مواطنون 'على حافة الإفلاس': 188 ألف أردني 'مطلوبون على ذمم مالية' ورفع 'أوامر الدفاع' قد يزيد 'اكتظاظ السجون'
نيسان ـ نشر في 2023/02/01 الساعة 00:00
هو بالتأكيد إعلان رقمي سياسي: بيانات معلنة من رئاسة الوزراء الأردنية تتحدث عن أكثر من 188 أردنياً مديوناً أو مطلوباً لديون للبنوك والمؤسسات والشركات والأفراد.
رقم أعلنته الحكومة لأنها معنية حصراً بتبرير تمسكها ببقاء أوامر الدفاع التي أعلنت قبل 3 سنوات تقريباً في إطار السعي للمواجهة والاشتباك مع تداعيات فيروس كورونا، حيث تعتقد الحكومة -وهو اعتقاد في مكانه على الأرجح- بأن رفع أوامر الدفاع التي تهتم أحياناً بالمساس بالحريات الفردية والعامة قد يؤدي إلى فوضى جديدة في فرص العمل، بمعنى أن الغالبية الساحقة من الشركات المتوسطة والصغرى ستغلق أبوابها وتطرد موظفيها إذا ما رفعت أوامر الدفاع التي تجبرها على البقاء في السوق وتدبير الرواتب للموظفين. لكن تداعيات العدد والرقم لا تقف عند هذه الحدود فقط، فعدد المفلسين أو المقترضين كبير وضخم، لا بل مفزع سياسياً؛ لأن الحديث هنا -برأي السياسي والمراقب مروان الفاعوري- هو عن نحو 200 ألف عائلة على الأقل، بمعنى نسبة كبيرة جداً من الشعب الأردني في خانة الاقتراض والديون جراء سياسات الحكومات المتعاقبة التي أرهقت المواطنين وأفقرتهم.
وإذا أخذ بالاعتبار أن الرقم يختص بفئات الموظفين وذوي الدخول الثابتة في القطاعين العام والخاص حصراً، وبعد استثناء كبار السن والنساء والأطفال بعيداً عن سوق العمل، يمكن ملاحظة المؤشر الضمني الذي يقول بأن غالبية العائلات الأردنية مادامت مقترضة ومديونة للبنوك وبعضها لبعض، فهي تقف على حافة الإفلاس.
هذا الحجم من المقترضين أو المطالبين من أبناء الشعب بديون مستحقة – في رأي الفاعوري وآخرين- لا يمكن معالجة أخطاره ودلالاته لا ببقاء أوامر الدفاع ولا بقرارات مالية أو اقتصادية. والأصل أن المعالجة سياسية ووطنية تحفر في أعماق الظاهرة، خصوصاً أن سلطات القضاء منهمكة ومنشغلة تماماً بنتائج وتداعيات النزاعات المالية بين المؤسسات والشركات والبنوك، وبين المواطنين، حيث سبق أن صدرت في إحدى النشرات الرسمية حقيقة رقمية أخرى من الصنف المرعب والمقلق، فكرتها أن أكثر من 60 ٪ من الموظفين الأردنيين في القطاعين حصلوا على تسهيلات من البنوك، مما يعني قروضاً وديوناً تسحق بين الحين والآخر، ومما يعني بالنتيجة عملياً أن الجزء الفاعل في المجتمع أيضاً يجلس على حافة الإفلاس إذا لم يجلس في عمق مساحة المعادلة ما بين الدخل والنفقات.
قال خبراء كثيرون في الماضي القريب إن مثل تلك المعادلة بقيت مختلة، وإن كانت تظهر سطوة البنوك والقطاع البنكي ودور هذا القطاع في حياة ومعيشة ورزق صغار الكسبة والموظفين عموماً، ويظهر ذلك ما كان يقوله وزير المالية الأسبق عمر ملحس بالعادة عن أن قطاع البنوك الأردني هو الأكثر نجاحاً قياساً بغيره من القطاعات والأكثر مرونة وقدرة على الصمود والبقاء.
