أخطأ النائب: كيف تتصرف الدولة؟
نيسان ـ نشر في 2022/12/29 الساعة 00:00
يمكن، ببساطة، أن يدفع النواب باتجاه إحالة زميلهم، النائب محمد الفايز، إلى لجنة السلوك، يمكن، أيضا، أن يستبق ذلك ويقدم استقالته من المجلس، يمكن، ثالثا، أن يصار إلى محاكمته، كل ذلك وارد، لكن السؤال الاهم : هل ستكون النتيجة إطفاء أزمة أم إشعال أزمات أخرى، بصيغة أخرى : هل الأولى، سياسيا، معاقبة الرجل على خطأ ارتكبه أم إعادته إلى السكة الصحيحة، انتصارا لمنطق الدولة المفترض أن تكون أوسع صدرا من أبنائها ؟
أعرف، تماما، أن النائب المحترم اخطأ، وأن ما فعله يندرج في إطار الحماسة الشعوبية، أعرف، ثانيا، أن المناخات الجديدة التي تسيطر على (مضاربنا) أغرته للوقوع في المصيدة، أعرف، ثالثا، أن ثمة من يريد أن يصب الزيت على النار لتصفية حسابات مختلفة، وجدت فرصتها في هذا الخطأ، لكن ما اعرفه، أيضا، هو ان تاريخ النائب يشهد له بالانتماء للبلد وقيادته، والحرص على استقرارهما، ما يعني أن ما فعله يمكن أن يستدرك باعترافه بالخطأ، ثم الاعتذار عنه، وبهذا نكسب جميعا، الدولة والمجتمع معا، ونخرج من الأزمة بأقل ما يمكن من خسارات.
آخر ما يخطر لبالي، هنا، أن أدافع عن النائب الذي لا تربطني به أي معرفة، المسألة أبعد وأعمق من أن تكون مرتبطة بشخص، صحيح أن الانحياز للقانون واجب، و أن المحاسبة على الخطأ مطلوبة، لكن ما أريد أن أقوله هو أن الدولة الأردنية، منذ تأسيسها انحازت دائما في علاقتها مع الأردنيين لقيم السماحة والعفو، فاستوعبت من خرج على نظامها السياسي، وأعادته إلى رصيدها، مدافعا عنها وأمينًا على مصالحها.
لا يوجد أحد محصن من الخطأ، لكن ثمة فرق كبير بين من يخطئ وقلبه على بلده، وهمه إصلاح الواقع الذي يعيش فيه، وبين من يتعمد إلحاق الأذى بالبلد والناس، وثمة فرق أكبر بين من يزل لسانه بالخطأ وبين من يمد لسانه ويده وينهش بلده، دون أن يرف له جفن، أو ينخزه ضمير، ما فعله النائب يندرج بتقديري في خانة التسرع وليس الاساءة، والخطأ السياسي غير المقصود، وليس الخطيئة الوطنية المتعمدة.
ميزة الدولة الأردنية، أنها أدركت منذ تأسيسها قيمة معادلة «الاحتواء» بالمعنى الإيجابي، فلم تمارس العنف مع الأردنيين، وحتى حين تقسو فسرعان ما تتراجع وتذهب لتطييب الخواطر، وفق ذلك نشأت علاقة فريدة من نوعها بين النظام السياسي والشعب، تبادل فيها الطرفان السماحة والثقة والاحترام المتبادل، وأنتجت بلدا آمنا مستقرا، تجاوز أزماته وكل المحن التي واجهته، بفعل قناعات وإحساس مشترك، بأن الجميع» أسرة واحدة»، قد تختلف فيما بينها، لكنها لا تقطع حبال المحبة بين أفرادها.
استدعاء مثل هذه المعادلة الذهبية، والتذكير بها، لا يتعلق، فقط، بالدعوة لتجاوز قضية النائب، ولا لترطيب المناخات العامة التي أصبحت تضغط على أعصاب المجتمع، ، وإنما تتعلق، أيضا، بضرورة تدشين مرحلة جديدة، عنوانها « المصالحات» الوطنية، بما تقتضيه من إعادة الدولة ومؤسساتها للقيم التي تأسست عليها، السماحة والعفو و»الأبوة»، وإعادة الأردنيين إلى دولتهم، على أساس الثقة والانتماء والتضحية والاعتزاز.
