الحرب الأوكرانية من الداخل الروسي
نيسان ـ نشر في 2022/10/02 الساعة 00:00
تجولت هذا الصيف الذي يشارف على أن يسدِل ستارة مسرحه الدافئ في البلاد الروسية الواسعة وبشكل عامودي من مدينة سانت بيتر بورغ البطلة شمالا على بحر البلطيق، وهي المدينة الأجمل ومتحف الحضارات المفتوح ومقر قصور قياصرة القرن التاسع عشر عبر العاصمة موسكو التي تتميز بالإزدحام البشري الذي يفوق العشرين مليون نسمة، والتي توصف على أنها دولة داخل دولة ومدينة بطلة، وبالمدينة الثقيلة الكبيرة التي تعج بمحطات القطارات وميترو الأنفاق وبناطحات السحاب في جزءها الحديث، وتتألق بالجانب التاريخي حيث قصر (الكرملين) الرئاسي والساحة الحمراء- ميدان، ومرقد عظماء الاتحاد السوفيتي السابق، ومرورا بمدينة الدراسة الأولى فارونيج والتي ارتبطت بمدينة الدراسة الأم موسكو، وعروجا على مدينة (روسوش) المحاددة كما مدينة بيلغاراد للحدود الأوكرانية بمسافة 280 كيلومترا من جانب و40 كيلومترا من جانب أخر حيث إقليم (لوغانسك) ومدينة ماريبول وسطه .
وللأمانة وعلى مسافة تقارب ال 1500 كيلومترا لم أشاهد ملامحًا للحرب الأوكرانية (العملية العسكرية الروسية التحريرية الإستباقية) الا في مدينة روسوش والقادمون من مدينة بيلغاراد يروون مشاهدتهم لحراك عسكري أكبر، وبكل الأحوال الروس يطلقون على الحدث الأوكراني مصطلح (الحرب)، والقيادة الروسية أطلقت عليه لقب (العملية)، وبالفعل البداية كانت للعملية العسكرية الروسية بتاريخ 24/8/2022 بعدما طفح الكيل ولم تعد موسكو تحتمل اضطهاد جيش غرب أوكرانيا والتيار البنديري والأوزوفي على المواطنين المسالمين الأوكران الناطقين بالروسية والروس القاطنين في إقليمي (لوغانسك والدونباس) شرق أوكرانيا وتعدادهم وصل قبل الهجرة إلى 7 ملايين انسان على مدى ثمان سنوات منذ عام 2014، ووقوع ضحايا بينهم برقم كبير قارب الـ 14 الف نسمة، وتشريد غيرهم إلى الداخل الروسي، ولجوء آخرين إلى الملاجيء، وبعد رصدها لحراك حلف (الناتو) اتجاه الحدود الروسية والأوكرانية، واكتشافها مشروعًا نوويًا عسكريًا لغرب أوكرانيا وللغرب الأمريكي موجه لتهديد أمن روسيا الاتحادية، ولرصدها لإنتشار أكثر من 30 مركزًا أمريكيًا بيولوجيًا خطيرًا اشرف عليهن ماليًا ابن الرئيس الأمريكي بايدن – هانتر، والهدف الحاق الأذى بسكان المنطقة السلافية وروسيا، وفي نهاية المطاف وصلت الرسالة وأصبح الروس والأوكران وهما أشقاء يعرفون بأن الغرب أراد ويريد للحرب أن تكون سلافية وبينهم في وقت تباكى الغرب على استقلال أوكرانيا وضغط على (كييف) لكي ترفض الحوار المباشر مع موسكو وعبر اتفاقية (مينسك) .
وينقسم الشارع الروسي بطبيعة الحال بين مؤيد للعملية العسكرية (الحرب) وبين معارض لها، والجانب الأول يتفهم رسالة بلاده روسيا الهادفة للتحرير والتخلص من مظاهر التطرف الأوكراني الغربي، والجانب الثاني يعتبر ما جرى ويجري حربًا روسية مع الأشقاء الأوكران ولاقدرة لديهم على استيعاب أهداف التطرف الأوكراني في جناحه الغربي (البنديري والأزوفي)، والملاحظ بأن العملية العسكرية الروسية تحولت إلى حرب طاحنة، وتعقدت، وكبر تعداد جنودها إلى نصف مليون عسكري وضابط، ونوع سلاحها الأرضي والجوي كذلك، ولا خيار أمام الدولة الروسية إلا النصر، ولم تعد تقبل بأقل من النصر، ومن أهم أسباب الحرب – العملية بكل تأكيد توسيع شبكة تواجد حلف الناتو المعادي لروسيا والدفع بأسلحة ومال الغرب الأسود إلى وسط أتون المعركة وبحجم ملْياري كبير، والمضي قدمًا تجاه استمرار الحرب الباردة وسباق التسلح واستنزاف روسيا والتطلع لتقسيمها إلى الأمام حسب اعتقادهم، والمعروف بأن مال الغرب لا يعتمد على مصادر طبيعية كبيرة كما هو حال روسيا الاتحادية، وإصرار روسيا في المقابل على تحقيق أهدافها بتحرير الدونباس بعد لوغانسك بدقة متناهية.
