الحج .. وارتباط الأرض بالسماء
نيسان ـ نشر في 2022/07/03 الساعة 00:00
لم تشرع فريضة الحج كعبادة شكلية ترتبط فقط بأفعال وأقوال، وإنما هي في جوهرها فعل حركي من أهم ما قدمته شريعة الإسلام، التصاقًا بالهدف الأسمى لرسالات الله إلى خلقه وهو التوحيد. والحج في كل عناوينه هو صيحة البشر في التوحيد ورفضًا للطاغوت.
تجتمع في الحج ثنائية الولادة، فعبر كل محطة من محطاته تقف مندهشًا من هذا التمازج الرهيب بين لحظة إقبالك على برزخ جديد لتبدأ ولادتك، وبين أخرى تتأمل فيها عروجك إلى دار مختلفة تذكرك بها الملاءات التي يلتف بها جسدك وكأنها الأكفان، والملايين الذين ترتفع أصواتهم بلغة واحدة رغم اختلاف أعراقهم ولغاتهم من فوق صعيد واحد وحول أماكن هي ذاتها مرددًين "لبيك اللهم لا شريك لك"، وعند كل موقف أو شعيرة، يتوقف المرء أمام مكونات وأسرار المعاني في الحدث والمكان والزمان، فعندما يطوف الحجيج حول الكعبة، فإنهم يتأملون ذات الدورة التي تحكم هذا الفلك بأجرامه وكواكبه حول مركز واحد وتتجلى لديك معاني التوحيد والوحدة، فهذا الكون المحكوم بنظام متقن يتعبد في محراب الله كما يتعبد الإنسان، وهؤلاء البشر الذين يتحركون بذات النطاق حول مركز واحد هو أقرب نقاط الأرض إلى السماء، يعلنون في دعاء واحد وروحانية صادقة عن العلاقة التي تربط البشر بخالقهم، وهم جزء يسير من كون شاسع كرمه الله بالعبودية له.
وعلى عرفات، فإن القلب يخفق سريعا وخشوعا وصاحبه ينظر إلى هذه الحشود وهي تتحرك في حركة واحدة وتنادي بدعاء واحد، حيث جاؤوا من كل فج عميق بإرادتهم دون أن يطلب منهم مخلوق، بل على العكس، يمضي الواحد عمره وهو يتمنى أن يقف هذا الموقف قبل أن يدركه الأجل.
يقول المفكر علي الطنطاوي عن عرفات: "هناك تتنفس الإنسانية التي خنقها دخان البارود، وعلامات الحدود، وسيد ومسود، وعبد ومعبود، وتحيا في عرفات حيث لا كبير ولا صغير ولا عظيم ولا حقير، هنالك تتحقق المثل العليا التي لم يعرفها الغرب إلا في أدمغة الفلاسفة وبطون الأسفار، فتزول الشرور وترتفع الأحقاد وتعم المساواة ويسود السلام، هناك تظهر المعجزة الباقية فتطوى الأرض ثم تؤخذ من أطرافها حتى توضع كلها في عرفات، فيعرف المسلم أن وطنه أوسع من أن تحده على الأرض جبال أو بحار، أو تمزقه ألوان وأعراق"
الحج ليس فريضة عبادة ففط، بل هو ايضا إشارة إلى أن التوحيد هو أصل الخلق، وأنه يأتي ليذكر الناس بذلك اليوم العظيم حيث الملك لله وحده، ويذكرهم بالمساواة عند الله في حقوقهم وواجباتهم.
هناك الميزان الحقيقي " فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا ير، ومن يعمل مثقال ذرة شرّا ير"، هناك تبيض وجوه وتسود أخرى، وتعود الحقوق إلى أصحابها حيث الكل يختصم عند الله تعالى، لقد اختار الخالق العظيم أن يتم دينه على خلقه من على عرفة، حيث نزلت الآية " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا"، ومن على ذلك الصعيد الطاهر وقف سيد الخلق يعلن حقوق الإنسان ويقرر مبادئ السلام ويرسخ العدالة والمساواة بين البشر، ذلك قبل 14 قرنًا قبل أن يغرق العالم بنظريات كاذبة مغشوشة لا ترمي إلا إلى الخراب والتفرقة بين البشر والخلاف، والحج هو إشارة إلهية بوجوب توحيد الأمة على هدف واحد وهو النصر الذي لا يأتي إلا بعد الوحدة، ثم النهوض بكل أبوابه ومعانيه ولا يأتي هذا إلا بعد الالتفاف حول ما أراده الله لنا، من خلال رسالة أنزلها على رسوله صلى الله وعليه وسلم، لأن من مضامين الحج درس وصورة في اجتماع الأمة على مسطرة واحدة في المساواة التي هي أساس العدالة وهو بمثابة المؤتمر العام لهذه الأمة التي من المفترض أن تناقش خلاله قضاياها ومصيرها ومستقبلها، وهو فريضة تفيض بالإشارات الإلهية التي يتوجب علينا الانتباه لها إذا أردنا أن نبدأ طريق العودة، ذلك الطريق الذي يبدأ بالصلح مع الله عز وجل، ثم نمضي إلى المشروع الكبير في لملمة أشلاء هذه الأمة وتوحيدها على الهدف الأسمى.
