أين نضع أقدامنا؟
نيسان ـ نشر في 2022/07/14 الساعة 00:00
هل توجد لدى الأردن “أوراق “سياسية قابلة للاستخدام، ومؤثرة في المرحلة القادمة؟
لاحظ أن السؤال يحتمل الإجابة بنعم أو لا، لاحظ، أيضا، أن الأوراق تتوزع بين خيارات أصبحت ضامرة ومحدودة، وبين اضطرارات تراكمت وتوسعت، لاحظ، أخيرا، أننا، ربما، أخطأنا بتقدير ما جرى من تحولات في العالم والإقليم، وأننا، أمام مرحلة تسديد الفواتير، وبالتالي أخشى ما أخشاه أننا استنزفنا ما كان لدينا من أدوار، وأرصدة سياسية.
القلق هنا مشروع لأسباب متعددة، منها أن الأدوار التي استثمرنا فيها سياسيا، على مدى العقود الماضية، تراجعت ولم تعد مهمة، خذ، مثلا، القضية الفلسطينية التي أصبحت قيد التصفية، خذ، ثانيا، العلاقة مع إسرائيل حيث انسحبت معظم الدول العربية نحو التطبيع، ولم نعد “دمغة” حصرية للعزل أو التمرير.
خذ، ثالثا، ملف مكافحة الإرهاب الذي أوشك أن يتبخر من المنطقة، خذ رابعا ملف استيعاب “المهجرين”، الذي تورطنا فيه ولم يعد العالم مشغولا بدفع استحقاقاته، كل هذه الأدوار أصبحت تنتسب إلى زمن مضى، كنا فيه نمارس دور الفاعل أو المؤثر، أو التدخل السريع، أو الحياد الإيجابي إذا اقتضى الأمر.
لا نستطيع، بحكم موقعنا الجيوسياسي، بكل ما يفرضه من اعتبارات واضطرارات، أن ننكفئ على أنفسنا، أو أن نعتمد “النأي بالنفس”، لأن كل ما يحدث حولنا سيصب عندئذ ضد مصالحنا الوطنية، هذه التي تحتاج لإعادة تعريف.
الآن، نكتشف، مثلا، أن فكرة إنشاء حلف عربي (ناتو إقليمي) لم تجد من يرحب بها عربيا، نكتشف، أيضا، أننا وضعنا إيران على أجندة تهديد أمننا أو مصالحنا، ثم اتضح أن ذلك ليس صحيحا، ولا مفيدا أيضا، نكتشف، ثالثا، أن علاقتنا مع تل أبيب أضرت بنا، ومن المؤكد أنها تشكل أكبر تهديد لبلدنا على المدى المنظور، لكننا لم نفعل ما يجب أن نفعله حتى الآن.
لا يكفي أن نطمئن لعلاقة جيدة مع واشنطن، ولا لمساعدات تتدفق من الأصدقاء الأوروبيين واليابانيين وغيرهم، فلا أحد يدفع لوجه الله، لا بد أن نفكر جديا بموازين تبادل المصالح، واقتناص الفرص والأدوار، صحيح المعادلات صعبة، وربما تكون مكلفة، لكن ما يحدث في العالم من تغيرات، وما تتعرض له منطقتنا من إعادة ترتيب، وتصنيف، وتعريف، وربما تجريف، يستدعي أن نسأل أنفسنا: أين نضع أقدامنا؟
الإجابات تبدو غامضة أحيانا، وصادمة أحيانا أخرى، الطريق لبغداد، مثلا، يمر بالضرورة من طهران أو “قم”، الالتحام بالعمق العربي في نسخته الجديدة أصبح مرهونا بقبول الخلطة “الإبراهيمية”، الرهان على الديمقراطيين، برئاسة بايدن، للضغط على تل أبيب، وإعادة القضية الفلسطينية لطاولة التسوية على أساس ما قبل صفقة القرن يبدو مجرد وهم، وقد ثبت فشله تماما، البديل عن السلطة الفلسطينية التي تراجعت شرعيتها هو حماس التي أغلقنا أبواب الاتصال معها، إلا في مرات نادرة، إذا، يبقى سؤال أين نضع أقدامنا بلا إجابة واضحة.
أعرف أن أزمة الأدوار تحتاج لنقاش أعمق وأطول، لكن ما أخشاه هو أن نضطر لقبول أدوار لا تخدم مصالحنا الوطنية، أو أن نرفض أدوارا أخرى بصميم مصالحنا، إرضاء لغيرنا، هنا لا بد أن نتذكر بأن قدرتنا على انتزاع خياراتنا، وضمان قوتها ونجاحها، ثم فرضها على الآخرين، مرتبط بإعادة العافية للدولة الأردنية، وللأردنيين أيضا.
عنوان “إعادة العافية” لإدارة الدولة ومؤسساتها، وللجبهة الداخلية، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا، هو المبتدأ لأي خبر، سواء تعلق بالبحث عن دور مؤثر، أو إقامة تحالف وتعاون مشترك، أو تجنب تهديد وفرض أجندة من أي طرف.
الأردن القوي المتمكن والمتماسك، هو وحده القادر على حماية مصالحه، وتقليل خساراته، والإجابة على سؤال أين يضع قدمه، وكيف يتخذ قراره، وأنه رقم صعب يحسب حسابه بكل ما يفكر به الآخرون، الأصدقاء والأشقاء والأعداء، على حد سواء.