والملفت للأنتباه هنا هو أن سيرجي ناريشكين مدير الإستخبارات الروسية الخارجية الذي تلعثم بداية عندما رغب الرئيس فلاديمير بوتين الإستماع لرأيه إلى جانب قيادات قصر الكرملين الرئاسي لإعلان العملية العسكرية بهدف تحرير شرق أوكرانيا من التطرف الأوكراني البنديري وأزوف إلى جانب تطاول الجيش الأوكراني على سكان شرق أوكرانيا على مدى ثماني سنوات حينها، وهو الذي قال وقتها بأنه يقف مع ضم لوغانسك والدونباس إلى روسيا الفدرالية وصححه الرئيس بوتين بأن قصد روسيا هو الإعتراف بإستقلالهما فقط، صدقت نبوءته بعد اعلان موسكو تأييد استفتاء الإقاليم لوغانسك والدونباس وزاباروجا وخيرسون، وهو الذي حصل بتاريخ 27 سمبتبر الجاري 2022 وسجل نسبة مئوية مرتفعة واقبال تراوح بين 22-25% على الإستفتاء، وسوف يتم اعتماد ضم الأقاليم الجديدة في اطار الدولة الروسية في الوقت القريب، ولم يقال حينها ناريشكين وهو القابع في جوف غرفة العمليات والمعلومات اللوجستية الروسية والدولية الهامة.
والملاحظ وسط الأزمة الروسية الأوكرانية والغربية الأمريكية بأن روسيا الإتحادية لا تمارس الإحتلالات كما يشاع وسط ماكنة اعلام الغرب وإنما تعتمد الإستفتاءات الشعبية وترتكز على مواد الأمم المتحدة مثل المادة 751 التي تخول الدول المعتدى على سيادتها واصدقاءها الدفاع عن الذات، وتتحرك روسيا وفقا لأحكام القانون الدولي ولا تلجأ كما الغرب لسياسة الكاوبوي، ونظرية القرم تتكرر.
وتطور العملية العسكرية الروسية التحريرية الإستباقية التي لا يفهمها الغرب اتجاه الصراع النووي الخطير، أذكر هنا بأن روسيا وعبر تاريخها السوفيتي المعاصر لم يشهد لها أن لجأت لإستخدام السلاح النووي منذ اختراعها له عام 1949، بل على العكس اخترعته لمنع إستخدامه دوليًا خاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي استخدمته علنًا نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 ضد اليابان في واقعتي (هيروشيما وناكازاكي) وتسببت في مقتل وتشويه أكثر من 200 الف مواطن ياباني بريء، وخططت الولايات المتحدة الأمريكية حينها لقصف الاتحاد السوفيتي وأكتشف أمرها مبكرًا، والسياسة الروسية ترتكز على دقة الرد العسكري وفي مقدمته النووي وليس على الهجوم العسكري والنووي، وتعتمد الديمقراطية السياسية في تحركها، ولديها قناعة بقدرة ترسانتها فوق النووية الرادعة التي تتفوق على دول حلف (الناتو) مجتمعة، وقالها الرئيس بوتين بنفسه، ولديها ملاجيء نووية قادرة على حماية مؤسسات الدولة الرئيسة حالة إندلاع حرب نووية لن يربح فيها أي جانب بكل تأكيد .
وشاهدت شخصيًا المظاهر العسكرية في مدينة روسوش القريبة من الحدود الأوكرانية، مدرعات ودبابات وجنود وضباط محمولة على القطارات وعلى عربات الناقلات في الشوارع الخارجية، وشواخصًا تحمل الحرف z، وهو الذي يعني من أجل النصر، وعبارة " لن نترك جماعتنا " ترافق الرمز z في الاماكن الرئيسة في المدينة، وأصوات لطائرات سلاج الجو في الصباح الباكر تتكرر، وصواريخا كانت مشاهدة لبعض سكان القرى، وسكان مدينة بيلغاراد يتحدثون عن مشاهد عسكرية كبيرة هناك بسبب قرب المدينة من الحدود، واستدعاء الاحتياط رغم اهميته الوطنية بالنسبة لروسيا جلب قلقًا لدى السكان خوفًا على زج ابنائهم في معركة الاخوة كما يسمونها. والآن وبعدما وقع الفأس بالرأس وتم التصويت على انضمام شرق أوكرانيا لروسيا تعلن أمريكا سحب دبلوماسييها من موسكو وتمنع رعاياها من السفر لموسكو في اشارة لقرب قطع العلاقات مع روسيا على ما يبدو، وهو مؤشر لخسران صراع الند للند مع روسيا من خلال غرب أوكرانيا خاصة بعد اعتداء أمريكا وبالتعاون مع (كييف) على خط (نورد ستريم) القريب من البنية التحتية لحلف شمال الأطلسي، واحتفالية بضم شرق أوكرانيا في الكرملين في المقابل تعتبر الإعتداء على اقاليم الشرق اعتداء مباشرًا على روسيا.
