الحكومة وعقدة المحروقات !

محمد حسن التل
نيسان ـ نشر في 2022/06/11 الساعة 00:00
لا توجد حكومة تحب أن تمارس مهامها في ظل أوضاع اقتصادية صعبة ومعقدة، ولا وجود لحكومة تسعى لرفع الأسعار على مواطنيها دون أسباب قاهرة.
نحن في الأردن نتيجة المتغيرات في المنطقة والعالم، نواجه منذ سنوات طويلة معضلة توفير المشتقات النفطية بأسعار يتحملها الناس وتتحملها الخزينة، والظروف اليوم تعقدت أكثر خصوصا بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، وارتفاع أسعار النفط، وبالمناسبة أسعار النفط ومشتقاته عالميًا لا يمكن إخفاؤها لأنها موجودة على كل المنصات الإعلامية في العالم وتحدث اولاً بأول، وأي شخص من السهل أن يطلع عليها.
اليوم تجد الحكومة نفسها مضطرة ومكرهة للتعامل مع الأسعار العالمية الجديدة، بعد أن ثبتت الأسعار لشهور عديدة في فترة وباء الكورونا، الأمر الذي رتب على الخزينة مبالغ طائلة لا يمكن تحملها في حالة بقاء الأسعار على ما هي عليه، واستمرار ارتفاعها، والمطلع على الأرقام والحقائق يدرك بوضوح صعوبة المعادلة، فحسب المعلومات الأكيدة لا زالت الحكومة عمليًا تدعم مادة الديزل حيث سعرها الحالي دون تكلفته الحقيقية بكثير، والمبالغ التي تدخل الخزينة من ضريبة البنزين 90 تذهب في معظمها لدعم الديزل الذي يباع في الأردن أرخص من كثير من دول العالم ذات الاقتصاديات الكبيرة.
الحرب الروسية لم تلقِ بظلالها على قطاع النفط فقط، فالحبوب كالقمح والأعلاف تضررت أيضا بشكل كبير، الأمر الذي يهدد العالم بمجاعة كبيرة، وفي المعلومات الدقيقة أن سعر طن القمح ارتفع من 270 دولار إلى 570 دولار تقريبا مع صعوبة الحصول عليه في ظل قيام دول كثيرة مصدرة لهذه المادة بمنع التصدير بشكل حاسم، ومع هذا تجهد حكومة الدكتور بشر الخصاونة لتوفير هذه السلع للمواطن الأردني وغيرها من بضائع بنفس الأسعار التي اعتاد عليها.
لا أحد يحب أن يتحدث ولا حتى الحكومة عن رفع ثمن سلعة ما، ولكن الضغوط أحيانا تكون أكبر بكثير من الرغبات.
بات الجمع يعرف أن الأردن لم يعد يتلقى أي مساعدات أو منح خارجية سوى المنحة الأمريكية، وبالتالي عليه الاعتماد على نفسه لحماية مستقبل مواطنيه من خلال الاجتهاد بالوصول إلى اقتصاد آمن.
معضلة المحروقات لدينا أصبحت عابرة للحكومات، وتشكل التحدي الأكبر لخزينة الدولة، لذلك لابد من التعامل معها بعيدًا عن الشعبوية والعواطف، وعلينا جميعا أن نكون متفهمين لقيام الحكومة بخطوات علاجية وجراحية ربما تكون مؤلمة قبل أن يفوت الوقت ويصبح العلاج صعب المنال.
الأردن مقبل على مشاريع اقتصادية ضخمة ومبشرة، وجاء الإعلان عن مشروع المستشفى الطبي التعليمي بتمويل سعودي بداية الخير، كما أن هناك مشاريع عديدة ستتم بالشراكة مع الأشقاء في الإمارات العربية، وتأتي الرؤية الاقتصادية التي أعلن عنها في الأيام الماضية لتفتح طريقا للوصول إلى الحالة الاقتصادية المنشودة بشرط ألا تترك الحكومة لوحدها، فالمفروض أن جميع مؤسسات الدولة تقوم بدورها بمساندة الحكومة حتى يكون لدينا مطبخا وطنيا يترجم ما جاء في الرؤية الاقتصادية على أرض الواقع لتكون النتائج هي تلك التي نرغب جميعا بها.
(عمون)
    نيسان ـ نشر في 2022/06/11 الساعة 00:00