من العالم؟ وان شئت القول من المفكر؟
نيسان ـ نشر في 2023/03/18 الساعة 00:00
يقول السيوطي:
تدعى منصب العلم غصباً لا قامت لك عليه حجة ولابانت لك فيه محجة ، قل لى :
أين تصانيفك التي طبقت الآفاق؟
أين فتاويك التي ملآت بطون الأوراق؟
أين أماليك المعنعنة بالأسانيد ذات الإتساق؟
أين دروسك التي خضعت لها الأعناق
العالم اذن هو ببساطة من تخصص بعلم ودرسه من مصادره المعتمدة والتقليدية ، والف كتبا وأبحاث ، وكان له اضافاته ووجهات نظر واجتهاده الخاص، ويؤيده مريدون وباحثون، ويعارضه آخرون، وأثبت ذلك (التأييد والمعارضة) في مجالس العلم ومؤسساته (مثل المدارس والجامعات ومراكز العلم والبحوث) وفي الكتب والدراسات
وفي ذلك فإن الجمهور من الناس والمثقفين وطلبة العلم والباحثين والأساتذة يرجحون من المفكر من بين أهل العلم ومن العالم من بين الباحثين والدارسين المجازين من الجامعات والمرجعيات.
بالطبع قد يكون بعض الناس علماء ويعرض عنهم الطلاب أو تصدهم الجامعات والمؤسسات والهيئات، وتحول السلطة بينهم وبين الناس، فلا يعرف لهم اثر ولا مؤيدين ولا معارضين ، وقد يتاخر معرفة او تقدير عالم او مفكر، لكن البحوث والكتب والافكار ووجهات النظر يمكن ان تمكث فترة طويلة بل وقد تخلد إلى الأبد وان لم يتح لصاحبها ان يقدمها بحرية ويطرحها للرأي العام وقادة الرأي
وعلى نحو عملي فان العالم او المفكر (في جميع العلوم والتخصصات (مركز هنا على الشأن الديني لكن ذلك ينطبق على كل المجالات) هو ببساطة الذي يراه الناس كذلك، ويمنحونه الثقة والاتباع على مسؤوليتهم هم أنفسهم، مهما كان حظه في الحقيقة ان من العلم، فثقة الناس ورأيهم في شخص ما (إتباعا أو اختلافا أو جدلا وحوارا) هي التي تمنحه صفة العالم، وبغير هذا المعيار فلا يمكن لأي شخص ادعاء نسبة العلم إلى نفسه أو نفيه عن غيره.
يمكن أن تطبق معايير الشهادات العلمية التي تمنحها الجامعات (والكثير من حملة الشهادات العلمية العليا في الشريعة الإسلامية وقادة كليات وجامعات إسلامية تخرجوا من جامعات أميركية وأوروبية) في التعليم الرسمي، والمؤسسات الحكومية والرسمية، والشركات (والبنوك الإسلامية لموظفيها المستشارين)، والإفتاء الرسمي، ولكن ثقة الناس وحدها هي التي تمنح شخصا صفة العلم، وحقه بالاتباع والاحترام،.. هكذا نشأت المذاهب الفقهية على سبيل المثال، فلم يكن أبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد هم العلماء فقط والأئمة المجتهدين، ولكن الأمة منحت هؤلاء الأربعة ثقتها، والتزمت لفترة طويلة في تاريخها باتّباعهم.
وفي النهاية فإن القرآن الكريم موجه لكل إنسان، وإذا احتاج مؤمن به لمساعدة من أحد فهذا شأنه، وهو يقرر وحده ما المساعدة التي يريدها وما يحتاج إليه، وهو أيضا يتحمل وحده نتيجة إيمانه وفعله، ولن يفيده بشيء إن كان مخطئا أنه اتبع عالما، ولن يجادل الله بشهادة أو كفاءة وخبرة من اتبعه، وإن جادله بذلك فلن يفيده أيضا، والأصل في القرآن أنه موجه مباشرة إلى كل إنسان بذاته بلا وساطة “وما على الرسول إلا البلاغ”، وأنه مهيأ لفهم القرآن وتطبيقه “ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر” ولا يملك الناس جميع الناس سوى أن يتبعوا فكرتهم وإيمانهم، سواء كانوا مخطئين أو مصيبين، ولا تستطيع قوة في الأرض أن تجبرهم على اعتقاد فكرة، ولا تستطيع أيضا أن تمنعهم من الإيمان بفكرة، “أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين” و”لا إكراه في الدين”.
هناك مسألة أخرى متعلقة بفهم الدين، فليست دراسة الدين تهدف فقط لأغراض إعداد المدرسين والأئمة والقضاة الشرعيين والمفتين، ولكن الدين يدرس باعتباره علما ومعرفة أو موضوعا للدراسة والبحث والتعلم (دراسات دينية)، ويدرس أيضا وفق مداخل وعلاقات علمية ومعرفية في الفلسفة واللغة والاجتماع والسياسة والثقافة والفنون والاقتصاد والقانون والتاريخ الاجتماعي وتاريخ الأفكار والتاريخ بعامة، وهي مجالات أكاديمية بحتة، لا علاقة لها بالإيمان والتدين، ويشغل بها المسلم وغير المسلم والمؤمن وغير المؤمن والمتدين وغير المتدين، وإذا كانت الجامعات الغربية أو غيرها تمنح للناس ولاية على فهم الدين وتعليمه فلا يجوز بحال من الأحوال أن تنال صفة مقدسة، إنها مرجعية علمية محترمة أو غير محترمة، وليست غير ذلك.