وللأمانة وعلى مسافة تقارب ال 1500 كيلومترا لم أشاهد ملامحًا للحرب الأوكرانية (العملية العسكرية الروسية التحريرية الإستباقية) الا في مدينة روسوش والقادمون من مدينة بيلغاراد يروون مشاهدتهم لحراك عسكري أكبر، وبكل الأحوال الروس يطلقون على الحدث الأوكراني مصطلح (الحرب)، والقيادة الروسية أطلقت عليه لقب (العملية)، وبالفعل البداية كانت للعملية العسكرية الروسية بتاريخ 24/8/2022 بعدما طفح الكيل ولم تعد موسكو تحتمل اضطهاد جيش غرب أوكرانيا والتيار البنديري والأوزوفي على المواطنين المسالمين الأوكران الناطقين بالروسية والروس القاطنين في إقليمي (لوغانسك والدونباس) شرق أوكرانيا وتعدادهم وصل قبل الهجرة إلى 7 ملايين انسان على مدى ثمان سنوات منذ عام 2014، ووقوع ضحايا بينهم برقم كبير قارب الـ 14 الف نسمة، وتشريد غيرهم إلى الداخل الروسي، ولجوء آخرين إلى الملاجيء، وبعد رصدها لحراك حلف (الناتو) اتجاه الحدود الروسية والأوكرانية، واكتشافها مشروعًا نوويًا عسكريًا لغرب أوكرانيا وللغرب الأمريكي موجه لتهديد أمن روسيا الاتحادية، ولرصدها لإنتشار أكثر من 30 مركزًا أمريكيًا بيولوجيًا خطيرًا اشرف عليهن ماليًا ابن الرئيس الأمريكي بايدن – هانتر، والهدف الحاق الأذى بسكان المنطقة السلافية وروسيا، وفي نهاية المطاف وصلت الرسالة وأصبح الروس والأوكران وهما أشقاء يعرفون بأن الغرب أراد ويريد للحرب أن تكون سلافية وبينهم في وقت تباكى الغرب على استقلال أوكرانيا وضغط على (كييف) لكي ترفض الحوار المباشر مع موسكو وعبر اتفاقية (مينسك) .
وينقسم الشارع الروسي بطبيعة الحال بين مؤيد للعملية العسكرية (الحرب) وبين معارض لها، والجانب الأول يتفهم رسالة بلاده روسيا الهادفة للتحرير والتخلص من مظاهر التطرف الأوكراني الغربي، والجانب الثاني يعتبر ما جرى ويجري حربًا روسية مع الأشقاء الأوكران ولاقدرة لديهم على استيعاب أهداف التطرف الأوكراني في جناحه الغربي (البنديري والأزوفي)، والملاحظ بأن العملية العسكرية الروسية تحولت إلى حرب طاحنة، وتعقدت، وكبر تعداد جنودها إلى نصف مليون عسكري وضابط، ونوع سلاحها الأرضي والجوي كذلك، ولا خيار أمام الدولة الروسية إلا النصر، ولم تعد تقبل بأقل من النصر، ومن أهم أسباب الحرب – العملية بكل تأكيد توسيع شبكة تواجد حلف الناتو المعادي لروسيا والدفع بأسلحة ومال الغرب الأسود إلى وسط أتون المعركة وبحجم ملْياري كبير، والمضي قدمًا تجاه استمرار الحرب الباردة وسباق التسلح واستنزاف روسيا والتطلع لتقسيمها إلى الأمام حسب اعتقادهم، والمعروف بأن مال الغرب لا يعتمد على مصادر طبيعية كبيرة كما هو حال روسيا الاتحادية، وإصرار روسيا في المقابل على تحقيق أهدافها بتحرير الدونباس بعد لوغانسك بدقة متناهية.