الغد
لاحظ أن السؤال يحتمل الإجابة بنعم أو لا، لاحظ، أيضا، أن الأوراق تتوزع بين خيارات أصبحت ضامرة ومحدودة، وبين اضطرارات تراكمت وتوسعت، لاحظ، أخيرا، أننا، ربما، أخطأنا بتقدير ما جرى من تحولات في العالم والإقليم، وأننا، أمام مرحلة تسديد الفواتير، وبالتالي أخشى ما أخشاه أننا استنزفنا ما كان لدينا من أدوار، وأرصدة سياسية.
القلق هنا مشروع لأسباب متعددة، منها أن الأدوار التي استثمرنا فيها سياسيا، على مدى العقود الماضية، تراجعت ولم تعد مهمة، خذ، مثلا، القضية الفلسطينية التي أصبحت قيد التصفية، خذ، ثانيا، العلاقة مع إسرائيل حيث انسحبت معظم الدول العربية نحو التطبيع، ولم نعد “دمغة” حصرية للعزل أو التمرير.
خذ، ثالثا، ملف مكافحة الإرهاب الذي أوشك أن يتبخر من المنطقة، خذ رابعا ملف استيعاب “المهجرين”، الذي تورطنا فيه ولم يعد العالم مشغولا بدفع استحقاقاته، كل هذه الأدوار أصبحت تنتسب إلى زمن مضى، كنا فيه نمارس دور الفاعل أو المؤثر، أو التدخل السريع، أو الحياد الإيجابي إذا اقتضى الأمر.
لا نستطيع، بحكم موقعنا الجيوسياسي، بكل ما يفرضه من اعتبارات واضطرارات، أن ننكفئ على أنفسنا، أو أن نعتمد “النأي بالنفس”، لأن كل ما يحدث حولنا سيصب عندئذ ضد مصالحنا الوطنية، هذه التي تحتاج لإعادة تعريف.
الآن، نكتشف، مثلا، أن فكرة إنشاء حلف عربي (ناتو إقليمي) لم تجد من يرحب بها عربيا، نكتشف، أيضا، أننا وضعنا إيران على أجندة تهديد أمننا أو مصالحنا، ثم اتضح أن ذلك ليس صحيحا، ولا مفيدا أيضا، نكتشف، ثالثا، أن علاقتنا مع تل أبيب أضرت بنا، ومن المؤكد أنها تشكل أكبر تهديد لبلدنا على المدى المنظور، لكننا لم نفعل ما يجب أن نفعله حتى الآن.
لا يكفي أن نطمئن لعلاقة جيدة مع واشنطن، ولا لمساعدات تتدفق من الأصدقاء الأوروبيين واليابانيين وغيرهم، فلا أحد يدفع لوجه الله، لا بد أن نفكر جديا بموازين تبادل المصالح، واقتناص الفرص والأدوار، صحيح المعادلات صعبة، وربما تكون مكلفة، لكن ما يحدث في العالم من تغيرات، وما تتعرض له منطقتنا من إعادة ترتيب، وتصنيف، وتعريف، وربما تجريف، يستدعي أن نسأل أنفسنا: أين نضع أقدامنا؟
الإجابات تبدو غامضة أحيانا، وصادمة أحيانا أخرى، الطريق لبغداد، مثلا، يمر بالضرورة من طهران أو “قم”، الالتحام بالعمق العربي في نسخته الجديدة أصبح مرهونا بقبول الخلطة “الإبراهيمية”، الرهان على الديمقراطيين، برئاسة بايدن، للضغط على تل أبيب، وإعادة القضية الفلسطينية لطاولة التسوية على أساس ما قبل صفقة القرن يبدو مجرد وهم، وقد ثبت فشله تماما، البديل عن السلطة الفلسطينية التي تراجعت شرعيتها هو حماس التي أغلقنا أبواب الاتصال معها، إلا في مرات نادرة، إذا، يبقى سؤال أين نضع أقدامنا بلا إجابة واضحة.
أعرف أن أزمة الأدوار تحتاج لنقاش أعمق وأطول، لكن ما أخشاه هو أن نضطر لقبول أدوار لا تخدم مصالحنا الوطنية، أو أن نرفض أدوارا أخرى بصميم مصالحنا، إرضاء لغيرنا، هنا لا بد أن نتذكر بأن قدرتنا على انتزاع خياراتنا، وضمان قوتها ونجاحها، ثم فرضها على الآخرين، مرتبط بإعادة العافية للدولة الأردنية، وللأردنيين أيضا.
عنوان “إعادة العافية” لإدارة الدولة ومؤسساتها، وللجبهة الداخلية، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا، هو المبتدأ لأي خبر، سواء تعلق بالبحث عن دور مؤثر، أو إقامة تحالف وتعاون مشترك، أو تجنب تهديد وفرض أجندة من أي طرف.
الأردن القوي المتمكن والمتماسك، هو وحده القادر على حماية مصالحه، وتقليل خساراته، والإجابة على سؤال أين يضع قدمه، وكيف يتخذ قراره، وأنه رقم صعب يحسب حسابه بكل ما يفكر به الآخرون، الأصدقاء والأشقاء والأعداء، على حد سواء.
الغد
نيسان ـ نشر في 2022/07/14 الساعة 00:00