القراءة: أساسيات ومتابعة وتصفح وفوضى
نيسان ـ نشر في 2022/10/01 الساعة 00:00
تشكل القراءة المصدر الرئيسي والأكثر أهمية لبناء المعارف والمهارات وتطوير الأعمال والتخصصات ومتابعة الشأن العام والمهني والتعلم الذاتي والتعليم المستمر، ويحتاج القارئ والمثقف أن يركز جهده ويوظف الوقت المتاح لأجل مناهج وعادات قرائية مفيدة وليتجنب التشتت الهدر، وليميز المفيد والمهم وما يحتاج اليه في ظل انفجار المعرفة.
الأساسيات:
يحتاج كل إنسان أن يلم بمبادئ الثقافة العامة المكونة للمعرفة الأساسية. وهذه تتكون من قراءة الكتب الأساسية والتقليدية في المعارف والتخصصات المكونة للشخصية، وهي التاريخ والفلسفة والدين والمعرفة العامة والعلمية والآداب والفنون والاجتماع والاقتصاد والسياسة وعلم النفس.
ويوجد في كل فرع أو باب للمعرفة كتب أساسية وكلاسيكية. ففي القواعد الأساسية المنظمة للحياة والاجتماع يمكن اقتراح كتب مثل العدالة كإنصاف/ جون رولز، وفكرة العدالة/ امارتيا سن/ والحرية/ اشعيا برلين، وعلم الجمال/ هيغل. والمدينة عبر العصور/ لويس ممفورد، والمدينة العتيقة/ وستيل دي كولانج، وروح الشرائع/ مونتسكيو. وفي الدين هناك الكتب المقدسة، ويجب على المثقف أن يقرأ لمرة واحدة على الأقل الكتب الأساسية للأديان الكبرى والعامة، اليهودية والمسيحية والإسلام والهندوسية والبوذية والتاوية والشنتوية والبهائية، وللمسلمين يجب أن يقرأ كل مسلم إضافة إلى القرآن الحديث النبوي، وأفضل كتاب يقدم السنة النبوية هو رياض الصالحين للإمام النووي.
وتعد الأساطير مصدرا ملهما للفكر الإنساني ومن أهمها الياذا واوديسا والتحولات (أو مسخ الكائنات) وبهابهارتا ورامايانا، وجلجامش ويلحق بها قصص الأمم وتراثها الأسطوري والقصصي، مثل ألف ليلة وليلة، وديكاميرون، وقصص وأساطير الشعوب والأمم مثل الأفارقة والهنود الأمريكان.
وفي التاريخ أقترح كتاب تاريخ البشرية لأرنولد توينبي، ومجموعة اريك هوبز باوم (عصر الثورة، عصر رأس المال، عصر الامبراطورية، عصر التطرفات) وفي الفلسفة مدخل إلى الفلسسفة لعبد الرحمن بدوي و أو مباهج الفلسفة/ ول ديورانت، وهناك كتب أخرى كثيرة في مداخل الفلسفة، وفي الاقتصاد كتاب رأس المال لكارل ماركس وثروة الأمم/ آدم سميث، وكتاب علم الاقتصاد/ بول أ. سامويلسون، ووليام د. نورد هاوس، والتقرير السنوي للأمم المتحدة عن التنمية البشرية في العالم، والتقرير السنوي للبنك الدولي عن التنمية في العالم، وفي السياسة الحكم المدني/جون لوك، ولفياثان/ توماس هوبز، والأمير/ مكيافيلي، وفي علم النفس يعتبر اريك فروم أفضل من كتب اللمثقفين، مثل فن الإصغاء، وفن الوجود، وفن الحب، لكنه لا يغني عن قراءة فرويد ويونغ وادلر، وأنصح بكتب فن العيش الحكيم لشوبنهاور وهكذا تكلم زرادشت لنيتشه، واللامنتمي لكولن ولسن. وفي الاجتماع كتاب علم الاجتماع/ أنتوني عيدنز، والجماعات المتخيلة/ بندكت أرسن.
