بين جيلين
نيسان ـ نشر في 2023/05/08 الساعة 00:00
ورد في مخطوطة التاريخ الإجتماعي لقبائل العرب (مجهولة المؤلف): أنه في قرية وادعة من قرى العرب، ذات تربة خصبة وموقع متوسط، تعيش بها عائلات ذات همة عالية وأخلاق طيبة، والتي تخيرها الكثير للعيش فيها لما لها من ميزات في ناسها وموقعها، فقصدها كل طريد واحتمى بها كل شريد.
كان أهلها يعيشون عيشة بسيطة لا يتطلعون للسيادة ولا يطمعون بالرئاسة، وظلوا على ذلك زمناً حتى قرصهم الجوع واستبد بهم كلُّ مفجوع..
وفي إحدى الأمسيات اجتمع أهل القرية، منتدبين من كل عائلة نقيباً، يريدون أن يبحثوا في رأي يخلصهم مما آلوا إليه، وكيفية الخروج من هذه الورطة التي حلت بهم... وبعد أخذ ورد، وشد وجذب توصلوا إلى أن الرأي الصواب يكمن في تغيير "المختار"، لأنه السبب الأول والأخير فيما حل بهم من مصائب..
ولم يكن رأيهم الذي أخذوا يناقشونه هو الرأي الحازم عند الجميع، فكان هذا هو رأي الشباب ومن يتبعهم، أما الشيوخ فلهم رأي مغاير تماماً، لكنه لم يكن مبنياً على قراءة صحيحة للواقع، والنتيجة أن كلا الرأيين لا يوصل لهدفهم المنشود!.
قال أحد الشيوخ: المختار قاسم مشترك لأنه ليس "منّا" ولا نرضى أن يكون "منّا"، لأننا لو غيرناه سيكون بأسنا بيننا شديداً ونكون في مشكلة ونصبح في مشكلة أعظم!.
قام لهم شاب وقال: الأمر لا يكون بهذا المنطق، وماذا تعني ب"ليس منّا"؟ قال الشيخ: من منكم يقبل أن يكون المختار من عائلة غير عائلته، أو يقبل أن يكون المختار من بني عمومته فيفخر عليه، أو من قبيلة منافسة فترتفع وننخفض...؟!!
أيّد الشيوخ هذا المنطق المعوج الخارج من عهد صراع القبائل على الكلأ والماء، وأمنوا على ما قال.. لكن الشاب قال: الأصل يا شيخنا أن إدارة القرية لا تخضع لأمزجة الأشخاص ولا لانتمائهم القبلي، فالواجب أن نضع قوانين ينضبط بها المختار وكل مؤسسات القرية، وتدار القرية بحسبها.. قال الشيخ مستغرباً: ماذا تعني..؟!! قال الشاب: ما دام المختار يخضع للقانون، والمؤسسات مستقلة لا تخضع لإرادته الشخصية، فلا فرق إن كان المختار من عائلتنا أو من عائلتكم أو من عائلة الرعيان والحراثين، ونحن أبناء القرية لا يهمنا إلا أن تكون إدارة القرية نزيهة تطبق القانون ويسود العدل فيها، ويحصل كل شخص على حقه، ونحن لا نسعى إلى المنصب بحد ذاته، لكي نتزين به ونلبس الأطقم الغالية، ونفخر على أهلنا وعشيرتنا قبل أن نفخر على الآخرين.
وأردف: البحث عن الفخر الشخصي أو العائلي بالمنصب أو المال، هو مؤشر على التأخر الفكري والاجتماعي، وهذا ما كانت تمارسه القبائل القبائل المتناحرة على الكلأ والماء، ما جعلها متخلفة ومنقادة لكل طامع محتل.. وحتى عندما خصها الله بالرسالة الخاتمة والمنهج المترفع عن كل هذه السفاهات، لم يحسنوا تطبيقه بسبب تعلقهم بمفاخر العشيرة والتنافس والتناجش، الذي يمزق وحدة الكيان السياسي والاجتماعي..
تصفح الشيوخ وجوه بعضهم بعضاً استغراباً مما يقوله خطيب الشباب، وكادوا "يظفون العبي" للمغادرة احتجاجاً على ما سمعوا.. عندما أوقفهم شاب آخر قائلاً: كأنكم جبنتم خوفاً على مكتسباتكم التي حصلتم عليها، لكننا نحن لن نجبن لأننا لا نملك شيئاً نخاف عليه، وليس لنا مكتسبات يساومنا عليها أحد، ولن نتوقف عن العمل لتحرير قريتنا من المحتلين، وسيأتي يوم نصبح سيلاً هادراً نكسر كل سدود الظلم والطغيان ونشتت شملهما ونظفر بالحرية والكرامة..
