المرأة عند شيوخ الفضائيات
نيسان ـ نشر في 2022/09/06 الساعة 00:00
يسود في أوساط أنصاف المتدينين على الفضائيات ومواقع التواصل، أنه يجب أن يكون لكل سلوك يسلكه الانسان حكم شرعي، وهذا الحكم الشرعي يجب أن يستند الى دليل نصي مباشر من السنة ثم القرآن، وإن لم يجدوا هذا الحكم، يذهبون الى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وزمن الصحابة، ويستدلون بأمور حدثت في زمن النبي، لا تدل على حكم، أي أنها ليست فتوى من صحابي، أو حكم في قضية أصدره رسول الله، مستنداً الى القرآن، وإنما تشير الى حالة مفردة لا تمثل الوضع الاجتماعي الذي كان سائداً زمن النبي، أو هو ورعٌ شخصي، كأن يغسل عمر ثوبه، أو يخصف نعله، فصار فعل عمر هذا في حق الأمة "الآن" جراء الاستدلال الخاطئ من بعض علماء الفضائيات حكماً شرعياً ملزماً، فيما يتعلق بوضع المرأة اجتماعياً، كما يراد لها في عصرنا المُتفلّت من القيم والثوابت والهارب من الأسرة والترابط الاجتماعي.
تقول روايات التراث التي وُضعت لزمنها فقط: كان أبو بكر قبل الخلافة يحلب للحي فلما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحي: الآن لا يحلب لنا «أغنام» دارنا، فسمعها ابو بكر، فطمأنها أنه سيستمر على عادته في حلب أغنام الحي، وهذا كلام لا يعتد به لتهافته، فرجل الدولة الذي بدأ حكمه بحروب الردة، يترك ذلك ويحلب الغنم للفتيات المُترَفات!! والذي يقول إن بعض الصحابة يعجنون ويطبخون لعائلاتهم ثم يخرجون الى مهامهم الخارجية، أناس لا يحترمون عقولهم ولا عقول الناس، وأعطوا للمغرضين الفرصة لتحقيق أهدافهم في هدم الأسرة.. فالعرف والعادة السائدة في ذلك الزمن كانت قد رسخت واقعاً اجتماعياً لشكل المرأة ومهامها شكل الرجل ومهامه أقره الاسلام واستمر..
السبب في طرح الموضوع، هو التصريح الذي تناقلته الصحف الالكترونية ومواقع التواصل منسوبا الى الدكتورة هبه قطب أنها قالت: "مفيش سند شرعي أو قانوني يُجبر المرأة على أن تطبخ أو تغسل لزوجها".
صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال استوصوا بالنساء خيراً، ورفقاً بالقوارير، وهذا يعني الاهتمام بالمرأة واحترامها وتقديرها، وليس جعلها معطلة، مربوطة في بيتها لا تفعل شيئاً سوى الانجاب، ومتابعة الموضة، وعلى الرجل أن يقوم بأعمال البيت، ثم يغادر الى عمله خارج البيت..!!
وبالمناسبة إذا الأمر يتعلق بالنصوص، لا يوجد أيضا نص يلزم الرجل بذلك..
وإليكم بعض الأمثلة المرتبكة، والمتناقضة فيما ورد في كتب التراث التي يتكئ عليها هؤلاء.
* عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجدَ لغيرِ اللهِ ، لأمرتُ المرأةَ أن تسجدَ لزوجِها، والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، لا تؤدِّي المرأةُ حقَّ ربِّها ، حتى تؤدِّيَ حقَّ زوجِها كلَّه، حتى لو سألها نفسَها و هي على قَتَبٍ لم تمنَعْه.
التناقض يكمن في أنهم أوصلوها الى حد العبودية والخضوع لزوجها، من جانب، ومن جانب آخر جعلوها عاملة بأجر فيما يتعلق بتعاملها مع أطفالها وبيتها، ولم يتركوها لدينها وخلقها. مع أن الاحكام التي وردت في بيان وضع المرأة في الارضاع وغيره لم تنزل لوضع الحياة الزوجية الطبيعي، بل تستعمل إذا حصل طلاق!!.
ثم اليكم الارتباك، والذي يتردد بين النقيض والنقيض ! يري جمهور علماء الأمة، وهم يفتون بعدم وجوب عمل المرأة في بيت زوجها!! حيث ذَهبَ الجمهورُ من الشافعية، والحنابلة، وجماعة من المالكية إلى أنّ عملَ المرأةِ في بيت زوجها لا يكون واجباً عليها، إنّما يجوز لها فعلُ ذلك، كما أنّ الأولى لها أن تفعلَ ما جرت به العادةُ من خدمة الزوج، وأعمال البيت، باعتبار ذلك من مكارمِ الأخلاق..
