اقتصاد الصين يفسد من الرأس
نيسان ـ نشر في 2022/11/18 الساعة 00:00
hgy]بوسطن – تسلط الصين الضوء على سؤال طال الجدال حوله بشأن التنمية الاقتصادية: هل يتسنى لنظام حكم الفرد الاستبدادي الذي يعمل من أعلى إلى أسفل أن يتفوق على اقتصادات السوق الليبرالية عندما يتعلق الأمر بالإبداع والنمو؟
خلال الفترة من 1980 إلى 2019، كان متوسط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي في الصين أكثر من 8 % – أسرع من أي اقتصاد غربي- وفي العقد الأول من القرن الحالي، تجاوز مسارها الاقتصادي بالكاد مستوى النمو الذي سمح لها باللحاق بركب الاقتصادات المتقدمة من حيث نصيب الفرد في الدخل (باستخدام التقنيات الغربية). بدأت الصين تنفيذ استثماراتها التكنولوجية الخاصة، فأنتجت براءات الاختراع والمنشورات الأكاديمية، وأنشأت بأعداد كبيرة شركات مبدعة مثل Alibaba، وTencent، وBaidu، وHuawei.
تصور بعض المعترضين أن هذا احتمال غير وارد. ففي حين أشرف كثيرون من الحكام المستبدين على توسعات اقتصادية سريعة، لم يسبق لنظام غير ديمقراطي أن نجح في توليد نمو مستدام قائم على الإبداع والابتكار. صحيح أن بعض الغربيين افتتنوا بالبراعة العلمية السوفييتية في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، لكنهم كانوا في الأغلب يعبرون عن تحيزاتهم. بحلول سبعينيات القرن العشرين، بدأ الاتحاد السوفييتي يتخلف عن الركب ويعاني من الركود بوضوح، بسبب عجزه عن الابتكار والإبداع في مجموعة واسعة من القطاعات.
صحيح أن بعض الفطنين من مراقبي الصين أشاروا إلى أن القبضة الحديدية التي يفرضها الحزب الشيوعي الصيني لم تكن تبشر بخير في ما يتصل بآفاق الصين. لكن الرأي الأكثر شيوعا كان أن الصين ستحافظ على نموها المذهل. وفي حين دارت مناقشات حول ما إذا كانت الصين لتصبح قوة حميدة أو قوة خبيثة على الصعيد العالمي، فلم ينشأ خلاف كبير حول نموها الذي اعتُـبِـر لا يمكن إيقافه. حتى أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اعتادا على توقع استمرار معدلات نمو الصين السابقة في المستقبل، وانتشرت كتب تحمل عناوين مثل «عندما تحكم الصين العالم».
لسنوات كنا نسمع أيضا الحجج حول نجاح الصين في تحقيق «المساءلة بدون ديمقراطية»، أو أن قيادة الحزب الشيوعي الصيني كانت على الأقل مقيدة بحدود مدة الولاية، وتوازن القوى، وغير ذلك من بدائل الحكم الرشيد. حظيت الصين بالثناء والمديح لنجاحها في إظهار فضيلة التخطيط الحكومي وتقديم البديل لإجماع واشنطن النيوليبرالي. وحتى أولئك الذين اعترفوا بنموذج الصين باعتباره شكلا من أشكال «رأسمالية الدولة»- بكل ما تنطوي عليه من تناقضات- توقعوا أن يستمر نموها دون انقطاع إلى حد كبير.
لعل الحجة الأكثر قوة كانت أن الصين ستسيطر على العالم بفضل قدرتها على تحقيق الهيمنة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. مع قدرتها على الوصول إلى قدر ضخم من البيانات بفضل عدد هائل من سكانها، مع قدر أقل من القيود الأخلاقية وقيود الخصوصية مقارنة بتلك التي يواجهها الباحثون في الغرب، وفي ظل استثمارات حكومية ضخمة في الذكاء الاصطناعي، قـيـل إن الصين تتمتع بميزة واضحة في هذا المجال.