وفي مقدور القارئ أن يعرف ويتابع في الآداب والفنون ما صدر ويصدر من الروايات والأعمال العالمية والعربية، و هي من الشهرة والكثرة ما يجعلها معروفة، ويمكن الاستدلال عليها بالجوائز العالمية وسعة الانتشار والاهتمام النقدي والثقافي. شخصيا أعجبت بأعمال هرمان هسه وماركيز وميلان كونديرا وعاموس عوز وأندروتي روي (إله الأشياء الصغيرة) وايزابيل اليندي، وهاروكي مواراكامي، واورهان باموق، ونجيب محفوظ وإبراهيم عبد المجيد وفي الرواية الأردنية غالب هلسا ومؤنس الرزاز ومحمود سيف الدين الإيراني وهاشم غرايبة وسميحة خريس وليلى الأطرش. ولا يمكن بالطبع تجاوز أو عدم قراءة رواد الأدب العالمي مثل تولستوي وغوركي وديستويفشي وتشيخوف وغوته وفيكتور هوغو وارنيست همنغوي. والحال أن الأدب العالمي غني بروايات وقصص عظيمة ومدهشة وكثيرة.
المتابعة
يحتاج القارئ أن يقرأ الجديد في مجال تخصصه واهتمامه من الكتب والدراسات العميقة والمهمة، وهذه قوائم تتشكل كل عام من الكتب والمجلات والمنصات المتخصصة، ويجب أن يكون للمثقف برنامج قراءة في الكتب الصادرة حديثا، بمعدل كتاب إلى أربعة كتب في الشهر حسب وقته وعمله، وأن يكون نصفها إلى ثلثيها في مجال تخصه، وثلثها إلى نصفها في في مجالات وتخصصات إضافية. وللقارئ العربي فإن سسلسلة عالم المعرفة والأدب العالمي الكويتيان تشكلان مصدرا عمليا ومفيدا في الثقافة العامة والعلمية والمتخصصة، وتصدر دور النشر ومراكز الدراسات عددا جيدا من الكتب والإصدارات وخاصة المترجمة منها، مثل الأهلية والجمل ومدى والشبكة العربية والمركز العربي والساقي والمركز القومي للترجمة (مصر) والمجلس الوطني للثقافة والآداب في الكويت والبحرين وكلمة (أبو ظبي) والمركز الثقافي العربي ومركز دراسات الوحدة والآداب والمتوسط. وهناك أيضا مجلات ثقافية جيدة مثل عالم الفكر والعربي والدوحة والفيصل والمجلة العربية ونزوى والمستقبل العربي، وتصدر الجامعات ومراكز الدراسات مجلات علمية متخصصة ومحكمة.
التصفح والمتابعة اليومية
تشكل القراءة والمتابعة اليومية للأخبار والمصادر الأعلامية من الصحف والمنصات والإذاعات واللقاءات الشخصية والاجتماعات مصدرا مهما لتشكيل المعرفة وتحديثها ومتابعة الأحداث والأفكار الجديدة والاتجاهات السائدة.
الفوضى و العشوائية
لا أقصد المعنى الاجتماعي للكلمتين، ولكن البحث والاهتمام غير المخطط له بشكل مسبق. إن خمس الكتب والمصادر التي نقرأها والمعارف والأفكار التي توصلنا إليها تحصلت من المتابعة غير المقصودة أو المخطط لها للمكتبات ودور النشر والفهارس والمراجع ومن الحياة اليومية والاهتمام والتأمل العام.
كم يحتاج القارئ إلى وقت؟ القراء ثلاث فئات: متابع أساسي، ومثقف عام، ومتخصص متفرغ
يحتاج المتابع الأساسي إلى قراءة بمعدل ساعتين يوميا، يستدل عليها بكتابين شهريا (700 صفحة)، أحدهما متخصص والثاني عام، ويحتاج المثقف العام إلى اربع ساعات يوميا، يستدل عليها بكتاب أسبوعي (350 صفحة) منها واحد على الأقل متخصص، وأما المتخصص المتفرغ فيحتاج إلى 8 – 12 ساعة يوميا، ثلثاها على الأقل في مجال التخصص والعمل.
