, وصوت غرد مع انتشار الفضائيات, فطبعت بصمة صوتها في مسامع العرب. إنها شيرين أبوعاقلة، صوت فلسطين الذي يجبر المتابعين على التمسمر أمام الشاشة في نبرة موحية أن أمراً جلللاً في طريقه إلينا، ثم تحدثنا عن التفاصيل.
في الثالث من كانون الثاني/يناير من العام 1971 ولدت شيرين أبوعاقلة في القدس لتكون ابنة وشقيقة وحيدة لأخيها الذي لم تنجب عائلتهما المنحدرة من بيت لحم غيرهما.
أنهت مرحلتها الدراسية في مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا في القدس لتنتقل عقبها إلى الأردن لإكمال دراستها الجامعية في جامعة اليرموك بمحافظة إربد.
تميزت شيرين الطالبة في مدرستها بتصدرها المرتبة الأولى بين زملائها الطلبة في دراستها, فكانت آمال عائلتها تتجه لدراسة تخصص علمي, ولأنها فتاة كان تخصص الصيدلة هو الأنسب لها من منظور عائلتها, لكن ذلك لم يحدث لعدم قبولها في تخصص الصيدلة.
في الأردن درست أبوعاقلة الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا, إلا أنها لم تكن مقتنعة بالتخصص , فانتقلت عقبها إلى جامعة اليرموك والتي حصلت فيها على درجة البكالوريوس في الصحافة المكتوبة في العام 1991.
أثناء المرحلة الدراسية كانت تحب الكتابة ومواضيع التعبير, كما كانت تجد نفسها بقربها من الناس, وهو ما دفعها للتوجه للصحافة فيما بعد.
بعد تخرجها عادت شيرين إلى فلسطين وعملت في عدة مواقع كان أولها وكالة الأونروا , كما عملت في إذاعة صوت فلسطين وقناة عمّان الفضائية, مؤسسة مفتاح, إذاعة مونت كارلوا , وقناة الجزيرة التي لمع نجمها فيها.
في العام 1997 تلقت أبوعاقلة 4 عروض عمل في محطات فضائية كان من بينها قناة الجزيرة التي نصحها مقربون منها بالعمل بها .
شكلت أبوعاقلة الحاصلة على شهادة الدبلوم في الإعلام الرقمي من جامعة بيرزيت حالة استثنائية من المقاومة، فكانت الصوت الأبرز في تغطية الأحداث الساخنة في فلسطين, وهو ما حجز مقعدها مبكراً في أذهان الناس وكلمات ختام تغطياتها "شيرين أبوعاقلة-الجزيرة-القدس المحتلة", فكانت مثالاً يحتذى به للاجتهاد والمثابرة بين طلبة الصحافة والإعلام وحتى الطامحين للتوجه لمهنة الصعاب – كما وصفتها لابنة شقيقها التي داومت على تقمص شخصيتها في حلمها بأن تكون نسخة من عمتها.
في احدى مقابلاتها قالت: "هناك من يترك انطباعاً عند المتابعين وهناك من تراه سنين طويلة على الشاشة ولا يترك انطباعاً" كان ذلك رداً على سؤال عن ذكر أحد زملائها لاسمه في كل تغطية مباشرة.
غطت شيرين أحداث الانتفاضة الفلسطينية في العام 2000, كما شهدت الاجتياح الإسرائيلي لمخيم جنين وطولكرم في العام 2002, بالإضافة للغارات والعمليات المختلفة التي تعرض لها قطاع غزة, كما غطت ثلاث حروب في غزة وحرب لبنان.
كشفت ذات لقاء أن أكثر أيام عملها سعادة عندما شهدت انسحاب المستوطنين من غزة وخروج آخر مستوطن هناك.
أبوعاقلة هي أول صحفية عربية يسمح لها الدخول إلى سجن عسقلان، وكان ذلك في العام 2005, أجرت خلالها مقابلات مع الأسرى الفلسطينيين الذين صدرت بحقهم أحكام طويلة بالسجن.