لكن هذه الحجة كانت دوما موضع شك. فلا يمكننا أن نفترض ببساطة أن التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي سيكون المصدر الرئيسي للميزة الاقتصادية في المستقبل؛ أو أن الحكومة الصينية ستسمح بإجراء أبحاث عالية الجودة في هذا القطاع؛ أو أن الشركات الغربية معوقة بشكل كبير بسبب قوانين الخصوصية وغير ذلك من الضوابط التنظيمية التي تحكم استخدام البيانات.
اليوم، تبدو آفاق الصين أقل وردية كثيرا مما كانت عليه ذات يوم. فبعد أن أزال بالفعل العديد من الضوابط الداخلية، استخدم الرئيس شي جين بينج المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني لتأمين فترة ولاية ثالثة غير مسبوقة (مع غياب أي حدود لفترات الولاية في الأفق)، وعمل على شغل مقاعد اللجنة الدائمة للمكتب السياسي الكلية القوة بالمؤيدين المخلصين.
يأتي توطيد السلطة على هذا النحو على الرغم من الأخطاء الكبرى غير المبررة التي ارتكبها شي والتي تدفع الاقتصاد إلى التدهور وتستنزف إمكانات الصين الإبداعية. كان من الممكن تجنب سياسة «خفض الإصابات بمرض فيروس كورونا إلى الصِـفر» التي فرضها شي إلى حد كبير، والتي كانت باهظة التكلفة، وكذا دعمه لحرب روسيا في أوكرانيا. ومن المرجح أن يتبع ذلك المزيد من الأخطاء الفادحة الآن بعد أن أصبح شي يتمتع بسلطة غير مقيدة ومحاطا برجال لا يعارضونه على الإطلاق ويتجنبون إخباره بما يجب أن يسمع.
لكن من الخطأ أن نستنتج أن نموذج النمو الصيني يتجه نحو الانهيار لمجرد اعتلاء الشخص الخطأ للعرش. فربما كان التحول نحو خط سيطرة أكثر تشددا والذي بدأ أثناء فترة ولاية شي الأولى (بعد عام 2012) حتميا.
كان النمو الصناعي السريع في الصين في تسعينيات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين مبنيا على استثمارات ضخمة، ونقل التكنولوجيا من الغرب، والإنتاج لغرض التصدير، والقمع المالي وكبح الأجور. لكن مثل هذا النمو الذي تقوده الصادرات من غير الممكن أن يستمر إلى ما هو أبعد من هذا. وكما أدرك هو جينتاو، سلف شي، في عام 2012، يجب أن يصبح نمو الصين «أكثر توازنا، وتنسيقا، واستدامة»، مع التقليل كثيرا من الاعتماد على الطلب الخارجي والاعتماد بشكل أكبر كثيرا على الاستهلاك المحلي.
في ذلك الوقت، تصور عدد كبير من الخبراء أن شي سيستجيب للتحدي بالاستعانة «بأجندة إصلاحية طموحة» لتقديم المزيد من الحوافز القائمة على السوق. لكن هذه التفسيرات أغفلت سؤالا أساسيا كان النظام الصيني يتصارع معه بالفعل: كيف يمكن الحفاظ على احتكار الحزب الشيوعي الصيني للمجال السياسي في مواجهة طبقة متوسطة سريعة التوسع ومتمكنة اقتصاديا. كانت الإجابة الأكثر وضوحا ــ وربما الإجابة الوحيدة ــ هي المزيد من القمع والرقابة، وهذا هو المسار الذي سلكه شي على وجه التحديد.
لفترة من الوقت، تصور شي، وبطانته، وحتى العديد من الخبراء في الخارج أن الاقتصاد من الممكن أن يظل مزدهرا في ظل ظروف السيطرة المركزية المتزايدة الإحكام، والرقابة، وغسل الأدمغة، والقمع. مرة أخرى، نظر كثيرون إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره أداة قوية بدرجة غير مسبوقة لمراقبة المجتمع والتحكم فيه.
مع ذلك، هناك أدلة متزايدة تشير إلى أن شي ومستشاريه أساءوا قراءة الموقف، وأن الصين توشك أن تدفع ثمنا اقتصاديا باهظا بسبب سيطرة النظام المتزايدة الشدة. في أعقاب حملات قمع تنظيمية كاسحة على Alibaba، وTencent، وشركات أخرى في عام 2021، أصبحت الشركات الصينية تركز بشكل متزايد على البقاء تحت مظلة حظوة السلطات السياسية، بدلا من التركيز على الإبداع.