وبالتأكيد فإنني أتحدث عن كتب عميقة وجادة، ولا أعد من وقت القراءة كتب التسلية والترفيه أو ما ليس مفيدا أو يضيف إلى المعرفة، ولا أستطيع أن أمنع نفسي من التحذيير من اتجاهات رائجة فيما يسمى البرمجة اللغوية وتنمية وإدارة الذات والمهارات، ولا أقصد المعنى العلمي أو التقليدي لهذه المفاهيم لكن تلك الكتب والدورات التي انتحلت العلم والمعرفة وحولته إلى مايشبه الشعوذة والتسلية، وحسب هذه الكتب والبرامج من السلامة أنها لا تضر ولا تنفع.
مهارات القراءة
يجب أن يطور القارئ تركيزه ومهاراته ليمكنه قراءة 250 كلمة في الدقيقة، ويبدأ بالقراءة كلمة كلمة ثم جملة جملة، ويتخلص نهائيا من القراءة حرفا حرفا. القراءة السريعة ليست فقط زيادة في المعرفة والتحصيل، لكنها تطور التركيز والمهارات العقلية والاستنتاجية والتأملية، وتريج الجسم والنظر، وأما القراءة البطيئة فإنها ترهق القارئ وتثقل على عينية ودماغه وأعصابه.
الأوقات المخصصة للقراءة
أفضل الأوقات للقراءة عندما يكون الجسم نشيطا وليس جائعا ولا شبعانا، وبشكل عام فإن الصباح بعد الاستيقاظ بساعة من زمان حتى الثانية ظهرا، ثم من الخامسة مساء وحتى الثانية عشر ليلا، على افتراض النوم الكافي ليلا وساعة استراحة وقيلولة في النهار؛ هي أفضل فترات القراءة والعمل الفكري بعامة.
الكتابة وتسجيل الملاحظات والتلخيص
يساعد تلخيص الكتب وتسجيل الملاحظات والإشارات حول الكتاب على تثبيت المعرفة وتفعيلها، وبخاصة مع كثرة القراءة وتداخل الكتب والموضوعات، إن الإنسان العادي ينسى معظم ما قرأه بعد شهر من الزمان، صحيح أنها عملية مرهقة وتبطئ القراءة لكنها مفيدة وضرورية.
إعادة وتكرار القراءة
الكتب الجيدة والمهمة يجب أن تعاد قراءتها مرتين وثلاثا، فالإنسان لا يثبت المعرفة إلا بتكرار استقبالها، وقد تمر في المرة الأولى دون أن تحفل بها المستقبلات العصبية والعقلية. الكتب الصعبة تحتاج إلى تكرار وتركيز، ولا بأس في ذلك ولا عيب. القول بفهم أو استيعاب كتاب في الفلسفة أو العلوم من القراءة الأولى قد يكون ادعاء غير صحيح أو توهما، وليس أمرا يدعو إلى الزهو والفخر. العكس فإن ما يدعو إلى الاعتزاز هو تكرار القراءة وإعادتها بعد فترة من الزمن، ففي ذلك يؤكد القارئ لنفسه جديته وترسيخه للمعارف والمهارات التي يحتاج إليها.
