لا مارشال جديدًا في الأفق
نيسان ـ نشر في 2023/02/26 الساعة 00:00
يدعو رئيس الوزراء السابق، سمير الرفاعي، إلى خطة مارشال دولية من أجل الأردن والمنطقة، وهذه فكرة ليست بالجديدة، وكانت أحاديث كثيرة تدور حول خطة مارشال عربية، يمكن القول، أنها أسفرت عن نتيجة مخيبة وأدت إلى تحولات كبيرة في خطاب التعاون العربي.
ما الذي يمكن أن يدفع دول العالم لتهب من أجل نجدة المنطقة؟ ولماذا هذه المنطقة، وليس آسيا الوسطى أو غرب آسيا، أو افريقيا، أو دول أمريكا اللاتينية أو البلقان؟
بدايةً، التزامات تمويل التنمية العالمية تراجعت بصورة ملحوظة، وأصبحت تقوم على حسابات مختلفة، ومثل ذلك، الالتزامات العربية التي تحولت للحديث عن استثمارات تحويل الملكية وليس مساعدات تأهيل بنية تحتية وتنمية بشرية، وهذه الاستثمارات، على أهميتها تمثل أولويات الدول صاحبة الاستثمارات، ولا تسهم بصورة كبيرة في توليد القيمة المضافة على المستوى الاقتصادي.
على مستوى المنظمات الدولية، يتحول البنك الدولي إلى مؤسسة بحثية أكثر مما يمارس أدواره الأساسية في التمويل التنموي، أما صندوق النقد، فتغولت نزعته المحاسبية على بقية الاعتبارات، والمنظمات الإقليمية محكومة سياسياً بصورة واضحة.
الصورة الراهنة تجعل التفكير في مشروع تنموي كبير أمر مستبعد، ويحول الرهان إلى الاستثمارات القائمة على الدراسات الواقعية والتي تتطلع إلى تحقيق الأرباح المعقولة للمستثمرين، والفرصة قائمة مع أزمات صناديق التقاعد في الغرب، وتتعامل معظمها مع بنوك استثمارية ودور استشارات معروفة.
هذه الصناديق من خلال شركائها تتطلع إلى البحث عن حلول لمشكلة تقدم أعمار المنتسبين، وقلة الشباب في أسواق الدول المتقدمة، وتستهدفها جميع الدول التي تسعى لبناء قاعدة استثمارية واسعة، ومنها دول لا تعاني من مشكلات في التمويل للبنية التحتية مثل السعودية والإمارات، ولكنها تستحوذ على حصص مناسبة تأهباً لمرحلة ما بعد النفط والتي أصبحت الخطط التي تسعى إلى تعريف مشكلاتها وصياغة حلولها معلنة وقائمة وتخضع للمتابعة بصورة مستمرة.
لمخاطبة هذه الفئة من المستثمرين توجد متطلبات رئيسية، ومن أهمها استقرار البيئة التشريعية، فالمستثمر يفضل أن يعمل في دول يمكن أن توفر بيئة مواتية للتخطيط طويل الأمد، حيث لا تكون قرارات خاصة بالضريبة أو أنظمة العمل خاضعة لتغييرات مفاجئة، وهو الأمر الذي نأمل ان يتم العمل عليه بشكل افضل في الأردن على الرغم من وجود دروس كثيرة كان يتوجب الوقوف عندها.
ما يحدث على مستوى الشركات، يحدث أيضاً على مستوى الأفراد الذين يتحدثون على الإرباك الذي تلحقه البيئة التشريعية والقرارات ذات العلاقة بتنظيم شؤونهم المالية، مثل الإعفاءات من الضريبة، فيحدث تسديد الغرامات ثم يصدر إعفاء ويستفيد من ماطلوا أكثر في سداد التزاماتهم، ومنها قانون الضمان الاجتماعي الذي أخذ يتحول إلى أداة لحل مشكلات الحكومات، في الوقت الذي أصبح من كثرة التغييرات والتعديلات التي لحقت به تتراجع قدراته على بث الطمأنينة لدى المنتسبين الذين تغيرت ما يفترض أنها علاقة تعاقدية بينهم وبين المؤسسة لتتحول إلى قسمة غرماء في تحمل أخطاء الماضي المرحلة.
يفترض خطاب مشروع مثل مارشال وجود حالة من الوعي والرشد لدى الدول التي تقود الاقتصاد العالمي، ولكن ذلك لا يحدث، فهي دول تستفيد من وضعيتها القائمة وقدرتها على إدارة المنافسة لمصلحتها، وأي تدخل كبير سيكون من أجل صيانة وتصحيح هذه المعادلة، أو كما يقول حكماؤنا القدامى (لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم)، ولذلك فخطاب العقلانية لا يعني الكثير إلا في أزمات كارثية مثل الحرب العالمية الثانية، أما في الواقع الراهن، فالتنافس على الاستثمارات هو الأساس، سواء الكثيفة العمالة أو متقدمة التكنولوجيا، وهو ما يتطلب أن يكون ثمة مشروع كبير يبدأ من الداخل ويضعنا على الخريطة.