كما تتراكم أوجه القصور وغير ذلك من المشكلات التي أوجدها تخصيص الائتمان استنادا إلى دوافع سياسية، وبدأ الابتكار الذي تقوده الدولة يبلغ منتهاه. على الرغم من الزيادة الكبيرة في الدعم الحكومي منذ عام 2013، فإن جودة البحث الأكاديمي في الصين لا تتحسن إلا ببطء. وحتى في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي يشكل الأولوية العلمية العليا للحكومة، نجد أن التقدم متخلف وراء شركات التكنولوجيا الرائدة على مستوى العالم، وأغلبها في الولايات المتحدة.
يُـظـهِـر البحث الذي أجريته مؤخرا مع جي زو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وديفيد يانج من جامعة هارفارد أن السيطرة من أعلى إلى أسفل في الأوساط الأكاديمية الصينية يعمل على تشويه اتجاه البحث أيضا. فالآن يختار العديد من أعضاء هيئة التدريس مجالات البحث التي تنال استحسان رؤساء الأقسام أو العمداء، الذين يتمتعون بنفوذ كبير على حياتهم المهنية. ومع اضطرارهم إلى تحويل أولوياتهم، تشير الأدلة إلى أن جودة الأبحاث في مجمل الأمر تعاني بوضوح.
من الواضح أن قبضة شي المتزايدة الإحكام على العلوم والاقتصاد تعني أن هذه المشكلات ستتفاقم. وكما هي الحال في كل الأنظمة الاستبدادية، لن يجرؤ أي خبير مستقل أو وسيلة إعلام محلية على التحدث عن الكارثة المنتظرة التي أطلق لها شي العنان.
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali
الكاتب: دارون عاصم أوغلو/ أستاذ الاقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والمؤلف المشارك (مع جيمس روبنسون) لكتاب «لماذا تفشل الأمم: أصل القوة والرخاء والفقر» (Profile, 2019)، وكتاب «الممر الضيق: الدول والمجتمعات ومصير الحرية» (بنجوين،2020).
خلال الفترة من 1980 إلى 2019، كان متوسط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي في الصين أكثر من 8 % – أسرع من أي اقتصاد غربي- وفي العقد الأول من القرن الحالي، تجاوز مسارها الاقتصادي بالكاد مستوى النمو الذي سمح لها باللحاق بركب الاقتصادات المتقدمة من حيث نصيب الفرد في الدخل (باستخدام التقنيات الغربية). بدأت الصين تنفيذ استثماراتها التكنولوجية الخاصة، فأنتجت براءات الاختراع والمنشورات الأكاديمية، وأنشأت بأعداد كبيرة شركات مبدعة مثل Alibaba، وTencent، وBaidu، وHuawei.
تصور بعض المعترضين أن هذا احتمال غير وارد. ففي حين أشرف كثيرون من الحكام المستبدين على توسعات اقتصادية سريعة، لم يسبق لنظام غير ديمقراطي أن نجح في توليد نمو مستدام قائم على الإبداع والابتكار. صحيح أن بعض الغربيين افتتنوا بالبراعة العلمية السوفييتية في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، لكنهم كانوا في الأغلب يعبرون عن تحيزاتهم. بحلول سبعينيات القرن العشرين، بدأ الاتحاد السوفييتي يتخلف عن الركب ويعاني من الركود بوضوح، بسبب عجزه عن الابتكار والإبداع في مجموعة واسعة من القطاعات.
صحيح أن بعض الفطنين من مراقبي الصين أشاروا إلى أن القبضة الحديدية التي يفرضها الحزب الشيوعي الصيني لم تكن تبشر بخير في ما يتصل بآفاق الصين. لكن الرأي الأكثر شيوعا كان أن الصين ستحافظ على نموها المذهل. وفي حين دارت مناقشات حول ما إذا كانت الصين لتصبح قوة حميدة أو قوة خبيثة على الصعيد العالمي، فلم ينشأ خلاف كبير حول نموها الذي اعتُـبِـر لا يمكن إيقافه. حتى أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اعتادا على توقع استمرار معدلات نمو الصين السابقة في المستقبل، وانتشرت كتب تحمل عناوين مثل «عندما تحكم الصين العالم».
