الأردن بانتظار الخطوة الملكية في 'التسريبات' و'الطاقم' و'لحم الإصلاح'
نيسان ـ نشر في 2022/09/30 الساعة 00:00
انتهت فعاليات الدورة الاستثنائية لبرلمان الأردن اعتباراً من الخميس بعد صدور إرادة ملكية بفض تلك الدورة، وبدأ التحضير فوراً لأدورة البرلمان العادية التي تبدأ في 13 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل وفقاً لنص إرادة ملكية ثانية صدرت بالتزامن.
يعني ذلك ببساطة، سياسياً وتشريعياً، بأن مسار المؤسسة البرلمانية واضح ومحدد اعتباراً من بداية انعقاد الدورة العادية المقبلة يوم 13 نوفمبر حتى بداية أو منتصف إبريل المقبل، دون حسم هوية من سيجلس على منصة رئاسة مجلس النواب منتصف تشرين الثاني المقبل، ودون أيضاً حسم هوية من سيقابل رئيسي السلطة التشريعية في مجلسي الأعيان والنواب منتصف نوفمبر أيضاً باسم مجلس الوزراء أو رئاسة السلطة التنفيذية.
وبالرغم من ضجيج الحديث عن تغيير أو تعديل وزاري استعداداً لانعقاد دورة البرلمان العادية المقبلة، لا تبرز قرائن وأدلة مرجعية مباشرة توحي بأن التكهنات أو الشائعات أو حتى التوقعات التي تتداولها الصالونات السياسية في طريقها للنفاذ وفوراً. يحصل ذلك فيما تتزاحم القراءات التي تفترض بأن عودة الملك عبد الله الثاني بعد إنهاء رحلته الخارجية الرسمية إلى اليابان وبريطانيا والولايات المتحدة تؤذن منطقياً ومن حيث التوقيت الزمني، بأن الفرصة متاحة لاستحقاقات التغيير أو التعديل، سواء في مناصب عليا أو في الطاقم الوزاري، أو في الأطقم الأخرى مادامت البلاد تستعد وتتجهز داخلياً لاستحقاقين في غاية الأهمية، هما الدورة العادية المقبلة المحدد موعدها الآن في تشرين الثاني للبرلمان، وأيضاً الخطط التنفيذية والإجرائية المطلوبة من السلطة التنفيذية، أي الحكومة بالتراتبية الزمنية لإكساء عظام ثلاث وثائق مرجعية أنجزت مؤخراً لحماً تشريعياً وبيروقراطياً في زاوية التنفيذ. الحديث طبعاً هنا عن استحقاقات التحديث السياسي والتمكين الاقتصادي وخطة تطوير الإدارة العامة والقطاع العام.
رافعة نحو المستقبل
تلك ثلاث وثائق، في رأي البرلماني والسياسي المعروف محمد الحجوج، تشكل رافعة نحو المستقبل. والاستعداد من الجميع في مؤسسات الحكومة والبرلمان والمؤسسات الشعبية ينبغي أن يرتقي إلى الجاهزية المطلوبة بعد الرؤية الملكية التي دعمت مسار التحديث والتمكين والإصلاح، وفقاً لما فهمته «القدس العربي» من الحجوج وغيره من المراقبين، فرشت الأرض بوثائق مرجعية نتجت عن حوار شارك به الجميع، والخطوة التالية على مؤسسات المجتمع المدني والسلطات التنفيذية. بمعنى آخر، الرؤية التنفيذية والإجرائية لخطط التمكين والتحديث والإصلاح يفترض أن تولد بتسارع الآن بعدما دخلت في نطاق الاستحقاق بمجرد تحديد موعد انعقاد دورة البرلمان العادية المقبلة، فالاشتباك حتمي في التفاصيل هنا قبل الربيع المقبل بالعام 2023 بين السلطتين على أساس إدامة العلاقة إيجابياً، والتفاعل والتجاوب تشريعياً، مع الحالة الجديدة في البلاد.
وعليه، يصبح وجود كيمياء وقدرة على التفاهم بين منصبين محددين جوهراً أساسياً في الخطة الموضوعة. وهذان المنصبان هما رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، لأن إسقاط توصيات وثائق الإصلاح على الأرض وفي الواقع هو المرحلة الأكثر حساسية والتي تتطلب جهداً يرتقي -برأي الحجوج وغيره- إلى مستوى الرؤية التي أطلقها القصر ودعمها.
سؤال مرتبط بألغاز
هل يشهد المسار السياسي الداخلي صناعة كيمياء من هذا النوع؟ سؤال مرتبط بأسرار وألغاز العلاقة بين السلطتين، وأغلب التقدير أن هوية رئيس الوزراء الذي سيقابل رئيس مجلس النواب في الدورة العادية المقبلة تؤثر في مجريات الانتقاء والاختيار والدعم، والعكس صحيح. ومن يراقبون مستجدات المشهد البرلماني اليوم يعكسون شعور النخب بأن فرصة التعايش بين الرئيسين، الخصاونة والدغمي، مرة جديدة تبدو أضعف منها الشهر الماضي.