تدعى منصب العلم غصباً لا قامت لك عليه حجة ولابانت لك فيه محجة ، قل لى :
أين تصانيفك التي طبقت الآفاق؟
أين فتاويك التي ملآت بطون الأوراق؟
أين أماليك المعنعنة بالأسانيد ذات الإتساق؟
أين دروسك التي خضعت لها الأعناق
العالم اذن هو ببساطة من تخصص بعلم ودرسه من مصادره المعتمدة والتقليدية ، والف كتبا وأبحاث ، وكان له اضافاته ووجهات نظر واجتهاده الخاص، ويؤيده مريدون وباحثون، ويعارضه آخرون، وأثبت ذلك (التأييد والمعارضة) في مجالس العلم ومؤسساته (مثل المدارس والجامعات ومراكز العلم والبحوث) وفي الكتب والدراسات
وفي ذلك فإن الجمهور من الناس والمثقفين وطلبة العلم والباحثين والأساتذة يرجحون من المفكر من بين أهل العلم ومن العالم من بين الباحثين والدارسين المجازين من الجامعات والمرجعيات.
بالطبع قد يكون بعض الناس علماء ويعرض عنهم الطلاب أو تصدهم الجامعات والمؤسسات والهيئات، وتحول السلطة بينهم وبين الناس، فلا يعرف لهم اثر ولا مؤيدين ولا معارضين ، وقد يتاخر معرفة او تقدير عالم او مفكر، لكن البحوث والكتب والافكار ووجهات النظر يمكن ان تمكث فترة طويلة بل وقد تخلد إلى الأبد وان لم يتح لصاحبها ان يقدمها بحرية ويطرحها للرأي العام وقادة الرأي
وعلى نحو عملي فان العالم او المفكر (في جميع العلوم والتخصصات (مركز هنا على الشأن الديني لكن ذلك ينطبق على كل المجالات) هو ببساطة الذي يراه الناس كذلك، ويمنحونه الثقة والاتباع على مسؤوليتهم هم أنفسهم، مهما كان حظه في الحقيقة ان من العلم، فثقة الناس ورأيهم في شخص ما (إتباعا أو اختلافا أو جدلا وحوارا) هي التي تمنحه صفة العالم، وبغير هذا المعيار فلا يمكن لأي شخص ادعاء نسبة العلم إلى نفسه أو نفيه عن غيره.
يمكن أن تطبق معايير الشهادات العلمية التي تمنحها الجامعات (والكثير من حملة الشهادات العلمية العليا في الشريعة الإسلامية وقادة كليات وجامعات إسلامية تخرجوا من جامعات أميركية وأوروبية) في التعليم الرسمي، والمؤسسات الحكومية والرسمية، والشركات (والبنوك الإسلامية لموظفيها المستشارين)، والإفتاء الرسمي، ولكن ثقة الناس وحدها هي التي تمنح شخصا صفة العلم، وحقه بالاتباع والاحترام،.. هكذا نشأت المذاهب الفقهية على سبيل المثال، فلم يكن أبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد هم العلماء فقط والأئمة المجتهدين، ولكن الأمة منحت هؤلاء الأربعة ثقتها، والتزمت لفترة طويلة في تاريخها باتّباعهم.
وفي النهاية فإن القرآن الكريم موجه لكل إنسان، وإذا احتاج مؤمن به لمساعدة من أحد فهذا شأنه، وهو يقرر وحده ما المساعدة التي يريدها وما يحتاج إليه، وهو أيضا يتحمل وحده نتيجة إيمانه وفعله، ولن يفيده بشيء إن كان مخطئا أنه اتبع عالما، ولن يجادل الله بشهادة أو كفاءة وخبرة من اتبعه، وإن جادله بذلك فلن يفيده أيضا، والأصل في القرآن أنه موجه مباشرة إلى كل إنسان بذاته بلا وساطة “وما على الرسول إلا البلاغ”، وأنه مهيأ لفهم القرآن وتطبيقه “ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر” ولا يملك الناس جميع الناس سوى أن يتبعوا فكرتهم وإيمانهم، سواء كانوا مخطئين أو مصيبين، ولا تستطيع قوة في الأرض أن تجبرهم على اعتقاد فكرة، ولا تستطيع أيضا أن تمنعهم من الإيمان بفكرة، “أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين” و”لا إكراه في الدين”.
هناك مسألة أخرى متعلقة بفهم الدين، فليست دراسة الدين تهدف فقط لأغراض إعداد المدرسين والأئمة والقضاة الشرعيين والمفتين، ولكن الدين يدرس باعتباره علما ومعرفة أو موضوعا للدراسة والبحث والتعلم (دراسات دينية)، ويدرس أيضا وفق مداخل وعلاقات علمية ومعرفية في الفلسفة واللغة والاجتماع والسياسة والثقافة والفنون والاقتصاد والقانون والتاريخ الاجتماعي وتاريخ الأفكار والتاريخ بعامة، وهي مجالات أكاديمية بحتة، لا علاقة لها بالإيمان والتدين، ويشغل بها المسلم وغير المسلم والمؤمن وغير المؤمن والمتدين وغير المتدين، وإذا كانت الجامعات الغربية أو غيرها تمنح للناس ولاية على فهم الدين وتعليمه فلا يجوز بحال من الأحوال أن تنال صفة مقدسة، إنها مرجعية علمية محترمة أو غير محترمة، وليست غير ذلك.
نيسان ـ نشر في 2023/03/18 الساعة 00:00