عادات القراءة
القراءة وفق عادات وطقوس أمر جيد ويشجع على القراءة والتركيز والاستمتاع، ويكتشف كل قارئ عاداته الخاصة التي تشجعه على القراءة وتحببه بها، مثل مكان معين، او القراءة في الخلاء، أو القراءة مع المشي، وشرب الشاي والقهوة مع القراءة، وتناول الشوكولا المرة أو المحلاة قليلا. وبالتأكيد فإن القراءة مع الاستلقاء لا تصلح، وتضر بالجسم والعينين. ولا بأس بتكرا ر النصيحة التي تعلمناها في المدارس أن يكون الكتاب بعيدا عن ا لعينين ليس أكثر ولا أقل من 25 – 30 سنتيمتر، والإضاءة الجيدة المناسبة التي تأتي من الخلف المرتفع، والجلسة التي يكون فيها الإنسان أكثر تركيزا وراحة.
القراءة واكتشاف الذات
يساعد الإنسان بالقراء على فهم ذاته وملاحظة عيوبه وأمراضه وأزماته النفسية والشخصية، ويسمى ذلك العيادة القرائية، وفي مقدور كل قارئ أن يطور بذكاء وتلقائية اكتشافه لذاته وذكرياته وتجاربه ثم علاج نفسه من خلال التأمل والمقارنة والتداعيات والتذكر والانفعال مع القراءة. لكن يجب التمييز هنا بين أحلام اليقظة والذاكرة والتأمل. إن إحلام اليقظة كسل عقلي ومرض نفسي يجب التخلص منها، لكن الذاكرة والتأمل والمراجعة والمقارنة المنشئة للإيجابية والتعلم والآفاق العملية الجديدة هي أفضل ما يمكن تعلمه من القراءة.
الشغف بالقراءة
إذا كنت شغوفا بالقراءة فإنك استجبت على نحو صحيح لغرائز الفضول والبحث عن المعرفة والتأمل الدائم المغروسة في الإنسان، والتي شكلت قصة الحضارة فلولا التامل والبحث لما كان في مقدور الإنسان أن يحسن حياته ويعرف المزيد ويراجع معرفته ويكتشف أخطاءه. لكن إن لم تكن شغوفا فيمكنك استعادة أو بعث هذا الشغف.
القراءة قبل النوم لا بأس بها من عادة، لكن إن كنت شغوفا بالقراءة فقد تمنعك من النوم، ولا أدري كيف تشجع القراءة على النوم. شخصيا فإنني أبعد الكتب عن السرير، وأوقفت عادة القراءة قبل النوم منذ أربعين سنة، لأني كنت استمر في القراءة حتى الصباح وأنسى النوم
الأساسيات:
يحتاج كل إنسان أن يلم بمبادئ الثقافة العامة المكونة للمعرفة الأساسية. وهذه تتكون من قراءة الكتب الأساسية والتقليدية في المعارف والتخصصات المكونة للشخصية، وهي التاريخ والفلسفة والدين والمعرفة العامة والعلمية والآداب والفنون والاجتماع والاقتصاد والسياسة وعلم النفس.
ويوجد في كل فرع أو باب للمعرفة كتب أساسية وكلاسيكية. ففي القواعد الأساسية المنظمة للحياة والاجتماع يمكن اقتراح كتب مثل العدالة كإنصاف/ جون رولز، وفكرة العدالة/ امارتيا سن/ والحرية/ اشعيا برلين، وعلم الجمال/ هيغل. والمدينة عبر العصور/ لويس ممفورد، والمدينة العتيقة/ وستيل دي كولانج، وروح الشرائع/ مونتسكيو. وفي الدين هناك الكتب المقدسة، ويجب على المثقف أن يقرأ لمرة واحدة على الأقل الكتب الأساسية للأديان الكبرى والعامة، اليهودية والمسيحية والإسلام والهندوسية والبوذية والتاوية والشنتوية والبهائية، وللمسلمين يجب أن يقرأ كل مسلم إضافة إلى القرآن الحديث النبوي، وأفضل كتاب يقدم السنة النبوية هو رياض الصالحين للإمام النووي.
وتعد الأساطير مصدرا ملهما للفكر الإنساني ومن أهمها الياذا واوديسا والتحولات (أو مسخ الكائنات) وبهابهارتا ورامايانا، وجلجامش ويلحق بها قصص الأمم وتراثها الأسطوري والقصصي، مثل ألف ليلة وليلة، وديكاميرون، وقصص وأساطير الشعوب والأمم مثل الأفارقة والهنود الأمريكان.