لسنوات كنا نسمع أيضا الحجج حول نجاح الصين في تحقيق «المساءلة بدون ديمقراطية»، أو أن قيادة الحزب الشيوعي الصيني كانت على الأقل مقيدة بحدود مدة الولاية، وتوازن القوى، وغير ذلك من بدائل الحكم الرشيد. حظيت الصين بالثناء والمديح لنجاحها في إظهار فضيلة التخطيط الحكومي وتقديم البديل لإجماع واشنطن النيوليبرالي. وحتى أولئك الذين اعترفوا بنموذج الصين باعتباره شكلا من أشكال «رأسمالية الدولة»- بكل ما تنطوي عليه من تناقضات- توقعوا أن يستمر نموها دون انقطاع إلى حد كبير.
لعل الحجة الأكثر قوة كانت أن الصين ستسيطر على العالم بفضل قدرتها على تحقيق الهيمنة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. مع قدرتها على الوصول إلى قدر ضخم من البيانات بفضل عدد هائل من سكانها، مع قدر أقل من القيود الأخلاقية وقيود الخصوصية مقارنة بتلك التي يواجهها الباحثون في الغرب، وفي ظل استثمارات حكومية ضخمة في الذكاء الاصطناعي، قـيـل إن الصين تتمتع بميزة واضحة في هذا المجال.
لكن هذه الحجة كانت دوما موضع شك. فلا يمكننا أن نفترض ببساطة أن التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي سيكون المصدر الرئيسي للميزة الاقتصادية في المستقبل؛ أو أن الحكومة الصينية ستسمح بإجراء أبحاث عالية الجودة في هذا القطاع؛ أو أن الشركات الغربية معوقة بشكل كبير بسبب قوانين الخصوصية وغير ذلك من الضوابط التنظيمية التي تحكم استخدام البيانات.
اليوم، تبدو آفاق الصين أقل وردية كثيرا مما كانت عليه ذات يوم. فبعد أن أزال بالفعل العديد من الضوابط الداخلية، استخدم الرئيس شي جين بينج المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني لتأمين فترة ولاية ثالثة غير مسبوقة (مع غياب أي حدود لفترات الولاية في الأفق)، وعمل على شغل مقاعد اللجنة الدائمة للمكتب السياسي الكلية القوة بالمؤيدين المخلصين.
يأتي توطيد السلطة على هذا النحو على الرغم من الأخطاء الكبرى غير المبررة التي ارتكبها شي والتي تدفع الاقتصاد إلى التدهور وتستنزف إمكانات الصين الإبداعية. كان من الممكن تجنب سياسة «خفض الإصابات بمرض فيروس كورونا إلى الصِـفر» التي فرضها شي إلى حد كبير، والتي كانت باهظة التكلفة، وكذا دعمه لحرب روسيا في أوكرانيا. ومن المرجح أن يتبع ذلك المزيد من الأخطاء الفادحة الآن بعد أن أصبح شي يتمتع بسلطة غير مقيدة ومحاطا برجال لا يعارضونه على الإطلاق ويتجنبون إخباره بما يجب أن يسمع.
لكن من الخطأ أن نستنتج أن نموذج النمو الصيني يتجه نحو الانهيار لمجرد اعتلاء الشخص الخطأ للعرش. فربما كان التحول نحو خط سيطرة أكثر تشددا والذي بدأ أثناء فترة ولاية شي الأولى (بعد عام 2012) حتميا.
كان النمو الصناعي السريع في الصين في تسعينيات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين مبنيا على استثمارات ضخمة، ونقل التكنولوجيا من الغرب، والإنتاج لغرض التصدير، والقمع المالي وكبح الأجور. لكن مثل هذا النمو الذي تقوده الصادرات من غير الممكن أن يستمر إلى ما هو أبعد من هذا. وكما أدرك هو جينتاو، سلف شي، في عام 2012، يجب أن يصبح نمو الصين «أكثر توازنا، وتنسيقا، واستدامة»، مع التقليل كثيرا من الاعتماد على الطلب الخارجي والاعتماد بشكل أكبر كثيرا على الاستهلاك المحلي.
