ديمُقْراطِيّتنا (الهايبرد) بالنّكْهة العُرفية
نيسان ـ نشر في 2023/01/19 الساعة 00:00
يستطيع رئيس مجلس النواب أن يجري أية عملية تصويت، خلال ثلاثين ثانية، حتى لو تعلق الأمر بحسم أكبر القضايا المفصلية، كما أنه يستطيع فصل النائب أو تجميده بجرة قلم، وكذلك فإن الذهنية العرفية لديها مِمْحاة تستطيع مسح أية كلمة للنائب تحت القبة، برغم حَصانَته وحصانة آرائه الدستورية.
كما أنه، أي الرئيس، يستطيع أن يؤجل جلسات مجلس النواب ومناقشة الموازنة لحين انتهاء أزمة معان، بل ويرسل رسالة، في أثناء تلك العطلة القسرية، إلى رأس الدولة يقول له فيها إن النواب يُؤيّدونه ويقفون خلفه، وكَأن مشكلة أهل معان مع صاحب الشأن، وليست مع الحكومات وسياساتها الفاشلة.
إن ما يُجْرى على المستوى التشريعي والرّقابي مُحيِّر حقيقة، إذ تبدأ الفكرة ببناء مؤسسات الديمقراطية كبيرة وجادة، لكن الأجهزة التنفيذية تبدأ بمسخرتها من خلال تطويع القوانين وهندستها، وتوجيه الرأي العام لينتخب الموالين، ويتم عن سبق إصرار استبعاد المعارضين، ثم تقوم، الأجهزة ذاتها، بعد ذلك، بالتضييق على النواب أو استقطابهم والتأثير على مواقفهم بطريقة أو أخرى؛ سواء بتقديم بعض الوظائف لأقاربهم أو منحهم بعض الامتيازات، أو بفصل ومحاصرة من يشبون عن طوقها، لتصبح العملية كلها بمثابة السخرية القاسية من فكرة الديمقراطية.
وحسب مقولة ضباط الشرطة في بلدان عربية مجاورة: ( بدكن ثورة؛ خذوا) تمد السلطات إلينا لسانها وسياطها وتقول لنا: تريدون ديمقراطية.. هذه هي مخرجاتها، وكل ذلك يُجرى في عملية تشويهية مبرمجة ومخطط لها بالكامل، من أجل إجهاض الفكرة وإضعافها، والاكتفاء فقط بتسويق صور اصطفافنا مقابل صناديق الاقتراع خارجيا، لتظهر صورتنا كبلد ديمقراطي، بينما الواقع أن الذهنية العرفية ما زالت مسيطرة، وليس لها هدف أو غاية سوى حماية منظومة الفساد، وتهشيم أي توجه جاد لبناء دولة المؤسسات والقانون والديمقراطية.
ورب قائل مِتغاضٍ عن نصف الحقيقة يقول إن الشعب هو من يتحمل المسؤولية كونه هو الذي انتخب النواب، والحقيقة أن هذه المقولة ليست نتاج الجهل بحقيقة الأمور، بل للتزييف والتدليس، لأن القاصي والداني تابع خلال السنوات الماضية مهازل العبث في الانتخابات، والعبث بقوانين الانتخاب، وتقسيم الدوائر، ليخرج علينا المجلس بهذه الصيغة الرخوة.
وحتى الأحزاب لم تسلم من سطوة الذهنية العرفية، فلن يسلم أي حزب معارض للسياسات الحكومية، وكل التركيز اليوم على لفلفة الأحزاب وإخراجها عن الشكل والمضمون اللذين وضعت التصورات الواضحة لهما، سواء في الأوراق النقاشية الملكية أو بمخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية، بل وشطب كل البنود المتعلقة ببناء دولة القانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية.
كما أنه، أي الرئيس، يستطيع أن يؤجل جلسات مجلس النواب ومناقشة الموازنة لحين انتهاء أزمة معان، بل ويرسل رسالة، في أثناء تلك العطلة القسرية، إلى رأس الدولة يقول له فيها إن النواب يُؤيّدونه ويقفون خلفه، وكَأن مشكلة أهل معان مع صاحب الشأن، وليست مع الحكومات وسياساتها الفاشلة.
إن ما يُجْرى على المستوى التشريعي والرّقابي مُحيِّر حقيقة، إذ تبدأ الفكرة ببناء مؤسسات الديمقراطية كبيرة وجادة، لكن الأجهزة التنفيذية تبدأ بمسخرتها من خلال تطويع القوانين وهندستها، وتوجيه الرأي العام لينتخب الموالين، ويتم عن سبق إصرار استبعاد المعارضين، ثم تقوم، الأجهزة ذاتها، بعد ذلك، بالتضييق على النواب أو استقطابهم والتأثير على مواقفهم بطريقة أو أخرى؛ سواء بتقديم بعض الوظائف لأقاربهم أو منحهم بعض الامتيازات، أو بفصل ومحاصرة من يشبون عن طوقها، لتصبح العملية كلها بمثابة السخرية القاسية من فكرة الديمقراطية.
وحسب مقولة ضباط الشرطة في بلدان عربية مجاورة: ( بدكن ثورة؛ خذوا) تمد السلطات إلينا لسانها وسياطها وتقول لنا: تريدون ديمقراطية.. هذه هي مخرجاتها، وكل ذلك يُجرى في عملية تشويهية مبرمجة ومخطط لها بالكامل، من أجل إجهاض الفكرة وإضعافها، والاكتفاء فقط بتسويق صور اصطفافنا مقابل صناديق الاقتراع خارجيا، لتظهر صورتنا كبلد ديمقراطي، بينما الواقع أن الذهنية العرفية ما زالت مسيطرة، وليس لها هدف أو غاية سوى حماية منظومة الفساد، وتهشيم أي توجه جاد لبناء دولة المؤسسات والقانون والديمقراطية.
ورب قائل مِتغاضٍ عن نصف الحقيقة يقول إن الشعب هو من يتحمل المسؤولية كونه هو الذي انتخب النواب، والحقيقة أن هذه المقولة ليست نتاج الجهل بحقيقة الأمور، بل للتزييف والتدليس، لأن القاصي والداني تابع خلال السنوات الماضية مهازل العبث في الانتخابات، والعبث بقوانين الانتخاب، وتقسيم الدوائر، ليخرج علينا المجلس بهذه الصيغة الرخوة.
وحتى الأحزاب لم تسلم من سطوة الذهنية العرفية، فلن يسلم أي حزب معارض للسياسات الحكومية، وكل التركيز اليوم على لفلفة الأحزاب وإخراجها عن الشكل والمضمون اللذين وضعت التصورات الواضحة لهما، سواء في الأوراق النقاشية الملكية أو بمخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية، بل وشطب كل البنود المتعلقة ببناء دولة القانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية.
نيسان ـ نشر في 2023/01/19 الساعة 00:00