مثال أميركي!

بلال حسن التل
نيسان ـ نشر في 2023/02/21 الساعة 00:00
تناقلت مواقع التواصل في الكثير من أنحاء العالم، صورة لرجل ينام على الرصيف تحت تمثال، ومن قام بنشر الصورة هو من أقيم له التمثال، وقد نشرها بعد أن صار ينام على الرصيف، لعل غيره يتعظ من تجربته.
صاحب الصورة هو حاكم ولاية كاليفورنيا الأميركية، والذي سبق وأن كان نجما سينمائيا مشهورا يتزاحم الناس للسلام عليه، وأخذ صور تذكارية معه، ذلك هو السيىد (أرنولد شوارزينجر) وقد قام بنشر صورته نائما على قارعة الطريق، في ظل تمثاله المصنوع من البرونز، وقد كتب تعليقا على صورته قال فيه «كيف تغيرت الأوقات!».
الذي دفع النجم السينمائي المشهور، والحاكم السابق لإحدى أهم الولايات الأميركية، هي صدمته من تغير معاملة الناس معه بعد أن ترك منصبه، من ذلك على سبيل المثال أنه عندما كان حاكما لولاية كاليفورنيا، افتتح الفندق الذي أقيم تمثاله ‏أمامه، يومها قالت له إدارة الفندق: إن بإمكانه أن يأتي إلى الفندق في أي وقت يشاء وسيجد غرفة محجوزة باسمه مدى الحياة، لكن الذي حدث أنه بعد أن غادر منصبه ذهب للفندق، فرفضت إدارة الفندق إعطائه الغرفة، وتذرعت بأن الفندق محجوز بالكامل، وهو الأمر الذي دفعه للنوم على الرصيف، تحت تمثاله ليصوره ا?ناس، فتكون صوره نائما على الرصيف ككل المشردين رسالة لكل مسؤول خلاصتها: أن الأمر لن يدوم لك،مصداقا للقول العربي المأثور (لو دامت لغيرك ماوصلت إليك)، مما يستدعي من كل من هو على كرسي المسؤولية، أن يبقي أبوابه، وكل جسور التواصل بينه وبين الناس مفتوحة وموصولة، حتى يجد من يتذكره بعد أن يخرج من المسؤولية، وقبل ذلك أن يحترمه، وليتذكر أن الكثيرين يجاملونه وينافقونه مادام في موقعه، وأن أكثرهم سينفضون من حوله، ويديرون له ظهر المجن فور مغادرته للمنصب.
ما وقع للأميركي أرنولد، يتكرر كثيرا في بلدنا، من ذلك أن مسؤولا كبيراً أصيب بحالة اكتئاب، لأن هاتفه توقف عن الرنين نهائيا لفترة طويلة, بعد أن خرج من موقعه المهم، لذلك ظلت الدعوة دائما لكل من يتولى المسؤولية العامة, أن يحرص أن يكبر به المنصب وأن لا يكبر هو بالمنصب، وأن يظل صادقا مع الناس فلا يكذب عليهم بوعد، ولا يخلفهم بميعاد، وأن تظل أبوابه مفتوحة للناس، فقد خسر الكثيرون من المسؤولين أنفسهم، واحترام الناس لهم, عندما أسلموا آذانهم للسكرتير ولمدير المكتب، اللذين غالبا ما يصبحان هما أصحاب القرار الفعلي لكن بتو?يع المسؤول، فلهما الغُنم وعليه الغُرم، ومثلهما الوشاة الذين يهللون للقادم ويشتمون المدبر، فهل نتعلم؟!!
الرأي
    نيسان ـ نشر في 2023/02/21 الساعة 00:00