التعصب الرياضي الأعمى .. دعوها فإنها منتنة

د. زيد النوايسة
نيسان ـ نشر في 2022/10/11 الساعة 00:00
شغب الملاعب ظاهرة عالمية تتفاوت في حدتها من بلد لآخر، ومن الظلم إلصاقها فقط بشعوب العالم الثالث، لا يوجد بلد لا يعاني منها وهي مشكلة عالمية مستعصية حتى بين الشعوب التي تصنف بأنها اقل ميلاً للعنف بأشكاله المتعددة.
لطالما شهدت مباريات دولية وعلى مستوى كأس العالم أعمال شغب مؤذية، بل أن مشجعي فرق بعينها وسموا بأنهم الأكثر شغبا وكانت أجهزة الامن تتحسب لهم ولتصرفاتهم وتوفر قوى امنية إضافية في الملاعب وفي المدن التي تستضيف المباريات الدولية.
هناك سجل دامي لحوادث شغب الملاعب، ولكن الأسوء خلال العقدين الأخيرين؛ ما جرى الأسبوع الماضي في اندونيسيا عندما قتل 174 شخصا إثر التدافع وشغب الملاعب، وما حدث في مباراة الأهلي وبورسعيد عام 2012 عندما قتل 74 مشجعا من مشجعي النادي الأهلي.
محلياً؛ نادراً ما أتابع مباريات دوري كرة القدم الاردني وأكتفي بالمشاهدة عبر التلفزيون، ولم اذهب في حياتي للملعب الا لمساندة منتخبنا الوطني لكرة القدم أو لفريق كرة السلة عندما تكون هناك مشاركات عربية أو دولية، مع قناعاتي أن ظاهرة التشجيع والحماس والدعم من قبل جماهير أي فريق لفريقهم ظاهرة طبيعية وصحية وليست مستنكرة ولكن المهم أن يتم ضبطها في اطارها الرياضي اولاً واخيراً وعدم توظيفها من قبل أصحاب الاجندات والحسابات المعروفة للجميع.
سبب عدم مشاركتي وكثر غيري بالتأكيد سببه ما نشاهده من تصرفات وسلوكيات وعبارات مسيئة لا تعبر عن الروح الرياضية التي يجب أن تتوفر اصلاً في إدارات الأندية ومشجعي الفرق وروابطهم قبل اللاعبين؛ هذه العبارات التي تتجاوز الخشونة اللفظية الى الاشتباك العنفي المباشر للحد الذي أصبحنا نسمع أن هناك مناطق تتواجد فيها المنشآت الرياضية محصورة بفريق بعينه بحكم أن القاعدة الاجتماعية التي تسكن في هذه المنطقة منحازة وتشجع فريقا محددا لذلك يتم تجنب المشاركة فيها.
المؤسف أن هذا العنف يتم الاعداد له قبل حدوث المباريات بالتسخين والاحماء حسب لغة الرياضيين عبر منصات التواصل الاجتماعي بمنشورات ومقاطع فيديو تسيء للفريق الخصم ليس بالمعنى الرياضي فقط بل تمتد لما يمس وحدة المجتمع ونسيجه الوطني.
صحيح أن موقف الدولة حاسم وقاطع وتعمل من خلال الأجهزة المعنية بحفظ امن الملاعب وسلامة الجمهور واللاعبين وتعمل على تجنب حدوث أي اعمال شغب اثناء المباريات وبعد انتهائها، ولكن لا بد من مدونة سلوك تضبط مشجعي كل نادي وتلتزم فيها النوادي وروابط المشجعين بعدم خروج أي هتاف مسيء ومستفز من مشجعي أي فريق ضد الآخر وهنا لا بد من تغليظ العقوبة وعدم التهاون فيها مهما بلغت الضغوطات.
الأهم من كل الأنشطة الرياضية الا يكون هناك منطقة يشعر فيها أي نادي بأنه غير قادر على المشاركة فيها خوفاً من الصدام مع الجمهور وقاعدته الاجتماعية فهذا يعني أننا امام جزر معزولة أقوى من الدولة وهو ما لا يمكن قبوله حتى لو تخلينا عن الدوري كله؛ فهيبة الدولة أولوية مقدسة ليس مسموحاً لجهة تتطاول عليها وتحت أي ذرائع.
الغد
    نيسان ـ نشر في 2022/10/11 الساعة 00:00