شوارعنا..

صابر العبادي
نيسان ـ نشر في 2023/04/25 الساعة 00:00
السيارات في شوارعنا لا تعرف "الغمازات" حتى كأنك تشعر وانت تقود في شوارعنا المزدحمة، أن السيارات، تسير بجانبك وهي تلوي رؤوسها عليك وتنظر بغضب، وتتحفز للوثوب أمامك بدون مبررات أو إشارات، وإذا تجاهلتها ومضيت في طريقك، علا صوت زميرها وكأنها ثور هائج..
هذه التصرفات منها، تجعل الشك يداخلك بأنها "دواب مشاكسة" فمنها ما تكاد أن تنطحك، وأخرى تميل اليك وتبتعد وكأنها تريد أن تركلك بحافرها أو تنقض عليك من أقصى الطريق إلى أقصاه تحاول أن تنبحك، كل هذا يجعلك تتحقق انها ليست مكائن حديدية جامدة بل كائنات حية منفلتة من عقالها.
إذا توقفت السيارات على ضوء إشارة المرور الأحمر، و كنت على أقصى اليمين ستشاهد كائنات حية تتسلل وتنظر اليك من طرف خفي، تحاول مزاحمتك والدخول أمامك، وقد يتبعها رتل من أخواتها الانتهازيات، وعند فتح الإشارة تنثال كاسراب "النو" من الزاوية إلى عرض الشارع غير مبالية بأحد ويتركونك واقفاً مشدوهاً!! فأنت تحاول أن لا تتسبب بحادث، لكن هذه الكائنات تؤمن أن كل سيارة فيها كوابح وعلى سائقها تدبر الأمر أما هي فالأظلاف لا تتحمل الزحمة ولابد من التمرد على القوانين، حيث لا قوانين في سهول السافانا.
أما إذا كنت تسير في الطريق وغفلت قليلاً وصار بينك وبين السيارة التي أمامك ذراعان فهذه مسافة كافية لتتفاجأ بحوافر تهبط أمامك وتنحشر وقد تلوّح بذنبها وتصدر صوتاً نزقاً وتتابع دونما حرج..
هناك لازمة في شوارعنا وهي أنك تجد مسرب اليمين يتحرك، ويدخل إلى مسرب اليسار، واليسار متوقف تماماً، ينظر إلى المغامرين وهم يتجاوزون ويدخلون إلى مسربك عند نقطة الانفراج.. وأحياناً تصتدم بأزمة تغلق المسرب اليمين، وبعد زمن ليس بالقصير تكتشف أن راحلة حطت عند الحاويات، ونزل الحادي يبحث عن الحظ، متجاهلاً أبواق السيارات وبحرها الساكن بجانبه، ينبش بصمت ووقار كأنه في الصحراء..
هذه المشاهد المتعبة نفسياً وعصبياً، جعلت السواقة لا تطاق بل أصبحت هي إحدى أكبر أسباب أمراض ارتفاع ضغط الدم والسكري، وأمراض القلب والشرايين.. ذكر لي صديق حكيم، قال: ثلاثة أشياء لا تفعلها تكن في صحة جسدية ونفسية جيدة، وذكر منها السواقة في شوارعنا ..
    نيسان ـ نشر في 2023/04/25 الساعة 00:00