وفي التاريخ أقترح كتاب تاريخ البشرية لأرنولد توينبي، ومجموعة اريك هوبز باوم (عصر الثورة، عصر رأس المال، عصر الامبراطورية، عصر التطرفات) وفي الفلسفة مدخل إلى الفلسسفة لعبد الرحمن بدوي و أو مباهج الفلسفة/ ول ديورانت، وهناك كتب أخرى كثيرة في مداخل الفلسفة، وفي الاقتصاد كتاب رأس المال لكارل ماركس وثروة الأمم/ آدم سميث، وكتاب علم الاقتصاد/ بول أ. سامويلسون، ووليام د. نورد هاوس، والتقرير السنوي للأمم المتحدة عن التنمية البشرية في العالم، والتقرير السنوي للبنك الدولي عن التنمية في العالم، وفي السياسة الحكم المدني/جون لوك، ولفياثان/ توماس هوبز، والأمير/ مكيافيلي، وفي علم النفس يعتبر اريك فروم أفضل من كتب اللمثقفين، مثل فن الإصغاء، وفن الوجود، وفن الحب، لكنه لا يغني عن قراءة فرويد ويونغ وادلر، وأنصح بكتب فن العيش الحكيم لشوبنهاور وهكذا تكلم زرادشت لنيتشه، واللامنتمي لكولن ولسن. وفي الاجتماع كتاب علم الاجتماع/ أنتوني عيدنز، والجماعات المتخيلة/ بندكت أرسن.
وفي مقدور القارئ أن يعرف ويتابع في الآداب والفنون ما صدر ويصدر من الروايات والأعمال العالمية والعربية، و هي من الشهرة والكثرة ما يجعلها معروفة، ويمكن الاستدلال عليها بالجوائز العالمية وسعة الانتشار والاهتمام النقدي والثقافي. شخصيا أعجبت بأعمال هرمان هسه وماركيز وميلان كونديرا وعاموس عوز وأندروتي روي (إله الأشياء الصغيرة) وايزابيل اليندي، وهاروكي مواراكامي، واورهان باموق، ونجيب محفوظ وإبراهيم عبد المجيد وفي الرواية الأردنية غالب هلسا ومؤنس الرزاز ومحمود سيف الدين الإيراني وهاشم غرايبة وسميحة خريس وليلى الأطرش. ولا يمكن بالطبع تجاوز أو عدم قراءة رواد الأدب العالمي مثل تولستوي وغوركي وديستويفشي وتشيخوف وغوته وفيكتور هوغو وارنيست همنغوي. والحال أن الأدب العالمي غني بروايات وقصص عظيمة ومدهشة وكثيرة.
المتابعة
يحتاج القارئ أن يقرأ الجديد في مجال تخصصه واهتمامه من الكتب والدراسات العميقة والمهمة، وهذه قوائم تتشكل كل عام من الكتب والمجلات والمنصات المتخصصة، ويجب أن يكون للمثقف برنامج قراءة في الكتب الصادرة حديثا، بمعدل كتاب إلى أربعة كتب في الشهر حسب وقته وعمله، وأن يكون نصفها إلى ثلثيها في مجال تخصه، وثلثها إلى نصفها في في مجالات وتخصصات إضافية. وللقارئ العربي فإن سسلسلة عالم المعرفة والأدب العالمي الكويتيان تشكلان مصدرا عمليا ومفيدا في الثقافة العامة والعلمية والمتخصصة، وتصدر دور النشر ومراكز الدراسات عددا جيدا من الكتب والإصدارات وخاصة المترجمة منها، مثل الأهلية والجمل ومدى والشبكة العربية والمركز العربي والساقي والمركز القومي للترجمة (مصر) والمجلس الوطني للثقافة والآداب في الكويت والبحرين وكلمة (أبو ظبي) والمركز الثقافي العربي ومركز دراسات الوحدة والآداب والمتوسط. وهناك أيضا مجلات ثقافية جيدة مثل عالم الفكر والعربي والدوحة والفيصل والمجلة العربية ونزوى والمستقبل العربي، وتصدر الجامعات ومراكز الدراسات مجلات علمية متخصصة ومحكمة.