ثمة «زحام» مرصود على موقع رئيس مجلس النواب، وثمة أسماء تطرح نفسها، ومن المرجح أن الدغمي راغب في البقاء في موقعه، وأن المفارقة المرتبطة بمصالح التفاعل المشترك بين السلطتين تبقى أساسية في التفكيك والإرباك وهي تطرح سؤالاً مكرراً: أيهما أقل كلفة على السلطة التنفيذية.. وجود الدغمي على منصة الرئاسة مجدداً، أم انتقاله إلى مقعده النيابي تحت القبة؟
طبعاً، سؤال يطرحه كثيرون لكن بصمت. بالمقابل، الاعتقاد جازم بأن استحقاقات لا يستهان بها في طريقها مرة للفعل وأخرى لرد الفعل بعد عودة الملك مباشرة، ولعل من أبرزها حسم الصورة منعاً لتداعياتها بعد واقعة التسريبات الصوتية ضد مدير الأمن العام الأسبق الذي اشتكى للقضاء الآن وبدأت النيابة التحقيق بشكواه.
ذلك بمعنى تحديد الخطوة التالية وقراءة مخاطر ما حصل في العمق ووضع ضمانات لعدم تكراره. وهو حسم يمكن القول بعيداً عن التفاصيل إن الدولة تحتاجه اليوم أكثر من الرأي العام؛ لأن مطب وكمين التسريبات ظهر مجدداً وبطريقة دراماتيكية، وإن الاختبار مع الحديث عن استعداد لدورة البرلمان العادية المقبلة متاح بكثافة اليوم لحسم الهوامش ما بين سيناريو التعيين الوزاري أو الانتقال إلى نظرية بعنوان «التغيير الوزاري». وفي الطريق وأيضاً بالتوازي، حسم الاستفسار عن نظرية إعادة تكليف رئيس الوزراء الحالي بتشكيل حكومة جديدة.
كل الخيارات محتملة، لكن المناخ العام في الأردن وبعد عودة الملك حصراً ثم صدور إرادتين ملكيتين صباح الخميس وبعد ساعات من عودة الملك، يوحي مجرد إيحاء بأن العالق من بعض الملفات والتداعيات والاستحقاقات يقترب من لحظة الحسم والقرار، لكن بتراتبية زمنية ليس بالضرورة أن تنسجم مع ما يقال في الشارع والدواوين والمجالسات، فالتوقيت نفسه قرار. وفيما يستعجل الجميع الأمور، قد يكون التمهل قليلاً في المقابل قراراً.
يعني ذلك ببساطة، سياسياً وتشريعياً، بأن مسار المؤسسة البرلمانية واضح ومحدد اعتباراً من بداية انعقاد الدورة العادية المقبلة يوم 13 نوفمبر حتى بداية أو منتصف إبريل المقبل، دون حسم هوية من سيجلس على منصة رئاسة مجلس النواب منتصف تشرين الثاني المقبل، ودون أيضاً حسم هوية من سيقابل رئيسي السلطة التشريعية في مجلسي الأعيان والنواب منتصف نوفمبر أيضاً باسم مجلس الوزراء أو رئاسة السلطة التنفيذية.
وبالرغم من ضجيج الحديث عن تغيير أو تعديل وزاري استعداداً لانعقاد دورة البرلمان العادية المقبلة، لا تبرز قرائن وأدلة مرجعية مباشرة توحي بأن التكهنات أو الشائعات أو حتى التوقعات التي تتداولها الصالونات السياسية في طريقها للنفاذ وفوراً. يحصل ذلك فيما تتزاحم القراءات التي تفترض بأن عودة الملك عبد الله الثاني بعد إنهاء رحلته الخارجية الرسمية إلى اليابان وبريطانيا والولايات المتحدة تؤذن منطقياً ومن حيث التوقيت الزمني، بأن الفرصة متاحة لاستحقاقات التغيير أو التعديل، سواء في مناصب عليا أو في الطاقم الوزاري، أو في الأطقم الأخرى مادامت البلاد تستعد وتتجهز داخلياً لاستحقاقين في غاية الأهمية، هما الدورة العادية المقبلة المحدد موعدها الآن في تشرين الثاني للبرلمان، وأيضاً الخطط التنفيذية والإجرائية المطلوبة من السلطة التنفيذية، أي الحكومة بالتراتبية الزمنية لإكساء عظام ثلاث وثائق مرجعية أنجزت مؤخراً لحماً تشريعياً وبيروقراطياً في زاوية التنفيذ. الحديث طبعاً هنا عن استحقاقات التحديث السياسي والتمكين الاقتصادي وخطة تطوير الإدارة العامة والقطاع العام.
