مئوية دولة القانون والفزعة

د. معن نصر العليان
نيسان ـ نشر في 2022/09/16 الساعة 00:00
التشريعات والقوانين وضعت لتنظيم العلاقة بين راسم ومشرع القانون وبين مطبق القانون والمشرف على تطبيق القانون للوصول الى حالة صحية تمنع الخطأ او الاستغلال والحث على مجموعة من القيم التي من خلالها يتحقق الرقي المجتمعي وتوفير شيء من جودة الحياة للناس.
إذا تم الاخلال بأحد الأهداف سابقة الذكر والتي تتمحور بتطوير القطاع او تحسين ظروف الناس في قطاع محدد، خرج القانون والتشريع عن هدفه، لم يكن يوما التشريع والقانون هو لانزال العقاب او فرض الغرامات، القانون هو داعم ومعزز لصنع حالة صحية مكتملة الجوانب، ما يحدث من كوارث في ربوع هذه الأرض ما هو الا فشل كبير في ألية تطبيق القانون، ما يحدث هنا وهناك من تهرب او كسر للقانون هو الفشل بالتطبيق وعدم مراعاة احتياجات مطبق القانون كذلك هو يرمز الى حالة من انعدام الاستيعاب والفهم للحالة الحالية بين راسم التشريع والمطبق للتشريع والمشرف على تطبيق التشريع.
للأسف الكم الهائل من القوانين والأنظمة والتشريعات الموجودة الان لم ترتقي بالبيئات الأردنية بكل أنواعها وبعد مئة عام مازالت الفجوة تكبير بين المشرع والمطبق والمراقب يوما بعد يوم. اين الخلل؟ الخلل يكمن بأن المشرع يرغب بتحقيق مجموعة اهداف لديه دون الاعتبار لاحتياجات متلقي التشريع او المطبق له، وانعدام التغذية الراجعة بين المشرع والمتلقي للقانون او التشريع مما خلق الفجوة التي تدفع متلقي التشريع لكسر القانون او الهروب من تطبيقه لان هذا القانون أكبر وأصعب من متلقي القانون لتطبيقه او على الأقل التأقلم معه. القانون او التشريع يجب ان يكون الحامي والداعم لمتلقي القانون او التشريع، ويجب ان يفهم المشرع او راسم القانون ان متلقي القانون او مطبق القانون هو الأساس بوضع اركان القانون التي تخدم مصلحته في أطار سليم صحي داعم له والذي من خلاله نستطيع الرقي والتقدم.
الفزعة ورد الفعل الذي نراه بعد كل كارثه هي أحد نتائج التشريع الفاشل والتطبيق الفاشل للقانون وهو إشارة مهمة الى فشل منهجية التطبيق كذلك، يجب التعلم من الأخطاء، وعدم تكرار نفس النهج وننتظر نتائج مختلفة!! القانون او التشريع الذي لا يراعي البيئات المختلفة واحتياجات الناس ويركز على العقوبات هو ابعد ما يكون الداعم للسلوك الجيد، بدل ان يكون القانون او التشريع عبارة عن عقوبة او غرامة لماذا لا يكون القانون والتشريع موجه وداعم ومحفز للالتزام باركان القانون! الفزعة ورد الفعل في الالفية الثالثة غير مقبول او مفهوم او مبرر يكفي فزعات ويكفي رد فعل وليكون الانسان صحيا ونفسيا وماديا هو المحور الأساس للتعامل معه. لنغير طريقة التعاطي مع القانون وتطبيقه لنشرك جميع من يعنيهم القانون بوضع القانون الذي يراعي ظروف الجميع، كذلك تطبيق القانون والتعامل معه من الجهات الإشراقية مازال بدائي. مازالت العقوبات والغرامات هي الهدف وما زال التعليم والدعم والتدريب مفقود.
كارثة هنا، وفزعة هناك، فجوة وراء فجوة، وكل يوم الفجوات تكبر!
    نيسان ـ نشر في 2022/09/16 الساعة 00:00