التصفح والمتابعة اليومية
تشكل القراءة والمتابعة اليومية للأخبار والمصادر الأعلامية من الصحف والمنصات والإذاعات واللقاءات الشخصية والاجتماعات مصدرا مهما لتشكيل المعرفة وتحديثها ومتابعة الأحداث والأفكار الجديدة والاتجاهات السائدة.
الفوضى و العشوائية
لا أقصد المعنى الاجتماعي للكلمتين، ولكن البحث والاهتمام غير المخطط له بشكل مسبق. إن خمس الكتب والمصادر التي نقرأها والمعارف والأفكار التي توصلنا إليها تحصلت من المتابعة غير المقصودة أو المخطط لها للمكتبات ودور النشر والفهارس والمراجع ومن الحياة اليومية والاهتمام والتأمل العام.
كم يحتاج القارئ إلى وقت؟ القراء ثلاث فئات: متابع أساسي، ومثقف عام، ومتخصص متفرغ
يحتاج المتابع الأساسي إلى قراءة بمعدل ساعتين يوميا، يستدل عليها بكتابين شهريا (700 صفحة)، أحدهما متخصص والثاني عام، ويحتاج المثقف العام إلى اربع ساعات يوميا، يستدل عليها بكتاب أسبوعي (350 صفحة) منها واحد على الأقل متخصص، وأما المتخصص المتفرغ فيحتاج إلى 8 – 12 ساعة يوميا، ثلثاها على الأقل في مجال التخصص والعمل.
وبالتأكيد فإنني أتحدث عن كتب عميقة وجادة، ولا أعد من وقت القراءة كتب التسلية والترفيه أو ما ليس مفيدا أو يضيف إلى المعرفة، ولا أستطيع أن أمنع نفسي من التحذيير من اتجاهات رائجة فيما يسمى البرمجة اللغوية وتنمية وإدارة الذات والمهارات، ولا أقصد المعنى العلمي أو التقليدي لهذه المفاهيم لكن تلك الكتب والدورات التي انتحلت العلم والمعرفة وحولته إلى مايشبه الشعوذة والتسلية، وحسب هذه الكتب والبرامج من السلامة أنها لا تضر ولا تنفع.
مهارات القراءة
يجب أن يطور القارئ تركيزه ومهاراته ليمكنه قراءة 250 كلمة في الدقيقة، ويبدأ بالقراءة كلمة كلمة ثم جملة جملة، ويتخلص نهائيا من القراءة حرفا حرفا. القراءة السريعة ليست فقط زيادة في المعرفة والتحصيل، لكنها تطور التركيز والمهارات العقلية والاستنتاجية والتأملية، وتريج الجسم والنظر، وأما القراءة البطيئة فإنها ترهق القارئ وتثقل على عينية ودماغه وأعصابه.
الأوقات المخصصة للقراءة
أفضل الأوقات للقراءة عندما يكون الجسم نشيطا وليس جائعا ولا شبعانا، وبشكل عام فإن الصباح بعد الاستيقاظ بساعة من زمان حتى الثانية ظهرا، ثم من الخامسة مساء وحتى الثانية عشر ليلا، على افتراض النوم الكافي ليلا وساعة استراحة وقيلولة في النهار؛ هي أفضل فترات القراءة والعمل الفكري بعامة.