بالمقابل، يلاحظ طاقم وزير المالية الدكتور محمد العسعس، أن قطاع المصارف والبنوك هو الوحيد الذي حقق المزيد من الأرباح خلال وبعد انتكاسة عامي فيروس كورونا. وهي مسألة مفيدة عموماً للخزينة التي تعزز عوائدها عبر ضرائب الأرباح عبر البنوك والمصارف، فيما الميزانية المالية التي تدرسها لجنة النواب المختصة الآن حاولت التحدث عن تقليص ما يسميه العسعس بالضرائب الاستهلاكية والمفروضة على الخدمات والسلع لصغار المستهلكين من المواطنين مقابل تعزيز الحصيلة الضريبية على الأغنياء والكبار الذين يربحون.
في المقابل، واحدة من تجليات الرقم المتعلق برصد أكثر من 188 ألفاً من المواطنين المديونين والمقترضين أو الذين سُجلت بحقهم قيود قضائية ومطلوبين على أساسها، تلك التي تشير إلى أن فتح المجال أمام القرارات القضائية في الديون المستحقة يعني بالنتيجة الغرق مجدداً في ظاهرة الاكتظاظ في السجون حصراً، حيث تعاني السجون الحالية من اكتظاظ يرهق مديرية الأمن العام، وحيث وزير الداخلية مازن الفراية كان قد أعلن مؤخراً عن خطة لفتح المزيد من السجون وسط الاعتقاد بأن النسبة الأغلب من المحكومين المسجونين هي أصلاً بسبب الديون والقروض على الأفراد وظاهرة الشيكات المرتجعة، مما جعل أصلاً مسألة حبس المدين بموجب القانون مثيرة جداً للنقاش والتجاذب بين مؤيد ومعارض، بالتزامن وبالتوقيت نفسه، خصوصاً أن أوامر الدفاع تمنع حبس المدين الآن.
ويعني ذلك في المحصلة أن التقاطعات حادة جداً بين عدة اعتبارات متعاكسة عندما يتعلق الأمر بمراقبة النمو الكبير بسبب الضائقة المالية في سجلات وقيود المطلوبين من المواطنين وأبناء الشعب في قضايا مالية الطابع. وهنا حصراً تظهر التقاطعات ما بين رقم رئاسة الوزراء المعلن وحسابات أرباح البنوك وسطوتها، وما بين ظاهرة اكتظاظ السجون الملحة.القدس العربي
رقم أعلنته الحكومة لأنها معنية حصراً بتبرير تمسكها ببقاء أوامر الدفاع التي أعلنت قبل 3 سنوات تقريباً في إطار السعي للمواجهة والاشتباك مع تداعيات فيروس كورونا، حيث تعتقد الحكومة -وهو اعتقاد في مكانه على الأرجح- بأن رفع أوامر الدفاع التي تهتم أحياناً بالمساس بالحريات الفردية والعامة قد يؤدي إلى فوضى جديدة في فرص العمل، بمعنى أن الغالبية الساحقة من الشركات المتوسطة والصغرى ستغلق أبوابها وتطرد موظفيها إذا ما رفعت أوامر الدفاع التي تجبرها على البقاء في السوق وتدبير الرواتب للموظفين. لكن تداعيات العدد والرقم لا تقف عند هذه الحدود فقط، فعدد المفلسين أو المقترضين كبير وضخم، لا بل مفزع سياسياً؛ لأن الحديث هنا -برأي السياسي والمراقب مروان الفاعوري- هو عن نحو 200 ألف عائلة على الأقل، بمعنى نسبة كبيرة جداً من الشعب الأردني في خانة الاقتراض والديون جراء سياسات الحكومات المتعاقبة التي أرهقت المواطنين وأفقرتهم.
وإذا أخذ بالاعتبار أن الرقم يختص بفئات الموظفين وذوي الدخول الثابتة في القطاعين العام والخاص حصراً، وبعد استثناء كبار السن والنساء والأطفال بعيداً عن سوق العمل، يمكن ملاحظة المؤشر الضمني الذي يقول بأن غالبية العائلات الأردنية مادامت مقترضة ومديونة للبنوك وبعضها لبعض، فهي تقف على حافة الإفلاس.
