الطاسيلي و الهقار
نيسان ـ نشر في 2022/12/29 الساعة 00:00
حديث المكان و براكين الذاكرة:
الإرث الرباني والمتحف المفتوح الصامت والخامد ، لمدينة الفن والتاريخ الخالد، المتمثل في التراث الإنساني المولود من رحم الطبيعة ،ذاك العالم المسْتَهلّ من التناقضات المُبْهَمة، جلس و اِعْتَدَلَ فوق المَغْنًى مشرقا في هَجْسه و نجمه المَيَّالٌ يبدوا كالثريا التي علقت في ليله فاحم،أما الريح تحمل من نخلة الى أخرى صَخب القبلات التي تزهو في سحاب مركوم من الأركيولوجية ، والشمس سراجا تنثر ضفائرها ذهبا ونور لسحر يراود العيون يتربع على ماضٍ حاضنٍ لأقدم الحضارات الإنسانية إنه المعلم السياحي و الأثري التاسيلي و الهقار معبر قوافل الذهب والفضة اللذان تكونا من تشكيلات جيولوجية تعود إلى العصر الجليدي ، هاتين الحظيرتين تشكيلات بركانية خامدة و حضارة ممتدة لأقطار كثيرة رَفَّلَتْ منها المدن البتول أواوينُها تعزف على أوتار أجسادٍ لم تولد بعد في كَنَف الإبداع المتفرد لحسنها المُفْرط الذي خيم على السمراء العريقة عروس الجنوب الجزائري و تجاوز سحرها الحدود مما آلَ الجمال الأبدي حتى جعل المدينة فردوس عجيباً يَلتَحفُ النَعيمَ، وعبثت محاسنها بفُؤَاد الزاهِد فشيد بقمتها دار الرهبان ،مما تاهت المدينة في حِقْبَةٌ مِنَ الدَّهْرِ وذاكرة عميقة تسرد ملايين الحضارات وكأنها كانت من شواهد الانتصار، الانكسار والحب حتى الظلام هناك أجمل يستقر به فؤاد الناشد.
السمراء العتيقة استلقت بقامتها الممشوقة و تَلَفَّعَت بثوبها الترڤي الزاهي أردوازي اللَّون الراجع الى حقبة ما قبل الكامبري والممتزج بعبق تاريخها، تتباهى بجمالها بلا خجل، جمالها المنثور من خصر أردوفيسي و الديفوني ، وعنقها المُنيف للسماء في أُبَّهَة المتمثل في طاهات أتاكور ،تطل بصَبابَة لصخورها اللاهبة و سهولها الحجرية التي يتخللها العرق الغربي الكبير والعرق الشرقي الكبير ،وبين سلسلتها الجبلية القديمة التي تزيد عن نصف مليون كيلومتر مربع ،منها من تشكل في امرأة تحمل ابنها و رجل يضع شاشا تقليديا وغير ذلك من الابداع الرباني ، وايضا بقايا الغابات الاستوائية الصفراء المتراصة بعضها خلف بعض وبساتين الحصى الدائري بالأسود والأزرق والشمس التي تتهيأ للنوم بين أحضان قمم اسكرام سر العجب الذي البسته بأشعتها الذهبية تاجا بدى كلوحة فسيفساء بما حباها الله من الجمال الذي يستهوي القلوب ويمتع الحواس، سحر أبدع الله خلقه في أحْسَنِ تقويم فاكتنزت بفضله المنطقة و بجنباتها تراثا انسانيا موغلا في القدم يضم اليه أقدم الرسومات البشرية المنحوتة من خمسة ألاف سنة لدلائل مغلقة مثل خرافة بطراز تروي قصة تاريخ زاخر لديار تحاكي لغز آثار سطورها العريقة لإرثها الحضاري الذي اسْتَحَالَت بإدراك أسراره الأفكار.
