كساد سياسي تفرضه الدماء شمالا والارتباك غرباً والفوضى شرقاً والغموض جنوباً
نيسان ـ نشر في 2015/04/20 الساعة 00:00
كالبضاعة الكاسدة، أمست جميع الملفات الداخلية بالية، لا أحد يتحدث عنها، وإن تحدث فتنقصه الجدية في المساومة حولها.
اليوم هناك ما يشغل الأردنيون أكثر من الإصلاح السياسي.شض
هو مجرد توصيف للحالة، وسنكون مضطرين معه لنؤكد أهمية إصلاح الدولة لنفسها سياسيا واقتصاديا. لكن مع دعوتنا هذه، نحن نعلم ويعلم معنا الجميع أن القوى السياسية في البلاد تقزمت أمام عملاق الاحداث الساخنة لما وراء الحدود.
إن الدور والوظيفة التي تقوم بها المملكة في إطار التحالف الكوني على الإرهاب - داعش وأخواتها - من جهة، ومن جهة أخرى التحالف العربي على التوسع الايراني في المنطقة، يجعل من الصعب على القوى السياسية ان تتحدث بجدية عن الإصلاح، وإن هي تحدثت، تعلم أن الدولة لن تأخذ هذا الحديث على محمل الجد، بغض النظر فيما اذا كانت تريد حقا التعامل مع دعوات الاصلاح ام انها تكتفي بهز رأسها بالموافقة على ما يقال من دون ان يكون هناك ترجمة على الارض.
البضاعة كاسدة. ليس لأن الربيع العربي انتهى إلى ما انتهى اليه، فالنسخة الاولى هي فقط التي انقضت، لتبدأ مرحلة أخرى أشد ضجيجا، بل لأن هذا الكساد "المرحلي" نابع من ضخامة الاحداث المحيطة وتسارعها، أولا، وثانيا: استيعاب القوى السياسية وعلى رأسها الاسلاميون ان الوقت ما زال مبكراً ليُظن ان الشعب هو الحاكم بأمره، كما كانوا يبشرون - ويبشر الجميع معهم - في حقبة عنفوان الربيع العربي.
مرد الكساد السياسي محلياً إلى ما تفرضه الدماء شمالا، والارتباك غرباً، والفوضى شرقاً، والغموض جنوباً.
اليوم لم يتبق للمملكة جهة تولي لها وجهها مبتسمة. والأخطر هو في أن القادم أخطر. إيران تدق طبول الحرب، والدواعش تنتظر الفرصة، والتحالفات لم تعد ثوابت، يتنازعها المتغير باستمرار.
ما يخيف في المنطقة هو أن الجميع فيها ضد الجميع. فمعادلة ان عدو عدوي صديقي والعكس صحيح، لم تعد مسلمة. صارت الجغرافيا اليوم هي الضابط الجوهري لاتخاذ المواقف. فأن تكون عدوا لجهة ما (هنا) تقتله ويقتلك، وفي الوقت نفسه تتحالف معها (هناك)، أمر صار طبيعياً. إنها معطيات الفوضى، ومنطق الحروب الأهلية، وإن كان المشاركون فيها دولا.
أمام كل هذا ستبدو مطالبات الاصلاح حالمة، ولو كان استحقاقا تريده الدولة لأجلته مرغمة، حتى انقضاء العاصفة التي نرجو ان تنقضي قبل أن تقضي على الاخضر واليابس منا وفينا.
نيسان ـ نشر في 2015/04/20 الساعة 00:00