جدلية الحوار حول الدعم
نيسان ـ نشر في 2022/12/06 الساعة 00:00
من أكثر المقالات الّتي تلقّيت حولها تعليقات من السادة القرّاء كانت مقالتي قبل أيّام تحت عنوان “أوقفوا دعم السلع”، وهذا يدلّ على مدى اهتمام القارئ بما يدور حول أمنه المعيشيّ.
أنواع التعليقات كانت متفاوتة، لكنّني أستطيع أن أدرجها تحت أربعة تصنيفات، قرأتها جميعاً بعناية، وخلصت لمجموعة من الآراء الّتي نتجت عن تحليل لطبيعة تلك التعليقات الّتي دفعتني للكتابة عنها في هذه الزاوية، وهي جاءت على النحو الآتي:
أوّلاً: قليل من التعليقات الّتي أيّدت فكرة إلغاء دعم السلع وتوجيهه للمواطن المستحقّ حسب شريحة دخله ومستوى معيشته، وهذه وجهة نظر تتطابق مع ما كتبته ومع قناعتي بأنّ هذا الدعم بهذا الشكل الحاليّ هو هدر للمال العامّ وتشوّه في إدارته.
ثانياً: غالبيّة التعليقات تؤمن بأنّ الدعم للسلع هو خلل وتشوّه حقيقيّ لكنّهم لا يؤمنون بأيّ خطط حكوميّة لإيصال الدعم لمستحقّيه، وهم بالتالي يرفضون المساس بهيكل الدعم الحاليّ، ويفضّلون بقاءه كما هو دون مساس، لخشيتهم من خلل يصيب الإجراءات الحكوميّة إذا ما تمّ المساس به بغرض استبداله لدعم المواطن المستحقّ.
شخصيّاً اتّفق مع هذا الرأي، فهناك عدم ثقة بالقرار الحكوميّ في حال اللجوء لتعديل آليّات الدعم من السلع للمواطن، والممارسات التراكميّة السابقة للحكومات تعزّز هذه النظرة السلبيّة وتزيد من فجوة عدم الثقة بأيّ خطاب رسميّ تجاه هذا الموضوع. فالحكومات السابقة تعهّدت بتقديم الدعم النقديّ للمواطنين والّذي لم يصمد سوى لأشهر قليلة وبعدها تنصّلت الخزينة منه، والحكومات تعهّدت بأن وقع الدعم عن المحروقات وتعديل التعرفة الكهربائيّة سيؤدّي حتماً لتخفيض العجز، لكنّ الواقع زاد العجز مع تخلّي الحكومة عن غالبيّة أشكال دعم المحروقات، لذلك لا يوجد ثقة تجاه أيّ خطاب حكوميّ فيما يتعلّق بالدعم رغم كلفه على الخزينة، وهدر المال العامّ.
ثالثاً: جزء من التعليقات يرفض رفضاً قاطعاً أيّ مساس بهيكل الدعم تحت أيّ مسمّى، وهذا ناتج عن اعتقاد وإيمان شخصيّ بأنّه من واجب الخزينة والدولة أن تقدّم الدعم لمواطنيها وتعزيز الأمن المعيشيّ لهم، وهذا رأي يحترم، لأنّه مبنيّ على فكر وعقيدة واضحة بغضّ النظر عن الاختلاف أو التوافق معه.
رابعاً: هناك رأي يرفض الدعم ولا يريد من الخزينة أن تدعم أيّ سلعة، وينادي ببيعها بأسعارها العالميّة للمواطن شريطة أن تجري الحكومة- قبل إزالة الدعم- مجموعة من القرارات والإجراءات تتعلّق بتخفيض الضرائب والجمارك وزيادة الرواتب وتعديلها، وهذا رأي اقتصاديّ منطقيّ يستحقّ النقاش والاهتمام.
ويبقى أخيراً وليس آخراً رأي من لا رأي له، مجرّد ظاهرة صوتيّة استغلّت وجودها على صفحات التواصل الاجماعيّ لتوظيفه في الشتم والقدح والشخصنة والاتّهاميّة والشعبويّات الزائفة، وهؤلاء للأسف كثر في الفترة الحاليّة، فعقولهم خاوية من كلّ مبادئ النقاش والحوار، وكلّ ما في جعبتهم هو الشتم لا أكثر، وهذا أمر طبيعيّ، “فكلّ إناء بما في ينضح”.
قضايا الدعم وغيرها من الأمور الاقتصاديّة، هي قضايا جدليّة، ولا يملك أحد الحقيقة الكاملة، أو يدّعي باحتكار المعرفة، هي آراء قابلة للجدل والنقاش والحوار الموضوعيّ، وشخصيّاً لا أعتبر نفسي لا متحدّثاً باسم الحكومة ولا أيّ جهة أخرى، لكنّني أملك رأياً أضعه في هذه الزاوية بكلّ أمانة وقناعة دون مصلحة أو غاية غير الصالح العامّ، وقد أكون مصيباً أو مخطئاً في بعض ما أكتبه، لكن في النهاية لا بدّ من حوار مسؤول وعقلانيّ حول كلّ تلك القضايا الجدليّة، حتّى يصل المجتمع لتفاهمات وتوافقات تساهم في تعزيز الاستقرار.