صحراء رفيعة النعائم تمتد أمامك الى الأبد و بُوركتَ من كل جانب لكن تبدو أرزاق عقيمة ، وبَركةٌ جامدةٌ ، باعثةٌ على الخَيْبَة و الرَّاسِخونَ في العِلْمِ والمتيمون للسمراء يهربوا إليها عرجا و إلى ديارها ليستردوا تاريخ مدينة تخفي في أعماقها أسرارا وكنوزا وحياة البداوة التي تتجلى في التَشَدُّد والصلابة فتسكنك وسط جوانحي الجود الكاف، لكن درة الجنوب ما تزال متوعّكة عليلة بحضنها الموحش في الترنح ،وجسدها في الركن الحميم الموشك على الهذيان في حقيبة المرض، محكومة بالنسيان في البرهة النادرة ، تقْرحتْ حنجرتها في حُظْوَة الروح لفرط الصمت ووضعت يدها على قلبها المضطرب ،تقمّصتَ الحيوان والطير والغاب تحتجّ بالمكان و تاجها تصقله الأيام لأطلس يشكو ظلم الحكايات خلف رمله المصدوعْ بين زمن الوصل اليائس و نَحِيب مقطوع، تجرفها الهَوْهَاءُ لصحراء مبتورة مَقْفرة ،وكأنها أسطورة مخبول تجلس في الصورة المقبورة تقابل مرآة تفضح عورات المتكئين على تراث الطاسيلي والهقار وشظايا النار فيها عاصفة بالجمود لهمس المدينة التي تتوسد جرحها و تتحدّى الركود فإن الوقائع لا تخون و الفعل ظاهرٌ فعله ولكل فعلٍ منه مقدار والله لا يصولُ صولة رِزْقٍ مَّعْلُومٍ لنائمٍ.
سمرائي العريقة اعتراها الجمود و هي تمضي إلى قدرها الذي تأسره القيود وغابات رخامها زبد غثاء ترقد عظاما في المدافن و على الرمل الطويل تشتهي أن تتحدّى الركود لبراكين ذاكرتها الماثلة للموت حين تماهينا عنها فهل يأتي شيئا ليوقف نزف الرمل المتهاوي في الأغوار، و متى يئن لها أن ترفل بالحرير و الموج المكنون في شفير الرمال و هل أعطيت حقها أم دنست المعالم؟
بقلم الكاتبة الجزائرية مريم عرجون
الإرث الرباني والمتحف المفتوح الصامت والخامد ، لمدينة الفن والتاريخ الخالد، المتمثل في التراث الإنساني المولود من رحم الطبيعة ،ذاك العالم المسْتَهلّ من التناقضات المُبْهَمة، جلس و اِعْتَدَلَ فوق المَغْنًى مشرقا في هَجْسه و نجمه المَيَّالٌ يبدوا كالثريا التي علقت في ليله فاحم،أما الريح تحمل من نخلة الى أخرى صَخب القبلات التي تزهو في سحاب مركوم من الأركيولوجية ، والشمس سراجا تنثر ضفائرها ذهبا ونور لسحر يراود العيون يتربع على ماضٍ حاضنٍ لأقدم الحضارات الإنسانية إنه المعلم السياحي و الأثري التاسيلي و الهقار معبر قوافل الذهب والفضة اللذان تكونا من تشكيلات جيولوجية تعود إلى العصر الجليدي ، هاتين الحظيرتين تشكيلات بركانية خامدة و حضارة ممتدة لأقطار كثيرة رَفَّلَتْ منها المدن البتول أواوينُها تعزف على أوتار أجسادٍ لم تولد بعد في كَنَف الإبداع المتفرد لحسنها المُفْرط الذي خيم على السمراء العريقة عروس الجنوب الجزائري و تجاوز سحرها الحدود مما آلَ الجمال الأبدي حتى جعل المدينة فردوس عجيباً يَلتَحفُ النَعيمَ، وعبثت محاسنها بفُؤَاد الزاهِد فشيد بقمتها دار الرهبان ،مما تاهت المدينة في حِقْبَةٌ مِنَ الدَّهْرِ وذاكرة عميقة تسرد ملايين الحضارات وكأنها كانت من شواهد الانتصار، الانكسار والحب حتى الظلام هناك أجمل يستقر به فؤاد الناشد.