رغم أنها تحمل الجنسية الأمريكية لم تفكر شيرين يوماً في الهجرة من فلسطين, أما مسقط رأسها القدس فكان له الجزء الأكبر في نبضها.
عملت شيرين لمدة 25 عاماً مراسلة صحفية في فلسطين. يدفعها حبها للميدان أن تتواجد فيه في كل حدث مفضلة البقاء بين الناس واصفة أنه مكانها.
كان اهتمامها بسلامة الطاقم المرافق لها وحمايتهم بوقوفهم في المكان المناسب للتغطية أولويتها الثابتة قبل الظهور على الشاشة, هذا ما أكده زملاؤها الذين رافقوها في الميادين.
شيرين أبوعاقلة الإنسانة
خلال نغطيتها للأحداث ورغم صلابتها التي كانت تظهرها إلا أن قلبها المرهف لم يحدها عن البكاء في بعض التقارير التي كشفت في إحدى المرات أنها تكتب كل كلمة فيها بإحساسها لتأثرها بها, مشيرة أن في المجال الإعلامي لا يوجد حيادية مطلقة, فكيف في فلسطين الذي عشقت.
ولعل أبرز المواقف حزناً لها ولم يغب عن ذهنها خلال اعدادها تقريرا عن هدم عمارة سكنية مكونة من 4 شقق في بيت حنينا في القدس. كان تعبير الأطفال عن حزنهم وملامحهم التي اختلطت بالغضب عقب عودتهم من المدرسة ورؤيتهم منزلهم مهدوما؛ مفتاح دموعها والمصور معها اللذان لم يتمالكا نفسهما في حضرة المشهد.
لم تتزوج شيرين في حياتها وعللت ذلك بأن كل شيء في الحياة نصيب, لافتة أنها لم تتخذ قرارا بالزواج أو العزوف عنه.
احدى أمنيات أبوعاقلة في حياتها أن تؤلف كتاباً خاصاً بها, إلا أن تلك الأمنية بقيت حبيسة فؤادها ولم يكتب لها أن تترجم لواقع.
"جنين حالة خاصة"
شكلت جنين بالنسبة لشيرين حالة استثنائية, كيف لا وهي ارتبطت بالمكان في تغطياتها, نامت في المستشفيات خلال الاجتياحات, وفي بيوت أهلها الذين كانوا يهرعون لتقديم المساعدة لها وللطاقم المرافق لها واصرارهم على مبيتها في منازلهم, فكانت ابنة لعائلات فلسطينية تخفف عنها غربة شقيقها الأوحد خارج فلسطين.
ظهيرة الثلاثاء بثت فيديو مباشر بعنوان "الطريق إلى جنين" عبر حسابها الشخصي على منصة فيسبوك أثناء قيادتها مركبتها باتجاه جنين لتغطية اجتياحات الاحتلال هناك, وكأنها توثق آخر درب تسلكه في رحلتها حيث مثواها الأخير.
وفي صباح الخميس 11 آيار من العام 2022 وعقب يومين من ذلك الفيديو, وثقت شيرين أبوعاقلة جرائم الاحتلال في فلسطين للمرة الأخيرة قبل أن ترتقي شهيدة برصاص اغتالها مباشرة في الرأس وتحت مالم تغطه خوذتها, أثناء تواجدها بساحة فرغت إلا منها ومجموعة من الصحفيين, لتنهي بذلك تغطيتها بصورة كاملة وتفاصيل لن تنسى؛ بشاعة جرائم الاحتلال اللاتي تعدت كل مواثيق ومعاهدات سلام العالم,معطرة دمائها أرضاً أحبتها,مغادرة بسلام عالما طالما تمنت أن تخفي السلاح منه.
نيسان ـ نشر في 2022/05/12 الساعة 00:00