عمان الأردن والأردن عمان

رمزي الغزوي
نيسان ـ نشر في 2022/09/12 الساعة 00:00
ما زال في ضحكة حكاياتنا القديمة ذلك القروي الذي رجع مدهوشاً ذات صيف؛ واصفاً حال المدينة التي زارها للمرة الأولى: (ارفع رجلك؛ كي أضع رجلي)، معبراً عن مدى الزحمة والتزاحم، وكثرة الخلائق في الطرقات والدروب، لدرجة أنك ستطلب من الذي أمامك، أن يرفع قدمه؛ كي تضع خطوتك مكانها.
ولربما بدهشة أقل سنتلقى خبراً من بعض الإحصاءات التي تفيد بأن سكان عمان العاصمة يتجاوزون الملايين الأربعة، وسنبحث ما يدلل على سبب تزاحم الأقدام بأن تسعة وثمانين بالمائة من فرص العمل تخلق وتتوافر فيها. ولهذا لا عجب إن رفع السؤال صوته الواخز المحشرج: أين ذهبت مشاريع التنمية في الأطراف من قرى وبلدات وبوادٍ في الجنوب والشمال؟!، وأين وصلت مشاريع اللامركزية وكيف نقيم استراتيجيات المناطق التنموية؟، بل كيف اضمحلت وتلاشت خطط تثبيت الناس في قراهم وبلداتهم بعد مدهم بالخدمات وفرص العمل؟!، أم أننا فشلنا فشلاً ذريعاً في وقف الهجرة من الريف والبادية إلى عمان لدرجة أن الأردن صارت عمان، وعمان الأردن، على وجه الحقيقة الساطعة.
نحب عمان ونعشقها فهي تاج مهجتنا وشغاف قلوبنا، ولكن هذا لا يعني أن نحييها ونطورها على حساب باقي مدننا وأقاليمنا وأريافنا، فالأمر سيخلو من العدالة في توزيع الخدمات وتكافؤ الفرص، والعمل، وحظوظ التنمية والرقي. ولهذا سيعذر الناس وبالأخص الشباب، إن حجوا إليها، فالكل يريدها ويرحل إليها، ويفكر فيها، فالرزق كل الرزق فيها، وكذلك القرار، والسياسة، والثقافة، والرياضة، والنشاطات والترفيه والحياة. فهل هذا حصاد يليق بكل تلك السنوات من خطط وتطلعات ظلت حبيسة الأدراج؟.
عمان تعاني الازدحام المتفاقم يوما إثر يوم، بعد أن توسعت على شكل طفرة عمرانية وسكانية، أي ليس توسعاً متمهلاً يفضي إلى توازٍ منتظم في الخدمات، يتوافق مع الانفجار السكاني الذي يجتاحنا، وهذا أمر مفزع لأنه مرشح لمزيد من التفاقم، ما دام تسعة أعشار الرزق في عمان.
ولنتذكر أنه في دول كثيرة تكون المئتا كيلو متراً لا شيئ، فالمواصلات سهلة وسريعة ومتاحة، مما يعني أنه حتى لو إضطر ابن الكرك، أو ابن حرثا، ان يعملا في سحاب فأمر المواصلات محصول بالسهولة والوفرة، لا أن ينفق ابن الطفيلة وابن أم قيس ثلث يومه في الوصول إلى عمله في عمان. فهذا الذي يؤخر عجلة التنمية في قرانا وأريافنا بعد أن تفرغ من قواها البشرية، فهل عمان هي الأردن، والعكس صحيح ايضاً؟.الدستور
    نيسان ـ نشر في 2022/09/12 الساعة 00:00