السمراء العتيقة استلقت بقامتها الممشوقة و تَلَفَّعَت بثوبها الترڤي الزاهي أردوازي اللَّون الراجع الى حقبة ما قبل الكامبري والممتزج بعبق تاريخها، تتباهى بجمالها بلا خجل، جمالها المنثور من خصر أردوفيسي و الديفوني ، وعنقها المُنيف للسماء في أُبَّهَة المتمثل في طاهات أتاكور ،تطل بصَبابَة لصخورها اللاهبة و سهولها الحجرية التي يتخللها العرق الغربي الكبير والعرق الشرقي الكبير ،وبين سلسلتها الجبلية القديمة التي تزيد عن نصف مليون كيلومتر مربع ،منها من تشكل في امرأة تحمل ابنها و رجل يضع شاشا تقليديا وغير ذلك من الابداع الرباني ، وايضا بقايا الغابات الاستوائية الصفراء المتراصة بعضها خلف بعض وبساتين الحصى الدائري بالأسود والأزرق والشمس التي تتهيأ للنوم بين أحضان قمم اسكرام سر العجب الذي البسته بأشعتها الذهبية تاجا بدى كلوحة فسيفساء بما حباها الله من الجمال الذي يستهوي القلوب ويمتع الحواس، سحر أبدع الله خلقه في أحْسَنِ تقويم فاكتنزت بفضله المنطقة و بجنباتها تراثا انسانيا موغلا في القدم يضم اليه أقدم الرسومات البشرية المنحوتة من خمسة ألاف سنة لدلائل مغلقة مثل خرافة بطراز تروي قصة تاريخ زاخر لديار تحاكي لغز آثار سطورها العريقة لإرثها الحضاري الذي اسْتَحَالَت بإدراك أسراره الأفكار.
صحراء رفيعة النعائم تمتد أمامك الى الأبد و بُوركتَ من كل جانب لكن تبدو أرزاق عقيمة ، وبَركةٌ جامدةٌ ، باعثةٌ على الخَيْبَة و الرَّاسِخونَ في العِلْمِ والمتيمون للسمراء يهربوا إليها عرجا و إلى ديارها ليستردوا تاريخ مدينة تخفي في أعماقها أسرارا وكنوزا وحياة البداوة التي تتجلى في التَشَدُّد والصلابة فتسكنك وسط جوانحي الجود الكاف، لكن درة الجنوب ما تزال متوعّكة عليلة بحضنها الموحش في الترنح ،وجسدها في الركن الحميم الموشك على الهذيان في حقيبة المرض، محكومة بالنسيان في البرهة النادرة ، تقْرحتْ حنجرتها في حُظْوَة الروح لفرط الصمت ووضعت يدها على قلبها المضطرب ،تقمّصتَ الحيوان والطير والغاب تحتجّ بالمكان و تاجها تصقله الأيام لأطلس يشكو ظلم الحكايات خلف رمله المصدوعْ بين زمن الوصل اليائس و نَحِيب مقطوع، تجرفها الهَوْهَاءُ لصحراء مبتورة مَقْفرة ،وكأنها أسطورة مخبول تجلس في الصورة المقبورة تقابل مرآة تفضح عورات المتكئين على تراث الطاسيلي والهقار وشظايا النار فيها عاصفة بالجمود لهمس المدينة التي تتوسد جرحها و تتحدّى الركود فإن الوقائع لا تخون و الفعل ظاهرٌ فعله ولكل فعلٍ منه مقدار والله لا يصولُ صولة رِزْقٍ مَّعْلُومٍ لنائمٍ.
سمرائي العريقة اعتراها الجمود و هي تمضي إلى قدرها الذي تأسره القيود وغابات رخامها زبد غثاء ترقد عظاما في المدافن و على الرمل الطويل تشتهي أن تتحدّى الركود لبراكين ذاكرتها الماثلة للموت حين تماهينا عنها فهل يأتي شيئا ليوقف نزف الرمل المتهاوي في الأغوار، و متى يئن لها أن ترفل بالحرير و الموج المكنون في شفير الرمال و هل أعطيت حقها أم دنست المعالم؟
بقلم الكاتبة الجزائرية مريم عرجون
نيسان ـ نشر في 2022/12/29 الساعة 00:00