تجتمع في الحج ثنائية الولادة، فعبر كل محطة من محطاته تقف مندهشًا من هذا التمازج الرهيب بين لحظة إقبالك على برزخ جديد لتبدأ ولادتك، وبين أخرى تتأمل فيها عروجك إلى دار مختلفة تذكرك بها الملاءات التي يلتف بها جسدك وكأنها الأكفان، والملايين الذين ترتفع أصواتهم بلغة واحدة رغم اختلاف أعراقهم ولغاتهم من فوق صعيد واحد وحول أماكن هي ذاتها مرددًين "لبيك اللهم لا شريك لك"، وعند كل موقف أو شعيرة، يتوقف المرء أمام مكونات وأسرار المعاني في الحدث والمكان والزمان، فعندما يطوف الحجيج حول الكعبة، فإنهم يتأملون ذات الدورة التي تحكم هذا الفلك بأجرامه وكواكبه حول مركز واحد وتتجلى لديك معاني التوحيد والوحدة، فهذا الكون المحكوم بنظام متقن يتعبد في محراب الله كما يتعبد الإنسان، وهؤلاء البشر الذين يتحركون بذات النطاق حول مركز واحد هو أقرب نقاط الأرض إلى السماء، يعلنون في دعاء واحد وروحانية صادقة عن العلاقة التي تربط البشر بخالقهم، وهم جزء يسير من كون شاسع كرمه الله بالعبودية له.
وعلى عرفات، فإن القلب يخفق سريعا وخشوعا وصاحبه ينظر إلى هذه الحشود وهي تتحرك في حركة واحدة وتنادي بدعاء واحد، حيث جاؤوا من كل فج عميق بإرادتهم دون أن يطلب منهم مخلوق، بل على العكس، يمضي الواحد عمره وهو يتمنى أن يقف هذا الموقف قبل أن يدركه الأجل.
يقول المفكر علي الطنطاوي عن عرفات: "هناك تتنفس الإنسانية التي خنقها دخان البارود، وعلامات الحدود، وسيد ومسود، وعبد ومعبود، وتحيا في عرفات حيث لا كبير ولا صغير ولا عظيم ولا حقير، هنالك تتحقق المثل العليا التي لم يعرفها الغرب إلا في أدمغة الفلاسفة وبطون الأسفار، فتزول الشرور وترتفع الأحقاد وتعم المساواة ويسود السلام، هناك تظهر المعجزة الباقية فتطوى الأرض ثم تؤخذ من أطرافها حتى توضع كلها في عرفات، فيعرف المسلم أن وطنه أوسع من أن تحده على الأرض جبال أو بحار، أو تمزقه ألوان وأعراق"
الحج ليس فريضة عبادة ففط، بل هو ايضا إشارة إلى أن التوحيد هو أصل الخلق، وأنه يأتي ليذكر الناس بذلك اليوم العظيم حيث الملك لله وحده، ويذكرهم بالمساواة عند الله في حقوقهم وواجباتهم.
هناك الميزان الحقيقي " فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا ير، ومن يعمل مثقال ذرة شرّا ير"، هناك تبيض وجوه وتسود أخرى، وتعود الحقوق إلى أصحابها حيث الكل يختصم عند الله تعالى، لقد اختار الخالق العظيم أن يتم دينه على خلقه من على عرفة، حيث نزلت الآية " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا"، ومن على ذلك الصعيد الطاهر وقف سيد الخلق يعلن حقوق الإنسان ويقرر مبادئ السلام ويرسخ العدالة والمساواة بين البشر، ذلك قبل 14 قرنًا قبل أن يغرق العالم بنظريات كاذبة مغشوشة لا ترمي إلا إلى الخراب والتفرقة بين البشر والخلاف، والحج هو إشارة إلهية بوجوب توحيد الأمة على هدف واحد وهو النصر الذي لا يأتي إلا بعد الوحدة، ثم النهوض بكل أبوابه ومعانيه ولا يأتي هذا إلا بعد الالتفاف حول ما أراده الله لنا، من خلال رسالة أنزلها على رسوله صلى الله وعليه وسلم، لأن من مضامين الحج درس وصورة في اجتماع الأمة على مسطرة واحدة في المساواة التي هي أساس العدالة وهو بمثابة المؤتمر العام لهذه الأمة التي من المفترض أن تناقش خلاله قضاياها ومصيرها ومستقبلها، وهو فريضة تفيض بالإشارات الإلهية التي يتوجب علينا الانتباه لها إذا أردنا أن نبدأ طريق العودة، ذلك الطريق الذي يبدأ بالصلح مع الله عز وجل، ثم نمضي إلى المشروع الكبير في لملمة أشلاء هذه الأمة وتوحيدها على الهدف الأسمى.
نيسان ـ نشر في 2022/07/03 الساعة 00:00