وانظروا الى الإستدلال العجيب لأصحابُ هذا الرأي، حيث يقولون: إنّ الأحاديثَ النبوية الشريفة لم تدلَّ على وجوبِ خدمةِ المرأةِ لزوجها، كما أنّ المهر الذي يقدمه الرجلُ لزوجته إنّما يكون مقابلَ الاستمتاع! وليس مقابلَ تسخيرِ الزوج لزوجته في العمل، والمنفعة!!!.
مَن قال إنه إذا لم يوجد نص في الأحاديث على رعاية المرأة بيتها معناه أنها تجلس ولا ترفع يدها على شيء، وتهتم بأظافرها وعلى الرجل أن يقوم بهذا الدور مع أنه لا يوجد نص..!! لماذا أعفيتم المرأة من العمل في بيتها لعدم وجود نص، وألزمتم الرجل بالعمل في المنزل مع أنه لا يوجد نص يلزمه، ولم تبينوا الطريقة التي يوفق بها الرجل بين البيت ومهامه الأخرى.. وخاصة إذا كان لا يستطيع اتخاذ خادم؟!!
ثم يقولون: جائز ، والأولى، أن تعمل حسب العرف والعادة.!! وهذا كلام غير فقهي، لأنه لا يستند الى نص كما ألزموا هم أنفسهم، ولم يستخدموا الطريقة الصحيحة في استنباط الحكم.. فقط يتلقفون خبراً من التراث، لا يعرفون مدى صحته ويصدرون حكماً، من أجل أن يعبثوا بحياة الأسر ويخربوا البيوت!!.
الأسرة مهددة، وأقوى ركن فيها هو المرأة، فإذا هُدم هذا الركن انهدمت الأسرة، وانهدم المجتمع، وهؤلاء الذين يفتون على الفضائيات بدون علم، وبدون وعي، وبدون سند شرعي، ماهم إلا هدامون بجهل، أو متآمرون.!
إن لم يكونوا متآمرين على المرأة في هذا الحال، فهم متآمرون على الأمة، ويبحثون عن الشهرة والتلاعب بالدين، كل ما يقولونه هو اساءة للمرأة وازدراء لها، وتعدٍ على حريتها وحصرها في الامتاع والحمل والولادة.. وجعلوها سلعة ليس لها ارادة ولا حرية ولا كيان، كونها من أملاك الرجل..
قالوا كثيراً في الروايات والآراء قديماً وحديثاً، وأساؤوا للرجل والمرأة مع أن الحقيقة كل طرف في العلاقة الزوجية يخدم الآخر فيما يحسنه ويناسبه، وغفلوا عن مفهوم قرآني غاية في الروعة عن العلاقة الزوجية، وهو "السّكن" القائم على التعاون والمودة والرحمة، والتي تجعل من الأسرة مؤسسة متوازنة تكون لبنة في مجتمع قوي متعاون، لا تسلط فيه ولا جور..
قال تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون..
تقول روايات التراث التي وُضعت لزمنها فقط: كان أبو بكر قبل الخلافة يحلب للحي فلما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحي: الآن لا يحلب لنا «أغنام» دارنا، فسمعها ابو بكر، فطمأنها أنه سيستمر على عادته في حلب أغنام الحي، وهذا كلام لا يعتد به لتهافته، فرجل الدولة الذي بدأ حكمه بحروب الردة، يترك ذلك ويحلب الغنم للفتيات المُترَفات!! والذي يقول إن بعض الصحابة يعجنون ويطبخون لعائلاتهم ثم يخرجون الى مهامهم الخارجية، أناس لا يحترمون عقولهم ولا عقول الناس، وأعطوا للمغرضين الفرصة لتحقيق أهدافهم في هدم الأسرة.. فالعرف والعادة السائدة في ذلك الزمن كانت قد رسخت واقعاً اجتماعياً لشكل المرأة ومهامها شكل الرجل ومهامه أقره الاسلام واستمر..
السبب في طرح الموضوع، هو التصريح الذي تناقلته الصحف الالكترونية ومواقع التواصل منسوبا الى الدكتورة هبه قطب أنها قالت: "مفيش سند شرعي أو قانوني يُجبر المرأة على أن تطبخ أو تغسل لزوجها".
صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال استوصوا بالنساء خيراً، ورفقاً بالقوارير، وهذا يعني الاهتمام بالمرأة واحترامها وتقديرها، وليس جعلها معطلة، مربوطة في بيتها لا تفعل شيئاً سوى الانجاب، ومتابعة الموضة، وعلى الرجل أن يقوم بأعمال البيت، ثم يغادر الى عمله خارج البيت..!!