رافعة نحو المستقبل
تلك ثلاث وثائق، في رأي البرلماني والسياسي المعروف محمد الحجوج، تشكل رافعة نحو المستقبل. والاستعداد من الجميع في مؤسسات الحكومة والبرلمان والمؤسسات الشعبية ينبغي أن يرتقي إلى الجاهزية المطلوبة بعد الرؤية الملكية التي دعمت مسار التحديث والتمكين والإصلاح، وفقاً لما فهمته «القدس العربي» من الحجوج وغيره من المراقبين، فرشت الأرض بوثائق مرجعية نتجت عن حوار شارك به الجميع، والخطوة التالية على مؤسسات المجتمع المدني والسلطات التنفيذية. بمعنى آخر، الرؤية التنفيذية والإجرائية لخطط التمكين والتحديث والإصلاح يفترض أن تولد بتسارع الآن بعدما دخلت في نطاق الاستحقاق بمجرد تحديد موعد انعقاد دورة البرلمان العادية المقبلة، فالاشتباك حتمي في التفاصيل هنا قبل الربيع المقبل بالعام 2023 بين السلطتين على أساس إدامة العلاقة إيجابياً، والتفاعل والتجاوب تشريعياً، مع الحالة الجديدة في البلاد.
وعليه، يصبح وجود كيمياء وقدرة على التفاهم بين منصبين محددين جوهراً أساسياً في الخطة الموضوعة. وهذان المنصبان هما رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، لأن إسقاط توصيات وثائق الإصلاح على الأرض وفي الواقع هو المرحلة الأكثر حساسية والتي تتطلب جهداً يرتقي -برأي الحجوج وغيره- إلى مستوى الرؤية التي أطلقها القصر ودعمها.
سؤال مرتبط بألغاز
هل يشهد المسار السياسي الداخلي صناعة كيمياء من هذا النوع؟ سؤال مرتبط بأسرار وألغاز العلاقة بين السلطتين، وأغلب التقدير أن هوية رئيس الوزراء الذي سيقابل رئيس مجلس النواب في الدورة العادية المقبلة تؤثر في مجريات الانتقاء والاختيار والدعم، والعكس صحيح. ومن يراقبون مستجدات المشهد البرلماني اليوم يعكسون شعور النخب بأن فرصة التعايش بين الرئيسين، الخصاونة والدغمي، مرة جديدة تبدو أضعف منها الشهر الماضي.
ثمة «زحام» مرصود على موقع رئيس مجلس النواب، وثمة أسماء تطرح نفسها، ومن المرجح أن الدغمي راغب في البقاء في موقعه، وأن المفارقة المرتبطة بمصالح التفاعل المشترك بين السلطتين تبقى أساسية في التفكيك والإرباك وهي تطرح سؤالاً مكرراً: أيهما أقل كلفة على السلطة التنفيذية.. وجود الدغمي على منصة الرئاسة مجدداً، أم انتقاله إلى مقعده النيابي تحت القبة؟
طبعاً، سؤال يطرحه كثيرون لكن بصمت. بالمقابل، الاعتقاد جازم بأن استحقاقات لا يستهان بها في طريقها مرة للفعل وأخرى لرد الفعل بعد عودة الملك مباشرة، ولعل من أبرزها حسم الصورة منعاً لتداعياتها بعد واقعة التسريبات الصوتية ضد مدير الأمن العام الأسبق الذي اشتكى للقضاء الآن وبدأت النيابة التحقيق بشكواه.
ذلك بمعنى تحديد الخطوة التالية وقراءة مخاطر ما حصل في العمق ووضع ضمانات لعدم تكراره. وهو حسم يمكن القول بعيداً عن التفاصيل إن الدولة تحتاجه اليوم أكثر من الرأي العام؛ لأن مطب وكمين التسريبات ظهر مجدداً وبطريقة دراماتيكية، وإن الاختبار مع الحديث عن استعداد لدورة البرلمان العادية المقبلة متاح بكثافة اليوم لحسم الهوامش ما بين سيناريو التعيين الوزاري أو الانتقال إلى نظرية بعنوان «التغيير الوزاري». وفي الطريق وأيضاً بالتوازي، حسم الاستفسار عن نظرية إعادة تكليف رئيس الوزراء الحالي بتشكيل حكومة جديدة.
كل الخيارات محتملة، لكن المناخ العام في الأردن وبعد عودة الملك حصراً ثم صدور إرادتين ملكيتين صباح الخميس وبعد ساعات من عودة الملك، يوحي مجرد إيحاء بأن العالق من بعض الملفات والتداعيات والاستحقاقات يقترب من لحظة الحسم والقرار، لكن بتراتبية زمنية ليس بالضرورة أن تنسجم مع ما يقال في الشارع والدواوين والمجالسات، فالتوقيت نفسه قرار. وفيما يستعجل الجميع الأمور، قد يكون التمهل قليلاً في المقابل قراراً.
نيسان ـ نشر في 2022/09/30 الساعة 00:00