(الراي)
ما الذي يمكن أن يدفع دول العالم لتهب من أجل نجدة المنطقة؟ ولماذا هذه المنطقة، وليس آسيا الوسطى أو غرب آسيا، أو افريقيا، أو دول أمريكا اللاتينية أو البلقان؟
بدايةً، التزامات تمويل التنمية العالمية تراجعت بصورة ملحوظة، وأصبحت تقوم على حسابات مختلفة، ومثل ذلك، الالتزامات العربية التي تحولت للحديث عن استثمارات تحويل الملكية وليس مساعدات تأهيل بنية تحتية وتنمية بشرية، وهذه الاستثمارات، على أهميتها تمثل أولويات الدول صاحبة الاستثمارات، ولا تسهم بصورة كبيرة في توليد القيمة المضافة على المستوى الاقتصادي.
على مستوى المنظمات الدولية، يتحول البنك الدولي إلى مؤسسة بحثية أكثر مما يمارس أدواره الأساسية في التمويل التنموي، أما صندوق النقد، فتغولت نزعته المحاسبية على بقية الاعتبارات، والمنظمات الإقليمية محكومة سياسياً بصورة واضحة.
الصورة الراهنة تجعل التفكير في مشروع تنموي كبير أمر مستبعد، ويحول الرهان إلى الاستثمارات القائمة على الدراسات الواقعية والتي تتطلع إلى تحقيق الأرباح المعقولة للمستثمرين، والفرصة قائمة مع أزمات صناديق التقاعد في الغرب، وتتعامل معظمها مع بنوك استثمارية ودور استشارات معروفة.
هذه الصناديق من خلال شركائها تتطلع إلى البحث عن حلول لمشكلة تقدم أعمار المنتسبين، وقلة الشباب في أسواق الدول المتقدمة، وتستهدفها جميع الدول التي تسعى لبناء قاعدة استثمارية واسعة، ومنها دول لا تعاني من مشكلات في التمويل للبنية التحتية مثل السعودية والإمارات، ولكنها تستحوذ على حصص مناسبة تأهباً لمرحلة ما بعد النفط والتي أصبحت الخطط التي تسعى إلى تعريف مشكلاتها وصياغة حلولها معلنة وقائمة وتخضع للمتابعة بصورة مستمرة.
لمخاطبة هذه الفئة من المستثمرين توجد متطلبات رئيسية، ومن أهمها استقرار البيئة التشريعية، فالمستثمر يفضل أن يعمل في دول يمكن أن توفر بيئة مواتية للتخطيط طويل الأمد، حيث لا تكون قرارات خاصة بالضريبة أو أنظمة العمل خاضعة لتغييرات مفاجئة، وهو الأمر الذي نأمل ان يتم العمل عليه بشكل افضل في الأردن على الرغم من وجود دروس كثيرة كان يتوجب الوقوف عندها.
ما يحدث على مستوى الشركات، يحدث أيضاً على مستوى الأفراد الذين يتحدثون على الإرباك الذي تلحقه البيئة التشريعية والقرارات ذات العلاقة بتنظيم شؤونهم المالية، مثل الإعفاءات من الضريبة، فيحدث تسديد الغرامات ثم يصدر إعفاء ويستفيد من ماطلوا أكثر في سداد التزاماتهم، ومنها قانون الضمان الاجتماعي الذي أخذ يتحول إلى أداة لحل مشكلات الحكومات، في الوقت الذي أصبح من كثرة التغييرات والتعديلات التي لحقت به تتراجع قدراته على بث الطمأنينة لدى المنتسبين الذين تغيرت ما يفترض أنها علاقة تعاقدية بينهم وبين المؤسسة لتتحول إلى قسمة غرماء في تحمل أخطاء الماضي المرحلة.
يفترض خطاب مشروع مثل مارشال وجود حالة من الوعي والرشد لدى الدول التي تقود الاقتصاد العالمي، ولكن ذلك لا يحدث، فهي دول تستفيد من وضعيتها القائمة وقدرتها على إدارة المنافسة لمصلحتها، وأي تدخل كبير سيكون من أجل صيانة وتصحيح هذه المعادلة، أو كما يقول حكماؤنا القدامى (لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم)، ولذلك فخطاب العقلانية لا يعني الكثير إلا في أزمات كارثية مثل الحرب العالمية الثانية، أما في الواقع الراهن، فالتنافس على الاستثمارات هو الأساس، سواء الكثيفة العمالة أو متقدمة التكنولوجيا، وهو ما يتطلب أن يكون ثمة مشروع كبير يبدأ من الداخل ويضعنا على الخريطة.
(الراي)
نيسان ـ نشر في 2023/02/26 الساعة 00:00