الغد
أنواع التعليقات كانت متفاوتة، لكنّني أستطيع أن أدرجها تحت أربعة تصنيفات، قرأتها جميعاً بعناية، وخلصت لمجموعة من الآراء الّتي نتجت عن تحليل لطبيعة تلك التعليقات الّتي دفعتني للكتابة عنها في هذه الزاوية، وهي جاءت على النحو الآتي:
أوّلاً: قليل من التعليقات الّتي أيّدت فكرة إلغاء دعم السلع وتوجيهه للمواطن المستحقّ حسب شريحة دخله ومستوى معيشته، وهذه وجهة نظر تتطابق مع ما كتبته ومع قناعتي بأنّ هذا الدعم بهذا الشكل الحاليّ هو هدر للمال العامّ وتشوّه في إدارته.
ثانياً: غالبيّة التعليقات تؤمن بأنّ الدعم للسلع هو خلل وتشوّه حقيقيّ لكنّهم لا يؤمنون بأيّ خطط حكوميّة لإيصال الدعم لمستحقّيه، وهم بالتالي يرفضون المساس بهيكل الدعم الحاليّ، ويفضّلون بقاءه كما هو دون مساس، لخشيتهم من خلل يصيب الإجراءات الحكوميّة إذا ما تمّ المساس به بغرض استبداله لدعم المواطن المستحقّ.
شخصيّاً اتّفق مع هذا الرأي، فهناك عدم ثقة بالقرار الحكوميّ في حال اللجوء لتعديل آليّات الدعم من السلع للمواطن، والممارسات التراكميّة السابقة للحكومات تعزّز هذه النظرة السلبيّة وتزيد من فجوة عدم الثقة بأيّ خطاب رسميّ تجاه هذا الموضوع. فالحكومات السابقة تعهّدت بتقديم الدعم النقديّ للمواطنين والّذي لم يصمد سوى لأشهر قليلة وبعدها تنصّلت الخزينة منه، والحكومات تعهّدت بأن وقع الدعم عن المحروقات وتعديل التعرفة الكهربائيّة سيؤدّي حتماً لتخفيض العجز، لكنّ الواقع زاد العجز مع تخلّي الحكومة عن غالبيّة أشكال دعم المحروقات، لذلك لا يوجد ثقة تجاه أيّ خطاب حكوميّ فيما يتعلّق بالدعم رغم كلفه على الخزينة، وهدر المال العامّ.
ثالثاً: جزء من التعليقات يرفض رفضاً قاطعاً أيّ مساس بهيكل الدعم تحت أيّ مسمّى، وهذا ناتج عن اعتقاد وإيمان شخصيّ بأنّه من واجب الخزينة والدولة أن تقدّم الدعم لمواطنيها وتعزيز الأمن المعيشيّ لهم، وهذا رأي يحترم، لأنّه مبنيّ على فكر وعقيدة واضحة بغضّ النظر عن الاختلاف أو التوافق معه.
رابعاً: هناك رأي يرفض الدعم ولا يريد من الخزينة أن تدعم أيّ سلعة، وينادي ببيعها بأسعارها العالميّة للمواطن شريطة أن تجري الحكومة- قبل إزالة الدعم- مجموعة من القرارات والإجراءات تتعلّق بتخفيض الضرائب والجمارك وزيادة الرواتب وتعديلها، وهذا رأي اقتصاديّ منطقيّ يستحقّ النقاش والاهتمام.
ويبقى أخيراً وليس آخراً رأي من لا رأي له، مجرّد ظاهرة صوتيّة استغلّت وجودها على صفحات التواصل الاجماعيّ لتوظيفه في الشتم والقدح والشخصنة والاتّهاميّة والشعبويّات الزائفة، وهؤلاء للأسف كثر في الفترة الحاليّة، فعقولهم خاوية من كلّ مبادئ النقاش والحوار، وكلّ ما في جعبتهم هو الشتم لا أكثر، وهذا أمر طبيعيّ، “فكلّ إناء بما في ينضح”.
قضايا الدعم وغيرها من الأمور الاقتصاديّة، هي قضايا جدليّة، ولا يملك أحد الحقيقة الكاملة، أو يدّعي باحتكار المعرفة، هي آراء قابلة للجدل والنقاش والحوار الموضوعيّ، وشخصيّاً لا أعتبر نفسي لا متحدّثاً باسم الحكومة ولا أيّ جهة أخرى، لكنّني أملك رأياً أضعه في هذه الزاوية بكلّ أمانة وقناعة دون مصلحة أو غاية غير الصالح العامّ، وقد أكون مصيباً أو مخطئاً في بعض ما أكتبه، لكن في النهاية لا بدّ من حوار مسؤول وعقلانيّ حول كلّ تلك القضايا الجدليّة، حتّى يصل المجتمع لتفاهمات وتوافقات تساهم في تعزيز الاستقرار.
الغد
نيسان ـ نشر في 2022/12/06 الساعة 00:00