كان أهلها يعيشون عيشة بسيطة لا يتطلعون للسيادة ولا يطمعون بالرئاسة، وظلوا على ذلك زمناً حتى قرصهم الجوع واستبد بهم كلُّ مفجوع..
وفي إحدى الأمسيات اجتمع أهل القرية، منتدبين من كل عائلة نقيباً، يريدون أن يبحثوا في رأي يخلصهم مما آلوا إليه، وكيفية الخروج من هذه الورطة التي حلت بهم... وبعد أخذ ورد، وشد وجذب توصلوا إلى أن الرأي الصواب يكمن في تغيير "المختار"، لأنه السبب الأول والأخير فيما حل بهم من مصائب..
ولم يكن رأيهم الذي أخذوا يناقشونه هو الرأي الحازم عند الجميع، فكان هذا هو رأي الشباب ومن يتبعهم، أما الشيوخ فلهم رأي مغاير تماماً، لكنه لم يكن مبنياً على قراءة صحيحة للواقع، والنتيجة أن كلا الرأيين لا يوصل لهدفهم المنشود!.
قال أحد الشيوخ: المختار قاسم مشترك لأنه ليس "منّا" ولا نرضى أن يكون "منّا"، لأننا لو غيرناه سيكون بأسنا بيننا شديداً ونكون في مشكلة ونصبح في مشكلة أعظم!.
قام لهم شاب وقال: الأمر لا يكون بهذا المنطق، وماذا تعني ب"ليس منّا"؟ قال الشيخ: من منكم يقبل أن يكون المختار من عائلة غير عائلته، أو يقبل أن يكون المختار من بني عمومته فيفخر عليه، أو من قبيلة منافسة فترتفع وننخفض...؟!!
أيّد الشيوخ هذا المنطق المعوج الخارج من عهد صراع القبائل على الكلأ والماء، وأمنوا على ما قال.. لكن الشاب قال: الأصل يا شيخنا أن إدارة القرية لا تخضع لأمزجة الأشخاص ولا لانتمائهم القبلي، فالواجب أن نضع قوانين ينضبط بها المختار وكل مؤسسات القرية، وتدار القرية بحسبها.. قال الشيخ مستغرباً: ماذا تعني..؟!! قال الشاب: ما دام المختار يخضع للقانون، والمؤسسات مستقلة لا تخضع لإرادته الشخصية، فلا فرق إن كان المختار من عائلتنا أو من عائلتكم أو من عائلة الرعيان والحراثين، ونحن أبناء القرية لا يهمنا إلا أن تكون إدارة القرية نزيهة تطبق القانون ويسود العدل فيها، ويحصل كل شخص على حقه، ونحن لا نسعى إلى المنصب بحد ذاته، لكي نتزين به ونلبس الأطقم الغالية، ونفخر على أهلنا وعشيرتنا قبل أن نفخر على الآخرين.
وأردف: البحث عن الفخر الشخصي أو العائلي بالمنصب أو المال، هو مؤشر على التأخر الفكري والاجتماعي، وهذا ما كانت تمارسه القبائل القبائل المتناحرة على الكلأ والماء، ما جعلها متخلفة ومنقادة لكل طامع محتل.. وحتى عندما خصها الله بالرسالة الخاتمة والمنهج المترفع عن كل هذه السفاهات، لم يحسنوا تطبيقه بسبب تعلقهم بمفاخر العشيرة والتنافس والتناجش، الذي يمزق وحدة الكيان السياسي والاجتماعي..
تصفح الشيوخ وجوه بعضهم بعضاً استغراباً مما يقوله خطيب الشباب، وكادوا "يظفون العبي" للمغادرة احتجاجاً على ما سمعوا.. عندما أوقفهم شاب آخر قائلاً: كأنكم جبنتم خوفاً على مكتسباتكم التي حصلتم عليها، لكننا نحن لن نجبن لأننا لا نملك شيئاً نخاف عليه، وليس لنا مكتسبات يساومنا عليها أحد، ولن نتوقف عن العمل لتحرير قريتنا من المحتلين، وسيأتي يوم نصبح سيلاً هادراً نكسر كل سدود الظلم والطغيان ونشتت شملهما ونظفر بالحرية والكرامة..
نيسان ـ نشر في 2023/05/08 الساعة 00:00