في ذلك الوقت، تصور عدد كبير من الخبراء أن شي سيستجيب للتحدي بالاستعانة «بأجندة إصلاحية طموحة» لتقديم المزيد من الحوافز القائمة على السوق. لكن هذه التفسيرات أغفلت سؤالا أساسيا كان النظام الصيني يتصارع معه بالفعل: كيف يمكن الحفاظ على احتكار الحزب الشيوعي الصيني للمجال السياسي في مواجهة طبقة متوسطة سريعة التوسع ومتمكنة اقتصاديا. كانت الإجابة الأكثر وضوحا ــ وربما الإجابة الوحيدة ــ هي المزيد من القمع والرقابة، وهذا هو المسار الذي سلكه شي على وجه التحديد.
لفترة من الوقت، تصور شي، وبطانته، وحتى العديد من الخبراء في الخارج أن الاقتصاد من الممكن أن يظل مزدهرا في ظل ظروف السيطرة المركزية المتزايدة الإحكام، والرقابة، وغسل الأدمغة، والقمع. مرة أخرى، نظر كثيرون إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره أداة قوية بدرجة غير مسبوقة لمراقبة المجتمع والتحكم فيه.
مع ذلك، هناك أدلة متزايدة تشير إلى أن شي ومستشاريه أساءوا قراءة الموقف، وأن الصين توشك أن تدفع ثمنا اقتصاديا باهظا بسبب سيطرة النظام المتزايدة الشدة. في أعقاب حملات قمع تنظيمية كاسحة على Alibaba، وTencent، وشركات أخرى في عام 2021، أصبحت الشركات الصينية تركز بشكل متزايد على البقاء تحت مظلة حظوة السلطات السياسية، بدلا من التركيز على الإبداع.
كما تتراكم أوجه القصور وغير ذلك من المشكلات التي أوجدها تخصيص الائتمان استنادا إلى دوافع سياسية، وبدأ الابتكار الذي تقوده الدولة يبلغ منتهاه. على الرغم من الزيادة الكبيرة في الدعم الحكومي منذ عام 2013، فإن جودة البحث الأكاديمي في الصين لا تتحسن إلا ببطء. وحتى في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي يشكل الأولوية العلمية العليا للحكومة، نجد أن التقدم متخلف وراء شركات التكنولوجيا الرائدة على مستوى العالم، وأغلبها في الولايات المتحدة.
يُـظـهِـر البحث الذي أجريته مؤخرا مع جي زو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وديفيد يانج من جامعة هارفارد أن السيطرة من أعلى إلى أسفل في الأوساط الأكاديمية الصينية يعمل على تشويه اتجاه البحث أيضا. فالآن يختار العديد من أعضاء هيئة التدريس مجالات البحث التي تنال استحسان رؤساء الأقسام أو العمداء، الذين يتمتعون بنفوذ كبير على حياتهم المهنية. ومع اضطرارهم إلى تحويل أولوياتهم، تشير الأدلة إلى أن جودة الأبحاث في مجمل الأمر تعاني بوضوح.
من الواضح أن قبضة شي المتزايدة الإحكام على العلوم والاقتصاد تعني أن هذه المشكلات ستتفاقم. وكما هي الحال في كل الأنظمة الاستبدادية، لن يجرؤ أي خبير مستقل أو وسيلة إعلام محلية على التحدث عن الكارثة المنتظرة التي أطلق لها شي العنان.
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali
الكاتب: دارون عاصم أوغلو/ أستاذ الاقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والمؤلف المشارك (مع جيمس روبنسون) لكتاب «لماذا تفشل الأمم: أصل القوة والرخاء والفقر» (Profile, 2019)، وكتاب «الممر الضيق: الدول والمجتمعات ومصير الحرية» (بنجوين،2020).
نيسان ـ نشر في 2022/11/18 الساعة 00:00