الكتابة وتسجيل الملاحظات والتلخيص
يساعد تلخيص الكتب وتسجيل الملاحظات والإشارات حول الكتاب على تثبيت المعرفة وتفعيلها، وبخاصة مع كثرة القراءة وتداخل الكتب والموضوعات، إن الإنسان العادي ينسى معظم ما قرأه بعد شهر من الزمان، صحيح أنها عملية مرهقة وتبطئ القراءة لكنها مفيدة وضرورية.
إعادة وتكرار القراءة
الكتب الجيدة والمهمة يجب أن تعاد قراءتها مرتين وثلاثا، فالإنسان لا يثبت المعرفة إلا بتكرار استقبالها، وقد تمر في المرة الأولى دون أن تحفل بها المستقبلات العصبية والعقلية. الكتب الصعبة تحتاج إلى تكرار وتركيز، ولا بأس في ذلك ولا عيب. القول بفهم أو استيعاب كتاب في الفلسفة أو العلوم من القراءة الأولى قد يكون ادعاء غير صحيح أو توهما، وليس أمرا يدعو إلى الزهو والفخر. العكس فإن ما يدعو إلى الاعتزاز هو تكرار القراءة وإعادتها بعد فترة من الزمن، ففي ذلك يؤكد القارئ لنفسه جديته وترسيخه للمعارف والمهارات التي يحتاج إليها.
عادات القراءة
القراءة وفق عادات وطقوس أمر جيد ويشجع على القراءة والتركيز والاستمتاع، ويكتشف كل قارئ عاداته الخاصة التي تشجعه على القراءة وتحببه بها، مثل مكان معين، او القراءة في الخلاء، أو القراءة مع المشي، وشرب الشاي والقهوة مع القراءة، وتناول الشوكولا المرة أو المحلاة قليلا. وبالتأكيد فإن القراءة مع الاستلقاء لا تصلح، وتضر بالجسم والعينين. ولا بأس بتكرا ر النصيحة التي تعلمناها في المدارس أن يكون الكتاب بعيدا عن ا لعينين ليس أكثر ولا أقل من 25 – 30 سنتيمتر، والإضاءة الجيدة المناسبة التي تأتي من الخلف المرتفع، والجلسة التي يكون فيها الإنسان أكثر تركيزا وراحة.
القراءة واكتشاف الذات
يساعد الإنسان بالقراء على فهم ذاته وملاحظة عيوبه وأمراضه وأزماته النفسية والشخصية، ويسمى ذلك العيادة القرائية، وفي مقدور كل قارئ أن يطور بذكاء وتلقائية اكتشافه لذاته وذكرياته وتجاربه ثم علاج نفسه من خلال التأمل والمقارنة والتداعيات والتذكر والانفعال مع القراءة. لكن يجب التمييز هنا بين أحلام اليقظة والذاكرة والتأمل. إن إحلام اليقظة كسل عقلي ومرض نفسي يجب التخلص منها، لكن الذاكرة والتأمل والمراجعة والمقارنة المنشئة للإيجابية والتعلم والآفاق العملية الجديدة هي أفضل ما يمكن تعلمه من القراءة.
الشغف بالقراءة
إذا كنت شغوفا بالقراءة فإنك استجبت على نحو صحيح لغرائز الفضول والبحث عن المعرفة والتأمل الدائم المغروسة في الإنسان، والتي شكلت قصة الحضارة فلولا التامل والبحث لما كان في مقدور الإنسان أن يحسن حياته ويعرف المزيد ويراجع معرفته ويكتشف أخطاءه. لكن إن لم تكن شغوفا فيمكنك استعادة أو بعث هذا الشغف.
القراءة قبل النوم لا بأس بها من عادة، لكن إن كنت شغوفا بالقراءة فقد تمنعك من النوم، ولا أدري كيف تشجع القراءة على النوم. شخصيا فإنني أبعد الكتب عن السرير، وأوقفت عادة القراءة قبل النوم منذ أربعين سنة، لأني كنت استمر في القراءة حتى الصباح وأنسى النوم
نيسان ـ نشر في 2022/10/01 الساعة 00:00