هذا الحجم من المقترضين أو المطالبين من أبناء الشعب بديون مستحقة – في رأي الفاعوري وآخرين- لا يمكن معالجة أخطاره ودلالاته لا ببقاء أوامر الدفاع ولا بقرارات مالية أو اقتصادية. والأصل أن المعالجة سياسية ووطنية تحفر في أعماق الظاهرة، خصوصاً أن سلطات القضاء منهمكة ومنشغلة تماماً بنتائج وتداعيات النزاعات المالية بين المؤسسات والشركات والبنوك، وبين المواطنين، حيث سبق أن صدرت في إحدى النشرات الرسمية حقيقة رقمية أخرى من الصنف المرعب والمقلق، فكرتها أن أكثر من 60 ٪ من الموظفين الأردنيين في القطاعين حصلوا على تسهيلات من البنوك، مما يعني قروضاً وديوناً تسحق بين الحين والآخر، ومما يعني بالنتيجة عملياً أن الجزء الفاعل في المجتمع أيضاً يجلس على حافة الإفلاس إذا لم يجلس في عمق مساحة المعادلة ما بين الدخل والنفقات.
قال خبراء كثيرون في الماضي القريب إن مثل تلك المعادلة بقيت مختلة، وإن كانت تظهر سطوة البنوك والقطاع البنكي ودور هذا القطاع في حياة ومعيشة ورزق صغار الكسبة والموظفين عموماً، ويظهر ذلك ما كان يقوله وزير المالية الأسبق عمر ملحس بالعادة عن أن قطاع البنوك الأردني هو الأكثر نجاحاً قياساً بغيره من القطاعات والأكثر مرونة وقدرة على الصمود والبقاء.
بالمقابل، يلاحظ طاقم وزير المالية الدكتور محمد العسعس، أن قطاع المصارف والبنوك هو الوحيد الذي حقق المزيد من الأرباح خلال وبعد انتكاسة عامي فيروس كورونا. وهي مسألة مفيدة عموماً للخزينة التي تعزز عوائدها عبر ضرائب الأرباح عبر البنوك والمصارف، فيما الميزانية المالية التي تدرسها لجنة النواب المختصة الآن حاولت التحدث عن تقليص ما يسميه العسعس بالضرائب الاستهلاكية والمفروضة على الخدمات والسلع لصغار المستهلكين من المواطنين مقابل تعزيز الحصيلة الضريبية على الأغنياء والكبار الذين يربحون.
في المقابل، واحدة من تجليات الرقم المتعلق برصد أكثر من 188 ألفاً من المواطنين المديونين والمقترضين أو الذين سُجلت بحقهم قيود قضائية ومطلوبين على أساسها، تلك التي تشير إلى أن فتح المجال أمام القرارات القضائية في الديون المستحقة يعني بالنتيجة الغرق مجدداً في ظاهرة الاكتظاظ في السجون حصراً، حيث تعاني السجون الحالية من اكتظاظ يرهق مديرية الأمن العام، وحيث وزير الداخلية مازن الفراية كان قد أعلن مؤخراً عن خطة لفتح المزيد من السجون وسط الاعتقاد بأن النسبة الأغلب من المحكومين المسجونين هي أصلاً بسبب الديون والقروض على الأفراد وظاهرة الشيكات المرتجعة، مما جعل أصلاً مسألة حبس المدين بموجب القانون مثيرة جداً للنقاش والتجاذب بين مؤيد ومعارض، بالتزامن وبالتوقيت نفسه، خصوصاً أن أوامر الدفاع تمنع حبس المدين الآن.
ويعني ذلك في المحصلة أن التقاطعات حادة جداً بين عدة اعتبارات متعاكسة عندما يتعلق الأمر بمراقبة النمو الكبير بسبب الضائقة المالية في سجلات وقيود المطلوبين من المواطنين وأبناء الشعب في قضايا مالية الطابع. وهنا حصراً تظهر التقاطعات ما بين رقم رئاسة الوزراء المعلن وحسابات أرباح البنوك وسطوتها، وما بين ظاهرة اكتظاظ السجون الملحة.القدس العربي
نيسان ـ نشر في 2023/02/01 الساعة 00:00