بموازاة ذلك، لا بد من التذكير بمسألة مهمة، وهي أن مزاج الدولة، خاصة عند احتدام الأزمات، يفترض أن يكون مضبوطا على ساعة «الحكمة» والاستيعاب، وإذا كان المزاج العام للناس يتعرض، الآن، لضغوطات واضطرابات، تدفع البعض للتجاوز هنا وهناك، فإن من واجب الدولة أن يتسع صدرها بما يسمح لتصحيح أي خطأ، بأقل ما يمكن من خسائر.
(الدستور)
أعرف، تماما، أن النائب المحترم اخطأ، وأن ما فعله يندرج في إطار الحماسة الشعوبية، أعرف، ثانيا، أن المناخات الجديدة التي تسيطر على (مضاربنا) أغرته للوقوع في المصيدة، أعرف، ثالثا، أن ثمة من يريد أن يصب الزيت على النار لتصفية حسابات مختلفة، وجدت فرصتها في هذا الخطأ، لكن ما اعرفه، أيضا، هو ان تاريخ النائب يشهد له بالانتماء للبلد وقيادته، والحرص على استقرارهما، ما يعني أن ما فعله يمكن أن يستدرك باعترافه بالخطأ، ثم الاعتذار عنه، وبهذا نكسب جميعا، الدولة والمجتمع معا، ونخرج من الأزمة بأقل ما يمكن من خسارات.
آخر ما يخطر لبالي، هنا، أن أدافع عن النائب الذي لا تربطني به أي معرفة، المسألة أبعد وأعمق من أن تكون مرتبطة بشخص، صحيح أن الانحياز للقانون واجب، و أن المحاسبة على الخطأ مطلوبة، لكن ما أريد أن أقوله هو أن الدولة الأردنية، منذ تأسيسها انحازت دائما في علاقتها مع الأردنيين لقيم السماحة والعفو، فاستوعبت من خرج على نظامها السياسي، وأعادته إلى رصيدها، مدافعا عنها وأمينًا على مصالحها.
لا يوجد أحد محصن من الخطأ، لكن ثمة فرق كبير بين من يخطئ وقلبه على بلده، وهمه إصلاح الواقع الذي يعيش فيه، وبين من يتعمد إلحاق الأذى بالبلد والناس، وثمة فرق أكبر بين من يزل لسانه بالخطأ وبين من يمد لسانه ويده وينهش بلده، دون أن يرف له جفن، أو ينخزه ضمير، ما فعله النائب يندرج بتقديري في خانة التسرع وليس الاساءة، والخطأ السياسي غير المقصود، وليس الخطيئة الوطنية المتعمدة.
ميزة الدولة الأردنية، أنها أدركت منذ تأسيسها قيمة معادلة «الاحتواء» بالمعنى الإيجابي، فلم تمارس العنف مع الأردنيين، وحتى حين تقسو فسرعان ما تتراجع وتذهب لتطييب الخواطر، وفق ذلك نشأت علاقة فريدة من نوعها بين النظام السياسي والشعب، تبادل فيها الطرفان السماحة والثقة والاحترام المتبادل، وأنتجت بلدا آمنا مستقرا، تجاوز أزماته وكل المحن التي واجهته، بفعل قناعات وإحساس مشترك، بأن الجميع» أسرة واحدة»، قد تختلف فيما بينها، لكنها لا تقطع حبال المحبة بين أفرادها.
استدعاء مثل هذه المعادلة الذهبية، والتذكير بها، لا يتعلق، فقط، بالدعوة لتجاوز قضية النائب، ولا لترطيب المناخات العامة التي أصبحت تضغط على أعصاب المجتمع، ، وإنما تتعلق، أيضا، بضرورة تدشين مرحلة جديدة، عنوانها « المصالحات» الوطنية، بما تقتضيه من إعادة الدولة ومؤسساتها للقيم التي تأسست عليها، السماحة والعفو و»الأبوة»، وإعادة الأردنيين إلى دولتهم، على أساس الثقة والانتماء والتضحية والاعتزاز.
بموازاة ذلك، لا بد من التذكير بمسألة مهمة، وهي أن مزاج الدولة، خاصة عند احتدام الأزمات، يفترض أن يكون مضبوطا على ساعة «الحكمة» والاستيعاب، وإذا كان المزاج العام للناس يتعرض، الآن، لضغوطات واضطرابات، تدفع البعض للتجاوز هنا وهناك، فإن من واجب الدولة أن يتسع صدرها بما يسمح لتصحيح أي خطأ، بأقل ما يمكن من خسائر.
(الدستور)
نيسان ـ نشر في 2022/12/29 الساعة 00:00