وبالمناسبة إذا الأمر يتعلق بالنصوص، لا يوجد أيضا نص يلزم الرجل بذلك..
وإليكم بعض الأمثلة المرتبكة، والمتناقضة فيما ورد في كتب التراث التي يتكئ عليها هؤلاء.
* عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجدَ لغيرِ اللهِ ، لأمرتُ المرأةَ أن تسجدَ لزوجِها، والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، لا تؤدِّي المرأةُ حقَّ ربِّها ، حتى تؤدِّيَ حقَّ زوجِها كلَّه، حتى لو سألها نفسَها و هي على قَتَبٍ لم تمنَعْه.
التناقض يكمن في أنهم أوصلوها الى حد العبودية والخضوع لزوجها، من جانب، ومن جانب آخر جعلوها عاملة بأجر فيما يتعلق بتعاملها مع أطفالها وبيتها، ولم يتركوها لدينها وخلقها. مع أن الاحكام التي وردت في بيان وضع المرأة في الارضاع وغيره لم تنزل لوضع الحياة الزوجية الطبيعي، بل تستعمل إذا حصل طلاق!!.
ثم اليكم الارتباك، والذي يتردد بين النقيض والنقيض ! يري جمهور علماء الأمة، وهم يفتون بعدم وجوب عمل المرأة في بيت زوجها!! حيث ذَهبَ الجمهورُ من الشافعية، والحنابلة، وجماعة من المالكية إلى أنّ عملَ المرأةِ في بيت زوجها لا يكون واجباً عليها، إنّما يجوز لها فعلُ ذلك، كما أنّ الأولى لها أن تفعلَ ما جرت به العادةُ من خدمة الزوج، وأعمال البيت، باعتبار ذلك من مكارمِ الأخلاق..
وانظروا الى الإستدلال العجيب لأصحابُ هذا الرأي، حيث يقولون: إنّ الأحاديثَ النبوية الشريفة لم تدلَّ على وجوبِ خدمةِ المرأةِ لزوجها، كما أنّ المهر الذي يقدمه الرجلُ لزوجته إنّما يكون مقابلَ الاستمتاع! وليس مقابلَ تسخيرِ الزوج لزوجته في العمل، والمنفعة!!!.
مَن قال إنه إذا لم يوجد نص في الأحاديث على رعاية المرأة بيتها معناه أنها تجلس ولا ترفع يدها على شيء، وتهتم بأظافرها وعلى الرجل أن يقوم بهذا الدور مع أنه لا يوجد نص..!! لماذا أعفيتم المرأة من العمل في بيتها لعدم وجود نص، وألزمتم الرجل بالعمل في المنزل مع أنه لا يوجد نص يلزمه، ولم تبينوا الطريقة التي يوفق بها الرجل بين البيت ومهامه الأخرى.. وخاصة إذا كان لا يستطيع اتخاذ خادم؟!!
ثم يقولون: جائز ، والأولى، أن تعمل حسب العرف والعادة.!! وهذا كلام غير فقهي، لأنه لا يستند الى نص كما ألزموا هم أنفسهم، ولم يستخدموا الطريقة الصحيحة في استنباط الحكم.. فقط يتلقفون خبراً من التراث، لا يعرفون مدى صحته ويصدرون حكماً، من أجل أن يعبثوا بحياة الأسر ويخربوا البيوت!!.
الأسرة مهددة، وأقوى ركن فيها هو المرأة، فإذا هُدم هذا الركن انهدمت الأسرة، وانهدم المجتمع، وهؤلاء الذين يفتون على الفضائيات بدون علم، وبدون وعي، وبدون سند شرعي، ماهم إلا هدامون بجهل، أو متآمرون.!
إن لم يكونوا متآمرين على المرأة في هذا الحال، فهم متآمرون على الأمة، ويبحثون عن الشهرة والتلاعب بالدين، كل ما يقولونه هو اساءة للمرأة وازدراء لها، وتعدٍ على حريتها وحصرها في الامتاع والحمل والولادة.. وجعلوها سلعة ليس لها ارادة ولا حرية ولا كيان، كونها من أملاك الرجل..
قالوا كثيراً في الروايات والآراء قديماً وحديثاً، وأساؤوا للرجل والمرأة مع أن الحقيقة كل طرف في العلاقة الزوجية يخدم الآخر فيما يحسنه ويناسبه، وغفلوا عن مفهوم قرآني غاية في الروعة عن العلاقة الزوجية، وهو "السّكن" القائم على التعاون والمودة والرحمة، والتي تجعل من الأسرة مؤسسة متوازنة تكون لبنة في مجتمع قوي متعاون، لا تسلط فيه ولا جور..
قال تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون..
نيسان ـ نشر في 2022/09/06 الساعة 00:00