والملفت للأنتباه هنا هو أن سيرجي ناريشكين مدير الإستخبارات الروسية الخارجية الذي تلعثم بداية عندما رغب الرئيس فلاديمير بوتين الإستماع لرأيه إلى جانب قيادات قصر الكرملين الرئاسي لإعلان العملية العسكرية بهدف تحرير شرق أوكرانيا من التطرف الأوكراني البنديري وأزوف إلى جانب تطاول الجيش الأوكراني على سكان شرق أوكرانيا على مدى ثماني سنوات حينها، وهو الذي قال وقتها بأنه يقف مع ضم لوغانسك والدونباس إلى روسيا الفدرالية وصححه الرئيس بوتين بأن قصد روسيا هو الإعتراف بإستقلالهما فقط، صدقت نبوءته بعد اعلان موسكو تأييد استفتاء الإقاليم لوغانسك والدونباس وزاباروجا وخيرسون، وهو الذي حصل بتاريخ 27 سمبتبر الجاري 2022 وسجل نسبة مئوية مرتفعة واقبال تراوح بين 22-25% على الإستفتاء، وسوف يتم اعتماد ضم الأقاليم الجديدة في اطار الدولة الروسية في الوقت القريب، ولم يقال حينها ناريشكين وهو القابع في جوف غرفة العمليات والمعلومات اللوجستية الروسية والدولية الهامة.
والملاحظ وسط الأزمة الروسية الأوكرانية والغربية الأمريكية بأن روسيا الإتحادية لا تمارس الإحتلالات كما يشاع وسط ماكنة اعلام الغرب وإنما تعتمد الإستفتاءات الشعبية وترتكز على مواد الأمم المتحدة مثل المادة 751 التي تخول الدول المعتدى على سيادتها واصدقاءها الدفاع عن الذات، وتتحرك روسيا وفقا لأحكام القانون الدولي ولا تلجأ كما الغرب لسياسة الكاوبوي، ونظرية القرم تتكرر.
وتطور العملية العسكرية الروسية التحريرية الإستباقية التي لا يفهمها الغرب اتجاه الصراع النووي الخطير، أذكر هنا بأن روسيا وعبر تاريخها السوفيتي المعاصر لم يشهد لها أن لجأت لإستخدام السلاح النووي منذ اختراعها له عام 1949، بل على العكس اخترعته لمنع إستخدامه دوليًا خاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي استخدمته علنًا نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 ضد اليابان في واقعتي (هيروشيما وناكازاكي) وتسببت في مقتل وتشويه أكثر من 200 الف مواطن ياباني بريء، وخططت الولايات المتحدة الأمريكية حينها لقصف الاتحاد السوفيتي وأكتشف أمرها مبكرًا، والسياسة الروسية ترتكز على دقة الرد العسكري وفي مقدمته النووي وليس على الهجوم العسكري والنووي، وتعتمد الديمقراطية السياسية في تحركها، ولديها قناعة بقدرة ترسانتها فوق النووية الرادعة التي تتفوق على دول حلف (الناتو) مجتمعة، وقالها الرئيس بوتين بنفسه، ولديها ملاجيء نووية قادرة على حماية مؤسسات الدولة الرئيسة حالة إندلاع حرب نووية لن يربح فيها أي جانب بكل تأكيد .
وشاهدت شخصيًا المظاهر العسكرية في مدينة روسوش القريبة من الحدود الأوكرانية، مدرعات ودبابات وجنود وضباط محمولة على القطارات وعلى عربات الناقلات في الشوارع الخارجية، وشواخصًا تحمل الحرف z، وهو الذي يعني من أجل النصر، وعبارة " لن نترك جماعتنا " ترافق الرمز z في الاماكن الرئيسة في المدينة، وأصوات لطائرات سلاج الجو في الصباح الباكر تتكرر، وصواريخا كانت مشاهدة لبعض سكان القرى، وسكان مدينة بيلغاراد يتحدثون عن مشاهد عسكرية كبيرة هناك بسبب قرب المدينة من الحدود، واستدعاء الاحتياط رغم اهميته الوطنية بالنسبة لروسيا جلب قلقًا لدى السكان خوفًا على زج ابنائهم في معركة الاخوة كما يسمونها. والآن وبعدما وقع الفأس بالرأس وتم التصويت على انضمام شرق أوكرانيا لروسيا تعلن أمريكا سحب دبلوماسييها من موسكو وتمنع رعاياها من السفر لموسكو في اشارة لقرب قطع العلاقات مع روسيا على ما يبدو، وهو مؤشر لخسران صراع الند للند مع روسيا من خلال غرب أوكرانيا خاصة بعد اعتداء أمريكا وبالتعاون مع (كييف) على خط (نورد ستريم) القريب من البنية التحتية لحلف شمال الأطلسي، واحتفالية بضم شرق أوكرانيا في الكرملين في المقابل تعتبر الإعتداء على اقاليم الشرق اعتداء مباشرًا على روسيا.
نيسان ـ نشر في 2022/10/02 الساعة 00:00